مفهوم الموظف العام في القانون الجنائي
فرع بنغازي

أن تحديد مفهوم للموظف العام اجتهاد له آثار قانونية بعيدة المدى وشديدة الخطر في كافة مجالات القانون سواء كان ذلك في نطاق القانون العام أم في نطاق القانون الخاص بل وفي كافة فروع هذين القسمين من أقسام القانون.

عرف مفهوم الموظف العام عدة صعوبات في تحديد النظام القانوني الذي يحكم قواعد استخدامه، فهل يخضع لأحكام الوظيفة العامة؟ أم يخضع لقوانين اخرى خاصة؟ الواقع ان تحديد مدلول الموظف العام يستلزم استحضار مفهومين اساسيين: مفهوم إداري ضيق (المفهوم الإداري) ومفهوم واسع وهو: (المفهوم الجنائي) وأن هذا الاختلاف ما بين هذه المفهومين يرجع بدوره الى اختلاف نظرة المشرع القانوني للنظام القانوني للدولة ومدى اعتناقه لمبدأ ذاتية العقوبات.

حيث أن مفهوم الموظف في القانون الجنائي يختلف عن مفهومه الإداري ففي القانون الجنائي لا يقتصر مفهوم الموظف على معناه الضيق في القانون الإداري وهذا الاختلاف يعود الى طبيعة القانون الإداري التي تختلف عن طبيعة القانون الجنائي بما تستجوبه من طبيعة تنظيمية تهدف إلى تنظيم العلاقة بين الشخص والدولة بما له من حقوق وما عليه من واجبات وما يستحقه من أجور، أما القانون الجنائي فذو طبيعة جزائية تهدف إلى حماية المصالح التي يتبناها المجتمع وبيان الأفعال التي تعد جرائم للحد منها. لذلك فأن مفهوم الموظف في القانون الجنائي أوسع منه في القانون الإداري ولبيان ذلك يقتضي البحث بيان مفهوم الموظف الجنائي في الفقه والقضاء والتشريع.

أولاً: موقـف الفقــه الجنــائي

لم يتفق فقهاء القانون الجنائي على تعريف واحد للموظف العام بل ذهبوا إلى وضع تعاريف مختلفة.

_ ففي فرنسا قيل في تعريفه بأنه (كل شخص من رجال الحكومة له عمل رئيس وبيده نصيب من السلطة العامة).

_ وفي مصر قيل في تعريفه بأنه (كل شخص من الأفراد احتاجت إليه الحكومة في أداء واجباتها العامة وتنفيذ اوامرها فخولته جزءا من سلطتها العامة).

_ وعرفه آخر بأنه (كل شخص يباشر طبقا للقانون جزءا من اختصاصات الدولة يعد موظفا عاما وتقوم الحاجة إلى تمكينه من إتيان الأفعال الضرورية أو الملائمة لمباشرة هذا الاختصاص).

_ وفي موضع أخر كرر هذا التعريف بعبارات أخرى ولكن بما يقارب هذا المعنى فقال بأنه (كل شخص يعمل في مواجهة الأفراد باسم الدولة او أحد الأشخاص المعنوية العامة ويمارس إزاءهم في صورة طبيعية تستدعي ثقتهم أحد الاختصاصات التي خولها القانون لمرفق عام تديره الدولة أو الشخص المعنوي العام إدارة مباشرة).

_ وعرفه أخر بأنه (كل من بيده نصيب من السلطة العامة وكل شخص في خدمة الحكومة أو إحدى المصالح العامة التي تستمد سلطتها من الحكومة كمجالس المديريات ومجالس البلدية والمحلية وكل شخص مكلف بخدمة عامة كالعمد والمشايخ).

_ وعرفه بعضهم بأنه (كل شخص له نصيب في الاشتراك في إدارة أعمال الحكومة مهما كان نصيبه من ذلك صغيرا سواءً أكان موظفا ام مستخدما بإحدى الجهات القضائية أم بإحدى جهات الادارة أم بإ حدي المصالح التجارية التابعة للحكومة).

