التدخل الدولي الانساني وأركانه


المقدمة 

يعتبر موضوع التدخل الدولي الإنساني من الموضوعات الهامة التي لاقت اهتمام كبير بين الأوساط الدولية وقد تمثل دراسته مجالاً رحباً للمهتمين بالشؤون الدولية وذلك لارتباطه بمواضيع هامة في القانون الدولي كمبدأ عدم التدخل ، السيادة وحقوق الانسان ، و لقد انتشرت عباره التدخل الدولي الانساني في العقد الماضي من خلال المؤتمرات الدولية ، وسائل الاعلام والبحوث لمحاولة خلق الظروف المناسبة لإنشاء قواعد عرفية دولية جديدة تستخدم مصالح الدول التي نادت بإنشاء نظام دولي جديد، وتبين الأصول التاريخية أن التدخل الدولي الانساني قد ظهر على صعيد العلاقات الدولية قبل ظهور مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول حتى إذا كان ذلك قد ارتبط بالحق السيادي للدول باللجوء الى الحرب وهو ما يفسر عدم اقتران اللجوء إلى التدخل بأي قواعد قانونية


التدخل الانساني

 ورد في الأدبيات السياسية بأن التدخل هو ممارسة سلطة عامة من جانب دولة على أراضي دولة أخرى من دون موافقة هذه الأخيرة وهو تعريف لا يغطى الإشكالات التي تثار حول المفهوم كما أنه يحصر عملية القيام بمهمة التدخل في دولة واحدة في الوقت الذي يمكن أن تتم فيه العملية عن طريق مجموعة دولية تحت غطاء الامم المتحدة أو مجموعة إقليمية كحلف الناتو مثلا في محاولة منه لإضفاء نوع من الإحاطة بالمفهوم، وقد قام فينست بتعريف التدخل على أنه ” الأعمال التي تقوم بها دولة ما أو مجموعة في إطار دولة ما أو مجموعة من الدول أو منظمة دولية تقوم بالتدخل بشكل قسري في الشؤون الداخلية لدولة أخرى


اركان التدخل الدولي

 للتدخل الدولي ثلاثة اركان اساسية وهي

 

توافر الشخصية الدولية لأطراف النزاع - 

 بمعنى انه لكي يطلق على حدث ما انه تدخل لابد ان يكون الفاعل يتمتع بالصفة الدولية سواء اكان دولة او منظمة، ومن الملحوظ ان اكثر انواع التدخل هو تدخل دولة في شؤون دولة اخرى مثل التدخل العراقي في الكويت وتدخل الولايات المتحدة في الشؤون الداخلية للعراق ولكن في الآونة الاخيرة ظهر النوع الاخر وهو تدخل المنظمات الدولية في شؤون الدول وذلك مثل تدخل الامم المتحدة في الكونغو والصومال وفي منطقة البلقان، والجدير بالذكر ان ميثاق الامم المتحدة في المادة الثانية فيه ينص صراحة على مبدا عدم التدخل من قبل المنظمات الدولية وضمنا على عدم التدخل من قبل الدول ورغم هذا فان كل من الدول والمنظمات قد ضربت بهذه المواثيق عرض الحائط في سبيل تحقيق مصالحها، ولكن الذي ينبغي التأكيد عليه انه لابد ان تكون الدولة المتدخلة في شؤون دولة اخرى والدولة المتدخل في شؤونها متساويتين في السيادة اي يمتلكان السيادة الكاملة حتي يطلق على هذا التدخل تدخل دولي بالمعنى الفعلي

الركن المادي -

وقد اختلف تحديد هذا الركن بين مؤيدي الاتجاه الخاص لتعريف التدخل الدولي والاتجاه العام للتعريف نفسه، حيث يري انصار الاتجاه الخاص ان الركن المادي هو ان تتدخل الدولة بطريقة القهر لتفرض ارادتها او ممارسة ضغط لتحقيق هدفها وبالتالي فقد اقتصر هذا الاتجاه علي استخدام القوة الظاهرة العسكرية فقط، اما بالنسبة للاتجاه العام فيري انصاره ان الركن المادي يتمثل في كافة انواع التدخلات سواء كانت سياسية او قانونية او دبلوماسية وبما في ذلك انشطة المنظمات الدولية

الركن المعنوي -

 يذهب بعض فقهاء القانون الى ان العنصر المعنوي ليس ضرورياً ان يكون متوفراً، ولكن الحكم بالمحصلة او النتيجة وهي ان يكون عملاً او حادثاً تدخلياً سواء كان ذلك بقصد او بغير قصد، برضى الدولة محل التدخل ام رغما عنها، سواء اكان تدخلاً عارضا ام طويل الاجل ، بهدف احتلال الدولة او بهدف استغلال اراضيها لأهداف عسكرية وسياسية، المهم ان تكون النتيجة واقعيا هو مس سيادة هذه الدولة وسلطاتها


 وختاماً

 اذا كان لابد من التدخل الانساني فيجب أن يكون هناك اجماع دولي حول حتمية هذا التدخل وتقديم ضمانات بأن يكون له قواعد يتم في سياقها ولا يتخطاها. يجب عدم استخدام القوة العسكرية في التدخل واللجوء إلى أساليب سلمية أكثر فاعلية. يجب على الدول الكبرى والمنظمات الدولية والاقليمية عدم تسييس حق التدخل الإنساني من خلال استغلاله كذريعة للتدخل في الدولة وتفتيت النسيج الاجتماعي يجب على المنظمات الدولية والإقليمية التنسيق مع الأمم المتحدة والمحكة الجنائية الدولية، بحيث تقوم المنظمات الدولية الإنسانية بإخطار الأمم المتحدة بأي انتهاكات لحقوق الإنسان حول العالم، ومن ثم يتم اتخاذ ما هو مناسب من قرارات، وبالتالي تضيع على الدول الكبرى فرصة التدخل في الدولة المعنية باسم الإنسانية لتحقيق أغراض سياسي

المقالات الأخيرة