جحيم لوس أنجلوس “الأعاصير النارية”
فرع القاهرة


 

تشهد مدينة لوس أنجلوس حرائق غابات مدمرة، تُعد واحدة من أسوأ الكوارث البيئية التي تضرب المنطقة في العقود الأخيرة.

لليوم السابع على التوالي، تواصل الحرائق التمدد على مساحات إضافية من مدينة لوس أنجلوس فالنيران التي اندلعت في منطقة باسيفيك باليساديس امتدت بسرعة بفعل الرياح القوية، مُهددة مناطق سكنية مكتظة بالسكان مثل سان فرناندو فالي وأحياء راقية كبرينتوود.

وذكر موقع إدارة الإطفاء في ولاية كاليفورنيا أن أفراد الإطفاء نجحوا في احتواء 27 بالمئة من الحرائق في حي إيتون ارتفاعا من 15 بالمئة أمس السبت بعد أن أتت على 14117 فدانا.

ودمرت آلاف المباني، تاركة وراءها مشهدًا كارثيًا من الدخان السام الذي يغطي المنطقة وقد أعلنت السلطات حالة طوارئ صحية بسبب التلوث الهوائي، مما يشكل تهديدًا مباشرًا على حياة السكان وصحة الأجيال القادمة وأتت الحرائق على 36 ألف فدان أي ما يعادل مرتين ونصف المرة مساحة مانهاتن

فقد بدأت سلسلة من الحرائق الكبيرة والصغيرة في تشكيل حلقة من النار حول لوس أنجلوس.

أكبرها هو حريق باليساديس على طول ساحل المحيط الهادئ غرب وسط المدينة، والذي أحرق حتى يوم الثلاثاء أكثر من 23700 فدان.

أما ثاني أكبر حريق يقع في الشرق في جبال سان غابرييل شمال باسادينا لقد أحرق أكثر من 14000 فدان ودمر آلاف المنازل وشرّد عشرات الآلاف من الأشخاص.

ثم بدأ حريق آخر في مقاطعة فينتورا، شمال غربي لوس أنجلوس، في وقت متأخر من الإثنين وأحرق 56 فدانا بحلول أمس الثلاثاء وفي ريفرسايد تم الإبلاغ عن حريق غابات صغير في وقت مبكر من بعد الظهر.

تمكنت فرق الإطفاء من احتواء عدد من الحرائق الأصغر حجما بشكل كامل: حريق كينيث، الذي اندلع مساء الخميس في حي ويست هيلز في وادي سان فرناندو؛ وحريق ليديا، في غابة أنجيليس الوطنية وحريق صن ست، الذي اندلع اليوم الأربعاء في هوليوود هيلز؛ وحريق آرتشر، الذي اندلع صباح الجمعة في جرانادا هيلز.

كان رجال الإطفاء على وشك السيطرة على حريق هيرست، الذي بدأ عند الحافة الشمالية للمنطقة الحضرية بالقرب من سيلمار، وحتى الثلاثاء، أحرق هذا الحريق حوالي 800 فدان وتم احتواؤه بنسبة 97 بالمائة.

الكارثة في ظل التغير المناخي

بدأت حرائق الغابات في لوس أنجلوس في أواخر 2024، وانتشرت بسرعة عبر مساحات شاسعة بالمدينة والمناطق المحيطة بها.

وبسبب الظروف الجافة ودرجات الحرارة المرتفعة والرياح القوية التي تجاوزت سرعتها 150 كلم في الساعة، أتت الحرائق على آلاف الدونمات في غضون أيام قليلة.

تفاقم الحرائق بسبب الرياح القوية التي تصل سرعتها إلى 110 كيلومترات في الساعة، ما يزيد من انتشارها وصعوبة السيطرة عليها وتؤكد الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية أن هذه الرياح ستظل نشطة خلال الأيام المقبلة، مما يرفع خطر اشتعال حرائق جديدة.

أدت النيران إلى إطلاق كميات هائلة من الدخان السام الذي غطى أجزاء كبيرة من مقاطعة لوس أنجلوس ما دفع المسؤولين إلى إعلان حالة طوارئ صحية عامة ويؤثر هذا التلوث على جودة الهواء بشكل خطير مهددًا صحة السكان المحليين والكائنات الحية. 

و تشير التقديرات الأولية لحجم الأضرار التي أحدثتها حرائق باليسديس وإيتون إلى أن كل منهما من بين أكثر الحرائق تدميراً في تاريخ كاليفورنيا.

فقد ألحق حريق باليساديس الضرر بنحو 5000 مبنى، وألحق حريق إيتون الضرر بنحو 7000 مبنى وهي الفئة التي تشمل المنازل والمرائب والشركات، وفقاً لإدارة الإطفاء في كاليفورنيا.

وقد دمر حريق باليساديس مؤسسات مثل مدرسة باليساديس تشارتر الثانوية، وهي المدرسة الأم للعديد من المشاهير وموقع تصوير للعديد من البرامج التلفزيونية.

فرض الحرس الوطني ووكالات إنفاذ القانون المحلية حظر التجوال وحاولوا إبقاء الأحياء التي تم إخلاؤها مغلقة حتى يتمكن السكان من العودة بأمان.

أفاد عمدة مقاطعة لوس أنجلوس روبرت جي لونا، الثلاثاء، أنه تم القبض على ما لا يقل عن 39 شخصًا في المناطق المتضررة من حرائق إيتون وباليساديس.

وشملت التهم النهب وسرقة الهوية وحيازة المخدرات وحيازة أدوات السطو، وفقًا للمسؤولين فقُتل ما لا يقل عن 25 شخصا في الحرائق.

