المفهوم العربي للسيادة الرقمية
فرع القاهرة

على غرار أي تطور تكنولوجي ذا صلة بالنواحي السياسية والاجتماعية، دفعت التطورات التكنولوجية الرقمية أدبيات العلوم السياسية إلى التطرق إلى تأثيراتها المتنوعة على علاقات القوة، ولحق ذلك بإعادة التفكير في المفاهيم المفتاحية، مثل مفهوم السيادة، والذي يعد أحد المفاهيم الجدلية في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، وتعمق هذا الجدل مع ظهور الإنترنت والمنصات الرقمية والذكاء الاصطناعي، والذي بات يتحدى المفهوم التقليدي للسيادة، ودفع بعض الحكومات مثل الصين وفرنسا إلى الدعوة لتحقيق "السيادة الرقمية"، كآلية لضبط التطور الرقمي، وتوظيفه في صالح التنمية وحفظ الكرامة.

في هذا السياق، تُسلِّط هذه الدراسة الضوء على مفهوم السيادة الرقمية، وتستعرض أبرز إشكالياته؛ وتحاول ربطها بالنقاش الكلاسيكي حول السيادة، مع إيلاء اهتمام خاص للعالم العربي الذي يقف على هامش النظام الرقمي العالمي. والسؤال المركزي الذي تطرحه الدراسة هو :هل تمثل السيادة الرقمية امتداداً لمفهوم السيادة التقليدية أم قطيعة معرفية معه؟، وكيف يمكن لدول الهامش التكنولوجي صياغة مقاربة عملية للسيادة الرقمية؟

تنطلق الورقة من فرضية مفادها أن تحقيق السيادة الرقمية في العالم العربي خلال هذه المرحلة، لا يمكن أن يتم وفق النماذج السائدة (الصيني أو الأوروبي أو الأمريكي)، بل يحتاج إلى إطار بديل يقوم على فكرة "السيادة الرقمية المرنة"، باعتبارها مقاربة تتيح الموازنة بين الاعتماد على الخارج وتطوير القدرات المحلية بشكل تدريجي.

لذا تم تقسيم الدراسة إلى أربعة محاور رئيسة، يتنازل الأول بشكل موجز أبعاد مفهوم السيادة التقليدية نفسه، ثم تنتقل لتحليل تطور مفهوم السيادة الرقمية، والإشكاليات التي يثيرها، من منظور الدول الأقل تقدماً في هذا المجال، لا سيما دول الهامش التكنولوجي في العالم، ومنها الدول العربية.

أبعاد مفهوم السيادة التقليدي

يرتبط مفهوم السيادة في العلوم السياسية بتاريخ تطور الدولة القومية، ويعيد الكثيرون ظهوره إلى المفكر الفرنسي جان بودان، حيث دعا لأن تكون السلطة العليا المُطلقة (السيادة) في يد الملك أو صاحب الدولة، يُصدر بموجبها القوانين. لكن المفهوم اكتسبت مكانته المحورية بعد معاهدة وستفاليا في عام 1648، حيث أضاف للمفهوم بُعد الإقليم Terrortial، أي أن يكون لكل دولة حدودها الجغرافية التي تسيطر فيها على مواردها والأفراد المقيمين بها، على أن يتم الاعتراف بها واحترامها من جانب الدول الأخرى، وجميعهم متماثلين قانونياً. ثم طرحت الثورات الفرنسية والأمريكية سؤال مشروعية استخدام القوة لحماية الإقليم وفرض القوانين وتشريعها، لتعيد مصدر السيادة إلى اختيار الشعب عوضاً عن الملك، أو الحاكم، وافترضت كتابات روسو وغيره أن السيادة يتنازل عنها الشعب طواعية للحكومة، وبهذا التطور، فهناك سيادة مشروعة، وأخرى غير ذلك، وهكذا مثلت الشرعية البُعد الثالث للسيادة.

