يعد موضوع العلاقة بين الاستقرار السياسي و النمو الاقتصادي في الدولة من أهم الموضوعات التي تدخل في صميم
اختصاصات الدراسات السياسية والاقتصادية في وقتنا الراهن حيث أصبح هذا الموضوع مثار
اهتمام المجتمع والرأي العام على المستويين العربي والدولي، نظرا لما مرت وتمر به
الدولة العربية من أزمات متعددة ومتشابكة. في المقابل يعد الاستقرار السياسي ايضا
من الموضوعات التي له اثر وتداعيات سلبية في حال عدم توفره ليس على التنمية فقط بل
على جميع الجوانب الحياتية ولهذا فالاستقرار السياسي له دورا حيويا ومهم في تحقيق متطلبات التنمية اذ
لا يمكن ان تتحقق التنمية المستدامة في ظل غياب الامن والاستقرار، وبالتالي انعدام
الاستقرار و السلام و حقوق الإنسان والحكم الفعال، القائم على سيادة القانون – لا
يمكننا أن نأمل في تحقيق التنمية المستدامة، الامر الذى يقودنا الى التأكيد على
وجود علاقة جدلية بين الاستقرار السياسي والتنمية المستدامة، بمعنى لا يمكن ان
تتحقق التنمية مستدامة في ظل انعدام الاستقرار السياسي. وبالتالي في حال توفر الاستقرار
يمكن تحقق التنمية وفي حال غياب الاستقرار لا يمكن تحقق التنمية المستدامة. فأهداف
التنمية تربط بين هاتين الامريين اذ تؤكد على ضرورة توفر الامن و الاستقرار لتحقيق
متطلبات التنمية المستدامة. في حقيقة الامر لقد تسببت الحروب والنزاعات في
إعاقة مسار التنمية بالكامل في العديد من الدول وبالتالي تسببت في تأخرها، واثقلت
كاهل اقتصاداتها بالديون وضرائب إعادة الإعمار. وتعد ليبيا احدى الدول التي تعاني
من ويلات الحروب والنزاعات المسلحة فمنذ الإطاحة بالنظام السابق تشهد حالة من
الصراعات وانقسامات سياسية واقتصادية أدخلت
البلاد في مستنقع التدخلات الإقليمية والأجنبية وازمات اقتصادية واجتماعية الحادة
مما أدت الى قتل طموح الليبيين في انجاز التنمية المستدامة التي بدورها ترتبط
بوجود حكم رشيد يتسم بالشفافية، ونمو اقتصادي مترافقًا بحفظ الموارد الطبيعية
والبيئة، وبالتنمية الاجتماعية من خلال القضاء على الفقر، ، ووجود شراكة مجتمعية
بين كل المكونات والشرائح أيضًا، وكذلك بناء قدرات المواطنين وتمكينهم وإدماج
الفئات جميعها في مسار التنمية من خلال إيلائهم أدوار تناسبهم وتحفظ حقوقهم. ففي حقيقة الامر لقد تآكلت قدرة الدولة الليبية على إنتاج سياسات
تنموية تحقق رفاها للمواطن، وبات قسم كبير من المواطنين الليبيين تحت خط الفقر،
كما تأذت البيئة والبنية التحتية جراء الصراعات المسلحة ولهذا يواجه الليبيون
حاليًا تحديات كبيرة نتيجة تدمير جزء كبير من البنى التحتية والأبنية السكنية،
بالإضافة إلى فقدان أعداد هائلة من المواطنين لأعمالهم وموارد أرزاقهم والامر الذى
تسبب في كارثة حقيقة اثرت في قوت المواطن العادي كذلك اقفال الحقول النفطية وما
نتج عنه من تقص السيولة ، كل هذه الأمور ساهمت في انعدام وإنجاز النمو الاقتصادي .
يمكننا القول بانه لا يمكن الحديث او تحقيق
تنمية مستدامة في ظل وجود حالة من عدم الاستقرار السياسي، والحروب ونزاعات مسلحة
فضلا عن الانقسامات السياسية، فالتنمية تتطلب توفر بيئة يسودها الاستقرار والامن
والأمان.
