كان الليبيون يأملون أن تكون الانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر تنظيمها الجمعة، عرسا وطنيا وفرصة لا تهدر لإعادة بناء بلادهم بعد سنوات من تفاقم الأزمة عقب اندلاع الثورة في 17 فبراير عام 20211، لكن التجاذبات السياسية وكثرة المتدخلين الخارجيين ونقص التنظيم حال دون تحقيق هذا المبتغى
ووقفت هذه العقبات صامدة أمام عبور ليبيا البلد الغني بالنفط من العنف إلى بر الأمان السياسي، خيبة أمل كبيرة شعر بها الليبيون بعد الإعلان عن قرار تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كان مقررا تنظيمها الجمعة 24 ديسمبر
ويفسر ذلك بغياب توافق في الآراء بشأن الأساس القانوني للاقتراع، وتضارب في المصالح وبعض الثغرات في وساطة الأمم المتحدة، ما أدى إلى فشل في إجراء الانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر، كما يرى خبراء
واقترحت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا الأربعاء تأجيل الانتخابات الرئاسية لشهر واحد، بعد ساعات قليلة من إعلان لجنة برلمانية أنه يستحيل تنظيمها في موعدها
ولزيادة الارتباك، استقال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا يان كوبيتش الذي كان يعمل من جنيف وبدا بشكل واضح أنه عاجز عن إدارة الملف الليبي قبل شهر
ورأى مراقبون أن كوبيتش كان موقنا باستحالة إجراء الانتخابات وأراد عدم تحمل مسؤولية ذلك
وعُينت الأمريكية ستيفاني وليامز التي عملت في 2020 مبعوثة، مستشارة خاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، حيث قامت في الأيام الأخيرة بترتيب الاجتماعات بين مختلف الجهات الليبية وتنقلت بين مدن عدة، في محاولة واضحة لإنقاذ الملف الليبي المعقد والمتهالك بفعل التدخلات والاستقطاب
وطالبت السفارة الأمريكية لدى ليبيا، الأطراف الفاعلة بالإسراع في معالجة العقبات التي تواجه العملية الانتخابية
وقالت في بيان إنه "يتعين على القادة الليبيين، ونيابة عن الشعب، معالجة العقبات القانونية والسياسية لإجراء الانتخابات"
كما عبرت عن مشاركتها قلق وخيبة أمل الليبيين الذين ينتظرون أن تتاح لهم فرصة التصويت من أجل مستقبل بلادهم
ولحلحلة كافة المشاكل، قرر مجلس النواب تشكيل لجنة تضم عشرة من أعضائه لإعداد مقترح خارطة طريق بعد تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 24 ديسمبر
وأضاف المجلس عبر موقعه الإلكتروني الرسمي أن اللجنة ستقدم تقريرها إلى مكتب هيئة الرئاسة خلال أسبوع لعرضه على مجلس النواب خلال جلسته القادمة
حيث عقدت لجنة خارطة الطريق بمجلس النوّاب اجتماعها الأول بطبرق والثاني، بمقر ديوان المجلس في العاصمة طرابلس، لوضع برنامج عمل اللجنة والجهات التي سيتم التواصل معها
اللجنة، أكدت أنها ستباشر في لقاءاتها مع كافة الأطراف الليبية السياسية والعسكرية والأمنية وغيرها من الجهات المعنية بالعملية السياسية من أجل توسيع قاعدة المشاركة والاستماع لكل الآراء والمقترحات، حيث ستلتقي في المرحلة الأولى مع (المجلس الأعلى للدولة – الهيئة الوطنية لصياغة الدستور- المجلس الرئاسي – الأحزاب السياسية)
وفقا للترتيبات المطلوبة وبالتنسيق مع هذه الجهات
وكان رئيس مجلس النواب المكلّف فوزي النويري، قد دعا في بيان، إلى عقد جلسة رسمية بمقر المجلس بمدينة طبرق "للاستماع لإحاطة رئيس وأعضاء مجلس إدارة المفوضية العليا للانتخابات حول سير العملية الانتخابية وما يستجد من أعمال"
وستحمل الأسابيع المقبلة التطورات المتعلقة بمصير الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ومدى قدرة الأطراف الدولية اللاعبة والمؤثرة في الملف الليبي، على التوافق حول موعد يحظى بدعم جميع الأطراف ويضمن تجنب الثغرات لقانونية والتحديات الأمنية التي واجهت عملية التنظيم لأول انتخابات رئاسية في تاريخ ليبيا