تعرضت دبلوماسية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه الحرب الروسية-الأوكرانية لانتقادات عدة بسبب عدم قدرتها على إحراز تقدم في إنهاء حرب تجاوزت ثلاث سنوات، فعلى الرغم من ثقة الرئيس ترامب التي ظهرت قبل توليه الرئاسة، حين أعلن قدرته على إنهاء الحرب في 24 ساعة والتفاؤل الذي برز من جانبه خلال قمة الاسكا بشأن قدرته على جمع الخصوم والتوفيق بين المصالح، فإن جهوده الدبلوماسية للتوسط في اتفاق سلام بين الطرفين لم تُسفر حتى الآن عن نتائج ملموسة. بل إن الوضع الميداني ازداد سوءًا، إذ واصلت روسيا تصعيد هجماتها على أوكرانيا، وتبع ذلك تسلل مسيّرات روسية إلى أجواء دول من شرق وشمال شرق أوروبا، مما استدعى ردًا مضادًا من الناتو عبر إقلاع مقاتلاته واعتراض تلك المسيّرات وإسقاطها.
وقد شكّل هذا التصعيد المستمر مؤشرًا على أن الطريق نحو إنهاء هذه الحرب لا يزال غير ممهد بعد وأن الدبلوماسية الترامبية لا تزل موضع شك واتهام من قبل حلفائها قبل أعدائها. وتأتي هذه المقالة كمحاولة لتسليط الضوء على العقبات التي تواجه دبلوماسية ترامب في سبيل إنهاء الحرب، منذ انطلاق المباحثات المباشرة بين ترامب وبوتين في ألاسكا، وصولًا إلى ما أعلنه ترامب من استعداده لفرض جولة أخرى من العقوبات المشروطة على روسيا وتغيير موقفه لصالح أوكرانيا، وذلك في إطار تقييم مدى فاعلية دبلوماسيته من عدمها.
قمة ألاسكا: صفقة لا ترضي الجميع
على الرغم من رغبة ترامب في تحقيق اختراق دبلوماسي قد يفضي إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا انطلاقًا من قمته في ألاسكا، فإن مخرجات القمة قد أثارت جدلًا واسعًا حول فاعلية دبلوماسيته، ومدى قدرتها على إرغام الجانب الروسي على تقديم تنازلات تُقرّب وجهات النظر وتمهد لحل سريع لهذه الحرب، إذ بدا أن ترامب هو من تراجع عن مواقفه وليس بوتين. وقد تمثلت أبرز مخرجات القمة في الآتي:
انتصار دبلوماسي لبوتين: توجهت الأنظار إلى النصر الدبلوماسي الذي حققه بوتين من جراء هذه القمة، حيث ظهرت أولى مؤشراته في نجاحه بكسر حاجز العزلة الدبلوماسية المفروضة عليه من قبل الغرب منذ اندلاع الحرب، وذلك من خلال ترحيب رئيس قوة قطبية غربية به على أرضها أما مؤشرات انتصار دبلوماسية بوتين الحقيقية، فقد تجلت في إقناع ترامب بعدة اقتراحات تصب في صالح روسيا، وتتمثل في ثلاث نقاط رئيسية:
أ- استطاع بوتين إقناع ترامب بأن جهود البيت الأبيض يجب أن تتركز على التوصل إلى حل شامل لإنهاء الحرب، لا على وقف إطلاق نار غير مشروط.
ب- نجح بوتين في أن يثني ترامب عن فرض عقوبات على روسيا، رغم رفض الكرملين وقف إطلاق النار، ورغم مطالب ترامب السابقة وضغوط القادة الأوروبيين وزيلينسكي قبل انعقاد القمة.
ج- تمكن بوتين من إقناع ترامب بفكرة "تبادل الأراضي"، من خلال إظهار جديته واستعداده لتقديم تنازلات إقليمية.
