الصراع التنظيمي
فرع بنغازي

إن الصراع والخلاف في المؤسسات حقيقة واقعة ومن الاستحالة تجنبها, لاختلاف الشخصيات المتعاملة واختلاف طبيعة البشر والخلافات موجودة على جميع المستويات الإدارية بين العاملين بعضهم البعض وحتى في الجهات الإشراقية والرقابية ووصولا إلى مجلس الإدارة في المنظمة ولا تخلو أي دولة ولا مجتمع من وجود الصراع التنظيمي أو الوظيفي في مختلف الدوائر الوظيفية، فالصراع التنظيمي هو إرباك وتعطيل للعمل ولوسائل اتخاذ القرارات، مما يعقد عملية الاختيار بين البدائل المتاحة، ومتى كان الصراع في مستوى معين ومقبول فله إيجابياته؛ إذ إنّه يعطي المجال للتشجيع والتحفيز ممّا يعود بالنفع على الأداء الوظيفي لدى الأفراد والمجتمعات، ولكن في حال وصوله لدرجات ومستويات عليا فثمة آثار سلبية عديدة تترتب عليه، وأسباب لهذا النوع من الصراع، وبعض الحلول له.

آثار الصراع التنظيمي

يتفاوت الأشخاص في قدراتهم واستعداداتهم وميولهم واتجاهاتهم الفكرية، وتربطهم شبكة معقدة من العلاقات المتبادلة، فلا يتوقع أن يسود مناخ دائم ومستمر من الوفاق والوئام بين أفراد المجموعة الواحدة لاسيّما في مجال التعليم الذي يحتاج إلي التعاون فيما بينهم. فلابد وأن تحدث بعض الخلافات والتناقضات بواسطة العاملين بالمؤسسة التي قد تصل أحيانا إلى درجة الصراع، ولا يتوقف حدوث الصراع بين الأفراد فيما بينهم، أو بين الجماعات فقط بل قد يحدث داخل الفرد نفسه عندما تنازعه رغبة في تحقيق هدفين متناقضين.

ونظرا لكون طبيعة الأفراد والمنظمات تستدعي التطور والتغيير لأن الاستقرار والثبات حالة غير طبيعية لذا فإن الصراعات غالبا ما ترافق التغيرات الحاصلة في مجمل العلاقات السائدة. والإدارة الهادفة ينبغي أن تسعى دوماً للإبقاء على الصراع في اطاره المرغوب فإذا زاد الصراع عن الحد أو المستوى المعين أكثر من اللازم يجب أن تتدخل لتقليص أثره وتخفيضه للحد المسموح به مع توضيح أهم أسباب هذا الصراع وادارة نتائجه، أما إذا انخفض فإنه يجب عليها أن تغذيه وتشجعه ليبقي عند الحد الذي يجعله قائماً تحت سيطرتها،

أهم الآثار التي تتبع الصراع التنظيمي داخل المؤسسات.

الآثار السلبية للصراع التنظيمي

يعد الصراع التنظيمي (بالإنجليزية: سلاح ذو حدين، فالخلافات التي تنشأ بين الموظفين في بيئة العمل بسبب اختلاف وجهات النظر قد تفضي لحدوث أثر سلبي وللعديد من المشكلات التي يمكن توجيهها لصالح المنظمات، ولا تكاد تخلو أي بيئة عمل من هذه الصراعات، وتمتد آثار هذه الصراعات لتشمل عدد من النواحي وهي كالآتي:

_ الموظفون وبيئة العمل الداخلية

هناك آثار سلبية عديدة تحدث نتيجة اي صراع تنظيمي من ناحية الموظفين وبيئة العمل الداخلية في عدة نقاط، منها ما يأتي:

- خلق حالة من التوتر والخوف بين الموظفين، وجعل فرص التعاون قليلة بينهم، والتي قد تربك سير العمل في منظمات العمل. تعارض في الغايات والأهداف والمصالح، والسعي لتحقيق غايات شخصية تخدم جهة معينة تتعارض مع قيم منظمات العمل.

- حدوث تعطل وضرر بأداء النشاطات الوظيفية في المؤسسات والتأثير على وضعها الحالي، وذلك بسبب تضارب القيم والاتجاهات بين الموظفين.

- يساهم في تعطيل وسائل اتخاذ القرار بشكل كبير، وصعوبة اختيار البدائل المناسبة لدعم أهداف المؤسسات خاصة في القطاع الإداري.

