مع افتتاح الدورة الثانية للمجلس الوطني الرابع عشر لنواب الشعب الصيني، في يوم 5 مارس 2024، أُعلن عن زيادة ميزانية الدفاع الصينية المقترحة بنسبة 7.2% عن العام السابق، لتصل إلى نحو 1.67 تريليون يوان؛ أي ما يعادل نحو 232 مليار دولار؛ ما يسمح للصين بالحفاظ على ثاني أعلى ميزانية دفاعية في العالم بعد الولايات المتحدة خلال عام 2024. وبمجرد نشر هذه البيانات، بدأت بعض وسائل الإعلام الأمريكية والغربية تضخم الإنفاق الدفاعي في الصين؛ إذ يعتقدون أن إجمالي الإنفاق العسكري – بما في ذلك البحث والتطوير الممول من الحكومة، وتمويل الميليشيات المحلية والتمويل المركزي لشرطة الشعب المسلحة – قد يصل إلى 2.17 تريليون يوان، بما يساوي 304 مليارات دولار، وفقاً لتقديرات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية؛ وذلك نظراً إلى عدم اتسام الإنفاق العسكري الصيني بالانفتاح والشفافية، وفقاً لآراء الحكومات الغربية.
أهداف
محورية
تعتمد محاور خطة الإنفاق العسكرية الصينية على
تنفيذ التوجهات العسكرية المستقبلية للرئيس الصيني شي جين بينج، التي ترتكز في
الأساس على تنمية المواهب العسكرية وتحديث الأسلحة والمعدات وإصلاح الجيش. ويمكن
إيجاز أبرز هذه المحاور على النحو التالي:
1– تنفيذ توجهات الرئيس "شي": أثناء
تسليم وثائق الميزانية لكبار الشخصيات السياسية خلال دورة مجلس نواب الشعب الصيني،
حث رئيس مجلس الدولة لي تشيانج الحكومة على "التنفيذ الكامل لأفكار شي جين
بينج بشأن تعزيز الجيش، وتنفيذ المبادئ التوجيهية الاستراتيجية العسكرية للعصر
الجديد، والالتزام بالقيادة المطلقة للحزب على الجيش الشعبي. الكفاح الجاد لتحقيق
هدف المائة عام المتمثل في تأسيس الجيش". وخلال كلمته أيضاً، أوضح لي أن قرار
زيادة الإنفاق الدفاعي بنسبة 7.2% في وقت يواجه فيه الاقتصاد الصيني رياحاً معاكسة
شديدة، يؤكد التزام شي جين بينج بتحقيق الأهداف الثلاثة التي وضعها، التي سيتم
تنفيذها خلال أعوام 2027 و2035 و2049.
فمع حلول عام 2027، ستحتفل الصين بالذكرى
المئوية لتأسيس جيش التحرير الشعبي الصيني، وهو العام الذي يهدف شي إلى "بناء
جيش حديث"؛ وذلك بالرغم من أن النمو العسكري والاقتصادي للصين لم يَعُد يحدث
بسرعات فائقة كما كان الحال في العقد الأول من القرن الحالي، كما يتمثل هدف
الحكومة الصينية على المدى الطويل في التحديث العسكري بحلول عام 2035؛ ما يشير إلى
أن بكين ليس لديها نية للتراجع عن الاستثمار الدفاعي، بغض النظر عن العقبات
الاقتصادية. وأخيراً، تتطلع الصين إلى ضمان أن يكون تحديث جيش التحرير الشعبي
"مكتملاً بشكل أساسي" عام 2035، ليُسهِّل عليها مهمة بناء جيش من
"الطراز العالمي" بحلول عام 2049.
2– حماية المصالح الصينية الأمنية: ترتكز خطة
الإنفاق الدفاعي الجديدة على حماية السيادة الوطنية والأمن والمصالح التنموية،
وتلبية احتياجات التحول العسكري بخصائص صينية؛ وذلك من أجل الوفاء بمسؤوليات الصين
والتزاماتها الدولية كدولة كبرى؛ وذلك حسبما أوضح لو تشين جيان المتحدث باسم
الدورة الثانية للمجلس الوطني الرابع عشر لنواب الشعب الصيني، الذي أكد أيضاً حفاظ
بلاده على تحقيق نمو معقول ومطرد لإنفاقها الدفاعي بما يتفق مع تنميتها الاقتصادية
والاجتماعية السليمة والمطردة خلال السنوات الأخيرة.