على الرغم من أن ما تعهد به ترامب للغرب قبل القمة والمتضمن العمل لوقف القتال، والتحضير للقاء ثلاثي والضمانات الأمنية لأوكرانيا، لم ينجح في استيفائها كاملة، إذ أسقط التعهد الأول، وتبنى طرح بوتين ولم يطرح التعهد الثاني، فيما لم تتضح طبيعة التعهد الثالث إلا أن تحليلات عديدة أكدت أن ترامب لم يخرج خاسرًا بل حصل على بعض المكاسب الرمزية:
أ- إظهار نفسه بأنه صانع سلام بخلاف إدارة بايدن التي جلبت الحروب والدمار.
ب- استغلال لقاء بوتين؛ لتجديد هجومه على التحقيقات المتعلقة بتواطؤ حملته مع الروس في انتخابات 2016.
ج- حصل على تأكيد وإشادة بوتين على أن الحرب لم تكن لتحدث لو كان في السلطة آنذاك؛ وهي مكاسب رمزية تصب في إرضاء غرور ترامب ومهاجمة أعدائه.
خلاف التعويضات الإقليمية
شكَّلت التنازلات الإقليمية المُحتملة من جانب أوكرانيا إحدى أبرز القضايا الشائكة بين الأطراف، خاصة أنه مع وصول إدارة ترامب ظهر الانشقاق في الصف الغربي بخصوص هذه القضية، إذ ألمح ترامب ومسئولون في إدارته مرارًا بأن العودة إلى حدود أوكرانيا قبل عام 2014 هو هدف غير واقعي والسعى وراءه لا يؤدي إلا إلى إطالة أمد الحرب وهذا الرأي عارضه الجانب الأوكراني والقادة الأوروبيون مصحوبًا باتهامات للولايات المتحدة بخيانة أوكرانيا لكن اتضح أن مثل هذا الطرح قد عاد لطاولة النقاش مرة أخرى عقب قمة ألاسكا.
الخلاف حول "الضمانات الأمنية" بعد تفاؤل ترامب باقتراح بوتين عن الضمانات الأمنية الروسية في قمة الاسكا وظهور آمال لإمكانية إبرام اتفاق أمني يمثل اختراقًا دبلوماسيًا لترامب، قامت الدول الأوروبية بتقديم خطة خاصة بها تتمثل في نشر "قوة طمأنة" أوروبية في أوكرانيا بعد الحرب بمساهمة محتملة من قبل عدد من دول الاتحاد الأوروبي، بينما وعد ترامب بـ"دعم جوي" غامض من الولايات المتحدة من دون توضيح كيف سيكون عمليًا.
بوتين وزيلينسكي: مساران معاكسان ورهانات عدة يبدو من مجريات المحادثات التي تمت حتى الآن بوساطة أمريكية وما تبعها من تصعيد عسكري بين الطرفين أن الطريق ليس ممهدًا أمام الدبلوماسية الأمريكية لإحراز نصرًا سريعًا كما كان يعتقده ترامب، وهو الأمر الذي جعله يخرج بتصريحات تعكس إدراكه العميق لتعقيدات الصراع، إذ إن طرفيه يسيران في مسارين مختلفين، فروسيا لديها شروط واضحة لإنهاء الحرب، وهي الاعتراف بسيطرتها على المناطق الأربع فى شرق أوكرانيا، وهى جمهوريتا لوجانسك ودونيتسك ومقاطعتا زابوريجيا وخيرسون، إضافة لشبه جزيرة القرم، باعتبارها أراضٍ روسية، كما تشترط عدم انضمام أوكرانيا لحلف الناتو وحيادها وتخفيض جيشها وعدم نشر الناتو لأسلحته الإستراتيجية فى شرق أوروبا بالقرب من الحدود الروسية، وهى شروط غير مقبولة من أوكرانيا، التي تطالب بانسحاب روسى كامل من تلك المناطق.
رهانات بوتين يستند بوتين في موقفه التفاوضي وتمسكه بمطالبه على عدة رهانات منها:
الوضع الميداني والثقة بالنصر يمثل الوضع الميداني واحدًا من أهم العوامل التي تلعب دورًا في موقفه التفاوضي، لذلك نجد أن بوتين لا يبدأ في مفاوضات جدية دون أن تسبقها تحضيرات سواء على المستوى الفكري بترتيب أفكاره بشكل جيد أو على الصعيد الميداني من خلال التصعيد وتمهيد الطريق مسبقًا لفرض أمر واقع ميداني يثقل كفته في التفاوض لتقليل فرص الحديث عن انسحابات أو تنازلات إقليمية محتملة.
