واقع ومستقبل التعليم الإلكتروني في ليبيا

التعليم الإلكتروني:

يشهد التعليم الإلكتروني اهتماماً متزايدا في ليبيا، على كل من مستوى التعليم العام، ومستوى التعليم الجامعي. وقد اصدرت وزارة التربية والتعليم (العالي) في ليبيا قرارات خاصة لهذا التعليم، بهدف الاستفادة من مُعطياته، واستغلالها على أفضل وجه مُمكن. فالتعليم الإلكتروني يفتح آفاقاً جديدة للتعليم ونشر المعرفة بكفاءة وفاعلية غير مسبوقة.

ويعاني التعليم العالي في ليبيا من عدة اشكاليات حيث لا يزال على نمطه الذي كان عليه مما يحتم التفكير في ايجاد بدائل لتحديث التعليم العالي. وعندما نقول عبارة "التعليم الإلكتروني"، فإن الإلكتروني هنا ليست وصفاً "لمضمون" هذا التعليم، بل هي وصف "لأسلوبه". وعلى ذلك فإن أي مضمون من مضامين التعليم، يُمكن أن يُنفّذ بأسلوب إلكتروني.

يعتبر التعليم الالكتروني اسلوباً جديداً في التعلم فرض نفسه بقوة على مراكز المعلومات، والمؤسسات الأكاديمية كشكل جديد يتناسب وتطورات تكنولوجيا المعلومات، فأصبح التعليم الالكتروني يشكل جزء مهماً في كيان الجامعات الاكاديمية.

كان الاهتمام في الفترة الاخيرة بالتعليم الالكتروني من قبل الجامعات الاكاديمية في العالم نتيجة النمو المتزايد في اعداد الطلبة والباحثين. لما له من دور في عمليات نقل العلوم والتكنولوجيا سواء كان ذلك بين المؤسسات العلمية في الدولة المتطورة أو بين الدول النامية على شكل اساليب فنية معينة تساعد هذه الدول النامية على اللحاق بركب الحضارة والتطور الذي يزدهر في كل لحظة في ارجاء العالم.

1- مشكلة البحث، واهميتها:

بدايةً فقد قسمت البحث في موضوع (التعليم الإلكتروني) الى فصلين؛ تتناول الفصل الأول بعد المستخلص:

مقدمة عن التعليم الإلكتروني، مشكلة البحث وأهميتها، تعريفات للتعليم الإلكتروني ومراحل تطوره، أنواعه وخصائصه، أهداف التعلم الإلكتروني، ميزات وايجابيات التعليم الإلكتروني، سلبيات ومعوقات وتحديات التعليم الالكتروني، العوامل المسببة في فشل استخدام التعليم الالكتروني. اما الفصل الثاني فسوف يتناول تنفيذ نظام تعليم الكتروني، ونظام ادارة المحتوى للتعليم الإلكتروني، ثم تتطرق إلى دراسة واقع التعليم الإلكتروني في ليبيا، مقترحة بعدها جملة من التوصيات والمقترحات مع إشارة إلى مستقبل الـتعليم الإلكتروني، وينتهي بالخلاصة والخاتمة.

ومن ثم يمكن بلورة مشكلة البحث في الفصلين الأول والثاني، في الاجابة عن الاسئلة التي ترد في أذهان المهتمين بالتعليم الإلكتروني والتي طرحتها بشكل عام من خلال المحاور الآتية:

التعليم الالكتروني، تعريفه أو مفهومه، اهدافه، وخصائصه.

سلبيات وايجابيات التعليم الالكتروني.

التعليم الالكتروني والتعليم التقليدي والاختلاف بينهما.

امكانية تطبيق التعليم الالكتروني في ليبيا.

تعريفات التعليم الإلكتروني ومراحل تطوره:

تشير الأدبيات التربوية إلى وجود مجموعة كبيرة من المرادفات اللغوية التي تشير إلى التعليم أو التعلّم الالكتروني، الأمر الذي أدى إلى وجود صعوبة في وضع مفهوم واضح ومحدد للتعلّــم الالكتروني، والتي منها:

-          التعلّم عبر شبكة الانترنت.

-          التعلّم الجوال.

-         التعلّم خارج حرم الجامعة.

-          التعلّم البعيد.

-          التعلّم الافتراضي.

-         التعلّم المباشر.