- انخفاض الانتماء الوظيفي للعاملين، وجعل الأفراد يسعون للبحث عن بيئة العمل تدعم جهودهم مما يؤثر على أنماط السلوك داخل اي شركة او مؤسسة.

- نشوء الاعتمادية بين الموظفين، وذلك بسبب اشتباكات العمل الذي ينتج عنها عدم توزيع المهام والأعمال.

_ الأداء الوظيفي

تتمثل الآثار السلبية للصراع التنظيمي من حيث الأداء الوظيفي في عدة نقاط، منها ما يأتي:

-       انخفاض مستوى الأداء الوظيفي؛ وذلك بسبب اختلافات الآراء ووجهات النظر في اتخاذ القرارات.

-        انخفاض مستوى الرضا الوظيفي؛ بسبب انعدام الاحترام وقيمة العمل لدى الموظفين.

-       تهديد بقاء منظمات العمل وقدرتها على التطور والارتقاء بالمستوى المطلوب وضعف استراتيجيات العمل العام.

-       ارتفاع نسبة الخسائر المادية في منظمات العمل، وبالتالي تقليل فرصة النمو والازدهار الاقتصادي.

-       ضياع الخبرات والجهود وفرصة التعاون بين فريق العمل. غياب الحماس والدافعية والإبداع عند الموظفين لتحقيق أهداف منظمات العمل، بسبب تهميش وجهات نظرهم وسوء العلاقة بين الموظفين.

الإدارة وتحقيق أهداف المؤسسة

تتمثل الآثار السلبية للصراع التنظيمي من ناحية الإدارة وتحقيق أهداف المؤسسة في عدة نقاط، منها ما يأتي:

-       ضعف تجديد وتطوير أساليب الإدارة بما يتماشى مع متطلبات البيئة ومواكبة العصر، بالإضافة إلى عدم استغلال مصادر المؤسسة بالشكل المطلوب.

-       انخفاض إنتاجية العمل لمنظمة العمل، وبالتالي صعوبة تلبية مطالب العملاء.

-       صعوبة تنفيذ الإجراءات التنظيمية، بما يؤثر على كفاءة وفعالية منظمات العمل.

-       ضعف قدرة الإدارة على تكوين الهيكل التنظيمي بشكل مناسب مع متطلبات العمل.

-         ضعف المنافسة بين منظمات العمل، وعدم القدرة على الابتكار والتطوير.

-         عدم القدرة على إدارة الموارد المالية وتخصيصها للأفراد.

سوق العمل

تتمثل الآثار السلبية للصراع التنظيمي من ناحية سوق العمل في عدة نقاط، منها ما يأتي:

- انخفاض فرصة التميز في الأداء، مما يشكل خطراً على استمرارية منظمات الأعمال في بيئة تنافسية.

- عدم القدرة على تقسيم مراحل الأعمال، وإدارة الوقت في منظمات العمل.

- عدم القدرة على توظيف المهارات الفكرية والإبداعية العليا في منظمات العمل بالإضافة إلى سوء التنسيق الداخلي.

- تعرض الموظفون لمشكلات نفسية، وإحباط مستمر بسبب ضياع الغاية الفعلية من وجودهم في منظمات العمل وضعف العلاقة بينهم.

- تشتت الآراء وخلق حالة من ضعف التركيز والتنظيم في أداء المهام في مكان العمل.

الآثار الإيجابية للصراع التنظيمي

عندما يكون الصراع في مستوى معين ومقبول تكون له إيجابياته؛ إذ إنّه يعطي المجال للتشجيع والتحفيز ممّا يحقق أثر إيجابي ويعود بالنفع على الأداء الوظيفي لدى الأفراد والمجتمعات:

- السعي إلى المشاركة الفاعلة بين كافة الأفراد المنتمين للعمل الوظيفي أو النشاط التنظيمي والالتزام بقواعد المؤسسة في قطاع العمل.

- يعطي فرصاً جيدة لدى الجميع للتفوق والإبداع والابتكار، لأنَّ كل طرف يحاول أن يثبت صحة موقفه وتميزه في العطاء في صالح أهداف العمل.

- يشجع على اختيار البديل الأفضل على مستوى الفرد والجماعة داخل المنظمات وتنظيم أدوارهم.

- التمكين الإداري من خلال الفرز الدائم للسلبيات بهدف علاجها، والإيجابيات بهدف تعزيزها من خلال مجلس الإدارة.

- الدراسة الفعالة لمؤهلات وعناصر المنظمة ومعرفة نقاط قوتها وضعفها في وقت قليل.

