قراءة في مؤشر الإرهاب العالمي 2024
فرع بنغازي

صدر حديثاً عن معهد الاقتصاد والسلام التقرير السنوي لمؤشر الإرهاب العالمي الذي يتتبع سنوياً تطورات وانتشار وتأثير العمليات الإرهابية حول العالم منذ عام 2012. جاء تقرير هذا العام حاملاً لعدد من التطورات اللافتة التي سيطرت على مشهد الإرهاب العالمي، كما كشف بشكل واضح عن عوار تصنيف هذا المؤشر للتنظيمات الإرهابية بما أثر على النتائج الرئيسية التي احتلت صدارة التقرير. ولعل أهم ما يباغت القارئ لهذا التقرير أنه يتبنى التصنيف الغربي وخاصة الأمريكي للتنظيمات الإرهابية، وبالتالي فإن الحدث الأهم الذي تم رصده في عام 2023 كان هجمات 7 أكتوبر. إذ أدرج المؤشر حركة حماس في المرتبة الثانية ضمن التنظيمات الإرهابية الفاعلة، وأدرج الكيان الصهيوني في المرتبة الثانية ضمن البلدان العشرة الأكثر تأثراً بالإرهاب خلال العام الماضي.

أبرز نتائج مؤشر الإرهاب العالمي خلال عام 2023

رصد التقرير هذا العام زيادة ملحوظة في تأثير العمليات الإرهابية حول العالم، حيث زاد عدد ضحايا الإرهاب بمعدل يصل إلى 22% ليكون العدد الإجمالي للضحايا 8352 ضحية، رغم أن عدد العمليات الإرهابية الإجمالية قد انخفض بنحو 23% ليكون 3350 هجوماً إرهابياً خلال عام 2023. وبالنظر إلى ارتفاع أعداد الضحايا مع انخفاض عدد العمليات الإرهابية، فإن هذا يشير إلى أن العمليات الإرهابية أصبحت أخطر وأكثر تركيزاً بحيث تنتج عدداً أكبر من الضحايا في عدد أقل من الاعتداءات. ولكن بصفة عامة، فإن نشاط العمليات الإرهابية حول العالم آخذ في الانخفاض بعد الذروة الكبيرة التي شهدتها سنوات 2015 إلى 2019 التي كانت الأعنف على الإطلاق. بينما شهد العام الأخير (2023) ملمح تركز العمليات الإرهابية في عدد أقل من الاعتداءات تسببت بعدد أكبر من الضحايا في مناطق مركزة من العالم على عكس الانتشار الكبير الذي شهدته سنوات الذروة.

ويعكس ذلك تكتيك التنظيمات الإرهابية في تركيز نشاطها بشكل فعال في مناطق بعينها بدلاً من تشتيت قدراتها على رقعة جغرافية واسعة. كما أن عدد التنظيمات الإرهابية الناشطة حول العالم قد انخفض بشكل ملحوظ إلى نحو 66 تنظيماً فقط بعد أن كان مثلاً في عام 2009 نحو 141 تنظيماً.

من جهة ثانية، انحسرت الاعتداءات الإرهابية بشكل ملحوظ في الدول الغربية، حيث نفذت نحو 23 عملية إرهابية فقط في الغرب بانخفاض يعادل نحو 55% خلال العام الأخير. بينما تركزت الاعتداءات الإرهابية بشكل ملحوظ في أقاليم بعينها وأبرزها: أفريقيا جنوب الصحراء، شمال أفريقيا والشرق الأوسط، بالإضافة إلى جنوب آسيا، حيث سقط في هذه الأقاليم 94% من ضحايا الاعتداءات الإرهابية التي وقعت خلال العام الأخير.

إذ استحوذت أفريقيا جنوب الصحراء وحدها على 59% من عدد ضحايا هذه الاعتداءات وخاصة بوركينافاسو ومالي والنيجر التي تواجه تحديات تعدد الانقلابات وضعف سلطة الدولة، ولذا أصبحت مسرحاً رئيسياً للاعتداءات الإرهابية بعد أن كان الشرق الأوسط مستحوذاً على هذا اللقب لسنوات طويلة.

شهدت الساحة العالمية للإرهاب خلال العام الماضي تلازماً وتعاوناً شديد الوضوح بين الإرهاب والجريمة المنظمة بما أدى إلى عبور حاجز الأيديولوجيا الإرهابية بهدف توليد الدخل للتنظيمات الإرهابية عبر بوابة الجريمة المنظمة. ومن ذلك مثلاً تعدد الهجمات الإرهابية على مناجم الذهب وتنفيذ عمليات الخطف مقابل الفدية وفرض الضرائب والإتاوات على طرق التجارة الشرعية وغير الشرعية وأيضاً توفير الحماية والنقل لعمليات تهريب السلع المختلفة مقابل إتاوات.

بينما أكد التقرير أن الهجمات الإرهابية ليست هي العامل الأكثر تسبباً بالقتل حول العالم، حيث تفوقه الصراعات المسلحة بنحو 9 أضعاف عدد القتلى وتتسبب جرائم القتل بنحو 45 ضعف عدد القتلى من العمليات الإرهابية، ويتسبب الانتحار بمقتل 75 ضعف ما تسببه الهجمات الإرهابية. ولكن مع ذلك يبقى للقتل عبر الهجمات الإرهابية أهميته الخاصة لما يتسبب به من تداعيات جيوسياسية واجتماعية ونفسية متعددة في محيط المجتمعات المتأثرة به.

