الطاقة الخضراء فرص وتحديات
فرع القاهرة

 

يعد مستقبل الطاقة في جميع دول العالم أمرًا حيويًا ومهمًا للغاية يشغل جميع العاملين في مجال الطاقة العالمية، حيث تنضب سريعًا المصادر التقليدية والمعروفة بالطاقة غير المتجددة، ويسعى العالم بجدية بالغة إلى البحث عن مصادر آمنة بديلة للطاقة، ففي غضون خمسين عامًا قادمة على الأكثر ستنضب إلى غير رجعة كل المخزونات العالمية من النفط والغاز الطبيعي

تكتسب الطاقة المتجددة أهمية كبرى واستراتيجية على المستوى العالمي، فالعالم الآن يواجه اليوم تحديات هائلة وأمام نقطة تحوُّل غير مسبوقة حيث يشكل التغير المناخي تهديدًا حقيقيًا وداهمًا للرخاء والنمو الذي يتمتع به الكثيرون اليوم وما تطمح إليه دول العالم والشعوب وتسعى من أجل تحقيقه غدًا، ولكن الأمر يتجاوز هذا الوضع بطبيعة الحال، لأنه يرتبط بمجرد بقاء أكثر مواطني هذا الكوكب استضعافًا على قيد الحياة، وهو أنه يتعلق أيضًا بحماية النُظم الإيكولوجية والتنوع الأحيائي الذي يجب علينا تأمينه، كما أن التغير المناخي لا يزال متواصلًا إلى شكل كبير من جراء الانبعاثات الناتجة من احتراق أنواع الوقود الأحفوري المختلفة.

ورغم وجود العديد من العوامل المهمة الأخرى التي تساهم في هذا الأمر، ومن أجل الحد من التغير المناخي فإنه يجب علينا ومن ضروريات الحياة الحالية أن نخفض معدلات استهلاكنا من هذه المحروقات الكثيفة الكربون، أما الطاقات المتجددة فيمكن، ويجب، أن تكون جزءًا محوريًا من هذه الخطة، تبقى المكاسب التي حققتها الطاقة المتجددة خلال العقد الماضي مصدر ثقة في هذا القطاع، وبفضل تطور التقنيات وانخفاض الأسعار والأبحاث المستمرة على تخزين الكهرباء، تفرض طاقة الرياح والطاقة الشمسية نفسها حول العالم كمصدر نظيف ومنخفض الكلفة تزداد جدواه يومًا بعد يوم

أهمية الطاقة الخضراء

تظهر أهمية الطاقة الخضراء بالنظر إلى المخاوف المتنامية من حتمية نضوب الطاقة التقليدية، وتفاقم المشكلات البيئية والتغيرات المناخية، فضلًا عن زيادة عدد السكان، ولتحديد الفرص والتحديات المرتبطة بالطاقة الخضراء، لا بد من فهم طبيعتها وخصائصها، فهي تتميز بأنها صديقة للبيئة ونظيفة، وقابلة للتجدّد مرّةً أخرى، واقتصادية ويسهل استخدامها بالاعتماد على تقنيات بسيطة، ويمكن تصنيعها محليًّا في الدّول النّامية، ويتطلَّب استعمالها استخدام العديد من الأجهزة ذات المساحات والأحجام الكبيرة، وتتمتع بأشكال مختلفة؛ الأمر الذي يتطلَّب استعمال تكنولوجيا ملائمة لكل شكل، وتعد عاملًا مهمًا في التّنمية البيئيّة والاجتماعيّة، وفي جميع المجالات، كما تساعد على خلق فرص عمل جديدة، وتخفف من أضرار الانبعاثات الغازيّة والحراريّة، وتمنع هطول الأمطار الحامضيّة الضّارّة، وتحدّ من تجمّع النّفايات، وتسهم في خلو المزروعات من الملوّثات الكيميائيّة، وبالتّالي ترفع الإنتاجيّة الزراعيّة.

