الـــقانــون الــدستـــوري

يعرف القانون الدستوري على أنهُ مجموعة القواعد القانونية الأساسية الواردة في الوثيقة الدستورية والتي تعمل على تنظيم السلطات العامة للدولة وتحديد اختصاصاتها وتنظيم حقوق وحريات الأفراد أو من ناحية أخرى تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، نظراً  لوجودها على قمة الهرم القانوني في الدولة، وبالتالي تستمد منها القواعد الاخرى شرعيتها وصحتها، أي انهُ لا يمكن لأي قانون أن يُخالف نصاً دستورياً، وقد عرف المعيار اللغوي الدستور على أنهُ مجموعة القواعد التي تنظم أسس الدولة ومكوناتها، أما المعيار الشكلي عرف القانون الدستوري على أنهُ مجموعة القواعد القانونية التي تضمنها الوثيقة الدستورية والتي تضعها هيئة خاصة يختلف تكوينها باختلاف الدساتير ويطلق عليها السلطة التأسيسية، كما عرف المعيار الموضوعي الدستور على أنهُ مضمون أو جوهر القواعد القانونية بصرف النظر عن الشكل والإجراءات المتبعة عند إصدارها، وتُعد الوثيقة الدستورية المكتوبة والقوانين الأساسية والعرف الدستوري هم المصادر الاساسية للقانون الدستوري، كما أن وظيفة  القانون الدستوري تندرج في الحفاظ على مبدأ سيادة الدولة والقانون والذي يسعى الى جعل القانون هو السلطة الأعلى في الدولة وأن الأفراد جميعهم متساوين أمام القانون كما يعمل على أدخال القواعد القانونية الى حيز التنفيذ وفرض عقوبات عن طريق الهيئات القضائية والمحاكم الدستورية لضمان سريان مفعول القانون، كذلك يعمل على حماية حقوق الإنسان حيث تُعتبر هذه الحقوق  جزء لا يتجزأ من القانون الدستوري للبلاد، ويعمل القانون الدستوري ايضاً على تنفيذ الإجراءات التشريعية وهو ما قامت به الهيئات والبرلمانات المتخصصة في تشريع القانون الدستوري وهي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، أما أهمية القانون الدستوري فتندرج في تحديد طبيعة الدولة ونظام الحكم فيها و تكوين السلطات الثلاث وتحديد اختصاصات كل منهم ورسم الهيئة الادارية للدولة، أضافة الى حماية حريات الأفراد في شتى النواحي، كما أنهُ المرجعية لكافة التشريعات والقوانين فهو يقع في قمة الهرم الخاص بقانون الدولة.

 

تاريخ القانون الدستوري

كان القانون الدستوري يعرف لمدة طويلة باسم القانون العام حتى مع ظهور الدساتير في العالم مثل الدستور الأمريكي عام 1787 والدستور الفرنسي عام 1789 و اول من اشار الى تميز القانون الدستوري واستقلال خصائصه عن القانون العام هم الاساتذة الايطاليون حيث احدثت بعض الجامعات الايطالية مقررا خاصا لتدريس القانون الدستوري ثم انتقلت تلك التسمية الى بقية دول العالم

ارتبط القانون الدستوري بظهور الانظمة السياسية الحرة الني كانت نتاج الثورات في كل من فرنسا و الولايات المتحدة الامريكية فحقوق الانسان و الحريات المدنية تشكل جزء هام من القانون الدستوري.

وقد ارتبط مفهوم الدستور لدى بعض المفكرين السياسيين بنظرية العقد الاجتماعي الذي يقرر الافراد فيه اقامة مجتمع يضمهم مع ما ينطوي ذلك من قيود والتزامات.

ولارتباط الدستور بالأنظمة السياسية الحرة فقد ذهب البعض الى ان القانون الدستوري لا يعنى الا بالأنظمة الديموقراطية لذا قل ما وجد شروحات عن القانون الدستور تعنى بالأنظمة الديكتاتورية وهذا الفكر الذي كان سائدا قبيل الحرب العالمية الثانية عام 1939 الا ان النظرة بعد ذلك تغيرت و اصبح دراسات القانون الدستوري تعنى بمختلف انواع الانظمة الديموقراطية منها و الديكتاتورية .

أهمية الدستـور:

 يلعب الدستور دوراًً  مهماً في الدولة، وتلخص أهميته فيما يأتي:

من الناحية الحقوقية: ينص الدستور على كافة حقوق الأفراد من سياسية ودينية وفكرية…إلخ.

من الناحية السياسية: يختص الدستور بتحديد طبيعة الدولة (جمهورية، ملكية) ونوعية نظام الحكم فيها (رئاسي، شبه رئاسي، برلماني)، أيضاً يتناول السلطات الثلاث من عدة نواحي (اختصاص كل سلطة، وطبيعة علاقتها مع الدستور)، ويرسم الهيئة الإدارية للدولة وفلسفة الحكم المحــلي فيها.

