ليبيا و شبح العطش

تعتبر ليبيا بلدا محدود الموارد الطبيعية بشكل كبير، إذ تشكل الصحراء القاحلة 90% من مساحته المقدرة بنحو 1.8 مليون كيلومتر مربع و لا تشهد امطارا كثيرة وهي تواجه عجزا مائيا سنويا يقدر بنصف مليار متر مكعب. و يتوقع خبراء أن ليبيا ستواجه فقرا مائيا خلال السنوات القادمة، إذ أن المياه التي يعتمد عليها النهر الصناعي، غير متجددة فضلا عن مشاكل تواجه مصادر المياه الأخرى، كما أن نسبة الاستهلاك تقدر بنحو مليار متر مكعب، في القابل فإن التغذية السنوية للمياه الجوفية في حدود 250 مليون متر مكعب فقط، وهو ما يخلق عجزا حادا في تلبية الطلبات المتصاعدة على المياه، يقدر بنصف مليار متر مكعب. في ظل تزايد الأعداد البشرية والتنمية في البلاد وعدم تنفيذ خطط ومشاريع مقبلة للمؤسسة الوطنية للموارد المائية المسؤولة عن إيصال المياه للمواطن، صارت أغلب مدن ومناطق ليبيا تعاني نقص المياه، فرغم وجود كميات كافية في جوف الأرض والتي تغذي الدولة بنسبة 75% عن طريق مياه النهر الصناعي، إلا أن عدم تطوير المحطات والمعدات اللازمة وصيانتها يؤدي إلى إعطاب ونقص في إنتاج المياه مع مرور الوقت


 إلى ذلك أكدت دراسة حكومية، حول الوضع المائي في ليبيا 2025، أن حصة الفرد من المياه المتجددة تعتبر من أقل دول العالم، بحسب الدراسة، وأن الحد الأقصى من المياه الجوفية والسطحية حوالى 4 مليارات متر مكعب في السنة وغير تقليدية (تحلية وغيرها)، حوالى مليار متر مكعب في السنة. وقسمت الدراسة الموارد المائية إلى تقليدية مثل الجوفية والسطحية، وغير تقليدية متمثلة في النهر الصناعي وتحلية المياه، ومياه الصرف الصحي المعالجة، ونقل المياه من خارج الحدود، وفيما يتعلق بحصص الموارد المائية المتاحة، فإن 95% جوفية، و2.3% سطحية، و0.9% محلاة، و0.66% من مياه الصرف الصحي المعالجة. ودعت الدراسة إلي ضرورة إعادة استعمال مياه الصرف الصحي المعالجة، مشيرة إلى أن السعات التصميمية المنفذة حوالى 450 ألف متر مكعب، بينما السعات التشغيلية تبلغ نحو 150 ألف متر مكعب يومياً

وتحمل الشبكة المعروفة باسم النهر الصناعي العظيم، المياه من أكثر من 1300 بئراً عميقة في طبقة المياه الجوفية في الحجر الرملي النوبي في الجنوب. وعادة، توفر خطوط الأنابيب 6.5 متراً مكعباً من المياه العذبة يومياً الى طرابلس وبنغازي وسرت ومناطق أخرى. وتأسس النهر الصناعي عام 1983، بتكلفة مالية بلغت 30 مليار دولار، على مدى 25 عاماً، ولكن مياه النهر الصناعي غير متجددة وتكفي البلاد خمسين عاماً. ويستند المشروع على نقل المياه العذبة عبر أنابيب ضخمة تدفن في الأرض، يبلغ قُطر كل منها أربعة أمتار، وتمتد من حقول آبار واحات الكفرة والسرير في الجنوب الشرقي وحقول آبار حوض فزان وجبل الحساونة في الجنوب الغربي، حتى تصل جميع المدن التي يتجمع فيها السكان في الشمال. فمنذ بداية النزاع في ليبيا، أدى انقطاع التيار الكهربائي ونقص الوقود إلى تهديد هيئة النهر الصناعي العظيم، وهي الموزع الرئيسي لمياه الشرب، بالفشل في تلبية احتياجات ما يقرب من 6 ملايين شخص في البلاد. وتحتاج مضخات وخزانات مياه محطات تحلية المياه إلى مصادر موثوقة من الطاقة الكهربائية لضمان استمرار توفير المياه، إلا أنه بسبب نقص الوقود، يعمل النظام بشكل جيد بأقل من طاقته الكاملة. ويبلغ العمر التصميمي للمشروع 50 سنة، ولكن العمر الفعلي سوف يعتمد بدرجة كبيرة على معدلات الضخ، وفي النهاية، لا أحد يعرف على وجه اليقين كم ستبقى من مياه هذا المصدر غير المتجدد – فسوف تنفد عندما تنفد. وفي بنغازي أدت صعوبة معالجة تداخل المياه المالحة مع مياه الشرب إلى إغلاق 90 بئرا في المدينة ،و تتركز أزمة المياه في مناطق البلاد الشرقية لظروف جيولوجية أهمها الصخور الرسوبية "الجيرية" ،كما يعتبر تذبذب المناخ أيضا عاملا رئيسيا في الأزمة حيث انخفض منسوب الأمطار من 600 ملم إلى 150 ملم في الأعوام الأخيرة، إلى جانب خطر تدفق الصرف الصحي في قنوات المياه. ورغم وجود أكبر مشروع صناعي للمياه في العالم وصرف المليارات لتنفيذه وإيصال الماء من اقصى الصحراء في جنوب البلاد إلى مدن الشمال المطلة على البحر المتوسط، تواجه ليبيا خطر نقص المياه بسبب عدم جاهزية البنية التحتية للمؤسسة المختصة بالمياه للتطور البلاد وانشغال الحكومات المتعاقبة وعدم الوعي لدى المواطن الذي لم يع أو يقدر يوما أهمية المياه. حيث ان هناك 16 دولة منها ليبيا ستواجه شبح الجفاف عام 2040، و ليبيا حاليا تحت خط الفقر المائي بنسبة 88%، و4 ملايين ليبي مهدّدون جراء ذلك ولن يصلو لمياه الشرب دون حلول جذرية. الحلول الجذرية تكمن في صيانة قنوات التوزيع والآبار والسدود ومحطات النهر الصناعي


المصادر

منظمة اليونسيف -

الامم المتحدة -

رامي التلغ 23/ديسمبر/2020، المياه في ليبيا من الاكتفاء الذاتي إلى شبح العطش 

بوابة افريقيا الاخبارية

المقالات الأخيرة