-          التعليم الالكتروني.

وللتعليم الالكتروني عدة تسميات منها:

-         الدراسة الالكترونية.

-          التعليم الافتراضي.

-         الدراسة عن بعد.

وجميع هذه التسميات لها نفس المعنى وهو:

فرضية أي شخص يرغب في التعليم يستطيع الحصول عليه من خلال ما يطرح على شبكة المعلومات (الانترنت) دون الحاجة إلى الجامعة أو الكلية أو مركز التدريب. (الرافعي، لكن إذا أردنا الوصول الى تعريف التعليم أو التعلّــم الإلكتروني لابد من:

-  تحديد نوع الوسائط والتقنيات المستخدمة في نقل المحتوى للمتعلم.

-  تضمين تعريف التعلم الإلكتروني ما يشير الى انه التعلّـــم الذي يحدث ويدار الكترونيا.

-  التوسع في تبيان معنى هذا المصطلح بما يكشف عن الخصائص والسمات الاساسية لهذا النمط من التعلم.

لَمْ تُجمِع حتى الآن المحاولات والاجتهادات التي قضت بتعريف مصطلح” التعلّم الإلكتروني” حول تحديد مفهوم شامل ومحدد له؛ كونها نظرت لهذا المصطلح من زوايا مختلفة واهتمامات متعددة، لذلك سنحاول تقديم رؤى مختلفة لهذا المصطلح، ومن ثم تقديم تعريف له.

مما سبق من التعريفات المختلفة للتعليم أو للتعلم الإلكتروني، يمكن ملاحظة أنه:

-         منظومة مخطط لها ومصممة بشكل جيد بناءً على منحى النظم.

-         يهتم بعناصر البرامج التعليمية ومكوناتها جميعها.

-       يعتمد على استخدام وسائط إلكترونية تفاعلية، منها الفيديو التفاعلي، ومؤتمرات الفيديو.

-         يهتم بالبرامج التعليمية والبرامج التدريبية كلها.

-       هو أحد أنماط التعلم عن بعد عندما يتم بطريقة غير متزامنة أو بطريقة متزامنة، مع فصل دائم أو شبه دائم بين المتعلم والمعلم، كما أنه يمكن أن يتم بطريقة متزامنة داخل غرفة الصف وبوجود المعلم أيضاً.

-       التعلم الإلكتروني يدعم مبدأ التعلم الذاتي والتعلم المستمر مدى الحياة، كما يدعم مبدأ التعلم التعاوني.

مراحل تطور التعليم الإلكتروني:

_ المرحلة الاولى: ما قبل عام 1983، عصر المعلم التقليدي حيث كان التعليم تقليدا قبل انتشار الحاسوب, بحيث يتم التواصل بين المعلم والطالب في قاعة التدريس حسب جدول دراسي محدد.

_ المرحلة الثانية: من عام 1984- 1993، عصر الوسائط المتعددة وقد تميزت باستخدام انظمة تشغيل مثل الويندوز والماكنتوش والاقراص الممغنطة وما شابة ذلك كأدوات رئيسة لتطوير التعليم.

_ المرحلة الثالثة: 1993 - 2000، ظهور الشبكة العالمية للمعلومات ثم ظهور البريد الإلكتروني وبرامج الكترونية لعرض الفيديو.

_ المرحلة الرابعة: 2001 وما بعدها، الجيل الثاني للإنترنت حيث تطورت طرق العرض في الوسائط المتعددة وخصوصاً داخل المواقع الإلكترونية التي شهدت تطوراً كبيراً في هذا الجيل الثاني للشبكة العالمية للمعلومات، حيث أصبح تصميم المواقع على الشبكة أكثر تقدماً. وقد انتشر مفهوم التعلم الإلكتروني منذ استخدام وسائل العرض الإلكترونية لإلقاء الدروس في الفصول التقليدية واستخدام الوسائط المتعددة في عمليات التعليم الفصلي والتعليم الذاتي، وانتهاء ببناء المدارس الذكية والفصول الافتراضية التي تتيح للطلاب الحضور والتفاعل مع محاضرات وندوات تقام في دول أخرى من خلال تقنيات الإنترنت والتلفزيون التفاعلي.