وقاد هذا التطور مع نهاية الحرب العالمية الثانية إلى ظهور جدل دولي حول مفهوم السيادة، بين مدرستين رئيسيتين، الأولى تعتبر السيادة مرهونة بالمشروعية، وتدعو بمقتضى ذلك إلى عدم احترام السيادة معدومة المشروعية، خصوصاً في الحالات التي يتم فيها انتهاك حقوق الإنسان، أو تهديد السلم والأمن الدولي، ما مَثَّل الأساس القانوني لأحقية الأمم المتحدة ومجلس الأمن في استخدام القوة العسكرية، وقاد هذه المدرسة الولايات المتحدة الأمريكية، فيما تمحورت المدرسة الأخرى حول الطرف الثاني في الحرب الباردة، وهو الاتحاد السوفيتي ودول المعسكر الشرقي، التي تمسكت بمفهوم السيادة التقليدية، لا سيما البُعد المتعلق بعدم التدخُّل، واحترام حدود الدولة، واعتبرته يفوق غيره من اعتبارات "إنسانية".

وانعكس ما سبق على الحوارات النظرية لمدارس نظرية العلاقات الدولية، حيث تنوعت وجهة نظرها حول تفسير مفهوم السيادة. ومن جانبها، ذهبت المدرسة الواقعية إلى التفسير التقليدي الذي يستند على قدرة الدولة المادية على حماية السيادة باستخدام القوة، فيما اعتبرت المدرسة الليبرالية أن مفهوم السيادة التقليدي أصبح يتقيد بنشاط المنظمات الدولية والاعتماد الاقتصادي المتبادل. وفي ثمانينات القرن الماضي نقلت المدرسة البنائية الحوار حول السيادة إلى مستوى تحليلي مختلف، حيث اعتبرت أن السيادة ظاهرة سياسية اجتماعية غير ثابتة، ويُعاد بناءها وتعريفها باستمرار، واعتبر أحد منظريها الأبرز wndetأنه في حالة عدم قيام دولة بتصدير رسائل تؤكد قدرتها على حماية حدودها، فإن سيادتها ستصبح محل تحدٍ من الأطراف الخارجية والداخلية، واتسق هذا نسبياً مع نظريات ما بعد البنيوية أو النظرية النقدية، التي اعتبرت أن السيادة خطاب وأداة سُلطة يستخدمها الفاعل القوي للهيمنة على الفاعل الضعيف، فيما اعتبرت نظرية النظام العالمي أن دول الأطراف تحظى بسيادة شكلية لكنها تابعة واقعياً لهيمنة الرأسمالية العالمية.

ومع التطور التكنولوجي، وتزايُد اعتماد البشر على التقنيات الرقمية التي تم ابتكارها وتطويرها في عدد قليل من دول العالم في ظهور مصطلح "السيادة الرقمية"، والذي يدعو إلى منح الفاعلين القدرة على تحقيق مصيرهم الرقمي، وهو ما سنوضحه بشكل أكثر تفصيلاً في النقطة التالية.

تطور السيادة الرقمية

في عام 1996، وأثناء مناورات عسكرية قام بها الجيش الصيني رداً على زيارة قام بها رئيس تايوان آنذاك لواشنطن، فقد الجيش الصيني اتصاله بصاروخين بحريين تم إطلاقهما، وأعاد هذه الحادثة إلى تشويش الولايات المتحدة على نظام الملاحة العالمي GPS، ما دعا بكين إلى العمل على تحقيق "السيادة الرقمية" من خلال إنتاج نظام تكنولوجي صيني مائة بالمائة، بما في ذلك نظام ملاحة بديل تعتمد عليه الصين حالياً واسمه Baud.

بهذا التحرُك، مثَّلت الممارسة الصينية في مجال السيادة الرقمية أولى بوادر الالتفات الدولي إلى ضرورة حوكمة النشاط الرقمي، وإدارة ارتباطاته بالعلاقة مع الخارج، وتتزايد بمرور الوقت درجة التفات الدول لهذا المفهوم نظراً لما بات يمثله من تحديات للسيادة التقليدية، فتتيح التكنولوجيا الرقمية للمزودين جمع واستخدام عدد هائل من البيانات والمعلومات من الأفراد المحليين، والتأثير في البنية التحتية والخدمات إلى جانب جني أرباح مالية هائلة دون التعرُّض لرقابة حقيقية من قِبل الدول التي تستقبل أنشطتهم، ما قد يتيح للخصوم الخارجيين أدوات تسمح لهم بالتأثير في استقلالية صنع القرار، وإعادة تشكيل خريطة الثروات والنفوذ لصالح توجهاتهم، مع عدم وجود ضمانة لأن النشاط الرقمي سيراعي مصالح وخصوصية الأفراد المُستخدمين، والمجتمعات، والحكومات.

