القاعدة
القانونية: هي القاعدة التي يجب الالتزام بتطبيقها، وتُساهم في جعل النصّ القانوني
حيّز التنفيذ، وتُعرف أيضاً بأنّها التزام الأفراد بنظامٍ سلوكيّ ثابت، يعتمد على
قاعدة قانونية، وتشريعيّة، وفي حال مخالفة عنصر من عناصرها، أو عدم تطبيقها بشكل
صحيح يلتزم القانون بإيقاع عقوبةٍ قانونيّة على كل فرد لا يتقيّد بالنص القانوني
الثابت.
الفرق
بين الخطأ في تفسير القاعدة القانونية والخطأ في تطبيقها من قبل الادارة
_
المقصود بالخطأ في تفسير القاعدة القانونية: هو اعطاؤها معنى غير ذلك الذي قصدته
إرادة المشرع، وهذا الخطأ بدوره أمّا أن يحصل بصورة عمدية من جانب الإدارة، حين
تكون القاعدة القانونية على درجة كبيرة من الوضوح ولا تحتمل التأويل، غير أنَّ
الإدارة تتعمد تفسيرها على نحو آخر، وفي هذه الحالة يختلط عيب المحل مع عيب
الغاية. وقد يحدث الخطأ في التفسير بصورة غير عمدية من جانب الإدارة، حين تكون
القاعدة القانونية غامضة وغير واضحة المعنى، وعلى ذلك قضت محكمة القضاء الإداري في
أحد أحكامها بأنَّ “تضمين الحجز على أموال المدين عند عدم تسديده مبلغ التضمين
خلال ثلاثة أيام صفقة واحدة، وحيث إنَّ الكفالة تتعلق بالتعيين وليس لها علاقة
بأموال الشركة لذا تكون غير مشمولة بأحكام القرار المذكور الذي يخص التضمين، ولما
تقدم تقرر الغاء الأمر بحجز المدعي". وكما يدخل في معنى الخطأ في تفسير
القاعدة القانونية هو أن تعمد الإدارة على مد نطاق القاعدة القانونية ليشمل حكمها
حالات لا تدخل في نطاقها أصلا، أو تضيف حكما جديدا لم تنص عليه القاعدة
القانونية“.
_
الخطأ في تطبيق القانون من قبل الادارة: تتمثل في قيام الإدارة بتطبيق القانون على
واقعه غير الحالة التي قصدها المشرع، وخير مثال على ذلك هو تطبيق قاعدة الاستيلاء
المؤقت من قبل الإدارة على الأموال الخاصة بالأفراد على واقعة نزع الملكية للمنفعة
العامة. وبناء عليه فإنَّ القرار الإداري في كليهما يكون موسوما بعيب المحل في
القرار، ولا يترتب عليه أي آثار قانونية، ويكون عرضة لإلغاء القضائي عند الطعن به
من قبل ذوي الشأن لذا يتعين على الإدارة عندما تصدر أي قرار إداري أن تنتبه لعدم
مخالفة عيب المحل، لكي يكون قرارها صحيحا ونافذا، وتترتب عليه جميع الآثار
القانونية.
ويتخذ
الخطأ في تطبيق القانون صورتين:
_
الأولى: تتمثل في حالة صدور القرار دون الاستناد إلى وقائع مادية تؤيده، ومثال ذلك
أن يصدر الرئيس الإداري جزاءً تأديبياً بمعاقبة أحد الموظفين دون أن يرتكب خطأ
يجيز ذلك الجزاء.
_
الثانية: فتتمثل في حالة عدم تبرير الوقائع للقرار الإداري، وهنا توجد وقائع معينة
إلا أنها لا تكفي أو لم تستوف الشروط القانونية اللازمة لاتخاذ هذا القرار.
عيب
السبب:
رقابة
القضاء الإداري على سبب القرار الإداري تمثل جانباً مهماً من جوانب الرقابة القضائية
على مشروعية القرار الإداري، ومقتضاها أن يبحث القاضي في مدى مشروعية الدوافع
الموضوعية التي دعت الإدارة لإصدار قرارها، ونبحث فيما يلي عيب السبب ونتصدى
لرقابة القضاء الإداري بشأنه.
حيث
ان سبب القرار الإداري هو الحالة الواقعية أو القانونية التي تسبق القرار وتدفع
لإصداره. وبهذا المعنى فأن عيب السبب يتحقق في حالة انعدام وجود سبب يبرر إصدار
القرار فيكون جديرا بالإلغاء وقد تدعي الإدارة بوجود وقائع أو ظروف مادية دفعتها
لا صدارة ثم يثبت عدم صحة وجودها في الواقع.
فإذا
صدر قرار أداري دون أن يستند إلى سبب صحيح كما لو أصدرت الإدارة قرار بمعاقبة موظف
لأنه أهان رئيسه ثم تبين عدم صحة واقعة الإهانة فان القرار يكون معيبا بعدم
مشروعية سببه، وقد بدأ مجلس الدولة الفرنسي رقابته على عيب السبب منذ عام 1907 بحكم
(مونو) برقابته على وجود الوقائع وصحة تكييفها القانوني ثم حكم (ديسي) عام 1910.