التنظيمات الإرهابية الأنشط خلال عام

تناول المؤشر العالمي للإرهاب التنظيمات الإرهابية الأنشط حول العالم، وصنفها بحسب فعاليتها، بحيث احتل تنظيم "داعش" بفروعه المختلفة المرتبة الأولى مع الإشارة لأهمية فروعه في غرب أفريقيا وخراسان وسوريا والعراق. ثم جاءت حركة "حماس" التي صنفها المؤشر كحركة إرهابية في المرتبة الثانية، رغم أن المؤشر قد شرح بشكل من التفصيل طبيعة الصراع بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين وكيف تسبب عنف المستوطنين في وقوع عدد من القتلى هذا العام وخلال الأعوام الماضية، ولكنه لم يصفه بالعنف الإرهابي ولم يضع هجمات "حماس" في سياق مقاومة الاحتلال. وجاءت في المركز الثالث "جبهة نصرة الإسلام والمسلمين" العاملة في غرب أفريقيا وهي تحالف من عدة تنظيمات تتبع فكر تنظيم "القاعدة"، بينما احتلت حركة "الشباب" الصومالية المركز الرابع.

اعتبر التقرير أن تنظيم "داعش" مسئول عن 14% من كل الهجمات الإرهابية التي وقعت خلال العام الماضي، مرجحاً أن يكون العدد أكبر بكثير خاصة أن عدد العمليات التي لم يتم إعلان المسئولية عنها كبير وتقع في مناطق نشاط تنظيم "داعش". ووفق هذه النسبة المئوية (14%) اعتبر التقرير أن نشاط تنظيم "داعش" قد انخفض بمعدل يصل إلى 35% وهو في أدنى مستويات نشاطه منذ الذروة التي كان قد وصل لها عام 2018. وفي ذلك توصيفات مرتبكة ومتناقضة من حيث رصد نسبة مئوية منخفضة بُنيت بالأساس على الإعلان الطوعي للمسئولية عن الهجمات الذي يفصح عنه تنظيم "داعش" ثم التشكيك في هذه النسبة وترجيح أنها أكبر كثيراً ثم الانتقال لوصف النشاط الإرهابي لـ"داعش" بأنه في طور الانحسار.

وفي كل الأحوال، كان تنظيم "داعش" مؤثراً خلال العام الماضي في سوريا بالأخص بنحو 224 هجوماً كان أبرزهم الهجوم على الكلية الحربية بحمص بطائرات مسيرة والذي أوقع نحو 89 من القتلى وأصاب المئات. بالإضافة إلى نشاط تنظيم "داعش" في بوركينافاسو، حيث كان الهجوم الأكثر دموية قد استهدف قواعد عسكرية في فبراير 2023وأسفر عن مقتل71 عسكرياً. كما ذكر التقرير الهجوم الانتحاري المزدوج الذي نفذه تنظيم "داعش" في إيران بمنطقة مرقد قاسم سليماني وأسفر عن مقتل 89 وإصابة المئات ولكنه كان قد وقع في يناير 2024 أي خارج الإطار الزمني الذي يرصده التقرير.

أفاد التقرير رصداً للاعتداء الأكثر دموية هذا العام وفق تصنيفه وهو هجمات 7 أكتوبر التي نفذتها "حماس"، حيث رصد أنه قد تسبب في مقتل 1209 في ضربة واحدة واعتبره "الاعتداء الإرهابي الأكثر دموية منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001". تبنى التقرير بشكل مطلق الرواية الصهيونية لتفاصيل أحداث يوم 7 أكتوبر، معتبراً أن "حماس" مسئولة بالكامل عن مقتل هذا العدد الكبير من الضحايا دون أن يشير من قريب أو بعيد لما كشفت عنه الصحافة الصهيونية لاحقاً من تصريحات لقادة عسكريين أصدروا أوامر بقصف منازل داخل مستوطنات غلاف غزة لإنهاء أزمة اختطاف عناصر من حماس لعدد من الصهاينة بها. بالإضافة إلى تقارير أخرى أشارت إلى أن أوامر القصف قد طالت قواعد عسكرية صهيونية ومنازل داخل المستوطنات يوم 7 أكتوبر والأيام التالية لإنهاء سيطرة حماس على هذه النقاط بقتل كل من فيها سواء كانوا من عناصر حماس أو عسكريين ومدنيين صهاينة. ومن ثم فإن تجاهل هذه التقارير التي تم نشرها تباعاً منذ نهاية أكتوبر وحتى نهاية العام في الصحافة الصهيونية والعالمية قد أغفل فرضية أن قسماً كبيراً من هؤلاء القتلى قد سقطوا بقذائف صهيونية.

من جهة ثانية، أضاف التقرير في تعريف "حماس" أنها رغم كونها مصنفة كمنظمة إرهابية من جهات غربية كالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي ولكنها لم تكن فاعلة كمنظمة إرهابية منذ 5 سنوات تقريباً ولم يذكر شيئاً عن كونها تتولى المهام الحكومية في قطاع غزة وفي ذلك مغالطة في التصنيف، خاصة أن التقرير قد استبعد "طالبان" من التنظيمات الإرهابية فور توليها الحكم في أفغانستان كما سنبين لاحقاً.