بالإضافة إلى ذلك، أشار لو تشين إلى أن
الموازنة العسكرية الجديدة ستُستخدَم لدفع تنفيذ الخطة الخمسية الرابعة عشرة
للتنمية العسكرية، وضمان تنفيذ المشاريع الكبرى والبرامج الرئيسية، بما في ذلك
تعزيز التدريب العسكري، والاستعداد القتالي بشكل شامل، ولا سيما توطيد وتعزيز
النظام والقدرات الاستراتيجية الوطنية المتكاملة، كما يرى الخبراء العسكريون
الصينيون أن القوة العسكرية للبلاد يجب أن تكون جاهزة بالقدر الذي يمنحها القدرة
على القتال والفوز. وبناءً على هذا المفهوم، يُجري الجيش الصيني تدريبات منتظمة
موجهة نحو القتال بشكل واقعي قدر الإمكان، حتى إن كانت أكثر تكلفةً.
3– تطوير القدرات العسكرية التكنولوجية: تهدف
الميزانية العسكرية الصينية إلى تسريع الابتكار وتطوير العلوم والتكنولوجيا
المتعلقة بالدفاع، وتعزيز الخدمات اللوجستية الحديثة، فضلاً عن تنفيذ المشاريع
الكبرى في العلوم والتكنولوجيا والأسلحة المتعلقة بالدفاع، وتسريع عملية استخدام
التكنولوجيا في تكوين قوة قتالية فعالة؛ فمع التطور التكنولوجي الهائل عالمياً، قد
تحتاج بكين إلى تطوير أسلحة ومعدات أكثر تقدماً، بل إنتاجها بكميات كبيرة حتى
يتمكَّن الجيش الصيني من الحفاظ على قدرته على حماية السيادة الوطنية والسلامة
الإقليمية والمصالح التنموية؛ فبينما طورت الصين أسلحة متقدمة ومعدات مثل الطائرة
المقاتلة الشبح (J–20)، وحاملة الطائرات المجهزة بالمقاليع
الكهرومغناطيسية فوجيان، والصاروخ (DF–17) الذي تفوق سرعته
سرعة الصوت، فإن أعدادها بعيدة كل البعد عن أن تكون كافية لمواجهة البيئة الأمنية
القاتمة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
ووفقاً لبحث نُشِر عن المعهد الدولي للدراسات
الاستراتيجية في فبراير 2024، من المُرجَّح أن يستحوذ شراء معدات جديدة على الجزء
الأكبر من الميزانية؛ حيث يعمل الجيش على تحقيق هدف شي المتمثل في التحديث الكامل
بحلول عام 2035. وكجزء من أهدافها الاستراتيجية، عزَّزت الصين ميزانيتها السنوية
للعلوم والتكنولوجيا بنسبة 10% إلى مبلغ غير مسبوق قدره 370.8 مليار يوان (51.6
مليار دولار)، وهي أكبر زيادة منذ عام 2019؛ وذلك بعد سنوات من الحد الأدنى من
النمو.
هذا وقد تعهَّد لي تشيانج بتعزيز الجهود في
مجال البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي وإطلاق عدد من برامج العلوم والتكنولوجيا
الكبرى. واللافت للنظر أن تركيز الصين على الاعتماد على الذات في مجال العلوم
والتكنولوجيا قد جاء بعد أن شددت الولايات المتحدة سيطرتها على تصدير التقنيات
المتطورة إلى الصين، خاصةً في مجال الذكاء الاصطناعي، الذي تعتقد واشنطن أنه يمكن
استخدامه في تعزيز قدرات الجيش الصيني؛ فعلى سبيل المثال، منعت إدارة بايدن
الشركات الأمريكية من بيع رقائق أشباه الموصلات المتقدمة للصين، وحظرت الاستثمار
الأمريكي في الصين في التقنيات الحساسة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والحوسبة
الكمومية وأشباه الموصلات.
4– الاستعداد للرد على الاستفزازات الغربية: لأول
مرة في تقرير عمل حكومي سنوي، صرَّحت بكين بأنها ستُعزِّز استعدادها للحرب من خلال
تحسين قواتها الاحتياطية، وهي جزء من الجيش المسؤول عن دعم الاستعداد القتالي والعمليات
الدفاعية، خاصةً في ضوء ما تواجهه البيئة الأمنية العالمية من حالة عدم استقرار
غير مسبوقة منذ نهاية الحرب الباردة، سواء من حيث استمرار الحرب
الروسية–الأوكرانية، وتعقد الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط.
