تراجع العلاقات بين ترامب ونتنياهو
فرع القاهرة

كشفت وسائل إعلام عبرية عن وجود خلافات وتراجعاً في العلاقة الشخصية بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على خلفية تبنّي كلا الطرفين مواقف متباينة بشأن ملفات إقليمية عدة، من بينها الحرب على غزة، والتطبيع مع السعودية، والاتفاق مع الحوثيين.

ومنذ بدء ولايته الرئاسية الجديدة، في 20 يناير 2025، قدّم ترامب دعماً متنوعاً وغير محدود لحكومة نتنياهو، التي تشن منذ 7 أكتوبر 2023 حرب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.

كما حرص ترامب في البيت الأبيض على استقبال نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمتَي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.

خطة إنهاء الحرب على غزة

ونقل إعلام عبري عن مسؤولين أمريكيين وعرب، الخميس 8 مايو/أيار 2025، أن الرئيس دونالد ترامب قد يعلن نهاية هذا الأسبوع عن حل شامل للوضع في قطاع غزة يتضمن خطة لإنهاء الحرب.

وقالت صحيفة يسرائيل هيوم الخاصة، المقربة من اليمين الإسرائيلي، نقلاً عن ثلاثة مسؤولين أمريكيين وعرب، إن "احتمالية إعلان ترامب، نهاية هذا الأسبوع، عن حل شامل وطويل الأمد للوضع في غزة، بما في ذلك خطة لإنهاء الحرب، مرتفعة جداً".

وأوضح المسؤولون، الذين لم تذكر الصحيفة أسماءهم، أن هذا الحل "يُطوَّر بمشاركة جزئية فقط من إسرائيل، وربما لا يفي بجميع مطالبها".

وأفاد المسؤولون بأن هذا الحل "يتماشى مع مطالب ترامب، بما يشمل إعادة إعمار القطاع وإدارته، مع دور محوري للولايات المتحدة فيه".

ومطلع مارس الماضي، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حركة حماس وإسرائيل، بدأ سريانه في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، لكن إسرائيل تنصّلت منه، واستأنفت الإبادة في 18 من ذات الشهر.

وتتضمن خطة ترامب، وفق المسؤولين:

منح قيادة حماس ضمانات بالمشاركة في الإدارة المدنية للقطاع مستقبلاً، وتقديم حصانة لقيادات الحركة من الاستهداف.

المشاركة الأمريكية الكبيرة في استئناف الإمدادات للاجئين في قطاع غزة، من خلال مراكز الإمدادات التي أنشأها جيش الاحتلال الإسرائيلي.

دمج قوات الشرطة في حكومة حماس في قوات أمن فلسطينية مسؤولة عن حفظ النظام.

انسحاب تدريجي لقوات جيش الاحتلال الإسرائيلي من القطاع، بالتزامن مع تسليم حماس لسلاحها.

لكن المسؤولين أشاروا إلى وجود عقبة أساسية أمام تنفيذ الخطة، وهي رفض حركة حماس نزع سلاحها.

ومراراً، أعلنت حماس أن "خروج المقاومة (من غزة) أو نزع سلاحها أمر مرفوض"، وشدّدت على أن "أي ترتيبات لمستقبل القطاع ستكون بتوافق وطني".

وادعى المسؤولون لصحيفة يسرائيل هيوم أن عدة دول عربية، وعلى رأسها مصر والسلطة الفلسطينية، تضغط على قيادة حماس للموافقة على الصفقة الأمريكية المحتملة، خشية من عملية عسكرية إسرائيلية كبرى بعد زيارة ترامب لدول الخليج.

وأكدت الصحيفة أن تل أبيب تشعر في المقابل بالقلق من أن تصبح "لاعباً ثانوياً في غزة أو حتى خارج اللعبة في أسوأ الحالات"، كما حدث مع اتفاق وقف إطلاق النار بين واشنطن والحوثيين الأخير، الذي لم يتم إبلاغها به.

ضغوط أمريكية على إسرائيل

ويترافق الإعلان عن هذه الخطة مع ما كشفته صحيفة هآرتس العبرية، الجمعة 9 مايو/أيار 2025، من أن الولايات المتحدة تضغط على إسرائيل لتوقيع اتفاق هدنة مع حركة حماس في قطاع غزة قبل زيارة ترامب المرتقبة للشرق الأوسط منتصف مايو الجاري.

ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مصدر مطّلع قوله إن "إدارة ترامب تمارس ضغوطاً شديدة على إسرائيل للتوصل إلى اتفاق مع حماس قبل زيارة الرئيس المرتقبة للمنطقة".

وأضاف المصدر: "ترى الإدارة الأمريكية في هذا الأمر أهمية بالغة، وتُبلغ تل أبيب بأنه إذا لم تتقدّم الأخيرة قُدُماً مع الولايات المتحدة نحو اتفاق، فستُترك وشأنها".

وبحسب هآرتس، فإن المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أبلغ عائلات الأسرى في غزة، الاثنين الماضي، في واشنطن، أن "الضغط العسكري يُعرّض الرهائن للخطر"، في تناقض واضح مع سياسة حكومة نتنياهو التي ترى في الضغط العسكري وسيلة لفرض التنازلات.