وسلطت كتابات مختلفة الضوء على خطورة عدم ضبط وحوكمة النشاط الرقمي، منها كتاب مهم أصدرته الأستاذة الأمريكية شوشانا زابوف بعنوان "رأسمالية المراقبة"، وأكدت خلاله أن الشركات التكنولوجية العملاقة تمارس شكلاً جديداً من السلطة يتجاوز سيادة الدولة، من خلال السيطرة على البيانات والسلوك البشري. فيما شددت كتابات ميلتون ميلولير على ضرورة حوكمة الإنترنت، مبيناً أن الفضاء الرقمي يُدار عبر ترتيبات معقدة تشارك فيها الدول والشركات والمنظمات الدولية، ما يحد من السيادة المطلقة. وفي ظل لعب البنية التحتية الرقمية دوراً مهماً في العالم الرقمي، أظهرت كتابات لاورا دينارديس كيف أن الكابلات والبروتوكولات ومراكز البيانات تمثل أدوات سلطة سياسية بيد من يسيطر عليها.

ومن الجدير بالذكر أن العالم الرقمي ينقسم إلى مكونات مختلفة، أبرزها المكون المادي الذي يتضمن شبكات الاتصالات والأقمار الصناعية، والشرائح الإلكترونية وأجهزة الحاسب الآلي، كما هناك المكون غير المادي الذي يتمثل في البرمجيات والخوازميات وبيانات المستخدمين والرسائل المُستخدمة والدعائية. وبذلك يمكن القول إن السيادة الرقمية ليست مجرد امتداد للسيادة التقليدية، بل تعبير عن تحولات أعمق في علاقة السلطة بالتكنولوجيا.

من هنا، بدأت حكومات ومنظمات دولية تطرح مفهوم "السيادة الرقمية" على أنه "الحق في تقرير المصير الرقمي"، أو الحاجة للسيطرة على المكونات المادية والكودية والبياناتية الرقمية، ونظراً لبساطة التعريف الأوّلي، فأنه تسبب في تنوع المنظورات التي تحاول تفسير السيادة الرقمية، وتطبيقاتها المختلفة، فهل المقصود به حق الأفراد في تقرير مصيرهم، أم حق المجتمعات في ضمان الوصول العادل للثروات، أم حق الحكومات في السيطرة على البيئة التشغيلية الرقمية؟ وهو ما سنتناوله فيما يلي.

اتجاهات تفسير السيادة الرقمية

انعكست بنية النظم السياسية والتكنولوجية على اتجاهات مفهوم السيادة الرقمية، ويُمكن التمييز في عالم اليوم بين أربع اتجاهات على الأقل، وهي:

1- الاتجاه السيادي التقليدي: وهو الاتجاه الذي تتبناه دولة الصين، ويقوم على حق الدولة في السيطرة على المجال الرقمي، ومكوناته المختلفة، ومنع سيطرة الأطراف الخارجية على البنية الرقمية الداخلية قدر الإمكان، وتتبنى الصين هذا المفهوم في المداولات العالمية الرامية إلى حوكمة الأنشطة الرقمية. وانعكس هذا الفهم للسيادة الرقمية في إشراف مؤسسات الدولة الصينية على النشاط الرقمي المحلي، والمنع التقني للمنصات الرقمية الأجنبية من العمل بداخل الصين، باستخدام جدار برمجي Firewall، في مقابل توطين التكنولوجيا الرقمية في الصين، سواء من ناحية المكون المادي أو المكون البرمجي، مع الاحتفاظ بعلاقات تفاهم مع الشركات المحلية الرقمية. ويعتبر الحزب الشيوعي الصيني هذا التوجه هو السبيل الأكثر فعالية لمقاومة الهيمنة الرقمية الأمريكية.