أما تنظيم "جبهة نصرة الإسلام والمسلمين" في منطقة الساحل جنوب الصحراء، فقد أشار التقرير إلى كونه مسئولاً للمرة الأولى عن سقوط أكثر من ألف ضحية منذ بداية نشاطه وتأسيسه عام 2017 من تنظيمات سلفية جهادية أبرزها "جماعة أنصار الدين" و"المرابطين" و"القاعدة في المغرب الإسلامي". ينشط التنظيم في عدة دول مثل بوركينافاسو والنيجر ومالي وتشاد وموريتانيا، ولكنه يتمتع بحضور خاص في بوركينافاسو، حيث يقدر التقرير بأن نحو 40% من مساحة البلاد غير الخاضعة لسلطة الحكومة تقع على الأرجح تحت سلطة هذا التنظيم. وبالمثل فإن نحو 50% من هجمات هذا التنظيم وقعت في بوركينافاسو بينما وقعت 25% منها في مالي، بما يوحي بأن التنظيم يخطط لتوسيع نشاطه في دول الجوار في الفترة القادمة.

التنظيم الرابع الذي رصده التقرير هو تنظيم "الشباب" الصومالي الذي ينشط في شرق أفريقيا وينطلق بالأساس من مقديشيو منذ عام 2006. ويقدر التقرير قوام هذا التنظيم بنحو 7 إلى  9آلاف مقاتل ويستهدف بالأساس قوات الاتحاد الأفريقي العاملة في حفظ السلام في هذه المنطقة، وقد شهدت عملياته طفرة ملحوظة مع استعداد قوات حفظ السلام للانسحاب قريباً، مما حدا بالصومال للتقدم بطلب للأمم المتحدة بمد فترة خدمة قوات حفظ السلام تحسباً لتدهور الوضع الأمني عقب انسحابها وملء هذا الفراغ من جانب "الشباب". إلى جانب الصومال، ينفذ تنظيم "الشباب" هجمات إرهابية في كينيا ضد القوات الحكومية خاصة في المنطقة الحدودية مع الصومال بالإضافة للأهداف المدنية، وتتمثل بشكل أساسي بهجمات بالأسلحة النارية والمتفجرات.

 

قائمة الدول الأكثر تأثراً بالإرهاب

رصد المؤشر العالمي للإرهاب الدول العشرة الأكثر تأثراً بالهجمات الإرهابية حول العالم بحسب مقياس يزاوج بين عدد القتلى والمصابين وعدد العمليات ومرتبة الدولة في هذا المقياس خلال السنوات الخمس السابقة. وبالتالي وفق هذا المقياس خَلُص المؤشر العالمي إلى ترتيب ضم عشر دول كانت هي الأكثر تأثراً بالإرهاب خلال العام الماضي كالتالي:

-         بوركينافاسو.

-         فلسطين المحتلة.

-         مالي.

-         باكستان.

-         سوريا.

-         افغانستان.

-         الصومال.

-         نيجيريا.

-         ميانمار.

-         النيجر.

يستعرض التقرير ظروف إدراج كل دولة من هذه الدول في المرتبة التي احتلتها من قائمة الدول العشر الأكثر تأثراً بالإرهاب، ويقدم نظرة سريعة على تطور هذا الترتيب منذ عام 2011. جاءت بوركينافاسو في المركز الأول بعد أن حافظت على مرتبة متقدمة في هذا التصنيف خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة. ويعزو التقرير ذلك إلى تأثرها بعاملين معاً، الصراع المسلح والإرهاب وليس عامل الإرهاب وحده، فالبلاد تشهد صراعاً بين القوات الحكومية والإرهابيين، وهؤلاء ينقسمون فيما بينهم بين موالين لتنظيم "جبهة نصرة الإسلام والمسلمين" وبين تنظيم "داعش". كما أن سلطة القوات الحكومة المتراخية قد أدت إلى تغلغل النشاط الإرهابي خاصة في الأقاليم الحدودية المحاذية لمالي والنيجر، بما ينذر بالمزيد من التصعيد والانتشار في النشاط الإرهابي فيها وفي دول الجوار، مما جعل مالي تحتل الترتيب الثالث والنيجر في الترتيب العاشر لهذه القائمة. ويبدو تقدم مالي للمركز الثالث هذا العام بعد أن كانت في المركز الرابع العام السابق منطقياً، كما احتفظت النيجر بالمركز العاشر للعام الثاني على التوالي. ويعتبر التقرير أن انتشار الإرهاب في مالي منشأه الأساسي عدم استقرار الحكم المدني وتكرار الانقلابات ورحيل القوات الفرنسية والأممية العاملة فيها لمكافحة الإرهاب، وكان العداء لهذه القوات الوقود الأساسي للتجنيد من جانب التنظيمات الإرهابية وخاصة "جبهة نصرة الإسلام والمسلمين".

