يمثل
ممر لوبيتو خطوة أمريكية مهمة في اتجاه تعزيز علاقتها ونفوذها في القارة الأفريقية
ومواجهة مبادرة الحزام والطريق الصينية، كما يساهم في تأمين إمدادات المعادن
الحرجة غير المرتبطة بالصين. ومع ذلك لا يزال الطريق طويل أمام أمريكا لتضييق
الفجوة مع النفوذ الصيني المتزايد في القارة الغنية بالموارد القيمة، إذ تحتل بكين
مكانة الشريك الموثوق به، ولا يزال الاستثمار الصيني في أفريقيا أعلى بكثير من
أمريكا والدول الغربية.
يقطع
ممر لوبيتو مسافة 1300 كم من ميناء لوبيتو على ساحل المحيط الأطلسي
متجها شرقاً عبر أنجولا إلى الحدود مع جمهورية الكونغو الديمقراطية، وعلى مسافة
قريبة من الحدود الزامبية، ويشمل المشروع بناء نحو 800كم من خطوط السكك الحديدية بالإضافة إلى تحديث 500 كم من مسارات السكك الحديدية القائمة وإجراء تحسينات في ميناء
لوبيتو.
ويربط
الممر بين ثلاث دول أفريقية غنية بالمعادن الحرجة (Critical minerals) اللازمة لتكنولوجيا الطاقة النظيفة، إذ تعد جمهورية الكونغو
الديمقراطية وزامبيا أكبر منتجين للنحاس في أفريقيا، كما تمتلك أنجولا احتياطيات
لعدد من المعادن الحرجة، وكذلك تعد جمهورية الكونغو الديمقراطية أكبر منتج
للكوبالت في العالم (حوالي 50% من الإنتاج العالمي). ومن المتوقع
أن يكتمل المشروع في شكله النهائي في غضون خمس سنوات بحيث يكون قادراً على نقل
بضائع بحجم 5 ملايين طن سنوياً.
تحتدم
المنافسة بين أمريكا والصين من أجل توسيع نفوذهما على أسواق المعادن الدولية. فقد
شهد العقد الماضي تطورا دولياً ملحوظا في التحول من الوقود الأحفوري إلى الطاقة
النظيفة أو ما يعرف بـ “تحول الطاقة” (Energy transition)، مما جعل الحصول على المعادن الحرجة بما يشمل الليثيوم والنحاس
والكوبالت التي تمثل عنصرا جوهريا في سلاسل توريد الطاقة النظيفة أمرا بالغ
الأهمية للولايات المتحدة والصين وأوروبا. ومن المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على
المعادن الحرجة بشكل كبير في العقود المقبلة، وتقدر وكالة الطاقة الدولية أن الطلب
سيتزايد خلال العقدين القادمين بمقدار من 20 إلى 40 مرة.
يعد
ممر لوبيتو مشروع أمريكا الرائد للتنمية في قارة أفريقيا، ويأتي في إطار الجهود
الأمريكية والأوروبية لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد في قطاع المعادن الحرجة داخل
أفريقيا. ويوفر الممر طريقا أسرع وأقل تكلفة لنقل المعادن الحرجة المنتَجة في وسط
أفريقيا إلى الأسواق الأمريكية والأوروبية بدلا من الطريق الشرقي التقليدي عبر
ميناء دار السلام.
التحول
الحالي للولايات المتحدة نحو البنية التحتية في أفريقيا جدير بالملاحظة ويشير إلى
تغير لافت في السياسة الأمريكية تجاه القارة الأفريقية. وتستهدف واشنطن من تلك
الاستراتيجية تعزيز التنمية الاقتصادية وبناء الشراكات الدائمة داخل القارة بما
يخدم الدول الأفريقية والمصالح الأمريكية، بينما تتجنب واشنطن التحالفات السياسية
التي تضغط على الدول الأفريقية للاختيار بين الولايات المتحدة والصين. ويأتي هذا
التحول بعد تراجع حصة واشنطن العقدين الماضيين في قطاع البنية التحتية في أفريقيا
بالمقارنة مع الصين التي تشغل شركاتها حوالي 60% من سوق البناء الأفريقية.
أنفقت
الصين في العقدين الماضيين ما لا يقل عن 170مليار دولار في مشاريع البنية التحتية الضخمة
في جميع أنحاء أفريقيا. ولم تعزز هذه المشاريع النفوذ الصيني داخل القارة فحسب،
لكنها وفرت للصين وصولاً غير مسبوق إلى الثروة المعدنية الهائلة في أفريقيا، وعلى
سبيل المثال، فإن أكثر من 80% من مناجم النحاس في جمهورية الكونغو
الديمقراطية مملوكة للصين.
وفي إطار جهود الصين لمواجهة ممر لوبيتو تحركت بكين بمقترح لتولي تشغيل خط سكة حديد “تزارا”، الذي يمتد من وسط زامبيا إلى ميناء دار السلام على المحيط الهندي. ومع ذلك تراجعت الاستثمارات الصينية في أفريقيا في السنوات القليلة الماضية؛ فقد أدى التباطؤ الاقتصادي في الصين وتعثر الدول الأفريقية في سداد القروض الصينية إلى انخفاض إجمالي الاستثمار الصيني في أفريقيا من ذروة بلغت 125 مليار دولار عام 2015 إلى 70مليار دولار عام 2022.
المراجع:
(ب،
ن)، 1.9.2024، ممر لوبيتو
الاستراتيجي: أمريكا تلاحق نفوذ الصين في أفريقيا، منصة أسباب.
ب،
ن، 3.9.2024، ممر لوبيتو
الاستراتيجي.. كيف تلاحق أميركا نفوذ الصين في أفريقيا؟،موقع لبنان 24.