إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية .. جريمة الإبادة الجماعية وانتهاك القوانين الدولية
فرع القاهرة

 

عقدت محكمة العدل الدولية جلسات لنظر القضية التى رفعتها دولة جنوب إفريقيا فى 29/12/2023 (التى نرفع لها القبعة؛ إذ قامت بهذا الإجراء القانونى) ضد الكيان الصهيونى لما يرتكبه من مجازر ضد الشعب الفلسطينى الأعزل، فهذه الدعوى تبرز ما يرتكبه الكيان الصهيونى من جرائم ومخالفات للقوانين الدولية التى تلتزم بها وتقشعر الأبدان لعدد الجرائم التى ترتكب فى حق أهالى غزة، فتسلط الضوء على التصرفات الإسرائيلية وما قامت به المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية والأنوروا وغيرهما من المنظمات الدولية، وأقوال أعضاء مجلس الحرب فى إسرائيل ووزراء الحكومة الإسرائيلية. وتطالب دولة جنوب إفريقيا بتطبيق قواعد اتفاقية الإبادة الجماعية، فطلبت بصفة عاجلة من المحكمة أن تتخذ إجراءات وقتية، فتأمر إسرائيل بوقف القصف والتشتيت والقتل المنظم للمدنيين والسماح بإدخال المعونات على وجه السرعة

قواعد اتفاقية الإبادة الجماعية ومدى انطباقها على النزاع

قواعد الاتفاقية

تعد اتفاقية الإبادة الجماعية هى معاهدة دولية تجرم الإبادة الجماعية، وتلزم الدول الأعضاء بفرض حظرها، وتعد أول أداة قانونية لتدوين الإبادة الجماعية كجريمة، وأول معاهدة لحقوق الإنسان اعتمدتها بالإجماع الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 9 ديسمبر 1948خلال الدورة الثالثة للجمعية ضمن قرار الجمعية العامة رقم 260، وتعترف ديباجتها بأن الإبادة الجماعية قد ألحقت بالبشرية خسائر فادحة فى جميع فترات التاريخ، وأن التعاون الدولى مطلوب لتحرير البشرية من هذه الآفة الشنيعة، وتحتفل الأمم المتحدة فى التاسع من شهر ديسمبر من كل عام بتوقيع تلك الاتفاقية،

تعرف جريمة الإبادة الجماعية وفقا للاتفاقية بأنها: أى من الأفعال المرتكبة بقصد التدبير الكلى لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية بصفتها بما فى ذلك:

 -قتل أعضاء من الجماعة؛

 -إلحاق أذى جسدى أو روحى خطير بأعضاء من الجماعة؛

 -إخضاع الجماعة، عمدا، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادى كليا أو جزئيا؛

 -فرض تدابير تستهدف الحئول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة؛

 -نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى.

تنص المادة الثالثة من الاتفاقيةعلى أنه يعاقب على الأفعال التالية:

 -الإبادة الجماعية.

 -التآمر على ارتكاب الإبادة الجماعية.

 - التحريض المباشر والعلنى على ارتكاب الإبادة الجماعية.

- محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية.

 -الاشتراك فى الإبادة الجماعية.

تنص المادة السادسة من الاتفاقيةعلى أنه يحاكم الأشخاص المتهمون بارتكاب الإبادة الجماعية، أو أى من الأفعال الأخرى المذكورة فى المادة الثالثة أمام محكمة مختصة من محاكم الدولة التى ارتكب الفعل على أرضها، أو أمام محكمة جزائية دولية تكون ذات اختصاص إزاء من يكون من الأطراف المتعاقدة قد اعترف بولايتها.

كما تنص المادة الثامنة من الاتفاقية على أن لأى من الأطراف المتعاقدة أن يطلب إلى أجهزة الأمم المتحدة المختصة أن تتخذ، طبقا لميثاق الأمم المتحدة، ما تراه مناسبا من التدابير لمنع وقمع أفعال الإبادة الجماعية أو أى من الأفعال الأخرى المذكورة فى المادة الثالثة.

