في
العام 2022، كشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن اتفاقين جديدين في قطاع النفط
والغاز مع الصين بقيمة 117.5 مليار دولار. هذه الصفقات تهدف إلى تعزيز التعاون بين
البلدين في مجال الطاقة، حيث تعتبر روسيا ثالث أكبر مورد للغاز للصين. يأتي هذا في
ظل تصاعد الخلافات بين بوتين والمستوردين الأوروبيين بشأن أوكرانيا. يُعد هذا
التحالف الاقتصادي بين الصين وروسيا ميلادًا غير مسبوق، حيث يرى البلدان فيه أقوى
شراكة استراتيجية بينهما.
توصف
العلاقات الصينية الروسية بأنها معقدة، حيث شهدت تاريخاً من التقلبات بين التحالف
والتنافس وحتى النزاعات المحدودة. ومع ذلك، تشهد العلاقات بين الجانبين تطوراً
متنامياً في السنوات الأخيرة على المستوى الاقتصادي والتنموي بالدرجة الأولى،
والسياسي والعسكري بدرجة أقل.
فمؤشرات
العلاقة الاقتصادية بين الجانبين تسير في اتجاه إيجابي، حيث ازداد التعاون بينهما
سواء على المستوى الثنائي أو في الأطر الإقليمية والدولية التي ينتميان إليها،
ويبرز ذلك بتوقيع اتفاقيات الشراكة الإستراتيجية، والتعاون الرقمي، وإطلاق مشاريع
البنية التحتية الداخلية والمشتركة، وتعزيز قطاع المشاريع المالية المشتركة،
والغاز الطبيعي، بالإضافة لمشاريع الممرات البرية والبحرية كمشروع "ممر بحر
الشمال".
فعلى
سبيل المثال، يعد مشروع "خط قوة سيبيريا" الذي وقع الجانبان على إنشائه،
عام 2014، وتبلغ قيمته 400 مليار دولار، لتصدير الغاز الروسي نحو الصين، واحداً من أكبر
مشاريع الطاقة في شرق آسيا، حيث يهدف لتوريد 38 مليار طن سنوياً من الغاز الروسي إلى الصين لمدة 30 عاماً، وفق إطار زمني متفق عليه بين الجانبين.
أضف
إلى كل ذلك وجود مئات الآلاف من العمال الصينين الذين يعملون في مشاريع البنية
التحتية في روسيا.
أما
على المستوى السياسي فقد استطاع الجانبان تجاوز خلافات أساسية ومهمة بينهما، وخاصة
حول النزاع الحدودي، حيث وقع الجانبان اتفاقا لترسيم الحدود بينهما عام 2008.
كما
تشهد كل من بكين وموسكو وتيرة متزايدة للزيارات المتبادلة واللقاءات على مستوى
الرؤساء وتوقيع اتفاقيات التعاون المشترك.
وعلى
المستوى العسكري، شهدت العلاقة بين الجانبين تطورات مهمة تمثلت بسلسلة من
المناورات العسكرية المشتركة. حيث شهد العام 2016 مناورة كبرى تدربت فيها قوات روسية وصينية على عمليات استيلاء على
جزر في بحر جنوب الصين.
كما
شهد العام 2018 مناورة "الشرق" وهي الأكبر في
تاريخ روسيا. وفي العام 2019 أجرى الجانبان مناورة مشتركة فوق بحر شرق
الصين الشرقي وبحر اليابان.
بالإضافة
إلى ذلك، استوردت الصين أسلحة ومعدات عسكرية روسية بقيمة 26 مليار دولار ما بين 1992 و2006. كما جرى مؤخرا، توقيع صفقات عسكرية ستشمل تزويد الصين بأحدث
منظومات التكنولوجيا العسكرية الروسية، وتنوي الصين استخدامها لتعزيز سيطرتها على
بحر جنوب الصين.
وعلى
الساحة الدولية، تشهد العلاقة زيادة ملحوظة في التضامن، وهو ما يبرز في مجلس
الأمن، خاصة في مواجهة سياسة العقوبات الغربية، والرغبة في الحد من تأثير التفرد
الأميركي بقيادة العالم.
ويشترك
الجانبان في رفضهما للتدخل الغربي في المجال الحيوي الخاص بهما في مناطق شرق آسيا
وجنوب شرق آسيا والقوقاز وشرق أوروبا.
وبالإشارة
إلى التعاون في مواجهة نهج العقوبات، فقد واجه الجانبان بشكل مشترك عقوبات
تستهدفهما، فضلا عن العديد من الدول الأخرى، كميانمار وإيران وسوريا وفنزويلا
وليبيا والسودان، بل وعملا على جعل العقوبات الأميركية فرصة للتمدد الاقتصادي
والتجاري.