الصمود في وجه العقوبات الغربية يأتي الرهان على الصمود الروسي في وجه العقوبات من واقع التجربة الحالية ذاتها، فقد كشف تقرير نشر بمجلة فورين بولسي الأمريكية أن العقوبات الغربية رغم قسوتها واتساع نطاقها لأكثر من 40 شهرًا لم تستطع إيقاف آلة الحرب الروسية-الأوكرانية أو إرغام بوتين على تقديم تنازلات حقيقية، الأمر الذي كشف محدودية هذه الأداة كوسيلة للردع أو الإكراه.
نجاحه الدبلوماسي يراهن بوتين على نجاحه في كسر عزلته الدبلوماسية وقدرته على توطيد العلاقات مع دول الشرق لاسيما الصين والهند وكوريا الشمالية، فمنهم من ساعد بوتين على الصمود في وجه العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه بالالتفاف عليها، من خلال زيادة المشتريات الهيدروكاربونية، ومنهم من قدم الدعم العسكري بأسلحة أو بقوات أو قدم دعمًا دبلوماسيًا في المحافل الدولية.
شخصية ترامب وتجنب التشدد مع بوتين يراهن بوتين على شخصية ترامب التي تسعى لإحراز انتصار دبلوماسي على سابقيه الديمقراطيين وإظهار سوء تقديرهم وعدم نجاعة سياساتهم أمام العالم، فهو يدرك صدق ترامب في تحسين العلاقات الروسية-الأمريكية سواء لأسباب شخصية أي إظهار نفسه كصانع سلام أو لأسباب براجماتية تخص سياساته الخارجية ومصلحته في التعاون مع بوتين في عدة ملفات كملف إيران أو سوريا أو في الملفات التجارية والاستثمارات، فهو تاجر صفقات بالدرجة الأولى كما أن خصمه الجيوسياسي الرئيسي هو الصين وليست روسيا ولا يستبعد من تفكيره محاولة استقطاب روسيا للحيلولة دون مزيد من التقارب مع الصين.
شق الصف الغربي وهو رهان غالبًا ما اعتمد عليه بوتين في سياساته تجاه الغرب وصراعه معه، إذ لم يكتف بوتين باستقطاب حلفاء له معادين للهيمنة الغربية بل كان يسعى إلى شق الصف الغربي ذاته واستقطاب حلفاء الغرب وأصدقائه، وقد اتضح ذلك جليًا من قبل في علاقة بوتين بتركيا.
استمرار الدعم الأوروبي
تراهن أوكرانيا على استمرار الدعم الأوروبي لها وتستمد ثقتها في استمراره من الدوافع الأوروبية الجيوسياسية والمتمثلة أولًا في الحفاظ على الأمن الأوروبي واستقرار المنطقة، إذ تعتبر أوروبا أن الصراع في أوكرانيا يشكل تهديدًا مباشرًا لأمنها واستقرارها، حيث تعد أوكرانيا جبهة أمنية حدودية لها. ثانيًا مواجهة التوسع الروسي والحفاظ على توازن القوى، فالدعم يرسل إشارات واضحة لروسيا بأن أوروبا لن تقبل بعودة النفوذ الروسي على حساب سيادة دول مستقلة. ثالثًا، أهمية أوكرانيا كمركز جيوسياسي وإستراتيجي، فهي دولة مركزية من الناحية الجغرافية والسياسية، تقع على مفترق طرق بين روسيا وأوروبا، وتمثل عقدة مهمة في شبكات الطاقة والتجارة والنفوذ ودعمها يمنع روسيا من استخدام أوكرانيا كورقة ضغط على أوروبا عبر إمدادات الطاقة والتجارة.