أسباب الصراع التنظيمي

-       مشكلات تتعلق بالاتصالات الإدارية؛ كسوء الفهم، وعدم توفر الاتصال الناجح بين الأفراد والمؤسسات الإداريَّة التي ينتمون إليها.

-        مشكلات تتعلق بالبناء التنظيمي نفسه، وذلك في اتجاهين؛ الأول: وجود هياكل تنظيمية ضعيفة، والثاني: عدم وجود هياكل تنظيمية أصلاً، وهذا يشوش فهم الحقوق والواجبات، ومجالات الاختصاص، والمسؤولية الإداريَّة.

-       مشكلات تتعلق بالبيئة، وهي تتعلق باللغة المتداولة، وطريقة التواصل، ونهج التخاطب، والجو الصحي العام، والمنهج العلمي المعتمد في بيئة العمل الوظيفي والتنظيمي تحتاج إلى هذه العناصر، وبانعدامها أو وجود بعضها تكون هناك فرصة لظهور الصراع.

-        الاختلاف في تقدير المصلحة، فهناك من يكون صادقاً في تقديره للمصلحة، وهناك من يجعل هوى النفس وشهواتها الحكم في تقدير المصلحة.

-         سوء الفهم لطبيعة العمل الوظيفي، وعناصره لدى بعض العاملين.

علاج الصراع التنظيمي

-         الحوار والتفاوض للوصول إلى أسباب حدوث الصراع، ووضع الحلول المناسبة له.

-         اعتماد النهج الإداري السليم في العلاقات الإنسانية بعيداً عن التسلُّط والتشدد.

-        التعديل الدائم في السياسة الداخلية المتبعة بما يقلص من فرص حدوث الصراع، والعمل بروح القانون أكثر من العمل بنص القانون.

-          عمل فرق ولجان أزمة؛ للمتابعة ووضع الحلول المناسبة.

-         تعزيز مفهوم روح الفريق والجسد الواحد.

-        التدخل المباشر من المدير الأعلى في العمل الوظيفي أو الإداري إذا فشلت كل الجهود السابقة، أو الانتقال لمن هو أعلى منه إن لزم الأمر.

-        اعتماد برامج تدريبية مناسبة، ومعرفة وتطبيق آليات النجاح في العمل، وصولاً إلى الإبداع.

الخلاصة

يتفاوت الأشخاص في قدراتهم واستعداداتهم وميولهم واتجاهاتهم الفكرية، وتربطهم شبكة معقدة من العلاقات المتبادلة. فلا يتوقع أن يسود مناخ دائم ومستمر من الوفاق والوئام بين أفراد المجموعة الواحدة. فلابد وأن تحدث بعض الخلافات والتناقضات التي قد تصل أحيانا إلى درجة الصراع، ولا يتوقف حدوث الصراع بين الأفراد فيما بينهم، أو بين الجماعات فقط بل قد يحدث داخل الفرد نفسه عندما تنازعه رغبة في تحقيق هدفين متناقضين.

ولما كان الصراع جزءاً من الوضع الطبيعي لأية مؤسسة على مستوى التنظيمات الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية. "حيث يؤدي الإنسان عدة أدوار مختلفة في آن واحد فالمعلم مثلاً يقوم بدور: الزوج، والأب، والمرشد، والمرؤوس، والرئيس في أوقات مختلفة من يومه أو حياته ولابد من أن يحصل التعارض بين هذه الأدوار وهذا نوع من أنواع الصراع.

ونظرا لكون طبيعة الأفراد والمنظمات تستدعي التطور والتغيير لأن الاستقرار والثبات حالة غير طبيعية لذا فإن الصراعات غالبا ما ترافق التغيرات الحاصلة في مجمل العلاقات السائدة. والإدارة الهادفة ينبغي أن تسعى دوماً للإبقاء على الصراع في اطاره المرغوب فإذا زاد الصراع عن الحد أو المستوى المعين يجب أن تتدخل لتقليص أثره وتخفيضه للحد المسموح به، أما إذا انخفض فإنه يجب عليها أن تغذيه وتشجعه ليبقي عند الحد الذي يجعله قائماً تحت سيطرتها وذلك لتحقيق الأهداف التربوية المنشودة وإثارة المواهب الابتكارية والإبداعية لدي الموظفين.

 

 

 

المراجع

_ إبراهيم العبيدي، 14.12.2017، مفهوم الصراع التنظيمي، موقع موضوع.

_ احمد السيد، 11.1.2012، الصراع التنظيمي، مجلة الجمعية التربوية للدراسات الاجتماعية.

 

المقالات الأخيرة