يتجذر مفهوم البرلمان الإفريقي بعمق في المُثل العليا الأوسع للوحدة الإفريقية، التي تسعى إلى توحيد الدول الإفريقية وتعزيز التعاون بين شعوبها بدأت رحلة تأسيس هذه الهيئة البرلمانية مع الجماعة الاقتصادية الإفريقية (AEC)، التي تبنتها منظمة الوحدة الإفريقية كمنصة لتعزيز التنمية الاقتصادية والتكامل؛ حيث تضمَّنت وثائق تأسيس الجماعة أحكامًا لإنشاء برلمان إفريقي لضمان مشاركة المواطنين الأفارقة في عمليات الحكم.
وعلى الرغم من هذه التطلعات المبكرة، لم يُحرز تقدمًا كبيرًا حتى لحظة حاسمة في سبتمبر 1999م عندما عقدت الدورة الاستثنائية الرابعة لمنظمة الوحدة الإفريقية في سرت، عندما اعتمد القادة إعلان سرت والذي دعا إلى الإسراع في إنشاء الاتحاد الإفريقي خلفًا لمنظمة الوحدة الإفريقية. كما سعى لمعالجة أوجه القصور التي واجهتها المنظمة وتعزيز جهود التكامل وقد نصّ القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي صراحةً على أن يكون البرلمان الإفريقي أحد أجهزته الرئيسية، مُشددًا على الحاجة إلى هيئة تشريعية تُمثل مصالح المواطنين الأفارقة على المستوى القاري.
كان الهدف من إنشاء البرلمان الإفريقي: تعزيز الديمقراطية والحوكمة الرشيدة، على الرغم من أنه واجَه تحديات كبيرة منذ إنشائه. وأشار النقاد إلى أنه في حين أن الحركة الإفريقية الموحدة تهدف إلى توحيد القارة وضمان حماية حقوق الإنسان، إلا أنها تغاضت أحيانًا عن الانتهاكات التي ارتكبها القادة الأفارقة ضد مواطنيهم. لطالما كانت العلاقة بين الحركة الإفريقية الموحدة وحوكمة الدول مُثيرة للجدل، مما أدى في كثير من الأحيان إلى تواطؤ في أفعال الطغاة تحت ستار التضامن.
تأسيس البرلمان الإفريقي
أُنشئ البرلمان الإفريقي كجهاز تشريعي رئيسي للاتحاد الإفريقي لتعزيز التكامل السياسي والاقتصادي للدول الإفريقية. ويعود تأسيسه إلى الأهداف المنصوص عليها في معاهدة أبوجا لعام ١٩٩١م، والتي أكدت على الحاجة إلىمنصة تضمن مشاركة الشعوب الإفريقية في جهود التنمية والتكامل الاقتصاديللقارة ودعمت المادة ١٧ من القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، الصادر في١١ يوليو ٢٠٠٠م في لومي، توغو، هذا التأسيس، حيث دعت صراحةً البرلمانالإفريقي إلى تسهيل المشاركة الكاملة للشعوب الإفريقية في تنمية القارة.
ووُضِعَ الأساس الرسمي للبرلمان الإفريقي باعتماد بروتوكول المعاهدة المنشئة للجماعة الاقتصادية الإفريقية المتعلق بالبرلمان الإفريقي، والذي وُقع في سرت، ليبيا، في ٢ مارس ٢٠٠١م. حدد هذا البروتوكول هيكل البرلمان ووظائفهوصلاحياته، مؤكدًا دوره كهيئة تشريعية تهدف إلى تعزيز الوحدة الإفريقيةوتعزيز الحكم الرشيد.
وتنص المادة 2 من بروتوكول البرلمان الإفريقي، الموقع عام 2001م، على تحويل البرلمان إلى هيئة تشريعية. وينص البروتوكول بوضوح على أن “الهدف النهائي” للبرلمان الإفريقي هو “التطور” إلى هيئة تشريعية، يُنتخب أعضاؤها بالاقتراع العام. وبعد خمس سنوات من دخول البروتوكول حيز النفاذ يُعقد مؤتمر للدول الأطراف في هذا البروتوكول لمراجعة سير العمل به وفعاليته، بهدف ضمان تحقيق أهدافه وغاياته، بالإضافة إلى الرؤية التي يقوم عليها، وتلبيته للاحتياجات المتطورة للقارة الإفريقية. وهو ما يتفق مع المادتين 6 (و) (رابعًا) و14 (2) من معاهدة أبوجا، اللتين تنصان أيضًا على الاقتراع العام لانتخاب الأعضاء، وتدعوان إلى تحديد صلاحيات الهيئة الجديدة بوضوح. ووفقًا للمادة 25 من بروتوكول البرلمان الإفريقي، فإنه بعد انتهاء ولايته الأولى، في مارس 2009م، يجب عقد مؤتمر للدول الأطراف في البروتوكول لمراجعة عمله وفعاليته، بهدف ضمان تحقيق أهدافه وغاياته ورؤيته.
