تداعيات توسع التطبيقات العسكرية للذكاء الاصطناعي
فرع بنغازي

يشهد القطاع العسكري تحولاً جذرياً مع التوسع المتسارع في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي باتت تتغلغل في صميم العمليات الدفاعية عبر تحليل البيانات الاستراتيجية، وتعزيز قدرات المراقبة والاستطلاع، ودعم القرارات الميدانية، وتطوير أنظمة قتالية مستقلة تعتمد على المسيرات والروبوتات. ويؤدي هذا التحول إلى رفع كفاءة الجيوش وتسريع الاستجابة القتالية بصورة غير مسبوقة، غير أن اتساع نطاق هذه الاستخدامات ترافقه تحديات دولية معقدة، من أبرزها تسريع سباق التسلح العالمي والتسبب في تكاليف أخلاقية وقانونية متعددة، الأمر الذي يجعل وضع أطر تنظيمية وضوابط دولية صارمة ضرورة ملحة لضمان بقاء القرار العسكري في حدود السيطرة البشرية الفعالة، ومنع انزلاق هذه التقنيات إلى مخاطر لا يمكن احتواؤها.

 

تطبيقات عسكرية

يشهد الذكاء الاصطناعي توسعاً غير مسبوق داخل المنظومات العسكرية، حيث بات يشكل العمود الفقري لجيل جديد من القدرات القتالية التي تُعيد تشكيل طبيعة الحروب الحديثة. ويشمل ذلك تطوير أنظمة أكثر ذكاءً وفاعلية في القيادة والسيطرة والاستطلاع والعمليات الميدانية، بما يمنح الجيوش تفوقاً معلوماتياً وعملياتياً يصعب مجاراته. وتتمثل أبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التالي:

 

1- تطوير نظم القيادة والسيطرة والاتصالات والميدانية: تصاعد توظيف الذكاء الاصطناعي في أنظمة القيادة والسيطرة التي تقوم بممارسة السلطة وإدارة القوات عبر جمع المعلومات وتنظيمها وتحليلها، ثم توجيه الأوامر لتنفيذ المهام بكفاءة على المستويات الاستراتيجيّة والعملياتيّة والتكتيكيّة، وتعتمد نظم القيادة والسيطرة الذكية على دمج التكنولوجيا والموارد البشرية والإجراءات التنظيمية لرفع الوعي الميداني وتسريع اتخاذ القرار. وتتكامل هذه الأنظمة مع المركبات العسكرية والمُسيّرات والأقمار الصناعية والمراكز الميدانية وشبكات إنترنت الأشياء "IoT"، مما يجعلها محوراً مهماً في تحقيق التنسيق والتفوق المعلوماتي خلال العمليات.

 

وتُسهم التكنولوجيا الحديثة في تطوير نظم القيادة والسيطرة عبر الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والتشفير الكمي وتقنيات الاتصال الضوئي اللا سلكي " LiFi " التي توفر سرعة وأماناً أعلى دون تداخلات ترددات الراديو، ورغم استمرار تحديات مثل التشويش الكهرومغناطيسي ومخاطر الاعتراض وعدم استقرار الاتصالات في البيئات القتالية، فإن حلول " LiFi " العسكرية تمنح نظم القيادة والسيطرة مزيداً من الأمن والمرونة والقدرة على دعم تنفيذ المهام الحرجة بكفاءة أكبر، مما يجعلها ركيزة أساسية في الدفاع والأمن السيبراني.

2-دعم مهام الاستطلاع والمراقبة العسكرية: يُعزز الذكاء الاصطناعي طريقة إدارة القوات العسكرية لمهام الاستطلاع والمراقبة "ISR"، من خلال تحسين عمليات جمع البيانات وتحليلها وزيادة الوعي بالموقف الميداني، كما تساعد أنظمة الرقابة والاستطلاع المدعومة بالذكاء الاصطناعي العسكريين على اكتشاف التهديدات بسرعة أكبر، وتقليل العبء على الأفراد عبر الحصول على معلومات لحظية، مما يتيح استجابة أدق وأسرع في المواقف الحرجة، ويُوفر ميزة تكتيكية في ساحة المعركة.

