الإدارة المحلية والحكم المحلي

المـــقدمة

تتسم العلاقة بين الحكومات المركزية والأقاليم بالوضوح في تقاسم الصلاحيات عن طريق الدستور أو تفويض الصلاحيات عن طريق التشريعات والقوانين، ويمكن تمييز مفهومين لتلك العلاقة بين الحكومة المركزية والأقاليم أو الولايات هما الإدارة المحلية والحكم المحلي


الإدارة المحلية

تختار الدولة الحديثة دوما الأسلوب الأمثل في التنظيم الإداري لأقاليمها ،بغية الاستجابة لمتطلبات شعبها وتقريب الخدمات منهم بما يخدم حاجاتهم اليومية من صحة وتعليم ومياه وكهرباء ...الخ، وقد تبدأ لتحقيق هذا الغرض في اعتماد تنظيم إداري مركزي في البداية ،حتى إذا توسعت وتطورت المتطلبات المحلية لشعبها ،لجأت إلى اللامركزية بغية التخفيف من أعباء الإدارة على السلطة المركزية، والتفرغ لمهام سياسية واقتصادية أكثر إلحاحا، وذلك من خلال تفويض بعضا من صلاحياتها إلى مجالس محلية منتخبة




مفهوم الإدارة المحلية والحكم المحلي والفرق بينهما

في الدولة الموحدة والدولة الفيدرالية، تكون العلاقة بين الحكومة المركزية والمحليات واضحة من حيث اللامركزية من خلال الدستور أو من خلال التشريع والتمكين القانوني، وهناك مفهومان للعلاقة بين الحكومة المركزية والمحليات. يمكن التمييز بين المناطق أو الولايات: الحكومات المحلية والحكومات المحلية الإدارة المحلية دائماً ما تختار الدولة الحديثة أفضل طريقة في التنظيم الإداري لمناطقها للاستجابة لاحتياجات الناس وتقريب الخدمات من الناس لخدمة احتياجاتهم اليومية مثل الصحة والتعليم والمياه والكهرباء


قد تبدأ في فعل ذلك بتبني تنظيم إداري مركزي، حتى لو توسعت وتطورت المطالب المحلية لأبنائها، فإنهم يتخذون مقاربة اللامركزية لتخفيف العبء الإداري عن السلطة المركزية، وبواسطة وتفويض بعض سلطاتها لمجالس محلية منتخبة، التزمت بمهام سياسية واقتصادية أكثر إلحاحًا وقبل الخوض في مفهوم الإدارة المحلية لا بد من فهم بعض المفاهيم ذات الصلة بالتفصيل، ومن أهمها



المركزية الإدارية

يرتبط هذا الشكل من الإدارة بفترات تاريخية قديمة، حيث تنحصر مهام الدولة في تحصيل الضرائب وتنفيذ المهام الأمنية داخل وخارج الدولة

عدم وجود تركيز إداري، وعملية نقل بعض صلاحيات موظفي حكومة العاصمة إلى الموظفين المحليين في المناطق. ومفهوم الإدارة المحلية وهو شكل من أشكال التنظيم المحلي يتم بموجبه تقسيم المهام الإدارية بين الحكومة المركزية والهيئات المحلية المستقلة والمنتخبة التي تؤدي وظائفها تحت إشراف ورقابة الحكومة المركزية. ومع ذلك، يعرّفها باحثون آخرون على أنها تركز للمجالس المنتخبة في الوحدات المحلية، ومسؤولة أمام سكان هذه الوحدات، وتؤدي مهامًا مكملة لمهام الحكومة المركزية