وأودى حريق إيتون بحياة 17 شخصا على الأقل، مما يجعله أحد أكثر الحرائق فتكا في تاريخ كاليفورنيا كما قُتل ما لا يقل عن 8 أشخاص في حريق باليساديس، وحذر المسؤولون من أن حصيلة القتلى من المرجح أن ترتفع.

ومع تدمير أكثر من 12 ألف بناية بشكل كامل أو جزئي، قُدّرت الأضرار الاقتصادية بما يتراوح بين 135 و150 مليار دولار، وفقًا لتقديرات شركة أكيو ويذر. كما يواجه السكان النازحون تحديات كبيرة، بما في ذلك فقدان المنازل وتراجع الخدمات الأساسية.

كما أن حرائق الغابات لا تقتصر خسائرها على البشر فحسب؛ بل إنها تهدد التنوع البيولوجي في المنطقة. الغابات المحترقة هي موطن لعدد كبير من الكائنات الحية، بعضها مهدد بالانقراض، مما يفاقم الأزمة البيئية ويؤثر على التوازن الطبيعي في النظام البيئي.

وفي جميع أنحاء لوس أنجلوس، أُجبرت المدارس على الإغلاق بسبب الدخان الكثيف ونوعية الهواء الخطرة، وأغلقت منطقة مدارس لوس أنجلوس الموحدة، ثاني أكبر منطقة في البلاد، جميع المدارس بينما قام المسؤولون بتقييم الأضرار.

وأفادت وزارة التعليم في كاليفورنيا بإغلاق 335 مدرسة في خمس مقاطعات، بما في ذلك لوس أنجلوس وسان برناردينو وسان دييغو، بينما لا يزال الجدول الزمني لإعادة الفتح غير مؤكد.

اندلاع العديد من حرائق الغابات في توقيت واحد

أشار العلماء والمدافعون عن البيئة إلى تغير المناخ باعتباره عاملا رئيسيا يساهم في شدة وتواتر حرائق الغابات في كاليفورنيا، بحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنا.

وأدت درجات الحرارة العالمية المرتفعة إلى إطالة فترات الجفاف وجفاف الغطاء النباتي، مما خلق الظروف المثالية لانتشار الحرائق بسرعة.

فقد حذر خبراء الأرصاد الجوية لأيام قبل اندلاع الحرائق الأولى الأسبوع الماضي من أن خطر الحرائق سيكون مرتفعًا للغاية.

وتحول الغطاء النباتي إلى مادة قابلة للاشتعال بعد أشهر من الجفاف هذا العام ويتزامن الطقس البارد مع وصول رياح سانتا آنا، وهي هبات قوية وجافة تهب من الجنوب الغربي من نيفادا ويوتا إلى جنوب كاليفورنيا وترتبط بالحرائق الأكثر تدميراً في المنطقة.

جهود الإغاثة الفيدرالية

كان رجال الإطفاء يتسابقون لاحتواء الحرائق، وقد أحرزت جهودهم تقدماً كبيراً مع تراجع الرياح خلال عطلة نهاية الأسبوع.

على الرغم من أن الرياح يوم الثلاثاء الماضي كانت أخف بشكل عام، إلا أن خبراء الأرصاد الجوية قالوا إنه قد يكون هناك زيادة كبيرة في سرعات الرياح اليوم الأربعاء ومن المتوقع أن تنخفض سرعات الرياح غداً الخميس وتظل منخفضة حتى نهاية الأسبوع.

كما أعلنت السلطات حالة الطوارئ على المستوى الفيدرالي، ما أتاح تقديم مساعدات للمتضررين من الحرائق وتشمل المساعدات دعمًا ماليًا لإصلاح المنازل وتعويض الخسائر المادية وأكدت ديان كريسويل مديرة الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ، أن فرق الجيش على أهبة الاستعداد لدعم جهود الإطفاء، وأن التمويل اللازم للتعامل مع الكارثة متوفر.

 

 

شركات التأمين

ووفق تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال ووكالة بلومبرغ، فإن شركات التأمين كانت على يقين بأن الظروف المحيطة بولاية كاليفورنيا، تنذر بخطر على الأصول الخاضعة للتأمين.

ومنذ عامين، يورد تقرير لـ بلومبرغ، أن 7 من أكبر 12 شركة تأمين أمريكية، قيدت وصول المؤمّنين في كاليفورنيا لتأمين أصولهم لديها، بسبب ارتفاع حدة المخاطر.

ونتيجة لذلك، أسست ولاية كاليفورنيا شركة FAIR للتأمين، وتضم مجموعة شركات تأمين عاملة، تبلغ محفظة أصولها الخاضعة للتأمين في الولاية، نحو 458 مليار دولار.

بينما لا تملك الشركة من السيولة النقدية إلا 700 مليون دولار، ما يجعل فرصة التعويض صعبة دون تدخل حكومي.

ونقل خبراء لصحيفة واشنطن بوست، السبت، أن كلفة الخسائر المباشرة وغير المباشرة للحرائق المندلعة تبلغ 150 مليار دولار.

بينما أعلنت شركة AccuWeather الأمريكية لخدمات التنبؤ بالطقس حول العالم، الخميس، إن التقديرات الأولية لكلفة الحرائق المندلعة في أجزاء واسعة من لوس أنجلوس تتراوح بين 52 – 57 مليار دولار.

 

 

المصدر: سكاي نيوز عربية

التاريخ : 13/1/2025

---------------------------------

المصدر: Deutsche Welle

التاريخ : 12/1/2025

--------------------------------

المصدر: رأي اليوم

التاريخ : 15/1/2025

المقالات الأخيرة