وقد
أنكر جانب من الفقه وجود السبب كعيب مستقل من عيوب القرار الإداري فقد ذهب العميد (دوكي)
إلى أن السبب أو الباعث الملهم ليس ألا مجرد حالة سابقة على القرار تثير فكرة في
ذهن مصدره، كما رده مجلس الدولة الفرنسي إلى عيب عدم الاختصاص في حالات الاختصاص
المقيد وعيب الغاية في الحالات الأخرى بينما ذهب العميد (هوريو) إلى القول بأن عيب
السبب يندرج في ضمن عيب مخالفة القانون.
إلا
أن الرأي المستقر فقها وقضاء أن عيب السبب مستقل عن العيوب الأخرى فقد تقدم أن عيب
مخالفة القانون يتعلق بمحل القرار الإداري وهو الأثر القانوني المترتب على القرار
أو مادته أو محتواه، وبمعنى أخر فانه ذلك التغيير الذي يحدثه القرار سواء بإنشاء
أو تعديل أو إلغاء مركز قانوني معين أما السبب فيتعلق بالحالة الواقعية أو القانونية
التي قامت قبل إصدار القرار ودفعت إلى إصداره.
وفي
عيب الانحراف بالسلطة يتعلق العيب في الغاية أو الهدف الذي يسعى مصدر القرار إلى
تحقيقه، وهذه الغاية متصلة بالبواعث النفسية للشخص أو الجهة التي اتخذت القرار، في
حين يتمثل عيب السبب بعناصر ذات طبيعة موضوعية متصلة بالقانون أو الوقائع ومستقلة
عن الحالة النفسية لمصدر القرار.
شروط
السبب في القرار الإداري
استقر
القضاء على ضرورة توفر شرطين في سبب القرار الإداري:
أولاً:
- أن يكون سبب القرار الإداري موجودا:
وهنا
يجب أن يكون القرار الإداري قائما وموجودا حتى تاريخ اتخاذ القرار ويتفرع من هذا
الشرط ضرورتان الأولى أن تكون الحالة الواقعية أو القانونية موجودة فعلا وألا كان
القرار الإداري معيباً في سببه، والثاني يجب أن يستمر وجودها حتى صدور القرار فإذا
وجدت الظروف الموضوعية لإصدار القرار ألا أنها زالت قبل إصداره فإن القرار يكون معيبا
في سببه وصدر في هذه الحالة، كما لا يعتد بالسبب الذي لم يكن موجودا قبل إصدار
القرار ألا أنه تحقق بعد ذلك وأن جاز أن يكون مبررا لصدور قرار جديد.
ثانياً:
- أن يكون السبب مشروعاً:
وتظهر
أهمية هذا الشرط في حالة السلطة المقيدة للإدارة عندما يحدد المشرَّع أسبابا معينة
يجب أن تسند إليها الإدارة في إصدار بعض قراراتها فإذا استندت في إصدار قرارها إلى
أسباب غير تلك التي حددها الشرع فأن قرارها يكون مستحقا للإلغاء لعدم مشروعيته
ويجري القضاء في هذه الحالة على رقابة الأسباب القانونية من حيث وجودها أو عدم
وجودها وقصر سلطته على تطبيق حكم القانون أي على رقابة المشروعية فقط.
ومع
ذلك فقد درج القضاء الإداري على أنه حتى في مجال السلطة التقديرية لا يكفي أن يكون
السبب موجودا بل يجب أن يكون صحيحا ومبررا لإصدار القرار الإداري.
فضلاً
عن أن جهة الإدارة كقاعدة عامة غير ملزمة بتسبيب قرارها ألا إذا أشترط المشرَّع
ذلك أما إذا أفصحت عن هذا السبب من تلقاء ذاتها فأنه يجب أن يكون صحيحا وحقيقيا
فأن لم يكن كذلك بأن كان وهميا أو صوريا كان القرار الإداري باطلا غير منتج لأي
أثر.
أما في حالة تعدد الأسباب التي يستند إليها القرار، وتبين أن بعض الأسباب صحيحة ومشروعة والأسباب الأخرى غير مشروعة فقد استقر القضاء الإداري على التفرقة بين الأسباب الدافعة أو الرئيسة وبين الأسباب غير الدافعة أو الثانوية والحكم بإلغاء القرار إذا كانت الأسباب المعيبة وغير الصحيحة هي الأسباب الدافعة أو الرئيسة في إصدار القرار ولا يحكم بإلغاء القرار إذا كانت الأسباب المعيبة هي الأسباب غير الدافعة أو الثانوية.
المراجع
_
حيدر مهدي، 19/ أكتوبر/ 2022، نظرة قانونية تحليلية على الفرق بين الخطأ في تفسير
القاعدة القانونية والخطأ في تطبيقها من قبل الإدارة، مركز الدراسات الاستراتيجية.
_ حسين قدوري، 25/ مايو/ 2022، الحكم المبني
على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه، قضايا.