_ وعرفه أخر بأنه (كل من يعهد إليه بمنصب من السلطة يزاوله في أداء العمل الذي يناط به أداؤه سواءً أكان هذا المنصب قد أسبغ عليه من السلطة التشريعية أم السلطة التنفيذية أم السلطة القضائية يستوي في ذلك أن يكون تابعا مباشرا إلى هذه السلطة أم يكون موظفا لمصلحة تابعة لأحداهما).

_ وفي العراق ذهب قسم من الفقه إلى تعريف الموظف العام بأنه (من كان على ملاك الموظفين أو على ملاك العمال العاملين في الدولة والمؤسسات التابعة لها سواءً أكانت وظيفة دائمة أم مؤقتة).

_ وأقتبس أخرون تعريف المشرع فقالوا إن الموظف هو (كل من يعمل لدى الدولة أن في دوائر الدولة أو في القطاع الاشتراكي).

_ وعرفه أخر بقوله (أنه كل شخص يعمل بصفة دائمة في خدمة مرفق عام أو مصلحة عامة، أي ان يسهم هذا الموظف في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد اشخاص القانون العام سواء أكان المرفق من المرافق الإدارية أم الاقتصادية). الا أنه يعود بعد ذلك ليقرر بان النظرة الجنائية للموظف تشمل النظرة الإدارية له دون أن تقف عندها أي أن المفهوم الجنائي أوسع من المفهوم الإداري.

_ ويعد أخر الشخص موظفا (سواء من كان على ملاك الموظفين أم كان على ملاك المستخدمين وسواء أكانت وظيفته دائمة أم مؤقتة فينطوي تحت هذا المعنى حتى العمال الذين يؤدون خدمة عامة مقابل رواتب يتقاضونها من خزينة الدولة العامة أو الخاصة ويعد موظفا كذلك كل من يعمل في المؤسسات والمصالح العامة).

_ وعرفه أخر بأنه (الشخص الذي عهدت إليه برضاه وظيفة دائمة بصفة دائمة داخلة في الملاك الخاص بالموظفين).

_ وتشير باحثه إلى أنه (يجب أن ينظر الى الموظف العام على أساس المفهوم الواسع لهذه الصفة بحيث تكون مستوعبة لكل من يستخدم أي قدر من هذه السلطة في مواجهة الأفراد).

_ وعرف أخر بقوله (الموظف: هو كل من انيطت به مهمة عامة في خدمة الحكومة ودوائرها الرسمية وشبه الرسمية والمصالح التابعة لهأ او ا الموضوعة تحت رقابتها وغيرها من المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات والمنشئات التي تساهم الحكومة أو إحدى دوائرها الرسمية أو شبه الرسمية في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت، وعلى العموم كل من يقوم بخدمة عامة سواءً أكانت دائمة أم مؤقتة بأجر او بغير أجر وبغض النظر عن صحة صدور أو عدم صحة صدور قرار تعيينه أو تكليفه بتلك الخدمة).

_ وهناك قسم من الفقه لم يعرف الموظف العام بل أحال في تعريفه إلى ما ورد في شان تعريف الموظف العام بمفهومه الإداري الضيق وبرروا ذلك إلى أن المفهوم الإداري هو الأصل في تنظيم أحكام موظفي الدولة.

إلا أن الراجح في الفقه الجنائي أن المفهوم الإداري للموظف العام ضيق ولا يكفي لحماية المصالح التي يسعى المشرع الجنائي إلى توفير الحماية لها بينما يسع المفهوم الجنائي كل ذلك ويحقق الحماية المطلوبة ويتفق مع ما يتمتع به قانون العقوبات من ذاتية واستقلال يميزانه عن بقية القوانين.