كما تنص المادة التاسعة من الاتفاقية على أنه تعرض على محكمة العدل الدولية، بناء على طلب أى من الأطراف المتنازعة، النزاعات التى تنشأ بين الأطراف المتعاقدة بشأن تفسير أو تطبيق أو تنفيذ هذه الاتفاقية، بما فى ذلك النزاعات المتصلة بمسئولية دولة ما عن إبادة جماعية أو عن أى من الأفعال الأخرى المذكورة فى المادة الثالثة.

 -مدى انطباق الاتفاقية على النزاع

من استعراض المواد السابقة للاتفاقية فإنه يتضح لنا مدى اتفاق قواعد الاتفاقية مع الإيذاء الذى قامت به دولة الاحتلال فى حق الشعب الفلسطينى، ولا شك فى أن دولة إسرائيل هى الفاعل والمحرض والشريك فى الجريمة والمسئولية تكون على من يقال عنهم مجلس حرب الذى شكل لإعمال الإبادة الجماعية بحق أشخاص عزل لا حول لهم ولا قوة لهم للدفاع عن أنفسهم.

اختصاص محكمة العدل الدولية بنظر الدعوى

محكمة العدل الدولية هى إحدى الهيئات الست التابعة لمنظمة لأمم المتحدة وتفصل فى النزاعات بين الدول وذلك وفقا لنص المادة 34 /1 من نظامها الأساسى (الدول فقط هى التى يجوز لها أن تكون أطرافا فى القضايا المعروضة على المحكمة)، وتقع فى المحكمة فى لاهاى وتتشكل المحكمة من 15 قاضيا (يشترط فى قضاة المحكمة عدد من الشروط منها

 -ألا يكون هناك قاضيان من دولة واحدة،

 -أن يكونوا من بين الأشخاص ذوى الأخلاق الرفيعة الذين يمتلكون المؤهلات المطلوبة فى بلدانهم للتعيين فى أعلى المناصب القضائية أو فقهاء معترف بهم فى مجال القانون الدولى،

 -أن ينتخبوا من جانب الجمعية العامة ومجلس الأمن) ويضاف إلى تشكيلها فى كل دعوى قضائية منظورة أمامها قاضيان من طرفى الدعوى وهم فى هذه الدعوى جنوب إفريقيا وإسرائيل.

تختص المحكمة وفقا لاختصاصها القضائى بنظر اتهام دولة عضو فى منظمة الأمم المتحدة ضد دولة أخرى عضو فى المنظمة لانتهاك التزامات ومعاهدات دولية أقرتها منظمة الأمم المتحدة، كما تنص المادة 36/1 من النظام الأساسى للمحكمة على أن (يشمل اختصاص المحكمة جميع القضايا التى يحيلها الأطراف إليها وجميع المسائل المنصوص عليها بشكل خاص فى ميثاق الأمم المتحدة أو فى المعاهدات والاتفاقيات النافذة) وسبق أن صدقت كل من جنوب إفريقيا وإسرائيل على اختصاص المحكمة بنظر تلك الدعاوى.

من المعروف أن أحكام محكمة العدل الدولية نهائية وغير قابلة للطعن عليها، وليس هناك أى آلية لتنفيذها، ومن شأن صدور حكم بحق إسرائيل أن يضر بسمعتها دوليا ويشكل سابقة قانونية، ومن شأنه أن يضع الولايات المتحدة الأمريكية والدول أعضاء مجلس الأمن فى حرج لأن عدم تنفيذ الحكم يعنى انعدام الثقة بالمنظمة، ويمكن للدول الأعضاء فى المنظمة أن تحمل الولايات المتحدة صاحبة الفيتو الشهير ضد وقف أى عدوان أو جريمة حرب ترتكبها إسرائيل أنها تقف إلى جوارها أيضا فى عدم الانصياع لقرارات المحاكم الدولية، وأنها تعارض أحكام المحكمة بعد صدورها أمام مجلس الأمن لاتخاذ قراره ضد الدولة مرتكبة جريمة الإبادة الجماعية وفقا لقواعد الاتفاقية.