بينما يرصد التقرير الكيان الصهيوني في المرتبة الثانية للدول الأكثر تضرراً من الإرهاب استناداً على هجمات "حماس" يوم 7 أكتوبر 2023، رغم أن الكيان الصهيوني نفسها كانت في المركز السادس والعشرين العام الماضي وتراوح مركزها بين 31 و35 خلال الأعوام الخمس الأخيرة، مما يطرح إشكالية كبيرة حول تصنيف هجوم "حماس" ورصده خارج سياق الصراع بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين، خاصة أنه كان قد تم تنفيذه بالتنسيق مع تنظيمات مسلحة فلسطينية أخرى بخلاف "حماس" و"الجهاد الإسلامي". ووصف التقرير الهجوم بالتفصيل وما أسفر عنه من مقتل نحو 1200 وخطف 250 من الرهائن الصهاينة وما استتبعه ذلك من حرب صهيونية موسعة على غزة أدت إلى حصارها ومنع دخول الماء والغذاء والوقود إليها وصولاً إلى قتل نحو 25 ألفاً بينهم 16 ألفاً على الأقل من النساء والأطفال – حتى يناير 2024 بحسب ما رصد التقرير. واللافت أن التقرير قد رصد نحو 3000 حادثة عنف بين المستوطنين الصهاينة والفلسطينيين في عام 2022، بينما رصد مقتل نحو 40 ضحية بسبب عنف المستوطنين خلال 2023 قبل وقوع هجمات 7 أكتوبر. وأشار التقرير أيضاً إلى المطالبات الدولية بوقف إطلاق النار في غزة لما ترتب على الحرب الصهيونية من ضحايا بالآلاف والوصول لعتبة المجاعة بين السكان المدنيين. بينما حذر من إمكانية اتساع الصراع خاصة بدخول فاعلين آخرين كـ “حزب الله" في لبنان و"الحوثيين" في اليمن، فضلاً عن انتشار الهجمات الإرهابية ضد مصالح الدول التي تدعم الكيان الصهيوني في هذه الحرب.  

جاءت باكستان في المركز الرابع بعد أن كانت في المركز السابع العام الماضي، ويعزو التقرير تقدم باكستان في ترتيب هذا المؤشر إلى تصاعد الهجمات الإرهابية وخاصة في أقاليمها الحدودية مثل بلوشستان وخيبر منذ صعود "طالبان" إلى حكم أفغانستان. إذ تسبب تنظيم "طالبان باكستان" بمقتل نحو 42% من ضحايا الهجمات الإرهابية في البلاد خلال عام 2023. ورغم ذلك، فإن أفغانستان نفسها تأتي في المركز السادس في ترتيب هذا المؤشر بعد أن كانت تحتل المرتبة الأولى على مدار السنوات الأربعة السابقة وقبلها كانت إما الثانية أو الثالثة أو الرابعة خلال السنوات الثمانية الأسبق. وقد جاء هذا التراجع الكبير في الترتيب ليس بسبب انخفاض عدد الهجمات على أراضيها ولكن بسبب تحول صفة تنظيم "طالبان أفغانستان" من تنظيم إرهابي يمكن رصد هجماته ضمن هذا المؤشر إلى جهة حاكمة لها صفة رسمية وبالتالي فإن الاعتداءات التي ترتكبها تصنف كأعمال قمعية رسمية وليست كاعتداءات إرهابية.

وهنا، يبدو عوار هذا المؤشر في تصنيف الاعتداءات بحسب من يرتكبها وإن كان جهة رسمية حكومية أم لا، في حين أن الكيان الصهيوني قد قفزت للمرتبة الثانية في قائمة الدول الأكثر تأثراً بالإرهاب بسبب هجمات "حماس" دون أن تتم الإشارة إلى كون "حماس" تعتبر جهة حكومية رسمية في قطاع غزة. بينما رصد التقرير مقتل نحو 1200 من الصهاينة كضحايا لهجمات إرهابية ولكن عندما ذكر ضحايا الحرب الصهيونية على غزة (وكانوا حينها نحو 25ألفاً فقط) فإنه اعتبرهم ضحايا قُتلوا نتيجة للهجوم الصهيوني المضاد على غزة بهدف تفكيك "حماس" والقضاء على قدراتها العسكرية والحكومية. ولم يضع التقرير لهؤلاء الضحايا أي توصيف كالإبادة الجماعية أو غيرها من المسميات، حيث أغفل بالكامل مسألة اتهام الكيان الصهيوني أمام محكمة العدل الدولية بارتكاب إبادة جماعية في غزة.

احتفظت سوريا بالمركز الخامس هذا العام أيضاً بعد كانت في الأعوام الأربعة الماضية إما في الخامس أو السادس وفق هذا المؤشر، إذ تصاعدت هجمات تنظيم "داعش" على أراضيها. بينما خرجت العراق للمرة الأولى من قائمة الدول العشر الأكثر تأثراً بالإرهاب بعد أن كانت دائماً ضمن هذه  القائمة منذ بداية صدور المؤشر في 2012، حيث انخفض فيها عدد قتلى الإرهاب بنحو 65% خلال عام 2023. وقد ارتفعت وتيرة العمليات الإرهابية بسوريا بنحو 22% وتسبب تنظيم "داعش" في70% من هذه الهجمات إذ وقع معظمها في الأقاليم المحاذية للعراق خاصة حمص ودير الزور.

بينما جاءت الصومال في المركز السابع بعد تراجع النشاط الإرهابي فيها على نحو ملحوظ خاصة أنها كانت تحتل المرتبة الثالثة خلال الأعوام الست السابقة على عام 2023، حيث انخفضت الهجمات الإرهابية فيها خلال العام الأخير بنحو 43%. ويعزو التقرير هذا الانخفاض إلى تضافر جهود الحكومة الصومالية والأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية في دعم القوات الأفريقية لحفظ السلام والتي نجحت في استعادة عدد من الأقاليم التي كانت واقعة تحت سلطة تنظيم "الشباب" لعدة عقود. بينما طلبت الحكومة الصومالية تأخير موعد انسحاب القوات الإفريقية لتدعيم الوضع الأمني ومنع تدهوره بعد انسحابها. 