وبالنظر
إلى تداخل المجال الحيوي الخاص بكل من روسيا والصين، فقد عمل الجانبان على ضمان
أمن واستقرار مساحات التقاطع، وتجنب نمو بؤر للتوتر العرقي أو الديني.
تخوفات
متبادلة
ورغم
التنامي الكبير للعلاقات بين الجانبين، فإنه لا يلغي "التعقيد"، إذ إن
هنالك محدودية لا يمكن تجاوزها، وتخوفات متبادلة، بالإضافة لفجوة كبيرة في
المقومات، وهو ما يبقي على التباين في الرؤية الإستراتيجية للقوتين حاضرا في أذهان
صناع القرار والمهتمين.
وبالنسبة
لروسيا، فإن هناك جملة من التخوفات حول مستقبل العلاقة مع الصين، تستند إلى
التنافس بينهما في آسيا الوسطى، ومنطقة الشرق الأقصى.
ففي
آسيا الوسطى، يتسارع إيقاع التمدد الصيني في منطقة نفوذ روسية تقليدية، وفي الشرق
الأقصى تراقب موسكو بارتياب طبيعة تسلح الصين، التي تملك أكبر قوة دبابات في
العالم، وهو ما يعطي إشارة بأن العقل الإستراتيجي الصيني ما زال يعتبر أن الجوار
البري هو مصدر التهديد الرئيسي، بينما تظهر معظم تحديات الصين الأمنية
والإستراتيجية من البحر.
وتظهر
مشكلة الروس بشكل واضح في التباين الديموغرافي على جانبي الحدود بمنطقة سيبيريا،
حيث يعيش 120 مليونا على الجانب الصيني، بتشجيع من بكين،
مقابل أقل من 15 مليون روسي على الطرف الآخر.
كما
أن طموحات بكين في القطب الشمالي تشكل مصدراً آخر للقلق في موسكو. ورغم أن الأخيرة
هي من استجلبت اهتمام الصين بالمنطقة، فإن لهجة القادم الجديد تتصاعد حول
"حقوق" له هناك.
وفضلا
عن المخاوف الإستراتيجية، فإن موسكو لا تريد أيضا أن تتحوّل إلى مجرد مصدر للموارد
الطبيعية، في حين أن استثمارات بكين لا تتجاوز 3%
من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في روسيا.
وفي
الاتجاه الآخر، تمتلك الصين تخوفات تتعلق بطبيعة النخبة الحاكمة الروسية وتوجهاتها
المستقبلية، وخاصة الجناح الليبرالي الغربي في أروقة صنع القرار بموسكو.
وفي
المشهد الحالي للعلاقة، يلعب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جين
بينغ دوراً محورياً. لكن الصين ترى أن التحولات في النخبة الروسية تبتعد عن توجهات
بوتين الحالية.
تباين
في القوة
يعد
التباين في المقومات بين الجانبين أحد أهم تحديات العلاقة، وخاصة من الجانب الصين
التي ترى أن السوق الروسية محدودة مقارنة بالأسواق الغربية والآسيوية.
فروسيا،
التي يبلغ عدد سكانها عُشر سكان الصين (147 مليون نسمة مقابل 1.4 مليار نسمة)، ويمثل حجم اقتصادها أقل من
عُشر نظيره الصيني (1.6تريليون دولار مقابل 17 تريليون دولار) لا يمكنها مجاراة الصين.
كما
أن طبيعة الاقتصاد الصيني المعتمد على الصناعات المحلية والتجارة الخارجية يختلف
في بنيته عن الاقتصاد الروسي الذي تشكل فيه قطاعات الطاقة والبتروكيماويات ركيزة
أساسية.
وعسكريا
لا يمكن لروسيا ولا الصين دعم الاحتياجات الإستراتيجية للطرف الآخر. فالتهديد
الأساسي الذي يواجه الصين قادم من البحر، والقدرة البحرية الروسية محدودة وغير
قادرة على تلبية الاحتياج الذاتي وسد ثغراته.
وعلى
سبيل المثال؛ يتطلب الوصول من ميناء روسيا الآسيوي الرئيسي، فلاديفوستوك، إلى
الصين؛ المرور بالطرق البحرية التي تسيطر عليها اليابان والولايات المتحدة.
وفي
المقابل، فإن التهديدات الرئيسية التي تواجه روسيا هي بالأساس تهديدات برية. وقدرة
الصين على إرسال قوات إلى المناطق ذات الاهتمام الروسي محدودة، وليس لدى موسكو
حاجة ملحة لقوات برية إضافية.
