أولا : رقابة الامتناع : كانت الولايات المتحدة الأمريكية السباقة في الأخذ بالرقابة القضائية على دستورية القوانين ، بالرغم من أن الدستور الأمريكي لم ينص صراحة على ذلك ،ويربط المؤرخون تطبيق هذا المبدأ بحكم المحكمة العليا في قضية "ماربري" ضد "ماديسون" في عام 1803م ،و ليس للمحاكم الأمريكية أن تلغي القانون عند نظرها في قضية أمامها بعدم دستورية قانون ما ، بل تمتنع عن تطبيقه دون أن يكون ذلك ملزما للمحاكم الأخرى ، إلا إذا كان الحكم بعدم دستوريته صادراً من المحكمة العليا
:وهناك عدة صور لرقابة الامتناع ، منها
الدفع بعدم الدستورية : و يطلق على هذه الطريقة طريقة "الدفع الفرعي"، و تمارس المحاكم هذا الحق عندما يطرح أمامها نزاع و يطالب أحد الطرفين بتطبيق قانون ما ، فيطعن الطرف الآخر بعدم دستورية هذا القانون. وما يميز هذا الأسلوب انه لا يحق لأي شخص الطعن بعدم دستورية القوانين بصورة أصلية ،أي إنه إذا رأى شخص أن قانونا ما يخالف الدستور فلا يحق له أن يتقدم للمحكمة للطعن بهذا القانون، بل يجب أن يكون القانون يطبق على الشخص في دعوى قضائية فيبادر هذا الشخص إلى الطعن بعدم دستورية هذا القانون ، فإذا تبين للقاضي أن القانون المطعون فيه غير دستوري فعلا فلا يطبقه على ذلك النزاع فقط بحيث يستعبده دون أن يلغيه.
كما آن القاضي لا يتعرض إلى بحث مسألة دستورية أو عدم دستورية القوانين إلا إذا دفع أحد أطراف الخصومة أمامه بذلك من أجل الدفاع عن نفسه.
انتهج هذا النموذج من الرقابة – إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية- في عدة دول مثل كندا ، أستراليا ، المكسيك ، و عدة دول من أمريكا اللاتينية
الأمر القضائي: و بحسب هذه الطريقة يحق لأي شخص أن يلجا إلى المحكمة و يطلب منها أن توقف تنفيذ قانون ما على اعتبار أنه غير دستوري ، و للمحكمة أن تصدر أمراً قضائيا بعدم تنفيذ القانون ، و يلاحظ أن مهمة إصدار الأمر القضائي في الولايات المتحدة هو من اختصاص محكمة اتحادية مكونة من ثلاث قضاة ، ويجوز الطعن في قرارات هذه المحكمة أمام المحكمة الاتحادية العليا
الحكم التقريري : وبمقتضى هذا الأسلوب يحق للشخص أن يلتمس من المحكمة إصدار حكم تقرر فيه ما إذا كان القانون الذي سيطبق عليه دستورياً أم لا، و في هذه الحالة يتوقف تنفيذ القانون على هذا الشخص إلى غاية صدور حكم المحكمة