ملف الدعوى الذى تقدمت به دولة جنوب إفريقيا والتدابير الوقتية التى طلبتها من محكمة العدل الدولية

 -ملف الدعوى الذى تقدمت به دولة جنوب إفريقيا للمحكمة

لما كانت دولة فلسطين ليست عضوا فى الأمم المتحدة، ومن ثم لم تصدق على اتفاقية الإبادة الجماعية فإن جنوب إفريقيا قد رفعت الدعوى بصفتها عضوا فى المنظمة والمحكمة، وسبق أن صدقت على اتفاقية الإبادة الجماعية مع غيرها من دول العالم ومنها دولة إسرائيل، يشار إلى أن دولة جنوب إفريقيا التى عانت كثيرا التطهير العرقى والفصل العنصرى، أصبحت اليوم من كبار الدول الديمقراطية فى العالم، وقد صوّت البرلمان فى "كيب تاون" على تعليق العلاقات وإغلاق السفارة الإسرائيلية فى جنوب إفريقيا حتى وقف إطلاق النار، والتزام إسرائيل بمفاوضات عادلة وسلام دائم مع الفلسطينيين. كما دعت جنوب إفريقيا المحكمة الجنائية الدولية لإصدار أوامر اعتقال ضد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو والقادة الإسرائيليين بسبب تصريحاتهم التى كشفت عن رغبتهم فى إبادة الفلسطينيين.

أشار طلب جنوب إفريقيا إلى أن ما قامت به إسرائيل هو سلوك دولة من خلال أجهزتها ووكلائها والكيانات التى تعمل بناء على تعليماتها، أو تحت توجيهها، أو سيطرتها، أو نفوذها، وأنها قامت بهذا السلوك الذى يُشكّل انتهاكا لالتزاماتها تجاه الفلسطينيين فى غزة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية.وأشارت الدعوى أيضا إلى أن إسرائيل "فشلت فى منع الإبادة الجماعية، وفشلت فى مقاضاة التحريض المباشر والعلنى على الإبادة الجماعية".

 -التدابير الوقتية التى طلبتها دولة جنوب إفريقيا من محكمة العدل الدولية

تبين من أوراق القضية أن دولة جنوب إفريقيا قد وضعت تسعة تدابير تطالب بها المحكمة، وقد أشار إليها كاتب المحكمة فى بداية الجلسة الافتتاحية، ويمكن تلخيصها فيما يلى:

 -أن تعلق دولة إسرائيل فورا عملياتها العسكرية فى غزة.

 -ضمان عدم اتخاذ أى خطوات تعزيزية لتلك العمليات العسكرية.

 -على كل من جمهورية جنوب إفريقيا ودولة إسرائيل، وفقا لالتزاماتهما بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها- فيما يتعلق بالشعب الفلسطينى- أن تتخذا جميع التدابير المعقولة التى فى حدود سلطاتهما من أجل منع الإبادة الجماعية.

 -على دولة إسرائيل- وفقا لالتزاماتها بموجب الاتفاقية، أن تكف عن ارتكاب أى من الأفعال التى تدخل فى نطاق المادة الثانية وهى:

 -قتل أعضاء من الجماعة،

 -إلحاق أذى جسدى أو روحى خطير بأعضاء من الجماعة،

 -إخضاع الجماعة، عمدا، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادى كليا أو جزئيا،

 -فرض تدابير تستهدف الحول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.

 -على دولة إسرائيل، فيما يتعلق بالفلسطينيين، التوقف عن اتخاذ جميع التدابير، بما فى ذلك إلغاء الأوامر ذات الصلة والقيود و/أو المحظورات. كى تمنع:

 -طردهم وتشريدهم قسرا من منازلهم،

- الحرمان من: الحصول على الغذاء والماء الكافيين، الوصول إلى المساعدات الإنسانية - بما فى ذلك الوقود الكافى والمأوى والملابس والنظافة والصرف الصحى، الإمدادات والمساعدة الطبية.

 -تدمير الحياة الفلسطينية فى غزة.

  -على دولة إسرائيل، أن تضمن عدم ارتكاب أى أفعال موصوفة أو المشاركة فى التحريض المباشر والعلنى أو محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية، أو التآمر أو التواطؤ فى ذلك.