أنواع التعليم الإلكتروني، وخصائصه:

يمكن تقسيم طرق التعليم الإلكتروني إلى نوعين:

 التعليم الإلكتروني المتزامن:

وهو عبارة عن طريقة للتعليم الإلكتروني المباشر التقليدي يشترط فيه وجود المعلم مع الطلاب في وقت واحد لأجراء النقاش المباشر بين المعلم والطلاب عبر غرف المحادثة او تلقي الدروس من خلال الفصول الافتراضية. ويتم هذا التواصل بشكل متزامن عن طريق النص او الصوت او الفيديو، وتعد اهم ايجابيات هذا النظام حصول الطلاب على تغذية راجعة فورية، وتقليل التكلفة والجهد والوقت والاستغناء عن الذهاب لمقر الدراسة. وهو الذي يمثل عملية التعليم وجهاً لوجه، حيث يقوم الأساتذة بإعطاء المحاضرات في قاعات جامعية مليئة بالطلاب، ومن سلبياته حاجته إلى أجهزة حديثة وشبكة اتصالات جيدة.

التعليم الإلكتروني غير المتزامن:

وهو التعليم غير المباشر الذي يمكن تسميته بالتعلم عن بعد (التعليم غير التقليدي)، الذي لا يتطلب مقابلة الطلاب لأساتذتهم وجهاً لوجه، حيث تتم العملية التعليمية بعدة طرق أخرى أشهرها وأولها التعليم بالمراسلة. وتتم من خلال خطة تدريسه مكونة من مواعيد المحاضرات، ومحتوى المحاضرات اما ان تكون فيديو، او صوت، او وسائط متعددة وغيرها من طرق التواصل، يضعها المعلم على الموقع التعليمي ثم يدخل الطالب على الموقع ويطلع على تلك الخطة الدراسية، ويتم التواصل مع المعلم عن طريق البريد الإلكتروني او القوائم البريدية.

أهداف التعلم الإلكتروني:

تحدد (اليونسكو) أهداف التعليم الإلكتروني في الآتي:

-       يسهم في إنشاء بنية تحتية وقاعدة من تقنية المعلومات قائمة على أسس ثقافية بغرض إعداد مجتمع الجيل الجديد لمتطلبات القرن الحادي والعشرين

-       تنمية اتجاه إيجابي نحو تقنية المعلومات من خلال استخدام الشبكة من قبل أولياء الأمور والمجتمعات المحلية، وبذلك إيجاد مجتمع معلوماتي متطور.

-       حل المشكلات والأوضاع الحياتية الواقعية داخل البيئة المدرسية، واستخدام مصادر الشبكة للتعامل معها وحلها.

-       إعطاء الشباب الاستقلالية والاعتماد على النفس في البحث عن المعارف والمعلومات التي يحتاجونها في بحوثهم ودراستهم، ومنحهم الفرصة لنقد المعلومات والتساؤل عن مصداقيتها، مما يساعد على تعزيز مهارات البحث لديهم وإعداد شخصيات عقلانية واعية.

-       منح الجيل الجديد متسع من الخيارات المستقبلية الجيدة وفرصاً لامحدودة (اقتصادياً وثقافياً، وعلمياً واجتماعياً).

-       تزويد الطلاب بخدمة معلوماتية مستقبلية قائمة على أساس الاتصال والاجتماع بأعضاء آخرين من داخل المجتمع أو خارجه، بغرض تعزيز التسامح والتفاهم والاحترام المتبادل، وفي الوقت نفسه تحفظ المصلحة والهوية الوطنية، مما يؤدي إلى تطوير مهارات التحاور، وتبادل الأفكار الخلاقة والبناءة، والتعاون في المشاريع المفيدة التي تقود إلى مستوى معيشي أفضل، هذا بالإضافة إلى تعريضهم إلى أجواء صحية من التنافس العالمي الواسع النطاق والتي تقودهم إلى تطوير شخصياتهم في حياتهم المستقبلية.

مميزات وايجابيات التعليم الإلكتروني:

برزت في الآونة الأخيرة مجموعة متزايدة من البحوث التي تسلط الضوء على التعليم الالكتروني من حيث تميّزه ومزاياه مشيرة إلى إيجابياته الرئيسية التالية:

_ السماح للمتعلم بالوصول إلى وسائل التعلم أينما كان (المرونة في تحصيل العلم بغض النظر عن الزمان والمكان) ووجود مستويات أعلى من التفاعل والتعاون.