وفي السنوات الأخيرة، واصلت الولايات المتحدة
إجراء عمليات استطلاع متكررة ومكثفة للغاية عن قرب، وأجرت تدريبات عسكرية
استفزازية مستهدفة على عتبة الصين، بالإضافة إلى حشد حلفائها وشركائها، مثل
الفلبين وأستراليا واليابان، لتشكيل تطويق عسكري لاحتواء الصين؛ إذ بدأنا نشهد
تحركات متكررة من قبل الفلبين – بتحريض من الولايات المتحدة – في عام 2023، كانت
تهدف إلى استفزاز الصين بشأن الجزر والشعاب المرجانية الصينية في منطقة بحر الصين
الجنوبي. من جانبها، أظهرت اليابان أيضاً علامات مثيرة للقلق بشأن إحياء نزعتها
العسكرية اليمينية من خلال الابتعاد عن مبدأ الدفاع عن النفس فقط بعد الحرب
العالمية الثانية، وبدأت هي الأخرى تعزز قدراتها الهجومية، كما يواصل برنامج
الغواصات التابع لتحالف أوكوس، التي تعمل بالطاقة النووية، من قبل أستراليا
والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، إثارة مخاوف المجتمع الدولي من الانتشار
النووي، بجانب أهميته الجيوسياسية والعسكرية التي تستهدف الصين.
5– توجيه جزء من الميزانية لمواجهة الفساد: في أعقاب فضائح الفساد في عام 2023، التي تورطت فيها قوة الصواريخ التابعة لجيش التحرير الشعبي وإدارة تطوير المعدات، التي ورد أنها تتعلق بممارسات الشراء، قد يذهب جزء من الميزانية إلى حوكمة عمليات شراء المعدات العسكرية؛ فبعدما شهد الجيش الصيني عاماً مضطرباً، جاء على خلفيته إقالة العديد من المسؤولين الرفيعي المستوى والمسؤولين التنفيذيين في مجال الدفاع من مناصبهم، سواء في القوات المسلحة أو الهيئات السياسية، وصلت إلى حد وزير الدفاع لي شانج فو، الذي تم إقالته من منصبه دون تفسير؛ فإنه يمكن القول إن مكافحة الفساد ستظل أولوية ضرورية للرئيس شي من أجل تحقيق أهدافه العسكرية بشكل كامل، ودون أي عوائق داخل المؤسسة العسكرية؛ حتى لا تقضي جرائم الفساد على ثمار إنجازاته العسكرية.
دلالات
رئيسية
ثمة دلالات متعددة يمكن ملاحظتها من خطة بكين
لزيادة حجم إنفاقها العسكري، ومنها:
1– حتمية الوصول إلى مبدأ "الصين
الواحدة": في تقرير عمل الحكومة، كررت الصين دعوتها إلى "إعادة
التوحيد" مع تايوان، لكنها أضافت تأكيد أنها تريد "أن تكون حازمة"
في القيام بذلك، وأحجمت عن وصف عملية إعادة التوحيد بـ"السلمية" لأول
مرة، وهو الوصف الذي كانت عادةً ما تستخدمه بكين في تقاريرها الرسمية السابقة؛ حيث
تحتفظ الصين بمطالباتها بشأن تايوان، كما يعتبر الرئيس شي إعادة التوحيد بمنزلة
"حتمية تاريخية"؛ لذلك تعهَّدت بكين في تقريرها بالمعارضة الصارمة
للأنشطة الانفصالية التي تهدف إلى "استقلال تايوان والتدخل الخارجي".
والجدير ذكره أن تكثيف بكين دعمها المالي
لقواتها المسلحة يأتي وسط توترات عسكرية مستمرة مع واشنطن بشأن تايوان، على الرغم
من هدوء الوضع منذ لقاء شي وبايدن في الولايات المتحدة في نوفمبر من العام الماضي.
2– تسارع وتيرة التنافس العسكري الدولي: بينما
حافظت ميزانية الدفاع الصينية على النمو لمدة ثلاثين عاماً، فإنها لا تزال تُمثِّل
ثلث ميزانية الدفاع للولايات المتحدة لعام 2024، التي تم إقرارها بإجمالي 886
مليار دولار، وهو ما يتجاوز الإنفاق العسكري المشترك للدول التسعة التالية، ويمثل
نحو 40% من إجمالي الإنفاق العسكري العالمي.