بينما جاءت نيجيريا في المركز الثامن بارتفاع عدد ضحايا العمليات الإرهابية بنحو34% خلال عام. وتأتي هذه الزيادة بسبب احتدام الصراع بين تنظيم "داعش" في غرب إفريقيا وتنظيم "بوكو حرام" وهو الأقدم في النشاط في البلاد منذ سنوات. ورغم ذلك، فإن تنظيم "داعش" وحده مسئول عن 53% من عدد ضحايا العمليات الإرهابية في نيجيريا لهذا العام، ولذا فهو التنظيم الأقوى ولكنه لايزال يجد منافسة شرسة من "بوكو حرام" الذي شهد في 2023 نشاطاً كبيراً بعد انحسار نشاطه لفترة عقب مقتل قائده في 2021.

وقد احتفظت ميانمار بالمركز التاسع في ترتيب المؤشر رغم انخفاض حدة الهجمات الإرهابية فيها بنحو50% لهذا العام، وكانت في2021 في المركز العاشر وقبلهما في مراكز متأخرة مثل 24 ويذكر التقرير أن الهجمات الإرهابية في ميانمار تستهدف القوات والشخصيات الحكومية وتأتي في إطار صراع سياسي مسلح على السلطة ولكن الاعتداءات المضادة التي تمارسها حكومة ميانمار لا تذكر ضمن الهجمات التي يرصدها هذا المؤشر لأنها تقع من جانب جهة حكومية.

لاشك أن مؤشر الإرهاب العالمي هو المؤشر الأكثر مصداقية حول النشاط الإرهابي العالمي وقد أثبت جدارة وموضوعية خلال أكثر من عشر سنوات في تكوين قاعدة بيانات شاملة ورصد تطورات الإرهاب حول العالم. ولكن تصنيف الإرهاب يخضع كغيره من التعريفات المختلفة لهذا المفهوم لاعتبارات سياسية لا يمكن إنكارها، مما جعل تقرير هذا العام ينحاز بالكامل للرواية الصهيونية التي شبّهت هجمات 7 أكتوبر بهجمات 11 سبتمبر. ولكن هذه الرواية تغفل بشكل ملحوظ السياق العام للصراع بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين طوال العقود الماضية، كما تغفل أيضاً حق الفلسطينيين في المقاومة المسلحة ضد الاحتلال وحقهم في تقرير مصيرهم وإعلان دولتهم فضلاً عن حق مدنييهم في الحماية أثناء الصراع المسلح، مما يضيف الكثير من الوجاهة للمقولة الشهيرة "المقاتل من أجل الحرية في نظر البعض هو إرهابي في نظر البعض الآخر".

حيث أصدر ايضا معهد الاقتصاد والسلام الدولي النسخة الحادية عشرة من مُؤشر الإرهاب العالمي لعام 2024، يُقدم من خلاله مُلخصًا شاملًا للاتجاهات والأنماط العالمية الرئيسة لظاهرة الإرهاب، ويحلل عددًا من الأبعاد المهمة المُرتبطة، بها مثل الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تحدث فيها، وطبيعتها الديناميكية التي تتغير بمرور الوقت. وقد تناولنا خلال الجزء الأول من هذه السلسلة نظرة شاملة على حصيلة العمليات الإرهابية، والجماعات الإرهابية الأكثر فتكًا خلال 2023. بينما ناقش الجزء الثاني قائمة الدول العشر الأكثر تأثرًا بالإرهاب عالميًا وفقًا لما ورد بالمؤشر. فيما يناقش هذا الجزء اتجاهات النشاط الإرهابي في مناطق العالم المُختلفة خلال عام 2023.

اتجاهات النشاط الإرهابي في أقاليم العالم المختلفة

انخفض تأثير النشاط الإرهابي في خمس من تسع مناطق يشملها المؤشر خلال 2023، وكان التحسن الأكبر في أمريكا الجنوبية، حيثُ لم تُسجل فنزويلا والإكوادور هجمات ووفيات للمرة الثانية منذ عام 2013، وتبعتها أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية، مُسجلةً انخفاضًا بنسبة 13% و38% على الترتيب، فيما لم تُسجل نتائج المُؤشر أي تغييرات في منطقتي أمريكا الوسطى والبحر الكاريبي. بينما سجلت روسيا وأوراسيا تدهورًا هامشيًا خلال العام الماضي. ويوضح الجدول التالي مناطق العالم حسب متوسط درجاتها في مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2023، بالإضافة إلى التغييرات في النتيجة عن العام السابق.

ولا تزال منطقة جنوب آسيا هي الأكثر تأثرًا بالإرهاب على مستوى العالم، وهو المركز الذي لطالما احتلته منذ عام 2007. وبالمثل، ظلت أمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي المنطقة الأقل تأثرًا بالإرهاب عام 2023 للسنة الحادية عشرة على التوالي، مع تسجيل 33 حالة وفاة بسبب الإرهاب منذُ عام 2007، ووقع 24% منها عام 2009، فيما سجلت المنطقة هجومًا واحدًا فقط خلال 2023.