نفاد صبر ترامب من السياسات التصعيدية لبوتين يؤمن زيلينسكي بأن بوتين لا يريد سوى الحرب ويروج دائمًا لهذه الحقيقة ويستشهد باستمرار تصعيده الميداني وعدم سعيه الجاد للقاء معه لإنهاء هذه الحرب، ويدرك رئيس أوكرانيا أن مثل هذه السياسات من قبل خصمه تحرج ترامب وتظهر فشله الدبلوماسي أمام العالم، وهذا الأمر قد يثير غضب ترامب ويسئ إلى صورته وينال من هيبته باعتباره رئيس الدولة القطبية المهيمنة وقائدة العالم. لذلك فإن الرهان على نفاد صبر ترامب يعد من رهانات زيلنسكي التي تصب في صالحه إذا حدثت لأنها قد تؤدي إلى مزيد من الضغط الأمريكي على بوتين وقد تسرع طرح عقوبات أكثر شدة وحزمًا في مواجهة روسيا.
سلاح العقوبات المشدد يرى زيلينسكي أن استمرار الحرب دون تحرك نحو السلام يرتبط بفرض مزيد من العقوبات على روسيا، معتبرًا أن هذه العقوبات تشكل شرطًا لا غنى عنه لتحقيق وقف إطلاق النار والتقدم نحو السلام.
حاجة ترامب لحليفه الأوروبي إن "أوروبا تمثل خط المواجهة الأول مع روسيا، التي طالما كانت خصم الولايات المتحدة الأمريكية في القرن الماضي. وبينما يظهر اليوم تحول أمريكي يركز على المنافسة مع الصين، فإن واشنطن لن تستطيع فعل ذلك دون الدعم الأوروبي. فإذا أرادت الولايات المتحدة سحب جزء من وجودها العسكري في أوروبا وتحويل تركيزها نحو مسرح عمليات المحيط الهادئ، فإنها ستحتاج أوروبا لسد الفراغ، وإلا فستنشأ فجوة، وربما يشكل ذلك حافزًا للصين وروسيا للتنسيق معاً.
الخروج من المأزق
لم تكن محاولة تسوية الحرب الروسية-الأوكرانية بالنسبة لترامب سوى اختبار حقيقي لمهاراته السياسية فقد راهن فيها ترامب على فاعلية دبلوماسية الصفقات التي يتبناها في سياسته الخارجية. تلك الدبلوماسية التي ينتهجها في مواجهة الحلفاء قبل الخصوم، وهي وإن كانت تساعد على تقريب وجهات النظر بينها وبين أعدائه فهي تزيد الفجوة بينه وبين حلفائه التقليديين وتزيد من عدم الثقة بينهم. فهذه الدبلوماسية لا تجعل ترامب يميز كثيرًا بين الحلفاء والخصوم وتجعله يختزل كل معضلات السياسة الخارجية إلى صفقات تجارية وعدم التعاون لحلها تعني بالنسبة له إهدارًا لوقته وماله وطاقات وأموال بلاده.
لم يكتف ترامب بهذا التبرير للخروج من المأزق الدبلوماسي بل فاجأ العالم بتصريحاته ومواقفه التي مثلت تحولاً خطيرًا في رؤيته لإنهاء الحرب وذلك تزامنًا مع لقائه بزيلينسكي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر الماضي وتمثل ذلك في:
التخلي عن صفقة الأرض مقابل السلام: فبعد محاولات ترامب الضغط على الأوكرانيين للتنازل عن أراضٍ احتلها الروس معتبرًا أنه لا أمل لهم في السلام بدون ذلك، فاجأ ترامب الجميع في الأمم المتحدة بعد لقائه بزيلينسكي بتغيير موقفه من صفقة الاسكا معلنًا أن أوكرانيا قادرة على استعادة جميع الأراضي التي احتلتها روسيا وبإمكانها استعادة المزيد أيضًا.
إظهار ضعف روسيا والتصعيد اللفظي ضدها: حاول ترامب تبرير تغير موقفه من الحرب عبر منشور له في 23 من سبتمبر في حسابه بمنصة تروث سوشيال. فقد أشار إلى أن تقييمه الجديد للحرب يستند إلى فهم دقيق للوضع العسكري والاقتصادي الحالي في روسيا وأوكرانيا، وأن معلومات استخباراتية أمريكية جديدة أظهرت أن الكرملين يتجه نحو الدمار الاقتصادي والهزيمة الميدانية.