كما ارتفعت ميزانية الدفاع اليابانية عام 2024
بنسبة 16.5%؛ ما يمثل أيضاً نمواً مستمراً لمدة 11 عاماً متتالية. ومن ثم يُنظَر
إلى التوترات مع الولايات المتحدة وتايوان واليابان والدول المجاورة، ذات
المطالبات المتنافسة بالسيادة على بحر الصين الجنوبي الحيوي، على أنها تزيد نمو
التقنيات العسكرية العالية التقنية من المقاتلات الشبح إلى حاملات الطائرات،
والترسانة المتنامية من الأسلحة النووية؛ لضمان التوازن في حجم القوة العسكرية،
إذا اندلع أي صراع مباشر محتمل.
3– تعزيز الدور العسكري الصيني إقليمياً
ودولياً: عادةً ما تلجأ بكين إلى استعراض عضلاتها على نحو متزايد في بحر الصين
الجنوبي، الذي تطالب بالسيادة عليه بالكامل تقريباً، على الرغم من حكم التحكيم
الدولي الذي أعلن أن موقفها لا أساس له من الصحة، كما يشكل تعزيز الصين للإنفاق
أيضاً مصدر قلق للتايوانيين الذين يتمتعون بالحكم الذاتي؛ حيث يبرز مدى جدية الصين
في السعي لإعادة توحيد الجانبين.
كما يبقى التحدي الأكبر بالنسبة إليها في
تحركات حلف شمال الأطلسي شرقاً؛ حيث سبق أن أعربت الصين عن قلقها إزاء التعاون بين
منافسيها الإقليميين والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، ناهيك عن تصريح الأمين
العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج في يناير 2024، بأن الصين تمثل
"التحدي الأكبر الطويل الأمد الذي يواجه حلفاء الناتو".
4– إصرار بكين على تخطي أزماتها الاقتصادية: لقد
تجاوزت نسبة الزيادة في الإنفاق العسكري باستمرار هدف النمو الاقتصادي المحلي
السنوي خلال فترة وجود الرئيس شي في منصبه؛ إذ يبلغ هدف النمو لعام 2024 نحو 5%،
وهو ما يشبه هدف العام الماضي، وفقاً لتقرير الحكومة، وهو ما كان آنذاك أدنى هدف
رقمي تعلنه البلاد منذ عقود من الزمن.
ويأتي تسارع نمو الإنفاق العسكري في ظل تعامل
الاقتصاد الصيني مع ارتفاع في معدلات البطالة بين الشباب، وتدهور سوق العقارات،
بعد أن عجز المطورون الذين حصلوا على قروض مصرفية ضخمة عن سداد مستحقات مقرضيهم،
أو تسليم الوحدات للمشترين الذين أنفقوا مدخراتهم لشراء عقار خاص بهم. ومع ذلك،
فإن ذلك لم يثبط طموحات بكين العالمية، وأهمها إعادة التوحيد مع جزيرة تايوان
التابعة لها تاريخياً، وطرد القوات الهندية من حدودها المتنازع عليها، وتأكيد
السيطرة على الجزر في شرق الصين وبحر الصين الجنوبي.
5– تضاعف حجم الإنفاق العسكري الصيني: تضاعفت
ميزانية الدفاع الصينية منذ عام 2015، حتى مع تباطؤ معدل النمو الاقتصادي في
البلاد بشكل كبير. ومع ذلك، فإن طموح البلاد المستمر هو تحدي الولايات المتحدة
وحلفائها في آسيا، بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين وأستراليا، بشأن
المطالبات الإقليمية والقيادة الإقليمية، فضلاً عن رغبتها في الحصول على دور أكبر
في الشؤون العالمية.
وبالرغم من نمو الميزانية الدفاعية الصينية
بنسب مئوية مكونة من رقمين خلال معظم العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فإنها
بدأت في التباطؤ مع بدء استقرار الاقتصاد المزدهر سابقاً؛ حيث بات الجيش لا يتمتع
بزيادات تتجاوز 10% عما كان عليه قبل عقد من الزمن، لكن الإنفاق الدفاعي الصيني
تضاعف بعامل 2.3 منذ وصول شي إلى السلطة عام 2013؛ إذ تضخمت ميزانية الدفاع إلى
230 مليار دولار هذا العام مقارنةً بـ100 مليار دولار آنذاك، حتى أصبح يوازي نحو
أربعة أضعاف نظيره في اليابان، ونحو 12 مرة من إنفاق تايوان.