وقد شهدت منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أكبر تدهور إقليمي على مدى العقد الماضي، مع ارتفاع الحوادث الإرهابية والإصابات بنسبة 239% منذ عام 2013. بينما تحسنت اتجاهات النشاط الإرهابي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا خلال العقد الماضي، مع انخفاض الهجمات بنسبة 74%، والوفيات بنسبة 63%. وفي أوروبا، كان هناك انخفاض بنسبة 88% في الوفيات الناجمة عن الإرهاب، و63% في الهجمات الإرهابية على مدى السنوات العشر الفائتة. وفيما يلي ملامح واتجاهات النشاط الإرهابي في أقاليم العالم المختلفة وفقًا لما ورد بالمُؤشر:

• آسيا والمحيط الهادئ:

تحسّنت تسع دول في منطقة آسيا والمحيط الهادئ خلال 2023، بينما تدهورت دولة واحدة فقط، مما أدى إلى تراجع متوسط تأثير الإرهاب في المنطقة للعام الخامس على التوالي ووصل عند أدنى مستوى له منذ عام 2013. وتعد ميانمار الدولة الأكثر تضررًا في المنطقة للعام الثالث على التوالي، حيث سجلت 444هجومًا و354 حالة وفاة خلال 2023، انخفاضًا بنسبة 47.8% في الهجمات و26.3% في الوفيات مُقارنةً بعام 2022. فيما لا تزال الفلبين تحتل المرتبة الثانية من حيثُ أعلى مستوى من الإرهاب في المنطقة؛ إذ سجلت 34 هجومًا و39 حالة وفاة خلال 2023.

• أمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي:

ظلّت منطقة أمريكا الوسطى والبحر الكاريبي خالية إلى حد كبير من النشاط الإرهابي على مدى العقد الماضي، رغم تأثرها الشديد بأشكال الصراع الأخرى. وكانت المكسيك الدولة الوحيدة في المنطقة التي شهدت نشاطًا إرهابيًا منذ عام 2007، بينما لم تواجه 11 من أصل 12 دولة أي حادث إرهابي خلال السنوات الخمس الماضية. وتاريخيًا، كان الإرهاب في المكسيك ذا دوافع أيديولوجية أو سياسية، ولم يتم تضمين النشاط الإجرامي الذي تمارسه العصابات كنشاط إرهابي في هذا المُؤشر. ومع ذلك، في حين أن مستوى الإرهاب في المكسيك منخفض، فإن أشكال العنف الأخرى مرتفعة للغاية، حيثُ قُتل ما لا يقل عن 64صحفيًا عام 2023، ارتفاعًا من 13 صحفيًا خلال 2022. فيما لا تزال مُعدلات جرائم القتل في البلاد من أعلى المعدلات في العالم، ولا يزال نشاط الكارتلات يُهيمن على مشهد الجريمة رغم انخفاض النشاط الإرهابي.

• أوروبا:

بات تأثير الإرهاب في أوروبا الآن أقل مما كان عليه منذ بداية المؤشر، حيثُ شهدت الدول الأوروبية 46 هجومًا و7 وفيات خلال 2023، مُقارنةً بـ 362 هجومًا و736 حالة وفاة أثناء ذروة النشاط الإرهابي عام 2016. وقد سجلت خمس دول فقط حالات وفاة بسبب الإرهاب خلال 2023، ولم تسجل 17 دولة من أصل 36 دولة في المنطقة أي حالة وفاة. ومع ذلك، شهدت 12 دولة تدهورًا في درجاتها على مدار العقد الماضي، مع حدوث أقوى التدهورات في ألمانيا وبلجيكا، انعكاسًا لتزايد مستوى الإرهاب الكامن في المنطقة، الذي على الرغم من انخفاضه منذ ذروته عام 2016، إلا أنه لا يزال جاهزًا للاشتعال في المستقبل القريب.

ووفقًا للمُؤشر، سجّلت تركيا أعلى مستويات الإرهاب في المنطقة، على الرغم من تحسن درجاتها خلال سبع سنوات من السنوات العشر الماضية، وحققت ثاني أكبر تحسن في أوروبا خلال 2023، حيث شهدت 4 هجمات إرهابية وحالتي وفاة عام 2023، مُقارنةً بـ 591 حالة وفاة و247 هجومًا عام 2016.

ورغم الانخفاض المُستمر في مستويات الإرهاب، إلا أنه ثمة علامات شهدتها الدول الأوروبية خلال 2023 تُثير المخاوف من تهديدات إرهابية مُحتملة، حيثُ تم إحباط العديد من المخططات الإرهابية بعد أحداث 7أكتوبر في إسرائيل، كما سجل تنظيم داعش أول هجوم له منذ عدة سنوات عام 2023، عندما أدى هجوم على مشجعي كرة قدم سويديين في بلجيكا إلى مقتل شخصين. ومع استمرار تصاعد التوترات في الشرق الأوسط نتيجة للعملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، يُرجح المُؤشر احتمالية وقوع أنشطة إرهابية في أوروبا.

 • الشرق الأوسط وشمال أفريقيا:

كان هناك مستوى عالٍ من التباين بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ ففي حين سجلت 9 دول تحسينات كبيرة، سجلت 7 دول تدهورًا كبيرًا، فيما كانت 5 دول خالية تمامًا من النشاط الإرهابي على مدى السنوات الخمس الماضية. وكان هناك انخفاض كبير في إجمالي عدد الهجمات الإرهابية؛ إذ بلغت 580 هجومًا خلال 2023 نزولًا من 788 هجومًا خلال 2022 إلا أن إجمالي عدد الوفيات ارتفع من 878 إلى 2035 حالة وفاة.

ويصنف المُؤشر الكيان الصهيوني على أنها الدولة الأكثر تأثرًا فالمنطقة، فيما تأتي سوريا في المرتبة التالية، حيثُ شهدت ارتفاعًا مثيرًا للقلق في النشاط الإرهابي عام 2023، وارتفع إجمالي القتلى في البلاد من 226 إلى 650 حالة وفاة، ويتزايد مستوى الإرهاب بشكل مطرد منذ عام 2015. وثمة دلائل تشير إلى أن تنظيم داعش ينشط بشكل متزايد في البلاد رغم فقدانه لسيطرته الإقليمية، وقد يُصبح أكثر نشاطًا إذا انسحبت القوات الأمريكية من الأراضي السورية.