وعليه،
ورغم تعدد المجالات التي يمكن للجانبين أن يساعد فيها الآخر، مثل العتاد العسكري
أو تقنيات الحروب الإلكترونية، فإنها ليست كافية لنصف العلاقة بأنها تحالف حقيقي.
حيث
انه بعد وقتٍ قصير من إعلان سياسة شي جين بينغ الجديدة خلال العام الجاري، وقّعت
روسيا صفقة بـ165 مليار دولار مع الصين لتطوير أكثر من 80 مشروعاً ثنائياً في أوراسيا، وقد بدأ إنشاء خطوط أنابيب ومحطات
وممرات تجارية جديدة نتيجةً للاتفاق مما يزيد من ارتباط الصين بروسيا. لكن المثير
للاهتمام هنا هو التحالف الصيني الروسي الذي ظل يُعتقد لفترةٍ طويلة أنه يحمل
الكثير من التعقيدات والتفاصيل التاريخية والمبادئ التي ستعوق نجاحه لكن الجغرافيا
السياسية تتغير باستمرار.
تختلف
اختصاصات السياسة الخارجية الجديدة للصين التي قدمها شي عن سابقتها. إذ تتحدث عن
التصرف باستباقية وتصميم واتحاد والسعي للإنجاز، مع الجرأة على القتال، في حين أن
الاختصاصات السابقة بسياسة دينج شياوبينج تركز على التصرف بهدوء وإخفاء القدرات
وتحيُّن الفرصة وعدم لفت الأنظار أو تولي القيادة مطلقاً.
العلاقة
بين الصين وروسيا آواخر التسعينات
عُقِد
اجتماع سابق بين بوريس يلتسن ونظيره جيانغ زيمين في الكرملين شهر أبريل/ عام 1997 وخلاله أعلن الثنائي عن التزامهما المشترك بعالم متعدد الأقطاب
دون هيمنة،وأدانا فكرة احتكار شؤون العالم في إشارةٍ إلى الولايات المتحدة على ما
يبدو، لكن في ذروة لحظة الأقطاب المتعددة تلك لم يكن بوسع أي منهما فعل شيء
باستثناء الابتعاد عن طريق بعضهما البعض.
اتبعت
الصين استراتيجية تنمية تتمحور حول الصناعة التصديرية التي تتركّز في مناطقها
الاقتصادية الخاصة الساحلية حيث تخلّت الصين عن تنمية المناطق الداخلية والتوسع في
آسيا الوسطى
استغلت
روسيا ثرواتها الهيدروكربونية لدعم الصناعات الغربية عن طريق مد أوروبا بـ12 خط أنابيب للغاز الطبيعي إذ بدأ تشغيل مشروع خط نورد ستريم الروسي
الألماني عام 2011 وبعد مرور عقدٍ واحد، أصبحت أوروبا تشتري نصف
غازها الطبيعي تقريباً من روسيا، شكّلت تلك الصادرات نحو خمسي إيرادات الحكومة في
موسكو
لكن
استراتيجية الاعتماد المتبادل على الطاقة كانت تتعارض مع أهداف موسكو على الأرض.
وقد أثار زحف الناتو والاتحاد الأوروبي على حدودها الكثير من التوترات، خاصةً فيما
يتعلّق بأوكرانيا.
مساعي
روسيا للتقارب مع الصين
شهد
عام 2014 الإطاحة بالحكومة الموالية لروسيا في كييف
مما دفع موسكو إلى ضم شبه جزيرة القرم وإذكاء صراعٍ انفصالي في منطقة دونباس،ولم
يقف بايدن دون حراكٍ وسط الأحداث، ففُرضت العقوبات الأمريكية على مشروعات مثل نورد
ستريم ووصل الأمر إلى حد التهديد بإنهائها كلياً.
واتفقت
آراء بايدن في هذه القضية مع نظرائه في شرق أوروبا الذين كانوا يخشون تهميشهم
جيوسياسياً، وأسفر الهجوم الروسي على أوكرانيا عام 2022 عن تشديد العقوبات وإحداث عجزٍ مؤقت بـ67 مليار دولار في تجارة روسيا مع الاتحاد الأوروبي.
لكن
تخريب خط نورد ستريم في سبتمبر/ عام 2022 تسبّب في انهيار عمليات تسليم الغاز الطبيعي
الروسي ولم يعد هناك ما يربط روسيا بأوروبا بعدها.