 

3- تعزيز القدرات القتالية للمركبات ذاتية القيادة: يعزز الذكاء الاصطناعي من قدرات المركبات ذاتية القيادة البحرية والبرية وكذلك المسيرات، إذ يُمكن للذكاء الاصطناعي أن يُعيد تعريف الحرب البحرية من خلال تمكين المركبات البحرية الذاتية وغير المأهولة من جمع البيانات واتخاذ القرارات بشكل مستقل، مما يقلل المخاطر على البشر ويُعزز فاعلية المهام القتالية، كما يُضيف الذكاء الاصطناعي للمسيرات قدرة أكبر على تحليل البيانات ميدانياً، واكتشاف التهديدات ذاتياً مع تنفيذ مهام قتالية واستطلاعية أكثر تعقيداً وتحسين المناورة في بيئات قتالية شديدة التشويش، كما تمنح تقنيات الذكاء الاصطناعي للمركبات البرية ذاتية القيادة القدرة على إتمام مهام عالية المخاطر، مثل: تطهير الطرق من المتفجرات، وإجلاء الجرحى، والاستطلاع بشكل مستقل، مع تمكين المقاتلين من التركيز على القرارات الأكثر حيوية.

 

4- تحسين دقة الاستهداف والاشتباك العسكري: تعمل أنظمة الاستهداف المدفوعة بالذكاء الاصطناعي على تعزيز دقة إصابة الأهداف والاشتباك معها، إذ تُتيح خوارزميات الذكاء الاصطناعي تحليل كميات ضخمة من بيانات الاستطلاع والمراقبة من مختلف المصادر في وقت قياسي، مما يوفر وعياً ظرفياً غير مسبوق، يُمكن أنظمة التحكم في النيران من تحديد التهديدات وتصنيفها والاشتباك معها بسرعة فائقة، وتحسين مسار النيران، والتنبؤ بسلوك الهدف، مما يعزز الدقة ويقلل من الأضرار الجانبية.

 

5- الارتقاء بقطاع الأمن السيبراني العسكري: يُمثل الذكاء الاصطناعي الفائق طفرة نوعية في مجال الأمن السيبراني العسكري، حيث يتجاوز القدرات البشرية في التحليل واتخاذ القرارات والتعامل مع التهديدات في الزمن الفعلي، مما يُعزز الجاهزية الدفاعية من خلال التحليلات التنبؤية، والكشف التلقائي عن الهجمات، والاستجابة الفورية للحوادث السيبرانية المعقدة، كما يُمكنه تحليل الأنماط غير الطبيعية التي لا تلتقطها المراقبة التقليدية، وتنفيذ دفاعات تلقائية ضد الهجمات المتقدمة، وتأمين الشبكات العسكرية والأنظمة الحيوية ضد التسلل السيبراني.

 

6- توفير بيئات افتراضية لنماذج محاكاة التدريب العسكري: تُسهم تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين برامج محاكاة التدريب العسكري، حيث توفر بيئات افتراضية واقعية تُحاكي ساحات القتال المختلفة وسلوك الأعداء والمتغيرات الميدانية، وتساعد هذه التقنيات الجنود على تطوير مهاراتهم واتخاذ القرارات السريعة في ظروف عالية الضغط دون المخاطرة بحياتهم، كما تُتيح تقييم أداء المتدربين بدقة وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تدريب إضافي، مما يُعزز الجاهزية القتالية، ويُقلل من المخاطر أثناء التدريب الواقعي، مع خفض التكلفة.

 

7- إعادة هيكلة الدعم اللوجستي للقوات: يؤدي الذكاء الاصطناعي دوراً متصاعداً في تعزيز القدرات اللوجستية للجيوش، إذ لم يعد تأثيره مقتصراً على ساحات القتال المباشرة، بل امتد ليشمل كل ما يضمن استمرارية العمليات العسكرية، وذلك عبر إدارة سلاسل الإمداد، وتحسين حركة النقل وتوزيع الموارد، إذ تُظهر الجيوش الحديثة اعتماداً متزايداً على الخوارزميات القادرة على توجيه قوافل الإمداد عبر المسارات الأكثر أماناً وكفاءة مع تطبيق حلول متقدمة في النقل وإدارة المخزون.

 

ويُساعد الذكاء الاصطناعي في صيانة الأصول العسكرية بشكل تنبؤي، من خلال توقع موعد احتمال حدوث أعطال في الدبابات والطائرات والسفن الحربية، مما يتيح إجراء صيانة استباقية، ويسهم هذا في رفع جاهزية القوات التشغيلية وتقليل التوقفات غير المخطط لها، ويضمن استمرار فاعلية المعدات العسكرية أثناء المهام.