 

الملاذ الآمن للمجتمع العالمي

استقرار قطاع الطاقة المتجددة العالمي يمثل أهم مصادر الجذب للمستثمرين، ولذلك فإن الباحثين عن ملاذ آمن في أسواق مضطربة يفضلون الاستمرار في عمليات التحول إلى الطاقة المتجددة، وفيما تواجه محطات الطاقة العاملة على الفحم ومحطات الطاقة النووية الحالية ضغوطًا مختلفة قد تسرع من تقاعدها المبكر في كثير من دول العالم، فإن ارتفاع أسعار النفط والغاز سيؤدي إلى سرعة عمليات التحول للطاقة النظيفة مما سيعزز من تنافسية مصادر الطاقة المتجددة، وتتميز الطاقة المتجددة بمظهرين إيجابيين هما حماية المناخ وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة الغير تقليدية.

شهد عام 2020 تحديات قوية في مجال الطاقة المتجددة بسبب جائحة كورونا، حيث تحدّت إضافات سعة توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة، عن طريق طاقة الرياح والطاقة الكهرومائية، لتسجل أعلى معدل على الإطلاق عند 200 جيجاوات، بعد زيادة على أساس سنوي حوالي 4% وفقًا لتقارير وكالة الطاقة الدولية ورغم تحديات انتشار وباء كورونا، كان النمو القياسي في عام 2020 بداية عقد الطاقة المتجددة والنظيفة بعد أن أصبحت فوائد تحول الطاقة واضحة عن الماضي، وأظهرت تقديرات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) أن العالم أضاف 260 جيجاوات، وشهد نهاية عام 2021 استمرارًا للنمو القياسي في سعة الطاقة المتجددة حول العالم، وذلك بعد أن أصبحت أهمية تحول الطاقة أكثر بروزًا.

ومع ظهور تداعيات التغير المناخي، ومع استمرار النمو القياسي، فإن سعة الطاقة المتجددة المضافة تتجه إلى قمة جديدة عند ما يقرب من 290 جيجاوات في 2021، بزيادة حوالي 3% عن عام 2021، حسب التقرير السنوي والصادر في ديسمبر عام 2021 للوكالة الدولية للطاقة المتجددة، ولا تزال الطاقة الشمسية هي القوة الدافعة للنمو في سعة الكهرباء المتجددة، مع توقّعات زيادة قدراتها المضافة بنسبة تتعدى  17% في 2022 إلى رقم قياسي جديد يقارب 160جيجاوات.

إيجابيات وسلبيات التحول إلى الطاقة المتجددة

اولا: إيجابيات الطاقة المتجددة

1- أسعار ثابتة: تؤثر زيادة أو نقص إمدادات الوقود الأحفوري تأثيرًا مباشرًا على التضخم، بينما تعتمد تكلفة إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة على مقدار الأموال التي تم إنفاقها في البنية التحتية، وبالتالي فإن تكلفة إنتاج الطاقة من مصادر متجددة أكثر استقرارًا من غيرها.

2- الطاقة المتجددة: مصادر الطاقة المتجددة مستدامة، فالشمس سوف تشرق لمليارات السنوات، كما أن المياه والرياح سوف تستمر في توفير مصدر ثابت للطاقة.

3- الموثوقية: يمكن أن تتأثر إمدادات الوقود الأحفوري بالحروب والنزاعات التجارية والإضرابات، بينما مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح موجودة في كل مكان.

4- انخفاض انبعاث الغازات الدفيئة: مصادر الطاقة المتجددة صديقة للبيئة لأنها لا تلوثها بثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات السامة التي ينتجها الوقود الأحفوري، كما أنها لا تقلل من الموارد الطبيعية التي يمكن الحفاظ عليها لفترة طويلة.

5- خلق فرص عمل واسعة النطاق: من المتوقع أن يوفر الاعتماد على تكنولوجيا الطاقة المتجددة فرص عمل في جميع أنحاء العالم، وتم بالفعل توفير ملايين فرص العمل في الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى تحولت إلى مصادر الطاقة المتجددة.