2- الاتجاه المتحرر: يُفضِّل هذا الاتجاه توسيع مفهوم السيادة الرقمية، ليتضمن السيادة الرقمية للأفراد، بما يعني حق الفرد في حماية والتحكم في بياناته الرقمية، أو عدم استخدام النشاط الرقمي حتى، وتعتبر دول الاتحاد الأوروبي من أبرز الدول التي تتبنى هذا الاتجاه، ما تُرجم في قانون البيانات الأوروبي GDPR، والذي ألزم الشركات العاملة في النشاط الرقمي في أوروبا باحترام الخصوصية الرقمية للأفراد، بما في ذلك حقهم في النسيان الرقمي أي مسح البيانات بالكامل، والحصول على موافقتهم على أي بيانات يتم جمعها عنه (على غرار مشروع العقد الاجتماعي)، ويتزايد حجم داعمي هذا التوجه في ظل الانتهاكات التي تطال خصوصية المستخدمين من قِبل الشركات الرقمية التي يعتبر أغلبها غير أوروبي، ولعل من أبرز تجليات هذا الاتجاه مؤخراً هو اقتراح وزارة الثقافة الدنماركية تعديل قوانين النشر الوطنية لمنح المواطنين الحق في منع استخدام صورهم الشخصية وملامح وجوههم وأصواتهم، كوسيلة لتقييد تطبيقات التزييف العميق التي ينتجها الذكاء الاصطناعي التوليدي، إذ يقر مقترح القانون غرامات على أي منصة تقنية لا تمتثل للقانون.

3- اتجاه اقتصاد السوق: يرتبط هذا الاتجاه بالأساس بالولايات المتحدة الأمريكية، والتي دفع تفوقها التكنولوجي النسبي إلى تبنيها نهجاً لا يعتبر كثيراً لمفاهيم السيادة التقليدية، إذ تجنبت واشنطن إصدار أي تشريعات لتقييد أنشطة العالم الرقمي، باستثناء الأنشطة المتعلقة بإدارة التنافس التكنولوجي مع الصين، وينبع ذلك من اعتقاد صناع القرار الأمريكيين بأن ضمان تطوير التقنية يقتضي فتح المجال أمام الشركات العاملة في هذا المجال، من أجل ضمان التفوق على الصين[13] . ويُمكن فهم هذا التوجه الأمريكي في ضوء أن التفوق التكنولوجي الأمريكي سيتضرر إلى حد كبير في حالة سيطرة مفهوم السيادة التقليدية الرقمية على حوكمة العمل الرقمي، كما يعيق المدخل الليبرالي الأوروبي من فُرص تطوير القطاع تقنياً، لكونه يفرض قيوداً على إدارة البيانات وجمعها، والتي تعد أساس تدريب وتطوير الذكاء الاصطناعي.

إشكاليات تحقيق السيادة الرقمية في العالم العربي

التفتت بعض الحكومات العربية إلى أهمية تحقيق السيادة الرقمية، وأصدرت دول مثل مصر والسعودية تشريعات هدفت إلى حماية بيانات مواطنيها، فيما تتبنى الإمارات خطة طموحة لتوطين بيانات مواطنيها. غير أن إشكاليات تحقيق السيادة الرقمية في العالم العربي متعددة، وتنبع من خصائص التكنولوجيا الرقمية نفسها، وخريطة التفوق فيها عالمياً. فمن ناحية، وباستثناء التجربة الصينية، اخترقت الأنشطة الرقمية نظرية السيادة التقليدية بالفعل، فهي في حد ذاتها بُنيت على كسر الحاجز الجغرافي، والذي منح السيادة التقليدية أحد أبرز أبعادها، فيمكن القول إن تحقيق السيادة التقليدية في ظل التطورات التكنولوجية المعاصرة صعب دون التخلي الكامل عن النشاط الرقمي.

ومن جهة أخرى، تعد مسألة تطوير بدائل محلية خالصة غير عملية. بل إن التجربة الصينية نفسها تعكس اعتماداً صينياً على المنتجات الأمريكية والتايوانية في سبيل تعظيم وتطوير شركاتها المحلية، والعكس صحيح. لذا يعد الخارج مؤثراً في التطور الرقمي سواء من ناحية استيراد الخبرات والقدرات، أو من ناحية تطوير الشركات المحلية من خلال تصدير المنتجات والتطبيقات الرقمية للخارج.