 

8- الارتقاء بقدرات أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي: تعتمد أنظمة الدفاع الجوي الحديثة على الذكاء الاصطناعي لدمج وتحليل بيانات الرادارات والأقمار الصناعية والمُسيّرات، لتقديم صورة دقيقة لمسار التهديدات الجوية بشكل أسرع من الرادارات التقليدية، وتُساعد هذه التقنية في الحفاظ على تدفق المعلومات حتى في حال تعرض الاتصالات للتشويش، مما يُعزز من سرعة اتخاذ القرار ومواجهة التهديدات المعقدة عبر إطلاق اعتراضات ذكية بمعدل خطأ أقل. ويشير بعض المتخصصين إلى أن الذكاء الاصطناعي يُسهم في تعزيز العمليات الفعلية للدفاع الصاروخي من خلال تحسين قدرات الكشف والتتبع وتمييز الأهداف، وتقليل العبء على المشغّلين عبر أتمتة المهام الروتينية، مما يتيح لهم التركيز على اتخاذ القرارات العملياتية الحرجة.

 

9- تقليل المخاطر الميدانية عبر استخدام الروبوتات: تُوظف الجيوش الروبوتات المُعدلة بالذكاء الاصطناعي لتنفيذ مهام لوجستية معقدة داخل بيئات قتالية عالية الخطورة، إذ يتم تكليف هذه الروبوتات بنقل الذخائر والإمدادات والمعدات الطبية عبر مناطق قد تحتوي على عبوات ناسفة أو تهديدات مباشرة، مستخدمةً أنظمة ملاحة مستقلة ونظم استشعار متطورة تمكنها من التحرك في تضاريس وعرة دون تدخل بشري مما يمنح القوات القدرة على تنفيذ عمليات الإمداد والإخلاء دون تعريض الجنود لأي خطر ميداني.

 

10- تحليل البيانات ا0لاستراتيجية ودعم القرارات العسكرية: يشهد قطاع الاستراتيجيات العسكرية والسياسية تحولاً جذرياً نتيجة اندماج أنظمة الذكاء الاصطناعي في عملية تحليل البيانات ودعم القرارات العسكرية، إذ لم يعد القادة يعتمدون على الحدس، في ظل نماذج التعلم الآلي القادرة على تحليل كميات هائلة من البيانات والصور الفضائية وأنماط التسلح لتوفير تحليلات تنبؤية دقيقة، مما يُمكن الجيوش والدول من توقع سلوك الخصوم وتحديد التحركات العسكرية والسياسية المحتملة، ويمنح صانعي القرار ميزة استباقية حاسمة، ومع ذلك تحتاج هذه التقنيات إلى وضع نطاق تشغيل محدد للأنظمة، وتدريب المسؤولين عن تشغيلها، وتبني آليات رقابة ومتابعة مستمرة لضمان الاستخدام المسؤول وتقليل مخاطر الانحياز أو الاعتماد المفرط على الأتمتة.

 

تحديات محتملة

 

يمثل الانتشار المتسارع للذكاء الاصطناعي في الميدان العسكري وجهاً آخر أكثر تعقيداً لهذا التحول، إذ لا يقتصر تأثيره على رفع كفاءة الجيوش، بل يفتح الباب أمام مخاطر استراتيجية وأخلاقية هائلة قد تُعيد صياغة قواعد الحرب والردع. ومع ازدياد اعتماد الدول على الأنظمة ذاتية التشغيل والخوارزميات في القرارات الحساسة، تبرز جملة من التحديات التي تهدد بخلق بيئات صراعية أكثر هشاشة وتقلباً، وتفرض ضرورة تقييم الآثار المترتبة على هذا التحول قبل أن يتجاوز حدود السيطرة.