6– غموض حجم الإنفاق العسكري الصيني: يُعتبَر
رقم الميزانية الرسمية الذي أُعلِن عنه في افتتاح الاجتماع السنوي للهيئة
التشريعية صغيراً مقارنةً بالإنفاق الفعلي لجيش التحرير الشعبي؛ وذلك بمجرد أخذ
الإنفاق على البحث والتطوير ومشتريات الأسلحة الأجنبية في الاعتبار؛ لذلك يعتبر
الخبراء الغربيون أن أرقام الاستثمار الدفاعي الفعلية أعلى بكثير من الرقم الرسمي
الذي تنشره الدولة الصينية؛ وذلك بسبب أن حجم إنفاق الصين يظل غامضاً حول مشروعات
التعاون المدني العسكري العديدة التي تُديرها الدولة، من التكنولوجيا إلى الأعمال
التجارية والعقارات. وبناءً على ذلك، قدَّر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام
(سيبري) أن ميزانية الدفاع الفعلية للصين كانت أعلى بنسبة 27% مما أعلنته البلاد
عام 2022.
7– تفاقم المخاوف الغربية من تزايد الإنفاق
الدفاعي للصين: من الواضح أن بعض وسائل الإعلام الغربية تركز باستمرار على نمو
ميزانية الدفاع في الصين، دون النظر إلى نسبتها إلى الناتج المحلي الإجمالي، وتفشل
في تقديم تحليل مقارن للإنفاق الدفاعي من قبل الدول الأخرى؛ فوفقاً لمعهد ستوكهولم
الدولي لأبحاث السلام (سيبري)، يُشكِّل الإنفاق العسكري الصيني 1.6% فقط من ناتجها
المحلي الإجمالي عام 2022، وهو أقل من المتوسط العالمي (1.8)، وكذلك الولايات
المتحدة (3.4%)، ولا سيما الهدف المحدد من قبل أعضاء حلف شمال الأطلسي البالغ 2%. ومن
حيث نصيب الفرد في الإنفاق العسكري، فإن الولايات المتحدة تفوق نصيب الفرد في
الصين بنحو 15 ضعفاً.
خلاصة القول إن تحديد إذا ما كانت دولة ما تشكل
تهديداً عسكرياً للآخرين يعتمد بشكل أكثر أهميً على سياساتها الخارجية والدفاعية،
وليس على الزيادة في إنفاقها الدفاعي؛ فطالما التزمت بكين بطريق التنمية السلمية،
وانتهجت بثبات سياسة دفاعية وطنية؛ حيث تدَّعي الصين أنها لا تسعى إلى فرض
المعاناة التي تحمَّلتها البلاد ذات يوم على الآخرين، وتستدل على ذلك بأن جيش
التحرير الشعبي الصيني – منذ تأسيسه – لم يقم قط بشن حروب خارجية أو صراعات مسلحة،
ولم يغزُ أي دولة، ولم يحتل شبراً واحداً من الأراضي الأجنبية.
ولكن من ناحية أخرى، فإن ظروف وواقع البيئة الأمنية العالمية، قد فرضت على بكين العديد من التغيرات في سياستها الدفاعية، حتى باتت تحرص على زيادة حجم إنفاقها العسكري، حتى لو تفوَّق على حجم نموها الاقتصادي؛ إذ تراه ضرورة قصوى لضمان استعدادها الكافي لأي مواجهة عسكرية محتملة مع الولايات المتحدة أو أيٍّ من حلفائها الإقليميين، خاصةً بعدما شهدت العديد من الاستفزازات العسكرية من جانبهم في المناطق المتنازَع عليها. ومن ثم فإن من المتوقع أن نشهد المزيد من الارتفاعات في الإنفاق العسكري الصيني على مدار السنوات القادمة، حتى يتحقق حلم الرئيس شي بتكوين جيش من الطراز العالمي بحلول عام 2049.
المراجع:
(ب،
ن ) ، 7.3.2024، تقرير: الصين
تكشف عن ميزانية دفاعية جديدة بزيادة 7.2% ، RTعربية .
عبد
الله جمال، 18.3.2024، أبعاد زيادة
الإنفاق العسكري الصيني، انترريجونال للتحليلات الاستراتيجية.