مفهوم الحكومة المحلية


هي الحكومة التي تتمتع بصلاحيات واسعة واستقلال من خلال المهام التي تتم تحت سيادة الدولة، والتي تم الحصول عليها من خلال التنازلات التي قدمتها الحكومة المركزية لصالح المجالس المحلية. قد يتم الخلط بين مفهوم الحكومة المحلية ومفهوم الإدارة المحلية من قبل العديد من العلماء، حيث يتضمن كلا النظامين إدارة الشؤون المحلية لبلد ما وفقًا للترتيبات والسلطات والمهام التي ينص عليها القانون. والنظامان هما: اللامركزية: يعني توزيع الصلاحيات بين الحكومة المركزية واللجان المحلية المنتخبة بشكل مستقل والتي تعمل في إطار ولاية وسيطرة الحكومة المركزية. وهنا، يمكن التمييز بين نوعين من اللامركزية، أحدهما إقليمي، أي الاعتراف باستقلال منطقة معينة وميزانية مستقلة، وصلاحية ممارسة السلطة العامة. والثاني هو اللامركزية الإدارية، أي الاعتراف باستقلالية بعض المرافق العامة، وتمكينها من إدارة الشؤون العامة، مثل الجامعات. الاستقلالية: درجة استقلالية المجتمع المحلي عن الحكومة المركزية في إدارة شؤونه وطبيعة هذا الاستقلال تتحدد من حيث الاستقلال الإداري للدراسة كما هو الحال في الدولة الموحدة



أسس الإدارة المحلية

تمتعها بالشخصية المعنوية: وهو الأساس الذي يحدد استقلالها عن الحكومة المركزية ويؤشر على لامركزية الإدارة من عدمه -

،والمقصود بالشخصية المعنوية هو أهليتها القانونية لتحمل مسؤولياتها كاملة فيما يخص ممارسة مهامها وفق التفويض الممنوح لها من قبل الحكومة المركزية ،وهي بذلك مستقلة عن منشئيها والمنتسبين إليها، وتتمتع بذمة مالية مستقلة وشخصية معنوية تقاضي الغير أمام القانون

تتجسد في مجالس محلية منتخبة: الاعتراف للإدارة المحلية بالشخصية المعنوية لا يكفي للقيام بمهامها نظرا لتعذر قيام سكان الإقليم -

المحلي بمباشرة مهامهم بصفة جماعية ،مما يستوجب اختيار من ينوبهم ويمثلهم في هذه الهيئة المحلية ،وهو ما يتم عن طريق الانتخاب وفق معايير محددة

المجالس المنتخبة مستقلة وخاضعة للحكومة المركزية: تحتفظ الحكومة المركزية بحق الإشراف والمراقبة لعمل الإدارة المحلية لضمان -

السير الحسن لمهامها وفق الأهداف العامة ووفق السياسات المسطرة للقيام بمتطلبات الشأن المحلي للسكان ،وذلك وفقا لنصوص قانونية تحدد المهام وكيفية القيام بها على أحسن وجه



أسس الإدارة المحلية


أهداف سياسية: وتتمثل في تعزيز الديمقراطية والمشاركة من خلال الاختيار الحر لممثلي السكان على المستوى المحلي عن طريق الانتخابات ،بما يكرس مبدأ حكم الناس لأنفسهم وتدريب السكان المحلين على تسيير شؤونهم، واتخاذ القرارات التي تخص شؤونهم في جو ديمقراطي ،مما يكسبهم خبرة سياسية في إدارة الشأن العام، مما يؤدي إلى تعزيز الوحدة الوطنية وتحقيق التكامل القومي ويحد من احتكار جهات سياسية معينة للعمل السياسي ،وتقوية البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدولة

أهداف إدارية: وتتمثل في تحقيق الكفاءة الإدارية خاصة في النواحي الاقتصادية الملحة والتي غالبا ما تكون على جدول أولويات الشأن المحلي، والقضاء على بيروقراطية الإدارات المركزية الحكومية ،وخلق جو من التنافس بين مختلف الجماعات المحلية واستفادتها من تجارب بعضها البعض

أهداف اجتماعية: حيث تساهم الجماعة المحلية في ربط الحكومة المركزية بقاعدتها الشعبية ،وهو ما ينعكس إيجابا على السكان المحلين وتلبية حاجاتهم الاقتصادية ،كما تساهم في ترسيخ الثقة في المواطن واحترام رغباته في المشاركة في إدارة الشأن العام ،كما تنمي الإحساس بالانتماء للوطن لدى المواطنين


العوامل المؤثرة على الحكم المحلي


إن التباين الذي يمكن أن نلمسه في تصميم الحكم المحلي داخل الدولة الواحدة أو اختلافه من دولة لأخرى ،إنما مرده إلى البيئة التي تحيط به أو مجموعة الظروف التي أوجدته وهذه العوامل التي تؤثر على تصميم الحكم المحلي هي