ووفقًا للمُؤشر شهدت ليبيا أكبر تحسن في المنطقة، فلأول مرة منذُ عام 2010 لم تُسجل البلاد هجمات إرهابية أو وفيات، وتم تسجيل 30 حالة وفاة فقط خلال السنوات الخمس الماضية، مُقارنةً بـ 537 حالة وفاة خلال السنوات الخمس السابقة لعام 2019. فيما حدث ثاني أكبر تحسن في الجزائر، التي لم تشهد أيضًا أي هجمات أو وفيات بسبب الإرهاب عام 2023، وسجلت انخفاضًا مستدامًا في النشاط الإرهابي، مقارنةً بأي بلد في المنطقة، مع انخفاض مجموع نقاطها الإجمالية على مؤشر الإرهاب العالمي لمدة عشر سنوات من الأعوام الـ 12 الماضية.

• أمريكا الشمالية:

تحسّن مستوى تأثير الإرهاب في أمريكا الشمالية خلال 2023 بسبب تحسن الوضع في كندا، إذ شهدت هجومًا ووفاة واحدة، بانخفاض عن 8 هجمات و12 وفاة خلال 2018. وفي المقابل، زاد تأثير الإرهاب في الولايات المتحدة، مع مقتل 16 شخصًا في 7 هجمات. وتعاني كلا البلدين من مستويات أعلى بكثير من الإرهاب عما كانت عليه قبل عقد من الزمن. ووفقًا للمُؤشر شهدت الولايات المتحدة خلال العقد الفائت تحولًا من الإرهاب ذي الدوافع الدينية إلى نمط النشاط الإرهابي ذي الدوافع السياسية، فمنذُ 2007 وقع 60 هجومًا بدافع سياسي مُقابل 14 هجومًا بدافع ديني. وقد لوحظ هذا التغيير بشكل خاص منذ 2017، حيث ارتبطت 5 من الهجمات الـ7 خلال 2023 بأفراد لديهم تعاطف أو علاقات مع اليمين المتطرف، في حين لم تقع هجمات ذات دوافع دينية.

ووفقًا للمُؤشر، لم يكن الإرهاب في أمريكا الشمالية مرتبطًا إلى حد كبير بجماعات إرهابية محددة، بل إن معظم مرتكبي الهجمات الإرهابية كانوا أفرادًا لهم علاقات بأيديولوجيات معينة، ولكن ليس لديهم عضوية رسمية في جماعة أو حزب مُعين. فمن بين 113 هجومًا خلال الفترة (20072023) كان 15 هجومًا فقط مرتبطًا بجماعات إرهابية مُحددة. ويشير هذا إلى وجود جهات فاعلة مستقلة أو غير متصلة بشكل وثيق تشكل مشهد الإرهاب في الولايات المتحدة، مما يسلط الضوء على التحديات الناشئة في فهم الإرهاب ومكافحته.

• روسيا وأوراسيا:

بشكل عام، سجّلت المنطقة 6 هجمات إرهابية و4 وفيات بسبب الإرهاب خلال 2023. فيما شهدت انخفاضًا كبيرًا في النشاط الإرهابي على مدار الخمسة عشر عامًا الماضية. ووفقًا للمُؤشر، لا تزال روسيا الدولة الأكثر تضررًا من الإرهاب في المنطقة، حيثُ سجلت 3 هجمات إرهابية خلال 2023، انخفاضًا من 4عام 2022. بينما ظلّ عدد الوفيات دون تغيير منذ عام 2021بمعدل حالتي وفاة سنويًا، ويمثل هذا انخفاضًا بنسبة 99% مقارنةً بذروة النشاط الإرهابي في البلاد عام 2010، عندما تم تسجيل 327هجومًا و274 حالة وفاة. وقد سجّلت طاجيكستان أكبر تحسن في درجة المُؤشر في المنطقة عام 2023، حيثُ لم تشهد البلاد أي حوادث إرهابية، ولم تُسجل وفيات ناجمة عن الإرهاب منذُ عام 2019.

 

 

• أمريكا الجنوبية:

تحسّن تأثير الإرهاب في أمريكا الجنوبية خلال 2023، حيث حسنت ثماني دول درجاتها ولم تسجل دولتان أي تغيير. وكانت كولومبيا الدولة الوحيدة في المنطقة التي سجلت تدهورًا في النتيجة بين عامي 2022و2023. ووفقًا للمُؤشر، زاد إجمالي الوفيات الناجمة عن الإرهاب في المنطقة بنسبة 83%، من 46 عام 2022 إلى 84 حالة وفاة خلال 2023، وجميعها سُجلت في كولومبيا. فيما لا يزال المستوى العام للإرهاب على المستوى نفسه الذي كان عليه قبل عقد من الزمن. وعلى الرغم من أن تشيلي والبرازيل شهدتا زيادة كبيرة في الإرهاب في السنوات العشر الماضية، فإن بقية المنطقة، بقيادة بيرو وباراجواي، سجلت تحسنًا كبيرًا.

