منافع الاستثمار الأجنبي المباشر
يمثل الاستثمار الأجنبي المباشر إحدى الصور الأساسية للعولمة، وللشركات متعددة الجنسية الدور الرئيس في تدفقاته، وعليه يجد مناصرو العولمة والانفتاح الاقتصادي العالمي أن للاستثمار الأجنبي المباشر منافع عديدة تنعكس على اقتصادات الدول التي تشهد مثل هذا التدفق الاستثماري ويمكن إبراز هذه المنافع، كما يراها مؤيدو الاستثمار الأجنبي المباشر على النحو الآتي
حينما ينفتح بلد معين على الاستثمار الأجنبي المباشر، ويسمح لهذا التدفق الاستثماري من خلال فتح الأبواب للشركات متعددة الجنسية، فانه سوف يحصل على احدث المنجزات التكنولوجية وأكثرها تطورا، بالنظر إلى ما تمتلكه هذه الشركات العملاقة من إمكانيات وقدرات هائلة على صعيد البحث العلمي والتكنولوجي
وبالطبع فان هذا النقل التكنولوجي سيكون مصحوبا بأفضل المهارات التنظيمية والإدارية والفنية.
وعلى الرغم من وجود طرق أو قنوات أخرى غير الاستثمار المباشر يمكن للبلدان المضيفة جذب التقنيات التكنولوجية الحديثة بوساطتها، مثل العقود الإدارية، والتراخيص وكذلك البحوث المنشورة والشراء المباشر، إلا أن الاستثمار المباشر يعد أكثر الطرق جدوى في جذب التكنولوجيا وبشكل خاص بالنسبة لبعض أنواع الصناعات مثل الصناعة الاستخراجية، هذا بالإضافة إلى تمكين البلد المضيف، بمساعدة الشركات متعددة الجنسية، من الاستغلال الأمثل للتكنولوجيا
تعاني البلدان النامية، عموما، من مشكلة المديونية الخارجية، حيث تفاقمت أزمتها خلال العقود الأخيرة، ووصل الحال ببعضها، إنها أصبحت غير قادرة على تسديد فوائد الديون، فضلا، بالطبع، على أصل الديون. وبدلا من استمرار هذه البلدان في الحصول على رأس المال التمويلي أو الاقراضي ، وبما يفاقم من أزمتها، فان الخيار الآخر المجدي لها هو الاستثمار الأجنبي المباشر، إذ أن هذا الاستثمار يعني وجود شركات فرعية في البلدان المذكورة تابعة للشركات الأم، وبما يؤدي إلى إنتاج مشترك بين البلد النامي والشركة الأجنبية يتميز بمواصفات الجودة العالية ووفورات الحجم الكبير، الأمر الذي يفتح أمام البلدان النامية آفاق الوصول إلى الأسواق العالمية لتصريف منتجاتها، بما في ذلك أسواق البلدان المتقدمة، وهذا ما يعد مصدرا للعملات الأجنبية الصعبة التي تكون البلدان النامية بأمس الحاجة إليها في تطبيق برامجها التنموية
يشكل الحصول على أقصى الأرباح، الهدف الرئيس الذي تسعى إلى تحقيقه الشركات متعددة الجنسية من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر
الذي تقوم به الشركات الفرعية التابعة لها
وعليه فإنها تنشط في هذا المجال من اجل تعظيم العوائد وتدنية التكاليف، لبلوغ هذا الهدف. إن ذلك ينعكس على البلدان المضيفة بالمنفعة، وذلك عن طريق إعادة استثمار أو توظيف قسم من هذه الأرباح داخل هذه البلدان، وبما يؤدي إلى تطوير المشاريع التي تقوم بها تلك الشركات الأجنبية، إضافة إلى إسهام ذلك في زيادة تكوين رأس المال على الصعيد المحلي، الأمر الذي يعزز من المقدرة التنافسية للاقتصادات المضيفة وشركاتها الوطنية. ولا يقف الأمر عند الاستثمار المباشر في القطاعات الإنتاجية، إنما يتعداه إلى بناء رأس المال الاجتماعي أو ما يعرف بالبنى الارتكازية ، إذ تساعد الاستثمارات الأجنبية في تحديث وتطوير مشروعات البنية الأساسية مثل الطرق ووسائل الاتصال السلكي واللاسلكي، فضلا عن مشروعات الخدمات كالمساكن والمدارس والمستشفيات، وهذا ما يمكن أن يسهم في ارتفاع معدلات نمو الناتج القومي
تعاني الكثير من البلدان من مشكلة البطالة ، وإذا كان متاحا أمام البلدان المتقدمة انتهاج بعض السياسات الاقتصادية لمعالجة هذه المشكلة أو الحد منها، فان المعضلة أعمق وأكثر تعقيدا في البلدان النامية، وبخاصة منها البلدان التي تعاني من ندرة في رؤوس الأموال الوطنية اللازمة للاستثمار. وعليه يصبح خيار الاستثمار الأجنبي المباشر ضروريا بما يكفل توفير فرص العمل الواسعة، علاوة على الإسهام في تحسين مستوى الأجور. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد فهذا الاستثمار يساعد كثيرا في تنمية وتدريب واستغلال الموارد البشرية في البلدان النامية هذا، طبعا، مع الأخذ بنظر الاعتبار إن مدى المساهمة يتوقف على ما تضعه الدول المضيفة من ضوابط وإجراءات تساعدها في تحقيق تلك المنافع