المدلولات السياسية لمفهوم عدم الاستقرار:
الاستقرار يشير إلى القرار في المكان والمكوث
فيه مع السكون والثبات قال تعالى) فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه
وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين يفسر الشوكاني
هده الآية موضع الاستقرار. كثير مستقر قرار وإعمار
وقيل هي القبور مستقر كل إنسان بعد موته ولا ريب بأن القبر محل السكون والثبات فقد
جاء في معنى الاستقرار المشتق من كلمة (قر) يقر قرارا ومنها (قررت) بالمكان أي
مكثت فيه، كما يقال رجل قرير العين وقرت عينة تقر بكسر القاف وفتحها ضد سخنت كما
يقال أيضا (قارة مقاره) أي قر معه وسكن ومن هنا نجد بأن مفهوم الاستقرار هو السكون
والثبات والبرودة والهدوء ويكون عدم الاستقرار هو التصعيد والسخونة وهو مالا ينسجم
مع الاستقرار بما يقابلها من العنف السياسي الملتهب فعدم الاستقرار السياسي لغة
يشير إلى عدم الثبات والتغير والتحول.
مظاهر عدم الاستقرار:
تتمثل مظاهر الاستقرار السياسي ذات البعد
السياسي في مدى الاستقرار في النظام من خلال تطوراته السياسية المتكاملة أو ما
يسمى بـ (المستويات السياسية) من نخب حاكمة ومؤسسات سياسية وسلوك سياسي واقتصادي.
يتمثل الاستقرار في النخب الحاكمة في غياب
التغييرات السريعة للنخب وتبديل شاغلي الوظائف العليا وبروز التغيير المنظم
والمنضبط بالقواعد الدستورية والقانونية، كما يشمل الاستقرار على مستوى النخب أن
يكون بقاؤها في السلطة باختيار شعبي
مظاهر
ذات أبعاد اجتماعية:
1 - الاعتماد
على الإجماع حول الأهداف.
2 - القبول بمبدأ عدم المساواة في التقاليد،
والأعراف والعادات.
3 - محافظة النظام على قيم المجتمع.
تتسم الدول المتطورة اقتصاديا وأيضا الدول
المتسارعة في النمو بالاستقرار السياسي والشراكة المجتمعية وفق مؤسسات دستورية ودولة
المؤسسات، فالاستقرار السياسي ينتج :
1
ـ
الاستقرار السياسي يساعد في بناء الثقة في مؤسسات الدولة.
2 ـ الاستقرار السياسي يساعد في وقف
هجرة الأموال وفي جذب الاستثمارات الأجنبية.
3 ـ الخطط الاستراتيجية والتنموية بحاجة الى وقت
للتنفيذ وبدون هذا الوقت والاستقرار القيادي من الصعب تنفيذ الاستراتيجيات والخطط.
4 ـ هناك علاقة بين النمو السياسي من
جهة والنمو الاقتصادي من جهة أخرى فكلما تطورنا سياسيا وتعمقت فينا دولة المؤسسات
والقانون استطعنا ان ننمو اقتصاديا.
5 ـ الاستقرار السياسي ودولة القانون
يعززان من الشفافية والنزاهة في الدولة، وهذا يساعد على كسب ثقة المستثمرين.
6
ـ الاستدامة المالية والادارية مهمة جدا
في معالجة الاختلالات الهيكلية في المؤسسات الحكومية
ولنا
ان نعدد بعض ما فقدناه بسبب التذبذب السياسي لدينا
· انهيار الدينار
الليبي وفقدان الثقة من المستثمرين.
· عدم القدرة على
مواجهة الأزمة المالية العالمية.
· وقف خطط التنمية.
· التراجع في التطور
الاقتصادي والتفوق الإقليمي.
· التراجع في الشفافية.
مؤشرات
عدم الاستقرار السياسي
العنف
الرسمي: يمارس هذه النوع من العنف من قبل السلطة الحاكمة القائمة من خلال أجهزه
ومؤسسات الدولة والتي يطلق عليها البعض بوسائل القهر حيث يسند إليها ممارسة العنف
الرسمي بهدف ضمان استمرار النظام، والحفاظ على الوضع الراهن،
مؤشرات
عدم الاستقرار السياسي على النمو الاقتصادي:
تشمل
العديد من المظاهر: المظاهرات، أحداث الشغب، التمردات، الاضطرابات، الاغتيالات
السياسية أو محاولة الاغتيالات، الانقلابات أو محاولة الانقلابات، حرب العصابات. وتظل كل تلك المؤشرات تقود الى نتيجتين
رئيسيتين تعتبران مؤشرين رئيسيين لعدم الاستقرار السياسي؛ هما التغييرات الوزارية
المتتالية والسريعة الناتجة عن الأزمات السياسية والنمو الاقتصادي ، والمؤشر
الثاني سقوط النظام السياسي .
المراجع:
(محمد عبد القادر، 11.12. 2009 ، مفهوم عدم
الاستقرار السياسي في الدولة والنمو الاقتصادي ، منتديات ليبيا )
(وليد الحداد 13.7 . 2009 ،الاستقرار السياسي قاعدة أساسية للنمو
الاقتصادي ، الانباء)