العوامل الجغرافية: تؤثر العوامل الجغرافية ونقص وسائل المواصلات وتباعد أقاليم دولة ما واتساعها، على نظام الحكم المحلي فيها ،كأن تكون البلاد مكونة من جزر متباعدة مثل جمهورية جزر القمر الفدرالية ،وهذا التباعد بين الأقاليم يؤدي إلى ضعف التواصل بينها وبين الحكومة المركزية مما يضعف إحداهما ،فكلما كانت الأقاليم متباعدة أو واسعة جدا كلما كانت هناك حاجة أكثر لحكم محلي قوي وفعال ،وذلك لتفادي انفصال تلك الأقاليم

العوامل التاريخية: في معظم تجارب الحكم المحلي المعتمدة حاليا في العالم ،تكون الأقاليم أو الولايات قد عرفت عبر تاريخها تجربة الاستقلالية والحكم الذاتي ،وهم ما يجعل الانتقال إلى نظام حكم أقل مما اكتسبته أمرا عسيرا ،فالولايات الأمريكية التي شكلت نواة الاتحاد كانت ولايات مستقلة تحكم نفسها وبالتالي فالظروف التاريخية هنا كان لها الدور الحاسم في اعتماد نظام الحكم المحلي في الولايات المتحدة

العوامل الاجتماعية والثقافية: كنتيجة للهجرة الداخلية من الأرياف إلى المدن ،تنتشر الأحياء العشوائية ويتزايد سكان تلك المدن بشكل غير متوقع وغير متحكم فيه مما يشكل ضغطا على الخدمات الصحية والتعليم والنقل ويساهم في انتشار الآفات الاجتماعية والجريمة المنظمة ،كما يؤدي على إفراغ الأرياف من الكفاءات التي تؤطر الفلاحة وتربية الحيوان وهم ما يشكل ضياعا لموارد هامة ،تكلف خزينة الدولة ميزانية ضخمة لتوفيرها

العوامل السياسية: يتأثر نظام الحكم المحلي باعتباره جزء من المنظومة السياسية للدولة بالعوامل السياسية ،كأن يكون النظام السياسي غير ديموقراطي ،أو غير مستقر ،لأن الحكم المحلي هو نموذج مصغر للحكم العام للدولة ،يؤثر فيها ويتأثر بها سلبا وإيجابا ،فكلما كان النظام ديمقراطيا ومستقرا كلما أدى ذلك إلى تماسك الحكم المحلي

العوامل الاقتصادية: كما السياسة تماما تشكل المنظومة الاقتصادية للحكومات المحلية جزء من القدرات الاقتصادية العامة للدولة ،وإن تباينت من إقليم لآخر بحسب المقدرات الاقتصادية التي تحدد طبيعة الأقاليم ،إن كانت زراعية مثلا ،أو صناعية ،أو سياحية ...الخ، باعتبار الاقتصاد هو المحرك الأساسي لمهام للحكومات المحلية بما يطيحه من دعم للميزانية المحلية ،مما يسهل عليها القيام بأعباء الإدارة والتسيير والتطوير والتنمية المستدامة لإقليمها


وختاما : فأن الحكومة المركزية تنقل عدد من صلاحياتها الي المحليات لمواجهة مسئولياتها في إطار توزيع الأدوار الوظيفية وتقسيم العمل بين المستويين المركزي والمحلي وبما أن الإدارات المحلية تستمد قوتها وشرعيتها أساسا من المجتمع، فإن دور الحكومة المركزية يقتصر علي حماية الاحتياجات والحقوق العامة بهدف تحقيق التوازن المنشود بين مصالح الجهات المختلفة، أي ان الإدارة المحلية هي لامركزية ذات طابع إداري تهدف الي تنسيق العلاقة بين مركز الدولة وفروعه المحلية المنتشرة في أرجائها .




المصادر

لينا الصمادي ، 7.2.2022، مفهوم الادارة المحلية والحكم المحلي والفرق بينهما ، أي عربي

بشير شعيب ، 1.4.2016، مفهوم الإدارة المحلية والحكم المحلي ص ، ص (117، 111) ،دراسة غير منشورة

(ب ، ن ) ، 10.10.2020 ، ماهي الادارة المحلية والحكم المحلي ، موقع جريدة الوطن

المقالات الأخيرة