 

1- تزايد الأخطاء المحتملة في تقديرات الأوضاع الميدانية: رغم الفوائد الكبيرة للذكاء الاصطناعي في دعم اتخاذ القرار العسكري، فإنه يحمل مجموعة من المخاطر والتحديات، حيث يُمكن أن تفشل أنظمة الذكاء الاصطناعي عند استخدامها في سياقات تختلف اختلافاً جوهرياً عن بيانات تدريبها، أو عند محاولتها التنبؤ بالتفاعلات البشرية المعقدة التي تنقصها النماذج الدقيقة، كما قد تُؤدي ندرة البيانات الموثوقة حول القتال أو وجود تحيزات في البيانات إلى مخرجات غير دقيقة للنظام، ويُمكن لنظم الذكاء الاصطناعي أن تُضلل المستخدمين بتقديم معلومات غير صحيحة بثقة مفرطة، كما أن التحيزات البشرية المتأصلة لدى المشغلين، مثل التحيز للتشغيل الآلي قد تؤدي إلى قبول توصيات خاطئة والاعتماد المفرط على النظام، مما ينتج عنه اتخاذ قرارات سيئة، خاصة في سيناريوهات الضغط العالي.

 

2- استمرار المسؤولية البشرية عن إدارة الذكاء الاصطناعي العسكري: على الرغم من قدرة الذكاء الاصطناعي على معالجة كميات هائلة من البيانات وتقديم توصيات استراتيجية سريعة، فإن القرارات النهائية في الأزمات العسكرية لا تزال بحاجة إلى تدخل بشري لضمان التقدير الأخلاقي وتجنب الأخطاء الكارثية، وتفسير نتائج الخوارزميات، ومنع سوء فهم أنظمة الإنذار المبكر أو أنظمة المراقبة الذكية، وبالتالي الحد من مخاطر التصعيد غير المقصود في النزاعات، بما في ذلك تلك التي تقع في ظل التهديد النووي. ويُثير استخدام الذكاء الاصطناعي في الحرب مخاوف أخلاقية كبيرة، أبرزها المساءلة والامتثال للقانون الإنساني الدولي، وتحديد الجهة التي تقع عليها المسؤولية عند ارتكاب أخطاء أو وقوع أضرار غير مقصودة، خاصة عند استخدام الأسلحة الفتاكة ذاتية التوجيه والتي تعتمد على الخوارزميات في تحديد الأهداف.

 

3- هشاشة الخوارزميات أمام الهجمات السيبرانية: لا تزال الأنظمة الميدانية المدعومة بالذكاء الاصطناعي تواجه ضعفاً كبيراً أمام الهجمات السيبرانية والحرب الإلكترونية، وتتضمن التهديدات الرئيسية تسميم البيانات أي إفساد البيانات التي يتلقاها النظام، وسرقة النماذج كالحصول على خوارزميات النظام سراً، مما يهدد بتقويض الثقة في القرارات الآلية، ويؤكد على أن الاستثمار في الأمن السيبراني أصبح هو خط الدفاع الأول عن تفوق الذكاء الاصطناعي العسكري.

 

4- توسع سباق التسلح في الذكاء الاصطناعي العسكري: يشهد العالم سباق تسلح متسارعاً في مجال الذكاء الاصطناعي العسكري، تقوده الولايات المتحدة، والصين، وروسيا، إذ تستثمر الولايات المتحدة مليارات الدولارات في أنظمة استخباراتية ولوجستية ومركبات مسيّرة، بينما تطور الصين المركبات العسكرية الذاتية وتقنيات سرب الطائرات لتجاوز الدفاعات الصاروخية، كما تهدف روسيا لأتمتة 30% من معداتها العسكرية بحلول 2025 مستفيدة من تجربة الحرب في أوكرانيا.

 

ويعكس هذا السباق دور الذكاء الاصطناعي كعامل مضاعف للقوة العسكرية، مع تحذيرات من مخاطر سباق التسلح دون ضوابط دولية، إذ إن سباقات التسلح تهدف عادةً إلى تحقيق توازن في القوة العسكرية بين الدول وفي ضوء أن الذكاء الاصطناعي ليس سلاحاً جاهزاً، بل أداة برمجية معقدة تُستخدم لدعم العمليات العسكرية، فإن المنافسة عليه ستكون مختلفة عن سباقات التسلح التقليدية، وبالتالي سيكون الأقوى هو القادر على الوصول إلى التكنولوجيا الفعالة بشكل أسرع.