والملاحظ على هذه التعاريف أنها تأخذ بالمفهوم الواسع للموظف العام وذلك ليكون هذا المفهوم شاملا لكل من يؤدي عملا للدولة دون التقيد بما يشترطه المفهوم الإداري من توافر عناصر معينة كوظيفة دائمة وخدمة في مرفق عام ودرجة على ملاك الوظيفة أو حتى صدور أمر بالتعيين من السلطة المختصة بذلك قانونا فالموظف الفعلي حسب المفهوم الجنائي يعد موظفا عاما مادام يمارس الاختصاصات الخاصة بالمرافق العامة حتى لو لم يصدر أمر تعيينه أو تكليفه من السلطة المختصة قانونا.

ثانياً: موقــف القضــاء الجنــائي

إن القضاء الجنائي كان مسايرا لموقف الفقه الجنائي من الأخذ بالمفهوم الواسع للموظف العام. ففي فرنسا قررت محكمة النقض (أن تعبير "موظف" المستعمل في القانون العقابي رقم 1 لسنة 1936 يجب أن يفهم على المعنى الاكثر اتساعا..

لذا يكفي نتيجة لذلك أن تكون الوظائف المشار إليها قد مورست حقيقة بواسطة المتهم بناء على تفويض صحيح من السلطات العامة دون أن يكون هناك محل للأخذ في الاعتبار سواءً بمدتها أم بطبيعتها الدائمة ام المؤقتة).

_في مصر قررت محكمة النقض ان (الموظف العام هو من يولى قدرا من السلطة العامة بصفة دائمة او مؤقتة، أو تمنح له هذه الصفة بمقتضى القوانين واللوائح سواء أكان يتقاضى مرتبا من الخزانة العامة كالموظفين والمستخدمين الملحقين بالوزارات والمصالح التابعة لها او بالهيئات المستقلة ذات الصفة العمومية كالجامعات والمجالس البلدية ودار الكتب او كان مكلفا بخدمة عامة دون أجور كالعمد والمشايخ ومن أليهم). وفي قرار أخر قضت محكمة جنايات الاسكندرية في مصر بأن (الوظيفة العامة في حكم القانون الجنائي هي التي تخول صاحبها اشتراكا أيا كان في أداء السلطة العامة لأن غرض الشارع ضمان سير المصالح جميعا). الملاحظ ان القضاء المصري قد أخذ بالمفهوم الواسع لكلمة (موظف) بحيث يشمل كل موظف أو مستخدم وكل شخص مكلف بخدمة عمومية من قبل الحكومة أو إحدى المصالح التي تستمد سلطتها من الحكومة.

_ في الاردن قررت محكمة التمييز بأن يعد موظفا (كل موظف عمومي في السلك الإداري أو القضائي وكل ضابط من ضباط السلطة المدنية أو العسكرية أو فرد من أفرادها وكل عامل أو مستخدم في الدولة أو في ادارة عامة).

_ في العراق قررت محكمة التمييز أن الاعتداء على طبيب عضو في نقابة الاطباء أثناء القيام بواجبه في عيادته الطبية يكون بحكم الإعتداء على موظف أثناء القيام بواجبه الرسمي. يوضح هذا القرار أن محكمة التمييز العراقية تأخذ بالمفهوم الواسع للموظف العام ولا تتقيد بالمفهوم الإداري وبذلك تشمل اشخاصا لا ينطبق عليهم وصف الموظف حسب المفهوم الإداري.

ثــالثاً: موقـف التشريــع الجنــائي

أن التشريع الجنائي قد توسع كثيرا في مفهوم الموظف العام ليشمل جميع الأشخاص الذين يباشرون طبقا للقانون جزءا من اختصاصات الدولة حسب المصلحة المراد حمايتها في سبيل تحقيق الغايات التي يقصدها المشرع الجنائي. إلا أن التشريعات الجنائية على الرغم من اتفاقها على عدم الأخذ بالمفهوم الإداري للموظف العام إلا أنها اختلفت فيما بينها بطريقة وصفها لمفهوم الموظف.

