المادة (99) من ميثاق الأمم المتحدة

لقد تضمن ميثاق الأمم المتحدة مبادئ وأسس وقواعد توظف في خدمة الحفاظ على السلم والأمن الدوليين وحفظ حقوق الإنسان وتقديم العون وإيصال المساعدات الإنسانية واتخاذ تدابير جماعية فعالة للتصدي للأخطار التي تهدد السلام والأمن الدوليين، وقد نصت المادة (99) من ميثاق الأمم المتحدة في الفصل الخامس عشر المتضمن الأمانة العامة ومهام الأمين العام ( يحق للأمين العام أن ينبه مجلس الأمن إلى أية مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين) وأن استخدام هذه المادة من صلاحيات واختصاص الأمين العام حصرا و الذي نبه بدوره  مجلس الأمن في رسالة رسمية إلى التهديد العالمي الذي تمثله حرب غزة وهذه الرسالة تعد بالغة الأهمية في سياق السلم والأمن الدوليين حيث تضمنها إصدار قرار وقف أطلاق النار وفي حال الموافقة ستكون للأمين العام صلاحيات عند تنفيذ القرار منها سلطة فرض عقوبات أو التفويض بنشر قوة دولية . إلا أن الموافقة على القرار ينبغي موافقة تسعة أصوات مؤيدة على الأقل وعدم استخدام الأعضاء الخمسة الدائمين حق النقض إلا أن أمريكا استخدمت حق النقض في حين امتنعت بريطانيا عن التصويت وتم إجهاض القرار.



استخدامات المادة (99) من الشرعية الدولية

والمتابع لتفعيل هذه المادة يجد أنها فعلت لأول مرة عام 1950 خلال أزمة الكوريتين عندما هاجمت كوريا الشمالية جارتها الجنوبية حيث فعلها أول أمين عام. والمرة الثانية عام 1959 خلال أزمة لاوس وفيتنام والثالثة استخدمت من قبل الأمين العام داغ همرشولد الذي لفت انتباه المجلس للاقتتال في الكونغو وفي اليوم الثاني أجتمع مجلس الأمن وصدق على أطلاق مهمة حفظ السلام. وفي عام 1960 استخدمت للحماية من قوات المظلات البلجيكية ولتقديم مساعدة أممية حيث كانت الكونغو في حالة من الفوضى. وفي عام 1961 استخدمت عند تصاعد القتال حول بنزرت في تونس. وفي عام 1963 أندع القتال في اليمن مع السعودية بعد عزل الإمام اليمني. وفي عام 1971 وأثناء استقلال شرق باكستان. وفي عام 1974 استخدمت المادة 99 بعد اشتعال الأزمة القبرصية. وخلال عامي و1975 1976 وبعد اندلاع الحرب الأهلية في لبنان استخدمت هذه المادة. وفي عام 1979 أستخدم ألأمين العام كورت جوزيف المادة (99) لحل أزمة الرهائن الأمريكيين في طهران وبعد ذلك صدق مجلس الأمن على القرار (457) المتضمن أخلاء الرهان لديها والسماح لهم بمغادرة طهران. وفي عام 1980 طلب الأمين العام فالدهايم من العراق وإيران ضبط النفس والتوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض. وفي عام 1989 استخدمت هذه المادة من قبل الأمين العام فيليبي ريكاردو من أجل لفت الانتباه إلى الحرب الأهلية وتصاعد العنف في بيروت وبروز مؤشرات على خطر تدخل أطراف خارجية.


أن قرارات مجلس الأمن ملزمة للدول الأعضاء على وفق الميثاق وفي حالة عدم التزام أي عضو بها يصدر المجلس قرارا بالمنع والإنفاذ ضد الدولة الممتنعة. وتعلق الجمعية العامة عضويتها وتلغي امتيازاتها وفي حالة التكرار وعدم التقيد بمبادئ الميثاق فللجمعية العامة الحق في إلغاء عضويتها وفقا لتوصية المجلس. لقد تمسك الأمين العام الحالي بالمادة (99) وعرض قرار وقف أطلاق النار على الجمعية العامة المؤلفة من (193) عضوا صوت (153) عضوا لصالح على قرار إعلان وقف لإطلاق النار في غزة لدواعي إنسانية وامتنع (23) عضوا عن التصويت و(10) أعضاء صوت ضد القرار منها أمريكا والكيان الصهيوني. وهذا يؤكد أن الإجماع الدولي مع وقف إطلاق النار في غزة . إلا أن استخدام أمريكا لحق الفيتو في مجلس الأمن لم يمرر هذا القرار لأسباب غير أخلاقية وعدوانية وتأكيد الدعم المطلق للكيان الصهيوني . إلا أن أمريكا ستدفع ثمنا أخلاقيا غاليا وستفقد احترام معظم دول العالم وستنحدر إلى الهاوية وتسقط عاجلا أم أجلا نتيجة استخدامها الفيتو وبالذات بعد إعلان الاتحاد الأوربي تأييده ودعمه للقرار . والمادة ( 99 ) تعد أقوى أداة دولية أممية يمكن أن توقف الحرب على غزة بعد استخدامها من قبل الأمين العام الذي نال الاحترام من المجتمع الدولي لموقفه الإنساني والعادل من الحرب على غزة.

أن ميثاق الأمم المتحدة يعاني الكثير من الخلل والنكوص في التطبيق وصعوبة تحقيق العدالة الدولية بسبب التفاوت والفروق الكبيرة في تركيبة مجلس الأمن التي تؤدي إلى تحكم أمريكا اللا إنساني في مصير الشعوب . وفي أدناه أهم الملاحظات بشأن الميثاق ـ :

لابد من تعديل المادة (27/3) من الميثاق بما يضمن أنفاذ العدالة الدولية بين أعضاء المجلس في التصويت فليس من المعقول و المقبول أن تبقى الدول الخمسة تملك حق استخدام حق النقض .


أن الإجماع الدولي في الجمعية العامة عندما يصوت على قرار ذات صلة بتحقيق الأمن والسلم الدوليين فيجب أن لا يخضع لاستخدام حق النقض بل يأخذ طريقه إلى النفاذ .

أمكانية تأليف هيئة من فقهاء القانون الدولي لدراسة وضع أسس عادلة لحق النقض في مجلس الأمن وإعادة النظر في صلاحياته واختصاصه . فقد مضت سنوات غبار على عمله دون أن يحقق أدنى درجة من العدالة بل مضى في إصدار قرارات ظالمة ومتحيزة ومنح الموافقة لشن حروب بين الدول .

أن عدم احترام دعوة الأمين العام لوقف أطلاق النار في غزة لدواعي إنسانية من قبل أمريكا . دليل قاطع في الانحياز التام ومشاركة العدو الصهيوني في عدوانه الغاشم فهل يعقل أن يكون له استخدام حق الفيتو

ثبت بما لا يقبل الشك أن استخدام حق النقض من قبل أمريكا كان بقصد الدعم والتصعيد والتأييد للعدو في استمرار الحرب والقتل العشوائي للمدنيين والتهجير ألقسري والإبادة الجماعية وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.




المراجع:

سعيد النعمان ،26.5.2024، المادة (99) من ميثاق الأمم المتحدة 1945، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات.

ب، ن، 7.12.2023، هل يؤدي تفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة إلى وقف إطلاق النار في غزة؟ بي بي سي، عربية 

المقالات الأخيرة