استمرار الدعم الأمريكي لأوكرانيا: مع تأكيد ترامب على الورطة الاقتصادية والعسكرية التي تتعرض لها روسيا وأن الوقت أصبح مناسبًا للتحرك الأوكراني، أعلن أن الولايات المتحدة ستواصل توريد الأسلحة إلى الناتو ليفعل بها ما يشاء. وهذا الإقرار صاحبه تأكيدات من جانب مسئولين أمريكيين بأن الولايات المتحدة ستزود أوكرانيا بمعلومات استخباراتية لتوجيه ضربات بأسلحة بعيدة المدى في العمق الروسي واستهداف البنية التحتية للطاقة الروسية.
فمن الواضح أن ترامب يتبع خطة "أللا خطة" في سبيل إنهاء هذه الحرب ويبحث فقط عن الورق الرابح. فتحول موقف ترامب لصالح أوكرانيا سواء كان مقتنعًا حقًا بقوتها وقدرتها على النصر أو مدعيًا ذلك لتبرير موقفه، يحقق له عدة مكاسب، فهو محاولة لإخراج نفسه من مأزقه الدبلوماسي واعتقاده الخاطي بقدرته على حل هذه الحرب، كما أنه وسيلة للضغط على روسيا ودفعها إلى مائدة المفاوضات، بالإضافة إلى أنها أداه لتحقيق مزيد من الأرباح التي تصب في صالح آلة التصنيع الحربي الأمريكي.
خلاصة القول، يتضح مما سبق أن رهانات أطراف الحرب والتعارض الشديد في المصالح لا يمثل سوى معوقات أمام دبلوماسية ترامب، لكنها لا تعد سببًا كافيًا للحكم عليها بالفشل. فدبلوماسية الصفقات الترامبية لا تزال تمتلك العديد من أوراق الضغط على كلا الطرفين. ولعل الموقف الأخير لترامب من الحرب وترك ساحة المعركة لأطرافها مع استمرار التزامه ببيع الأسلحة لأوروبا، أي اتباع "سياسة النأي بالنفس" يعد في حد ذاته ورقة ضغط على أطراف الحرب خاصة الجانب الأوروبي الذي يخشى أن يكون هدفه تكليفهم بمهمة صعبة ألا وهي مسئولية إنهاء الحرب والتي تسمح له بإلقاء اللوم عليهم إذا تعثرت كييف في الحرب، كذلك لا تزال ورقة إرسال أسلحة أمريكية تضرب العمق الروسي في يد ترامب يلوح بها من حين لآخر للضغط على روسيا
كما أن المعوقات التي تقف أمام إنهاء الحرب لا تنجم عن أطرافها فحسب، فهناك عدة أسباب نابعة من دبلوماسية ترامب ذاتها وأهدافها وطبيعة شخصية ترامب و تقلباتها. فسوء إدراك ترامب لحقيقة الفكر الجيوسياسي للطرفين الذي يدفعهما للمماطلة في إنهاء الحرب واختزاله لدوافعهما بمجرد شعور بالكراهية بين الطرفين، يعد استهانة بالواقع الجيوسياسي المعقد لهذه الحرب والذي يمتد جذوره في التاريخ السياسي لقارة أوروبا ويترسخ في الفكر الجيوسياسي لقادتها الذي يدور حول معضلة "قلب الأرض الأوراسي". لذلك فإن فهم هذه المعضلة واستيعاب الهواجس الأمنية للطرفين وأخذها بعين الاعتبار هي الخطوة الأولى لأي دولة تسعى للوساطة في هذه الحرب. وهذا الشرط لا يتوفر في الوسيط الأمريكي الذي لا يؤمن إلا بمنطق الصفقات والمكسب السريع، لذلك فالرهان الأوكراني على نفاد صبره من بوتين الذي يتبع سياسة النفس الطويل قد يكون الأقرب للتحقق.
المصدر: مركز الأهرام للدرسات السياسية والاستراتيجية
الكاتب : د. ياسمين أحمد الضوي
التاريخ : 12/10/2025
--------------------------------------------------------------------------
المصدر: الجزيرة نت
التاريخ : 16/10/2025