 -على إسرائيل أن تتخذ تدابير فعالة لمنع إتلاف الأدلة المتعلقة بالادعاءات، وضمان الحفاظ عليها. وتحقيقا لهذه الغاية، يتعين ألا تعمل إسرائيل على منع أو تقييد وصول بعثات تقصى الحقائق والتفويضات الدولية والهيئات الأخرى إلى غزة.

 -يجب على إسرائيل أن تقدم تقريرا إلى المحكمة عن جميع التدابير المتخذة لتنفيذ هذا الأمر (بموجب التدابير المؤقتة) خلال أسبوع واحد، اعتبارا من تاريخ صدوره، وبعد ذلك على فترات منتظمة وفقا لما تأمر به المحكمة، حتى تصدر قرارها النهائى فى القضية.

 -على دولة إسرائيل أن تمتنع عن أى إجراء، وأن تضمن عدم اتخاذ أى إجراء قد يؤدى إلى تفاقم النزاع المعروض على المحكمة أو إطالة أمده أو أن تجعل حله أكثر صعوبة.

تقييم الجلستين اللتين نظرت فيهما الدعوى أمام محكمة العدل الدولية

يشير النظام الأساسى للمحكمة فى بداية نظر الدعوى من حيث قبول القضية شكلا قبل أن تنظر الموضوع من ناحية الاختصاص، ولدولة إسرائيل الحق فى الدفع بعدم اختصاص المحكمة فى نظر الدعوى باعتبار أن النزاع بين دولة وجماعة مسلحة، والمحكمة تنظر النزاعات بين الدول، وأنه ليس هناك نزاع قائم مع دولة جنوب إفريقيا رافعة الدعوى بصفتها عضوا فى المنظمة الدولية ومصدقة على قانون المحكمة والاتفاقية، فإذا رفضت المحكمة الاعتراض فإنها تنظر الدعوى وتمارس اختصاصها القضائى، وتتقدم كل دولة بما لديها من أسانيد من خلال المحامين التابعين لها، فالمحكمة لا تستمع لشهود أو تستجوب أحدا، ولكنها بعد جلسات الاستماع تتخذ قرارها فى التدابير المؤقتة التى طلبتها الدولة رافعة الدعوى، وتقوم المحكمة إما بالاستجابة لطلب دولة جنوب إفريقيا باتخاذ تدابير مؤقتة من أجل منع تفاقم النزاع وطلب وقف النزاع لحين نظر الدعوى، أو أن ترفض التدابير وترفض الدعوى برمتها.

طلبت دولة جنوب إفريقيا من المحكمة بملف الدعوى اتخاذ بعض التدابير المؤقتة وهو ما دفع باستعجال النظر فى القضية لاتخاذ تدابير عاجلة دون المساس بشأن الأسس الموضوعية، والإجراءات التمهيدية سيتم اتخاذها دون المساس بما إذا كانت القضية ستمضى قدما أم لا فى النهاية، وأن المعايير التى قد تقرر بموجبها محكمة العدل الدولية إصدار التدابير المؤقتة لن يكون لها أى تأثير فى النهاية على القرار النهائى الذى سوف يتخذ فيما بعد.وتتخذ المحكمة تدابير مؤقتة لتجميد الوضع لحين النظر فى القضية، وهذه التدابير تؤخذ إذا رأت أن هناك مخاطر كبيرة إذا لم تتخذ، وفى هذه الحالة يمكن أن يكون ذلك وضع سكان غزة.وطلبت جنوب إفريقيا من المحكمة أن تأمر إسرائيل بتعليق عملياتها العسكرية فى غزة، ووقف أى أعمال "إبادة جماعية" أو اتخاذ إجراءات معقولة لمنع الإبادة الجماعية، وإصدار تقارير منتظمة إلى محكمة العدل الدولية عن مثل هذه الإجراءات.