_ الولوج إلى مختلف قنوات التواصل بما في ذلك أدوات ويب الاجتماعية والتواصلية مما يسمح بتطوير مهارات التفكير النقدي لدى المتعلمين وتوظيف الوسائط المتعددة (صوت، فيديو، نصوص) في عملية التعليم، مما يمكن التلاميذ من التفاعل معها وهو عامل مهم في إشراك حواس الطالب في التعلم وصقل مهارته الفكرية.

_ الوصول المباشر إلى الفعاليات المهمة في وقت حدوثها.

_ التعلم الذاتي والتعلم الذي يرتكز على المتعلم وانخفاض تكاليف التحصيل العلمي حيث يجادل المتحمسون بأن التكلفة الكلية للتعليم التقليدي باهظة جداً خلافاً للتعليم الالكتروني.

إنه نظام مناسب لتعليم الكبار وتدريب الموظفين الذين قد لا تسمح لهم ظروفهم بالتوجه للمدارس والجامعات أو التدريب في معاهد التدريب أو الذين يحتاجون وقتاً طويلاً لمراجعة المادة التعليمية دون الالتزام بوقت محدد.

 يتيح للدارسين المشاركة في تعليم يُستقدم من مجتمع آخر دون اضطرارهم للسفر أو الانتقال، بل يستطيعون الوصول إلى الانترنت من مكاتبهم أو بيوتهم، والتعليم الالكتروني يفيد أيضاً العجزة والمقعدين الذين لا يستطيعون الحضور بانتظام إلى الحرم الجامعي أو الذين يحتاجون إلى وقت طويل لدراسة محتوى المادة العلمية دون الالتزام بوقت محدد.

ختاما "

الهدف الرئيسي لهذا البحث بفصليه الأول والثاني هو توضيح مفهوم التعليم الالكتروني وخصائصه، منافعه، والعقبات التي تعترضه وكيفية التغلب عليها، وتسليط الضوء على واقع التعليم الالكتروني في ليبيا وآفاقه المستقبلية. ولقد أصبح معلوماً أن الظاهرة الكبرى الجديدة التي داهمت التربويين وغيرهم كما يقول محمد سعيد حمدان  الأمين العام المساعد للشبكة العربية للتعليم المفتوح - هي التسارع الهائل في تقنية المعلومات والاتصالات وظهور الانترنت كنموذج لهذه الظاهرة التي أغرقت مؤسسات المجتمع ومناشطة المختلفة، وتجدر الإشارة أن هناك أعداداً لا بأس بها من المهندسين والأطباء والأكاديميين والتقنيين تأقلموا مع الواقع التقني الجديد، ولكن بعض التربويين لدينا ما زالوا مترددين في تعاملهم مع التقنية الالكترونية، إذ أن أغلب المؤسسات التعليمية تعوقها الإمكانيات المادية وعدم توفر البنية التحتية والبعض الآخر تعوقه الرؤيا الواضحة لدور هذه التقنية ويقف البعض الثالث متردداً ومتشككاً وحائراً لا يدري ماذا يفعل؟. ولكننا نقول لجميع هؤلاء أن قطار التقنية لا يتوقف ولن نتوقف وسيدرك المتشككون والمترددون الذين لم يجدّوا في التخطيط والاستعداد لركوب قطار التقنية مقدار الخطأ الذي ارتكبوه ولو بدون قصد.

بل ويمكننا القول إن التعليم الالكتروني تجاوز مرحلة المغامرة التربوية وبات بمختلف أبعاده واقعاً تربوياً معاشاً عالمياً، ونحن أحوج ما نكون إلى ضرورة الغوص في غماره للاستفادة من أفضل الممارسات التربوية والتعلمية التي يوفرها، وتشير كل الدلائل أن هذا النوع من التعليم سيمتد إلى مختلف أنحاء المعمورة وسيرتقي بنوعية الخريجين.




 

المراجع:

_ عبدالقادر إبراهيم الحضيري ، ب،ن ، واقع ومستقبل التعليم الإلكتروني في ليبيا ، الجامعة الليبية للعلوم الإنسانية.

_ حمد الخميسي ،15-6-2017 ، التعليم الإلكتروني في ليبيا: جهود فردية وحكومية.

 

المقالات الأخيرة