• جنوب آسيا:

 حصلت منطقة جنوب آسيا على أعلى متوسط لدرجات المُؤشر، وهو المركز الذي احتفظت به طوال العقد الماضي. لكن رغم ذلك فإن هذا المتوسط آخذ في التحسن منذ 2019، وهو ما أرجعه المُؤشر إلى انخفاض تعداد الهجمات الإرهابية والوفيات الناجمة عنها في كل من نيبال وسريلانكا وأفغانستان. وللمرة الأولى منذ عام 2007، انخفض عدد الوفيات داخل المنطقة إلى أقل من 900 حالة وفاة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الانخفاض الكبير في أفغانستان. فيما تُعد باكستان الآن الدولة الأكثر تأثرًا في المنطقة، وقد شهدت زيادة مستمرة في الحوادث والوفيات منذ عام 2019. وخلال 2023 شهدت البلاد زيادة في عدد الهجمات بنسبة 34% من 365إلى 490 هجومًا. وبالمثل، ارتفع عدد الوفيات بنسبة 35% من 509 إلى 689 حالة وفاة. ومع ذلك، تحسنت باكستان بشكل كبير مقارنةً بما كانت عليه قبل عقد من الزمن، حيث انخفض عدد القتلى والجرحى بنسبة 54% و66% على الترتيب.

 

• أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى:

تدهور متوسط تأثير الإرهاب بشكل طفيف في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى خلال 2023؛ فمن بين 28 دولة سجلت تدهورًا عالميًا بين عامي 20222023، كانت 10 دول في منطقة جنوب الصحراء الكبرى. ووفقًا للمُؤشر هناك درجة عالية من التباين في النشاط الإرهابي بالمنطقة، حيث سجلت 15دولة تحسنًا. وفي المجمل، حصلت 22 دولة في المنطقة على درجة صفر في المُؤشر، مما يعني أنها لم تسجل أي حادث إرهابي في السنوات الخمس الماضية. وقد انخفض تعداد الهجمات الإرهابية في المنطقة بنسبة 12% خلال2023 لتصل إلى 1205 هجومًا، نزولًا من 1368 هجومًا خلال 2022. لكن ارتفع عدد الوفيات بنسبة 21% ليصل إلى 4916 حالة وفاة.

ووفقًا للمُؤشر سجّلت أنجولا أكبر تدهور في درجة المُؤشر في المنطقة خلال 2023، إذ قُتل ثلاثة جنود ومدنيان برازيليان في هجوم مسلح على مركبة عسكرية في مايو 2023، وأعلنت جبهة تحرير جيب كابيندا مسئوليتها عن الهجوم. فيما شهدت أوغندا ثاني أكبر تدهور في المنطقة خلال 2023، وشهدت البلاد تجدد نشاط تنظيم داعش. كما سجلت كل من بنين وتوجو تدهورًا مُستمرًا خلال 2023 مدفوعًا بانتشار الجماعات الجهادية المُتطرفة في منطقة الساحل. بينما كانت تنزانيا الدولة الأكثر تحسنا في المنطقة في عام 2023، كما لم تسجل بوروندي وكوت ديفوار أي حوادث للسنة الثانية على التوالي، ورواندا للسنة الرابعة على التوالي.

حيث تحسن ترتيب ليبيا سبعة مراكز في مؤشر الإرهاب العالمي للعام 2024، الذي يصدره سنويا المعهد الدولي للاقتصاد والسلام باللغة الإنجليزية.

وأظهر تقرير صادر عن المعهد، أن ليبيا سجلت «أكبر تحسن» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مؤشر الإرهاب، حيث لم تقع حوادث ولا وفيات بسبب الإرهاب في البلاد لأول مرة منذ العام 2010، فيما انخفضت حالات الوفيات إلى 30حالة فقط خلال السنوات الخمس الماضية، مقارنة بـ537حالة في السنوات الخمس السابقة للعام 2019.

مركز الإرهاب ينتقل إلى أفريقيا جنوب الصحراء

ولاحظ التقرير أن مركز الإرهاب انتقل من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث يتركز إلى حد كبير في منطقة الساحل. وتمثل هذه المنطقة الآن ما يقرب من نصف الوفيات الناجمة عن الإرهاب على مستوى العالم.

وشهدت منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وجنوب آسيا وفيات بسبب الإرهاب أكبر بكثير من أي منطقة أخرى. وقد شكلوا مجتمعين ما يقل قليلا عن 94% من الوفيات الناجمة عن الإرهاب في العام 2023.

انخفاض معدلات الإرهاب في العراق وأفغانستان

ورصد تقرير مؤشر الإرهاب العالمي للعام 2024، حدوث أكبر الانخفاضات في معدلات الإرهاب منذ العام 2007 في كل من العراق وأفغانستان ونيجيريا. وسجل المؤشر انخفاضا في إجمالي الوفيات الناجمة عن الإرهاب في العراق بنسبة 99% منذ العام 2007.

ويقدم مؤشر الإرهاب العالمي الصادر باللغة الانجليزية ملخصا شاملا للاتجاهات والأنماط العالمية الرئيسية لظاهرة الإرهاب، وتحليل الأبعاد المرتبطة اجتماعيا واقتصاديا والدوافع الجيوسياسية والأهداف الأيديولوجية للجماعات الإرهابية والاستراتيجيات التي يستخدمها الإرهابيون.

 

 

 

المراجع

_ رابحة سيف علام، 19/3/2024، أبرز نتائج مؤشر الإرهاب العالمي خلال عام 2023، مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.

_ منى قشطة، 10/3/2024، قراءة في مؤشر الإرهاب العالمي 2024 (3).. اتجاهات النشاط الإرهابي والتوزيع المناطقي للعمليات، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية.

المقالات الأخيرة