من الناحية القانونية: يقع الدستور في قمة الهرم الخاص بقانون الدولة، فهو المرجع الأساسي لكافة القوانين والتشريعات وتماشياً مع ما تم ذكره فإنه لا يجوز أن يأتي أي قانون يتناقض ومبادئ الدستور.

يعمل الدستور على توضيح الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للأفراد، وما الدور الذي تلعبه الدولة في تنظيم النشاطات الاقتصادية التي على إثرها يتحقق التوازن بين مصالح الأفراد والمجتمع الذي يعيشون فيه.

يقوم الدستور بتوثيق الهوية والشخصية المتفردة للأمة، ويضع الضمانات التي تكفل حماية الأمة ولغتها وقيمها الأساسية.

مصادر القانون الدستوري:

الثابت أن القانون الدستوري هو القانون الأعلى بين القوانين الأخرى، كما أنه يتمتع بأولوية جميع التشريعات والقوانين التي تصدر عن الحكومة، وعليه فمصادر القانون الدستوري يمكن تلخيصها على النحو الآتي:

1- الوثيقة الدستورية:

تعتبر الوثيقة الدستورية المصدر الأساسي والرئيس للدساتير المكتوبة بأنواعها (المرنة والجامدة)؛ كونها تتضمن قواعد وتشريعات تبين ماهية نظام الحكم في الدولة، وتحدد السلطات العامة فيها، وترسم حدودها وتضع القواعد والقيود تضبط السلوك الإنساني فيها، وتوضح الحقوق والحريات الأساسية لكل فرد وتضمن حمايتها من الانتهاك والسلب.

2- القوانين الأساسية:

هي قوانين من نوع خاص تصدر بطبيعة الحال عن السلطة التشريعية وذلك وفق إجراءات وشروط معينة؛ لتنظم عبرها العديد من المسائل والقضايا الدستورية، وتختلف هذه القوانين عن غيرها في ناحيتين:

من ناحية الموضوع: تعمل القوانين العادية على معالجة قضايا لا علاقة لها بنوعية نظام الحكم في الدولة من ناحية سياسية كالقانون المدني على سبيل المثال، في المقابل تعمل القوانين الأساسية على تنظيم ومعالجة مسائل دستورية سواء أكانت دستورية بطبيعتها أم بجوهرها؛ لاتصالها بنظام الحكم وتنظيم عمل السلطات العامة في الدولة كقانون الانتخاب مثلاً.

من ناحية إجراءات وضعها وإصدارها: حيث يختص البرلمان بتحديد إجراءات خاصة عند إصدار القوانين الأساسية، وهذه الإجراءات تختلف عن الإجراءات المتبعة في وضع القوانين العادية الأخرى، تشترك القوانين الأساسية مع القوانين العادية من ناحية المصدر فكلاهما يصدر عن السلطة التشريعية.

 3- العرف الدستوري: 

يعد العرف من الأساس من أقدم المصادر القانونية الصادرة على الإطلاق، فقد حكم الناس قبل ظهور ومعرفة الكتابة. مع ذلك ما زال العرف يلعب دور أساسي ومهم في تكوين البناء الدستوري للدولة الحديثة، ويعرّف بأنه: مجموعة من المفاهيم أو المعايير المنصوص عليها وتكون مقبولة بصورة عامة، ويأتي في كثير من الأحيان بصورة عادة. ولكن لا يفوتنا أن ننوه بأن مصطلح العرف الدستوري يختلف عن الدستور العرفي:

الدستور العرفي: عبارة عن مجموعة من القواعد الناشئة عن العادات والتقاليد والأعراف الغير مدونة في وثيقة مكتوبة، ويختص الدستور العرفي بالدول التي لا يوجد فيها دساتير مكتوبة مثل دولة إنجلترا.

العرف الدستوري: عبارة عن مجموعة من القواعد الناشئة من العادات والتقاليد والسوابق ولكن في ظل دستور مكتوب، وهذه القواعد لها عدة أدوار فقد تكون مكملة أو مفسرة أو معدلة لأحكام الدستور.

وأخيراً إن القانون الدستوري بشكل أساسي يعمل على بناء الدولة وقانونها من خلال تنظيم العلاقة بين السلطات الرئيسية الثلاث ووضع أسس وإجراءات لممارسة السلطة وايضاً يقوم الدستور على توثيق الهوية ووضع الضمانات التي تقوم بحماية الأمة، واللغة، والقيم الأساسية، والعرق، والجنس، واللون.



المراجع

امال المرشدي ،15.7.2016 ، دراسة و بحث حول مفهوم و نشأة الدستور، استشارات قانونية مجانية

(ب ، ن)، (ب ، ت)، القانون الدستوري – نشأته وتعريفه حسب المعايير المختلفة 

المقالات الأخيرة