_ ففي فرنسا لم يشر قانون العقوبات الفرنسي إلى أي تعريف للموظف العام تاركا ذلك للفقه الجنائي فلم يتضمن قانون العقوبات أي نص لتعريف الموظف العام أو حتى بيان للأشخاص الذين يعدهم في حكمه على طريقة التعداد التي أخذت بها بعض القوانين الجنائية.

_ وأما المشرع المصري فعلى الرغم من عدم أيراده نصا خاصا لتعريف الموظف العام الا أنه أورد نصوصا خاصة لتحديد صفة الموظف العام على سبيل التعداد لمن هم في حكم الموظف ولكن ليس على عموم القانون بل في جرائم معينة نظرا لما تكون عليه من أهمية يبتغي المشرع تحقيقها. وقد وقع المشرع المصري بالتكرار عندما حدد الموظف العام بوصفه لا بتعريفه بذاته وخواصه أي انه لم يعرفه بمعيار موضوعي واضح وهو ان كل ما يقوم بذاته من مكونات الشيء فهو جوهر فيه وذاتي وان كل ما يقوم بغيره فهو عرض عام أو خاص من خواصه. ولان المشرع المصري لم يعتمد هذا المعيار الموضوعي فقد اضطر في كل فصل ينص فيه على تجريم الفعل الواقع من الموظف العام إلى تحديد هذا الموظف المقصود في هذا الفصل فقط دون غيره فوقع في تكرار واضطر في نهاية كل فصل أو باب تحديد المقصود بالموظف العام، ولكنه لو اعتمد على المعيار الموضوعي لما اضطر إلى ذلك. وهذا واضح في التشريعات الجنائية التي بادرت فوضعت تعريفا محددا للموظف العام ولم تقع فيما وقع فيه المشرع المصري ومن سار على طريقته من مبالغة في تعداد الاشخاص الذين يعدون موظفين عموميين ومن تكرار مبالغ فيه

_ ومن هذه التشريعات قانون العقوبات الاردني. حيث نص في المادة (169): (يعد موظفا بالمعنى المقصود في هذا الباب كل موظف عمومي في السلك الإداري أو القضائي، وكل ضابط من ضباط السلطة المدنية أو العسكرية أو فرد من أفرادها وكل عامل أو مستخدم في الدولة أو في أدارة عامة).

_ أما المشرع العراقي فأنه لم يعرف الموظف في قانون العقوبات الا انه اورد تعريفا للمكلف بخدمة عامة وعدّ الموظف من ضمن الفئات المكلفين بخدمة عامة . فالمشرع العراقي عد طوائف متعددة من الاشخاص المشمولين، بأحكام القانون الجنائي على أساس انهم مكلفون بخدمة عامة من ضمنهم الموظف فيكون المشرع الجنائي قد وسع من مفهوم الموظف ولم يأخذ بالمفهوم الضيق الوارد في القانون الإداري، فنص في الفقرة / 2 من المادة 19 على ان : (المكلف بخدمة عامة : كل موظف أو مستخدم أو عامل أنيطت به مهمة عامة في خدمة الحكومة ودوائرها الرسمية وشبه الرسمية والمصالح التابعة لها أو الموضوعة تحت رقابتها ويشمل  ذلك رئيس الوزراء ونوابه والوزراء وأعضاء المجالس النيابية والإدارية والبلدية كما يشمل المحكمين والخبراء ووكلاء الدائنين) والمصفين والحراس القضائيين وأعضاء مجالس إدارة ومديري ومستخدمي المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات والمنشئات التي تساهم الحكومة أو أحدى دوائرها الرسمية أو شبه الرسمية في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت وعلى العموم كل من يقوم بخدمة عامة بأجر أو بغير أجر ولا يحول دون تطبيق أحكام هذا القانون بحق المكلف بخدمة عامة أنتهاء وظيفته أو خدمته أو عمله متى وقع الفعل الجرمي أثناء توافر صفة من الصفات المبينة في هذه الفقرة فيه) .