ووفقاً للقناة 12 الإسرائيلية، فإن تعليقات ويتكوف تركت أثراً صادماً في نفوس عائلات الأسرى، حيث بدت عليهم علامات الذعر والقلق.

وأوضحت أن العديد من أفراد العائلات أعربوا لاحقاً عن مخاوفهم، ليس فقط من مضمون الرسالة، بل مما اعتبروه تحوّلاً غير مسبوق في لهجة واشنطن، الحليف الذي لطالما اعتُبر داعماً مطلقاً لإسرائيل.

 

وأعرب ويتكوف عن "إحباط متزايد" من تعاطي تل أبيب مع مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع حركة حماس، محذّراً من أن إسرائيل ستدفع ثمناً ثقيلاً بسبب عدم إنهائها الحرب على غزة.

واعتبر ويتكوف في تصريح للقناة 12 أن "إسرائيل فاتها القطار"، وقال إن واشنطن "لن تنتظر على الرصيف، ونأمل أن تلحق إسرائيل بالقطار التاريخي الذي غادر المحطة بالفعل".

قطع الاتصالات مع نتنياهو

في سياق آخر، كشف مراسل إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، ياني كوزين، الخميس، عن قرار لترامب بقطع الاتصالات مع نتنياهو، بسبب شكوكه بأن الأخير يتلاعب به.

وقال كوزين، في منشور عبر صفحته على منصة "إكس": "المحيطون بالرئيس الأمريكي أخبروه أن نتنياهو يتلاعب به، ولا يوجد شيء يكرهه ترامب أكثر من أن يظهر كأنه مغفّل، لذلك قرر قطع الاتصال معه".

وأضاف: "ربما سيتغير ذلك لاحقاً، لكن هذا هو الوضع حالياً".

ويتقاطع ما نشره مراسل إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي مع ما ذكرته صحيفة يسرائيل هيوم من أن هناك "تراجعاً كبيراً في العلاقات الشخصية وخيبة أمل متبادلة بين نتنياهو وترامب".

وأشار كوزين إلى أن ترامب "يعتزم المضي قدماً في خطوات متعلقة بالشرق الأوسط دون انتظار نتنياهو"، في إشارة إلى تباين في المواقف بين الطرفين بشأن ملفات إقليمية.

ولفت إلى أن رئيس الوفد المفاوض، وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، تحدث خلال اجتماعه في أبريل/نيسان الماضي، مع كبار النواب الجمهوريين في واشنطن، وأخبرهم ما يجب أن يفعله ترامب، ما أثار غضب الأخير.

وقال كوزين إنّ سلوك ديرمر جعل المقربين من ترامب يحرّضونه ضد نتنياهو.

وقالت مصادر مقرّبة من ترامب لصحيفة يسرائيل هيوم إنه يشعر "بخيبة أمل" من نتنياهو، ويعتزم التحرك واتخاذ "خطوات" في الشرق الأوسط "بدون انتظاره".

وأضافت المصادر أن ترامب مهتم باتخاذ قرارات يعتقد أنها ستُساهم في تقدم الولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بالسعودية وبقية دول الخليج، حسب الصحيفة.

وتحمل زيارة ترامب للسعودية دلالات اقتصادية وإستراتيجية، إذ تركز على تعزيز الشراكة الاقتصادية، وتوقيع اتفاقيات دفاعية كبرى، والتعاون في مجالات الأسلحة التقليدية والنووية، مما يعكس سعي واشنطن لترسيخ دور الرياض بوصفها حليفا محوريا في النظام الإقليمي الجديد الذي تعمل الإدارة الأميركية على تشكيله.

 

وفي هذا السياق، يرى المحللون الإسرائيليون أن ترامب -بشخصيته غير المتوقعة وتصريحاته المتقلبة- ينظر إلى قضايا الشرق الأوسط بمنطق تجاري محض، إذ يعطي الأولوية للمصالح الأميركية المباشرة، ولا يتوانى عن الضغط على أقرب الحلفاء إذا تعارضت مواقفهم مع رؤيته.

ويبدو أن الإدارة الأميركية لم تعد تعتبر إسرائيل، وتحديدا حكومة نتنياهو، الشريك الأكثر موثوقية في تنفيذ هذه الرؤية، بل إنها باتت تنظر إليها على أنها طرف يجب أن يخضع للتوجيهات الأميركية، لا العكس.

ويرى محللون أن ترامب يسعى عبر الزيارة لتحقيق إنجاز ملموس، كتحرير محتجزين أو التوصل إلى اتفاق رمزي، لتعزيز صورته كقائد صانع صفقات، لكن تحقيق ذلك يتطلب مرونة أكبر من إسرائيل، وهو ما يصعب تحقيقه في ظل تمسك نتنياهو بمواقفه، رغم الضغوط الأميركية المتزايدة.






 

 

المصدر: الجزيرة نت

الكاتب : محمد وتد

التاريخ : 11/5/2025

--------------------------------------------------

المصدر: بالعربي بوست

التاريخ : 9/5/2025

 

المقالات الأخيرة