6- انخفاض التكلفة: معظم أنواع الطاقة المتجددة تكلفتها أقل من الوقود الأحفوري.

7- إمكانية إنشاء المحطات الصغيرة: هناك العديد من أنواع الطاقة المتجددة التي يمكن استخدامها في المناطق النائية أو المناطق الحضرية مثل الألواح الشمسية ومزارع الرياح، كما يمكن إنشاء محطات صغيرة منخفضة التكلفة مما يقلل من النفايات المترتبة على نقل الطاقة من المحطات الرئيسية.

ثانيا :سلبيات الطاقة المتجددة

1- ارتفاع تكلفة التطوير: يتطلب تطوير محطات الطاقة المتجددة الكثير من التكلفة في كل من البحوث  وتصنيع المكونات اللازمة لإتمام العملية بنجاح، بينما عملية استخراج الوقود الإحفوري أقل تكلفة لأن جميع أدوات التصنيع موجودة بالفعل.

2- تقلبات الطقس: جميع مصادر الطاقة المتجددة تقريبًا معرضة لتقلبات الطقس وتغير الظروف المناخية فالأمطار الوفيرة أو الرياح البطيئة يمكن أن تقلل من إنتاج تلك الطاقة، كما أن التغير المناخي المتوقع في بعض الأماكن قد يجعل من الصعب إنتاج الطاقة المتجددة بها في غضون 50 عامًا.

3- عدم القدرة على الإنتاج بكميات كبيرة: على عكس محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم وتنتج كميات كبيرة من الطاقة، فإن المصادر المتجددة لا يمكنها أن تنتج كميات كبيرة من الطاقة خلال وقت قصير، مما يحتم خفض استهلاك الطاقة أو إنشاء مرافق جديدة يمكن أن تنتج طاقة بمعدل أسرع.

4- عدم توفرها في جميع الأماكن: لا تتوافر كثافة الطاقة الشمسية أو المياه والرياح في جميع المناطق مما يتطلب إنشاء المزيد من مرافق البنية التحتية لنقل الطاقة التي قد لا تكون أفضل من الموجودة بالفعل.

5- المساحات الكبيرة: يتطلب إنتاج كمية كبيرة من الطاقة المتجددة إقامة الكثير من الألواح الشمسية ومزارع الرياح، فهناك حاجة لمساحات شاسعة من الأرض لإنتاج كميات كبيرة من الطاقة المتجددة.

خلاصة القول، من المؤكد بأن الطاقة المتجددة والنظيفة لديها الكثير لتقدمه لصناعة الطاقة العالمية في المستقبل، ولكن في الوقت نفسه، فإن الحكومات والصناعة بحاجة إلى ضرورة التعاون والتكامل في استراتيجيات الاستدامة حول نشر وإعادة تدوير الألواح الشمسية وشفرات توربينات الرياح ويمكن للمصادر المتجددة أن تحقق ما لا يحصى من المنافع، فعادة ما توفر تقنيات الطاقة المتجددة بديلًا آمنًا ومستقرًا للطاقة، وعاملًا مهمًا في جلب الاستثمارات في البنية التحتية والخدمية للطاقة المتجددة المحلية كقيمة مضافة محلية كبيرة، من خلال توفير العديد من فرص العمل، وداعمًا محوريًا للاقتصاد المحلى وعلاوة على ذلك، يمكن أن تؤدي الطاقة المستغلة والمستمدة من المصادر المتجددة إلى تحرير الاحتياطيات الهيدروكربونية أو غير المتجددة الآخذة في الانخفاض وتخفيض تشويه أسواق الطاقة العالمية، من خلال تخفيف العبء الضخم والثقيل الذي يلقيه الدعم على كاهل التمويل والاستثمار.

 

 

 

المصدر: مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار

الكاتب: د. إيناس إسماعيل

التاريخ: 17/2/2021

---------------------------------

المصدر: المرصد المصري

الكاتب: د. أحمد سلطان

التاريخ: 3/4/2022    

المقالات الأخيرة