والملاحظ على هذا النص:

1. أنه عرف المكلف بخدمة عامة وجعل الموظف من ضمن فئات المكلفين بخدمة عامة أي ان مصطلح (مكلف بخدمة عامة) أ من مصطلح (موظف) لأن الأول يشمل الموظف وفئات أخرى كثيرة معه، في حين أن مصطلح الموظف هو الأوسع والأشمل فالمكلف بخدمة عامة يعرف بأنه (كل شخص أنيط به القيام بعمل ذي صفة عامة بصورة مؤقتة) ، أو هو (كل من يلزمه القانون بإحدى الخدمات العامة أو بمباشرة مهمة تتعلق بالنظام العام بغض النظر عما أن كان يشغل أو لا يشغل مركزا وظيفيا في الدولة). أو هو (كل من تناط به مهمة عامة في خدمة الدولة باجر أو بدونه كالخبراء في المحاكم أو غيرها)، ويراعى في هذا التكليف لزوم صدوره من شخص يملك التكليف فأن كان الشخص قد أقحم نفسه على العمل أو كان من كلفه غير مختص فأنه يكون أقرب إلى (الموظف الفعلي)، وبهذا يكون المكلف بخدمة عامة شخص عهد إليه خدمة عامة على سبيل الإلزام والتكليف ، وهو نفس الوصف الذي ينطبق على الموظف إلا أن الموظف يزاد في وصفه أن تكون خدمته بصورة دائمة ولا يشترط ذلك في المكلف بخدمة عامة فتعبير الموظف أوسع من تعبير (المكلف بخدمة عامة) لان فيه أوصافا زائدة لا تنطبق على المكلف بخدمة عامة مما يجعل تعبير الموظف يستوعب تعبير (المكلف بخدمة عامة) ويزيد عليه، ولذلك كان الأجدر بالمشرع أن يستخدم تعبير (الموظف) بدلا من استخدامه لتعبير (المكلف بخدمة عامة) .

2. أن استخدام تعبير (المكلف بخدمة عامة) بدلا من (الموظف) قد أوقع المشرع في الاضطراب وعدم الوضوح وتكرار المصطلحات دون مسوغ، ذلك أن المشرع حين عرف (المكلف بخدمة عامة) جعل الموظف جزءا من التعريف بحيث يكون النص على (المكلف بخدمة عامة) في أي نص شاملا (الموظف) الا أن الاضطراب في النص وعدم الوضوح جعل المشرع يكرر دائما مصطلح (الموظف) الى جانب (المكلف بخدمة عامة) وكأن المصطلحين مختلفان فيجمع بينهما بحرف العطف (الواو) التي تفيد الجمع. في حين ان الموظف (حسب تعريف المشرع السابق) هو فئة من فئات المكلفين بخدمة عامة أي ان النص على مصطلح (المكلف بخدمة عامة) يغني حسب تعريف المشرع عن ذكر مصطلح (الموظف) لأنه داخل فيه ومن ضمن فئاته فتكون كلمة (موظف) الواردة في هذه النصوص قد جاءت زائدة ومكررة لان المشرع حين عرف المكلف بخدمة عامة فانه عد الموظف أحد المكلفين بها وأن النص على مصطلح (المكلف بخدمة عامة) ينصرف الى لفظ (الموظف) وغيره من الاشخاص الذين عددتهم المادة (19 فقرة 2) من قانون العقوبات.

3. لم يلاحظ المشرع الجنائي ما صدر من قرارات بخصوص الغاء ملاك الاستخدام، والعمال وجعلهم جميعا مشمولين بتعبير (الموظف) فكان الأجدر بالمشرع الجنائي أن يبادر الى إلغاء لفظ (مستخدم أو عامل) من نص (الفقرة 2 من المادة 19) والاكتفاء بلفظ (موظف) لأنها صارت بعد صدور القرارات تغني عنهما وانهما بعد الغائهما لم تعد هناك حاجة للإبقاء عليهما ضمن نص المادة المذكورة.