التحالف
الصيني الروسي.. الزراعة
-
بدأت الأولى في تشييد بنى تحتية مادية تربطها
بالصين لتحل محل صناعتها الموجهة للغرب
-
تستهدف موسكو وبكين حالياً الوصول بحجم
تجارتهما السنوية إلى 200مليار دولار بحلول عام 2024
-
ستكون المحطة الأولى هنا هي الزراعة إذ تم طرح
فكرة ممر الحبوب البري الجديد في عام 2012 ليربط الحبوب الروسية بالأسواق الصينية
-
يُلغي هذا الحاجة إلى طريق البحر الأسود
مُقللاً اعتماد الصين على واردات أستراليا وأمريكا الشمالية
-
يصل إجمالي استثمارات رأس المال في المشروع إلى
6.5 مليار دولار
-
سيغير سنوياً وجهة 7
ملايين طن من حبوب الشرق الأقصى الروسي ومنطقة الأورال والمنطقة الفدرالية
السيبيرية
-
ستمر غالبية تلك الكمية بمحطة حبوب زابايكالسك
وهي منشأة شحن بالسكك الحديد على حدود منغوليا الداخلية وقد بدأ إنشاؤها عام 2020
التحالف
الصيني الروسي.. مجالات الطاقة
تُوسِّع
بكين في المقابل صادرات سياراتها إلى روسيا وتتعاون معها في مشروعات الطائرات
والعلوم، وتُمثل سياسة الطاقة الجذور المحورية لهذا التكامل إذ من المقرر أن
يستوعب الطلب الصيني إمدادات روسيا.
ويأتي
في مقدمة هذه السياسة خط أنابيب قوة سيبيريا تحت إشراف غازبروم ومؤسسة البترول
الوطنية الصينية، ويمتد خط قوة سيبيريا بطول الساحل الصيني ليمر ببكين قبل أن
ينتهي في شانغهاي، وقد بدأ توصيل الغاز عام 2019ثم ارتفع معدل التوصيل بمقدار النصف خلال 2022 وسيبدأ توصيل الغاز عبر التوسعة الجنوبية في 2025.
بينما
سيمتد خط قوة سيبيريا 2 من حقول الغاز في شبه جزيرة يامال، ليمر
بمنغوليا وصولاً إلى الصين، وسيبدأ إنشاؤه عام 2024، ومن المفترض أن يوفر خط الأنابيب الثاني منفذاً لحقول الغاز التي
كانت تخدم أوروبا أي إنه سيكون بديلاً مباشراً لنورد ستريم، وإذا نجحت الخطة،
فسيبلغ حجم صادرات الغاز الروسي إلى الصين 98 مليار متر مكعب بحلول 2030 بالإضافة إلى 100 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال.
التجارة
الثنائية بين الصين وروسيا
أدت
زيادة حجم التجارة الثنائية إلى تسريع وتيرة إلغاء الدولرة أيضاً.
-
تجري حالياً تسوية المزيد من المعاملات الدولية
بعملة اليوان
- تفوّق حجم معاملات
اليوان-الروبل على حجم معاملات الدولار في بعض الأيام أواخر عام 2022
- أسفر اتجاه موسكو
إلى العملات الصديقة عن ارتفاع حصة التجارة باليوان داخل أسواق العملات الروسية
حيث قفزت من 1% إلى
45%
-
تراجعت حصة التجارة بالدولار بمقدار النصف من 80% إلى 40%
-
خفّف ذلك من تأثير العقوبات الغربية
-
عزز مكانة سنجان باعتبارها مركزاً مالياً
للتسويات العابرة للحدود
- تغاضت هذه الشراكة
مؤقتاً عن بعض الخطوط الحمراء التي تتعلق ببصمة الصين داخل الجمهوريات السوفيتية
السابقة
- زادت صادرات بكين
السنوية إلى آسيا الوسطى بأكثر من النصف في مارس/ 2023
-
ارتبطت غالبية تلك الصادرات بالاستثمار في
الطاقة والمعادن والنقل بالسكك الحديدية
وتشمل
تلك الاستثمارات خط سكك حديد جديد يمتد من كاشغر إلى قيرغيزستان وأوزبكستان
ليُكمِّل بذلك الممر الأوسط، ولم تدعم روسيا المشروع سوى في عام 2022 رغم التخطيط له منذ عام 1997 بينما من المقرر إتمام الخط في عام 2024.
سياسة
الصين في آسيا الوسطى
وعزّز
شي هذه المكاسب بالكشف عن خطة تنميةٍ إقليمية خلال اجتماع مع رؤساء آسيا الوسطى
الخمسة، وستركز سياسة بكين في آسيا الوسطى على التجارة والاستثمار والسياحة
والتبادل الثقافي علاوةً على أن الخطة تتضمن التعاون الأمني أيضاً.