وعُقدت جلستا الاستماع يومى 11،12 /1/ 2024 وأمام جنوب إفريقيا وإسرائيل يومان منفصلان لعرض قضيتهما المؤيدة أو المعارضة لإجراء التدابير الوقتية على النحو التالى:

الجلسة الأولى من جلسات المحاكمة:

بدأت الجلسة الأولى يوم الخميس الموافق 11/1/2024 وقام ممثلو دولة جنوب إفريقيا الواحد تلو الآخر بالمرافعة أمام المحكمة، وتتمحور أوجه الاتهام فى إدانة المحتل الغاشم الذى يمزق الشعب الفلسطينى، ويخيرهم إما بالتهجير خارج أرضهم أو بالإبادة الجماعية، فيمنع عنهم المأكل والمشرب ويسلبهم الحياة والأمن والاستقرار ويرفض حقهم فى تقرير المصير، وأنه على مدى عشرات السنوات زج بهم فى السجون وكسر أواصل دولتهم، وفرض حصارا بريا وجويا وبحريا ما دفع أهالى غزة إلى حافة المجاعة فمنعهم من ممارسة جميع حقوق الإنسان التى أقرتها منظمة الأمم المتحدة والإعلان العالمى لحقوق الإنسان، وأضافوا أن الجنود الإسرائيليين يلتقطون صورا لأنفسهم وهم يحتفلون بتدمير المدن والقرى، مشيرين إلى أن أكثر من 80% من سكان غزة يعانون الجوع.

ونلخص بعض النقاط التى شملها مرافعة دولة جنوب إفريقيا أمام المحكمة فى الجلسة الأولى على النحو التالى:

[1] تمزيق الاحتلال الإسرائيلى للشعب الفلسطينى الأعزل.

[2] إهدار حق الفلسطينيين فى تقرير المصير والاستمرار فى انتهاك سيادة الشعب الفلسطينى على أرضه

[3] الجرائم الإسرائيلية ليست وليدة اليوم ولكنها استمرت لعقود طويلة ومازالت ترتكب الجرائم ذاتها فى حق دولة فلسطين والشعب الفلسطينى وتفرض حصارا شاملا على قطاع غزة .

[4] العالم كله ينظر اليوم للمحكمة بوصفها المخلص للشعب الفلسطينى الذى تدمره الآلة العسكرية الإسرائيلية بلا هوادة أو رحمة.

[5] ما يصرح به ممثلو الدولة من رئيس للوزراء ووزراء بحكومته تعبر عن نية حقيقية لتدمير شعب غزة

[6] انتشار المقابر الجماعية لشهداء غزة يعبر وبصدق عن المجازر التى تحدث لهذا الشعب.

[7] القصف الإسرائيلى لم يطل إلا الفلسطينيين العزل، ويدمر البنية التحتية والمستشفيات والمساجد والكنائس والمدارس وأسر وعائلات بأكملها ومقرات الأمم المتحدة .

[8] إسرائيل تطالب مواطنى غزة بمغادرة مساكنهم لتزيلها من على وجه الأرض فأنهت على أحياء بأكملها، [9] الأسلحة المستخدمة هى أسلحة دمار شامل وليست أسلحة تقليدية فهى تؤثر فى كل من أصيب من أطفال ونساء.

[10] لم تتورع إسرائيل فى أن تشير إلى خطاب دينى يهودى صهيونى يبرر قتل الأطفال والمدنيين.

الجلسة الثانية من جلسات المحاكمة:

بدأت الجلسة الثانية يوم الجمعة الموافق 12/1/2024 وفى اليوم الثانى للمحاكمة طلب الفريق القانونى لدولة الاحتلال إسقاط تهمة الإبادة الجماعية بدعوى عدم اختصاص المحكمة بموجب الاتفاقية بإصدار أمر بوقف القتال، ونفى أن هناك نية خاصة لارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، وأن الإبادة كانت فى حق الإسرائيليين، ويجب رفض الطلب والالتماس لما ينطويان عليه من تشهير عميق وصور قانونية مشوهة للحقائق، ولا تعكس واقع الوضع خلال حرب غزة، فحماس هى التى تسعى إلى إبادة جماعية لإسرائيل، وأن وقف الحملة العسكرية الإسرائيلية فى غزة سيجعل إسرائيل عاجزة عن الدفاع عن نفسها

ولا شك فى أن ما جاء به الفريق القانونى لدولة إسرائيل لم يخرج عن مهاترات ومحاولات لإلقاء الاتهام على منظمة حماس بوصفها التى بدأت بالهجوم ومحاولة النيل من الشعب الفلسطينى، وأن ما قامت به من ادعاء أنها هى التى تتعرض للإبادة الجماعية، فهذا يدعو للتعجب من الأقوال التى لا تنبع عن أفعال حقيقية، كذلك فمصر لا ولم تمنع دخول المعونات لمعبر رفح، فالدخول يكون بموافقة مسبقة من دولة الاحتلال، كما أنها قد دمرت المعبر من داخل غزة لتعوق دخول المعونات من ناحية مصر.