4. ان المشرع استخدم طريقة التعداد في عد من هو المكلف بخدمة عامة ولم يقدم تعريفا جامعا مانعا حديا ، ذلك ان طريقة التعداد لا تعطي المجال الحقيقي للمكلفين بخدمة عامة ولا تحصيهم فهي ليست جامعة لكل من اتصف بهذه الصفة فقد يكون النص بالتعداد وقت اصدار القانون جامعا ومحيطا بكل مكلف بخدمة عامة ولكن بعد مضي بعض الوقت من تطبيق النص القانوني قد تظهر طوائف اخرى توجب ان تكون من ضمن فئات المكلفين بخدمة عامة وهكذا ... اما التعريف الجامع المانع فانه سيحيط بكل ذلك لان طريقة احاطته تكون بطريقة موضوعية وليس بالتعداد.

5. ان المشرع لم يشترط – كالقانون الإداري – أن تكون الخدمة دائمة ولكن استلزم في طوائف معينة توافر العنصر الشكلي للوظيفة كشرط التعيين وصدوره من الجهة المختصة قانونا وان يكون وفقا للقوانين الخاصة بذلك.

6. واخضع المشرع فئات أخرى على أساس صدور قرار من جهة قضائية أو إدارية أي تستمد هذه الفئات صفة (الموظف) من الجهة التي أصدرت القرار أو الأمر بمعنى ان الدولة تباشر عن طريقهم جانبا من اختصاصها.

7. واخضع أشخاصا أخرين على اساس ما تفرضه الدولة من التزامات عليهم لممارسة اعمال باسم السلطة ولحسابها بغض النظر عما أن كانت تربطهم بها علاقة تنظيمية أم لا سوآءا كانت هذه الخدمة باجر أم بدون اجر.

8. لم يشر المشرع إلى (الموظف الفعلي) الذي يباشر العمل الوظيفي دون أن تتوافر فيه الشروط اللازمة للموظف. ونظرا لأهمية الأفعال التي يقوم بها الموظف الفعلي فكان واجبا على المشرع حسم الأمر بالنص عليه صراحة حماية له حين قيامه بأعمال الخدمة العامة دون تكليف أو لعيب في قرار تكليفه أو غير ذلك وحماية للأفراد من الاعتداء عليه باسم السلطة ولحسابها بما يمارسه الموظف الفعلي من اعمال السلطة.

وبناءاً على ما سبق نعرف الموظـف بأنه : كل شخص يؤدي خدمة عامة دائمة أو مؤقتة لقاء أجر أو بدون اجر وبغض النظر عن وجود علاقة تنظيمية أو لا، وبصرف النظر عن صحة صدور قرار بتكليفه بها، يتضح مما سبق أن العدوان يجب أن يقع من أحد ممثلي السلطة وهو (الموظف) الذي يشمل كل مكلف بخدمة عامة سوآءا كانت في دائرة رسمية أم شبه رسمية أم المصالح التابعة لها أم الموضوعة تحت رقابتها أم مرفق عام أم مؤسسة عامة أم شركة عامة أم جمعية أم منظمة أم منشأة للحكومة فيها نصيب أم كل من تباشر الدولة عن طريقه جانبا من اختصاصها أم تخوله اختصاصها لأداء بعض الخدمات العامة، أن جميع هذه المعاني يستغرقها لفظ (الموظف) باعتباره كل شخص كلف من الهيئة الحاكمة بأداء خدمة عامة، والخدمة العامة أو الوظيفة العامة في القانون الجنائي هي التي تخول صاحبها (الموظف) نصيبا أيا كان في أداء السلطة العامة لان غرض المشرع هو ضمان سير أعمال المصالح العامة جميعها.







المراجع

_ عبد الحكيم ذنون، 2/4/2016، مفهوم الموظف في القانون الجنائي، الكتاب: الحماية الجنائية للحريات الفردية.

_ محمد حميد، 3/7/2022، مفهوم الموظف العام في القانون الجنائي، موقع المنظومة.

 

المقالات الأخيرة