ويبدو
أن هذه الخطة تمثل تحوطاً ضد المخاوف التركية القائمة حيال ممارسات الصين المثيرة
للجدل في سنجان، كما يتطلّع المشرعون الصينيون إلى التعجيل بإنهاء الخط D من
مشروع أنابيب الصين-آسيا الوسطى وهو المشروع الذي حول كازاخستان وتركمانستان إلى
اثنتين من أكبر مزودي الصين بالغاز الطبيعي.
وفي
هذا السياق، تجاوزت قيمة تجارة الصين الكازاخية والتركمانية معاً حاجز 100 مليار دولار في عام 2022، وتُعَدُّ دول آسيا الوسطى بمثابة سوق مربحة في المجمل بينما
تتطلع الصين إلى ترك بصمتها هناك، ومع التطور السريع للأحداث، بدأت الصين وروسيا
في دعم الطموحات الإقليمية لبعضهما البعض أيضا.
إذ
كان الروس يتجاهلون تحالفات أمريكا في آسيا والمحيط الهادئ من قبل، بينما كان
الصينيون يتجاهلون السياسة الأمريكية داخل أوروبا، لكن العلاقة بين موسكو وبكين
صارت أكثر تعاطفاً وتفهماً اليوم، ولنأخذ تحالف أوكوس كمثال، حيث إن برنامج تسليح
أستراليا بغواصات نووية بقيمة 370 مليار دولار هو برنامج يستهدف الصين.
لكن
موسكو تعارض هذا الاتفاق باعتباره جزءاً من جهود الغرب لتطويق منطقة أوراسيا وذلك
من خلال التحالفات المتشابكة مثل الناتو وأنزوس والعيون الخمس وكواد، لهذا استجابت
الصين وروسيا بتدشين ترتيباتهما الخاصة ذات الأسماء المختصرة ومنها:
-
بريكس
-
الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة
-
منظمة شانغهاي للتعاون
ويتجلى
المثال الآخر على الطموحات الإقليمية المشتركة في اعتماد بكين على روسيا لتحقيق
طموحاتها في القطب الشمالي حيث تتمتع روسيا بموانئ كبيرة وأصول أخرى في الدائرة
القطبية الشمالية، ومن المتوقع أن يصبح القطب الشمالي خالياً من الجليد بحلول 2050
ما يُثير التساؤلات حول موارد قاع البحر مثل النفط، والغاز، واليورانيوم.
كما
يعني ذلك فتح طرق بحرية جديدة بالنسبة للصين ما قد يخفض أوقات الشحن بمقدار النصف،
لكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن أحياناً فربما تربط الجغرافيا السياسية بين
روسيا والصين لكن صولات القوة الناعمة بينهما تُعتبر محدودة إذ لا يزال التأثير
الثقافي والإعلامي الصيني منخفضاً في روسيا.
وربما تكون التغطية الإعلامية الروسية للصين
إيجابيةً في العموم لكن غياب التأثير الحقيقي قد يُبرِّد العلاقات الدافئة بسرعة
في حال تدهور العلاقة الثنائية، وقد تظهر تلك التوترات حيال تعديات الصين في آسيا
الوسطى أو تأثيرها المتزايد على مدينة فلاديفوستوك فيما دخلت اتفاقية ثنائية جديدة
حيز التنفيذ في يونيو/ عام 2023.
وتسعى
الاتفاقية إلى دعم تنمية مقاطعة جيلين، عن طريق السماح للبضائع المتجهة إلى
جيجيانغ بعبور فلاديفوستوك دون جمارك، لكن القوميين الصينيين يحلمون منذ وقتٍ طويل
بتلك المدينة التي ضمها الروس بموجب معاهدة غير متكافئة عام 1858.
وإذا رجحت كفة الصين السكانية والاقتصادية في المنطقة أكثر فقد يثير هذا الأمر المخاوف الروسية من الوحدوية، لكن كلا الطرفين راضٍ بالتجاوز عن تلك النقاط في الوقت الحالي وعند إلقاء نظرة شاملة على الأوضاع سنجد أن طموحات روسيا الأوروبية قد ماتت لكن طموحاتها الآسيوية حصلت على قبلة حياةٍ جديدة.
المراجع
_
عبدالله العقرباوي، 27/3/2021، التقارب
الصيني الروسي، الجزيرة نت.
_
ب،ن، سبتمبر2023، ولادة التحالف
الصيني الروسي.. هل تشهد العلاقات الثنائية ازدهارا؟، موقع اسباب