وما يثير السخرية أن دولة الاحتلال الغاشم تتهم دولة بحجم جنوب إفريقيا بأن عملها تحركه مجموعة مسلحة وهى حماس، وأنها الذراع القانونية لتلك الجماعة، وبدأت فى التصريح بانتقادات بأنه ادعاء "لا أساس لها من الصحة"، وقال رئيس إسرائيل إسحق هرتسوغ إنه "لا يوجد ما هو أكثر وحشية وسخافة" من هذه الدعوى. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو: إنه "فى الوقت الذى تحارب فيه إسرائيل إبادة شعب تُتهم هى بإبادة شعب". وأضاف نتنياهو: "رأينا اليوم عالما مقلوبا رأسا على عقب، ونحن نحارب الإرهابيين والأكاذيب". كما أشار وزير دفاع الاحتلال إلى أنه "لا توجد حرب عادلة وأخلاقية أكثر من هذه الحرب ولا جيش أكثر أخلاقية من الجيش الإسرائيلى".

مدى صحة محاكمة قادة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية

نرى أنه يجب أن تنظر المحكمة الجنائية الدولية أيضا توقيف مجلس الحرب فى دولة إسرائيل لإخلالهم بالقانون الدولى الإنسانى واتفاقيات جنيف الأربعة لسنة 1949 بالقتل والتدمير للممتلكات العامة والخاصة والمستشفيات ومنع المعونات والمواد الغذائية والغاز ومطالبتهم الفلسطينيين بالتهجير خارج غزة إلى مصر وأى دول أخرى، وإعلانهم ووزراء الكيان الصهيونى بترك بلادهم والذهاب إلى دول أخرى. ولكن المحكمة الجنائية الدولية لا يمكنها أن تمارس اختصاصها إلا بإحالة من مجلس الأمن، بخلاف محكمة العدل الدولية التى تنظر الدعاوى التى تحال إليها من الدول الموقعة على الاتفاقية مباشرة.

ختاما قامت به دولة إسرائيل يشكل جميع تلك الجرائم، فهى تعد من جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، فقد قامت بكل أشكال الإبادة الجماعية، كما سبق أن أشرنا فهى تعرضهم للهلاك والتدمير وتدفعهم للمجاعة والقتل والإيذاء الجسدى والنفسى، كما ارتكبت الجرائم ضد الإنسانية بجميع الأفعال التى تشكل جرائم ضد الإنسانية بقتلهم ومحاولة إبعادهم عن بلادهم بدعوتهم للخروج من غزة والضغط على دول الجوار مصر والأردن حتى توافق على نزوحهم إلى أراضيها واغتصاب أرضهم منهم وكل الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل التى تتسبب عمدا فى معاناة شديدة، أو فى أذى خطير يلحق بالجسم، أو بالصحة العقلية أو البدنية، ونتمنى من محكمة العدل الدولية أن تتعجل فى قرارها بشأن الدعوى التى أصبحت ملحة لكل شعوب العالم، فتتخذ قرارها العادل بإنصاف القضية الفلسطينية، ومطالبة إسرائيل بوقف عدوانها الغاشم على غزة، وحتى يكون لها الحق الكامل فى التعويضات عن كل الأضرار التى لحقت ببنيتها التحتية، وما أصاب أهلها من قتل وإصابات وتدمير.

إذا لم تلتزم إسرائيل بتنفيذ قرارات المحكمة وهو المتوقع منها لأنها لا تحترم أى قواعد أو اتفاقيات، فوداعا لحقوق الإنسان أمام إسرائيل التى لا تحترم القواعد الدولية ويشجعها للأسف أقطاب فى النظام الدولى.

 


المصدر : السياسة الدولية

الكاتب : د.خالد مصطفي فهمي

التاريخ: 15/02/2024 

 

المقالات الأخيرة