وعربياً، تجد الدول العربية نفسها في محل اختيار بين الاعتماد على التقنيات الصينية أو الأمريكية في سبيل تطوير بنيتها الرقمية، في ظل عدم امتلاك أغلب الدول العربية البنية التحتية الملائمة لتطوير هذه التقنيات محلياً، بجانب افتقارها للمواهب والخبرات الفنية اللازمة لتدريب البرمجيات، ويضع هذا الدول العربية في موقف غير قوي.

ومع ذلك، لا يعني عدم امتلاك قدرة ذاتية كافية على تطوير التقنية الرقمية الارتكان أو التبعية التقنية للخارج، لما يمثله ذلك من مخاطر ليس فقط على الأمن القومي التقليدي، لكن كذلك على فرص تعزيز النمو الاقتصادي للأفراد، وحماية خصوصياتهم وأمنهم.

ومن هنا تنبع الحاجة إلى تبني اتجاه جديد في السيادة الرقمية يوازن بين الاحتياجات المحلية والاعتماد على التقنيات الرقمية الخارجية، بما يكفل للدول والمجتمعات والأفراد القدرة على حماية مصالحهم وأمنهم، على أن يُبنى هذا الاتجاه على مفهوم السيادة الرقمية المرنة، والتي يُمكن وصفها بأنها عملية متحركة تتطور بمرور الوقت، تتسم بالانفتاح على التعديل وإعادة الضبط، وتهدف إلى ضمان الوصول إلى خيارات رقمية متنوعة أمام المجتمعات العربية، بغرض القضاء على هشاشتها الرقمية إذا جاز التعبير.

ولعل السمات الرئيسة لهذا المفهوم تتمثل في تنويع شبكة الاعتماد الرقمي المحلي، وتوسيع التعاون مع مختلف الشركاء الخارجيين الموثوق بهم، سواء على صعيد المكونات المادية الخاصة بالبنية التحتية، مثل شبكات الاتصالات ومزودي الإنترنت، أو المكون غير المادي الخاص بالبرمجيات، على أن يتم ذلك بموازاة تحفيز القطاعات المحلية على الانخراط في تطوير التقنيات الرقمية، وتعزيز الوعي الرقمي للأفراد، بجانب العمل على تحقيق سيادة البيانات من خلال وضع إطار عمل لحوكمة بيانات المواطنين، والعمل على توطينها، بجانب وضع ضوابط على عملية الحصول عليها من جانب المنصات الأجنبية، وضمان الوصول إليها من جانب المطورين المحليين.

ختاماً، أوضحت الورقة أن مفهوم السيادة لم يكن ثابتاً، بل أعيد تعريفه مع كل مرحلة تاريخية. واليوم، تفرض الثورة الرقمية إعادة صياغة جديدة للسيادة. فبينما تطرح الصين نموذج السيادة الصلبة، وأوروبا السيادة الفردية، والولايات المتحدة الأمريكية سيادة السوق، يظل العالم العربي في موقع ضعيف.

الاستنتاج المركزي هو أن تحقيق السيادة الرقمية في السياق العربي يتطلب مقاربة مرنة، تراعي الواقع البنيوي وتوازن بين الاعتماد الخارجي وتطوير القدرات المحلية. إن السيادة الرقمية المرنة تمثل محاولة لتجاوز المعضلة بين التبعية الكاملة والاستقلال المستحيل، وتفتح المجال أمام نقاش نقدي أوسع حول مستقبل السيادة في عصر الذكاء الاصطناعي.

وتبقى الحاجة ماسة إلى دراسات تطبيقية أعمق تربط بين السيادة الرقمية والأمن القومي، وتدرس أثر الذكاء الاصطناعي على إعادة تعريف السلطة والسيادة، عبر حالات مقارنة من المنطقة العربية.

 

المصدر: مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

الكاتب : د. سمير رمزي

التاريخ : 3/10/2025

----------------------------------------------------------------------------

المصدر: مجلة الدورة الاقتصادية

الكاتب : الدكتور ميلاد السبعلي

التاريخ : 16/5/2025


المقالات الأخيرة