 

5-تصاعد الصراع الدولي على الخوارزميات والرقائق الدقيقة: أثبتت التطورات الأخيرة في سباق التسلح السيبراني أن الحروب الحديثة تتحول تدريجياً إلى صراع بين الخوارزميات بدلاً من الجيوش التقليدية، فالجيوش وخاصة الأمريكية والصينية، باتت تعتمد على أنظمة قادرة على توليد آلاف السيناريوهات القتالية في ثوانٍ، واتخاذ قرارات تكتيكية أسرع بكثير مما يستطيع البشر القيام به، حيث تتحول ساحة المعركة إلى سباق نحو تطوير خوارزميات أسرع وأكثر قدرة على التنبؤ والمواجهة.

 

وتشهد العمليات العسكرية تحولاً جذرياً بفضل دور الرقائق الدقيقة، التي أصبحت أساسية في أنظمة الاتصالات المشفرة، والأسلحة الذكية، والاستطلاع والمراقبة، إذ تعمل هذه الرقائق على تمكين الدقة والأتمتة وتعزيز الأمن السيبراني، مما يجعل الشركات المصنعة للرقائق وأشباه الموصلات لاعبين استراتيجيين في تطوير القدرات العسكرية الحديثة، حيث يتحكم إنتاجها واستثماراتها في كفاءة الأنظمة المستقلة والطائرات المسيرة والذخائر الذكية.

 

6- تغير ميزان الردع التقليدي بفضل الذكاء الاصطناعي: أعاد الذكاء الاصطناعي تشكيل ميزان الردع التقليدي، حيث لم يعد الردع يعتمد فقط على حجم وقوة الأسلحة، بل أصبح مرتبطاً بدقة وسرعة وفاعلية اتخاذ القرار عبر نظم الذكاء الاصطناعي، ومدى قدرة الدول على الوصول للتكنولوجيات الدفاعية الحساسة. ومع ذلك، فإن سرعة وشفافية هذه الأنظمة تخلق تحديات جديدة، إذ قد يؤدي عدم وضوح قدرات الذكاء الاصطناعي لدى الخصم إلى تبني استراتيجيات أكثر عدوانية، مما يزيد خطر التصعيد غير المقصود، وبذلك يتحول الردع من مجرد قوة عسكرية خام إلى أداة متعددة الأبعاد تعتمد على التفوق المعلوماتي والدقة الاستراتيجية. 

 

7- مخاطر تسريب تقنيات الذكاء الاصطناعي العسكري: يُمثل تسريب تقنيات الذكاء الاصطناعي العسكرية، خاصة الأنظمة المتاحة تجارياً أو مفتوحة المصدر، تهديداً كبيراً عندما تصل إلى الفاعلين من دون الدول مثل الجماعات المسلحة والميليشيات، فانتقال هذه التقنيات إلى أيادٍ غير مسؤولة قد يُغير بشكل جذري طبيعة التهديدات، ويزيد من قدرة هذه الجماعات على تنفيذ هجمات دقيقة أو عمليات إلكترونية معقدة، مما يستدعي تطوير استراتيجيات مضادة فعّالة، للحد من هذه المخاطر.

 

وختاماً، تكشف اتجاهات تطور الذكاء الاصطناعي العسكري عن حروب مستقبلية تتراجع فيها مركزية السلاح التقليدي لصالح تفوق خوارزمي يحول البيانات إلى قوة ضاربة، وتتداخل فيه ميادين الحرب المادية والرقمية بشكل غير مسبوق، بينما تصبح البنية التحتية التكنولوجية هدفاً مباشراً ومصدراً لتهديد استراتيجي حاسم، وتتقدم المُسيّرات المدعومة بالذكاء الاصطناعي إلى صدارة ساحات القتال، من دون أن تُقصي الدور الجوهري للعنصر البشري الذي سيبقى العقل المُوجه للقرار العسكري، مما يؤشر إلى عالم جديد تتحدد فيه القوة بقدرة الدول على دمج التكنولوجيا المتقدمة بالخبرة البشرية لصياغة توازنات ردع مختلفة وإدارة صراعات أكثر تعقيداً وحدّة.




المراجع:

نهلة عبد المنعم ،5/12/2025، تداعيات توسع التطبيقات العسكرية للذكاء الاصطناعي، انتريجونال للتحليلات العسكرية.

مروة فطافطة،26.11.2025، تداعيات توسع التطبيقات العسكرية للذكاء الاصطناعي شبكة السياسات الفلسطينية.


المقالات الأخيرة