حيث انعقدت الدورة الافتتاحية للبرلمان الإفريقي في مارس 2004م في أديس أبابا مسجلة بذلك إنجازًا هامًّا في السعي لتحقيق التكامل الإفريقي والحكم الديمقراطي.
وفي البداية، صُمِّم البرلمان الإفريقي للعمل بصلاحيات استشارية، بهدف التطور إلى مؤسسة تشريعية متكاملة يُنتخب أعضاؤها بالاقتراع العام وقد عزز نقل مقره من أديس أبابا إلى ميدراند في جنوب إفريقيا دوره كمؤسسة مركزية في إطار الاتحاد الإفريقي.
أهداف البرلمان الرئيسية
بناءً على ذلك، تُحدد المادة 3 من بروتوكول البرلمان الإفريقي بعض الأهداف الرئيسية التي يتحمل البرلمان الإفريقي مسؤوليتها. تشمل من بين أمور أخرى، تعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية والسلام والأمن وتسهيل التعاون والتنمية في القارة؛ وتعزيز التضامن القاري وبناء مصير مشترك بين شعوب إفريقيا وتشجيع الحكم الرشيد والشفافية والمساءلة في الدول الأعضاء. ولا يقل أهمية عن ذلك هدف “تعريف شعوب إفريقيا بالأهداف والسياسات الرامية إلى دمج القارة الإفريقية في إطار الاتحاد الإفريقي”.
تحدد المادة 11 من بروتوكول البرلمان وظائفه ومسؤولياته، والتي تشمل ممارسة “صلاحيات استشارية”. وفي هذا الصدد، ينص البروتوكول تحديدًا على أنه يجوز للبرلمان الإفريقي “دراسة أي مسألة أو مناقشتها أو إبداء رأي بشأنها”، و”تقديم أي توصيات يراها مناسبة”. علاوة على ذلك، يتمتع البرلمان بسلطة “طلب حضور مسؤولي مجموعة التعاون الاقتصادي جلساته، أو إعداد وثائق، أو المساعدة في أداء واجباته”.
من الناحية النظرية، يبدو أن البرلمان يتمتع بمساحة كافية للمناورة لصياغة وتوجيه أجندته الخاصة بشأن القضايا الرئيسية التي تؤثر على القارة. وبما أنه مخوَّل أيضًا بطلب إحاطات وتقارير من أجهزة الاتحاد الإفريقي، وهو عنصر أساسي في الرقابة والمساءلة لأيّ هيئة برلمانية، فيبدو أن البرلمان قد يتمتع بسلطة كافية لتقديم مساهمة جوهرية في تحقيق ولايته ورؤيته ويمكن تفنيذأهدافه في:
- تنفيذ سياسات وأهداف الاتحاد الإفريقي.
- ترسيخ حقوق الإنسان والديمقراطية في إفريقيا.
- التأكّد من التزام الدول الأعضاء بالحوكمة الرشيدة والشفافية والمساءلة.
- تعريف الشعوب الإفريقية على أهداف وسياسات الاتحاد الإفريقي؛ حتى تتمكَّن هذه الشعوب من الاندماج على المستوى القاري.
- تحقيق السلام والأمن والاستقرار في القارة.
- تعزيز الاعتماد على الذات والانتعاش الاقتصادي بما يؤدي إلى مستقبل أكثر ازدهارًا لشعوب إفريقيا.
- تحقيق التعاون والتنمية في إفريقيا.
- تقوية الشعور بالتضامن وبناء المصير المشترك بين شعوب إفريقيا.
- خلق التعاون بين المجموعات الاقتصادية الإقليمية وأعضائها في البرلمان.
الصلاحيات والإطار التشريعي
تُحدد بروتوكولاتُ تأسيس البرلمان الإفريقي وظائفَ البرلمان الإفريقي وصلاحياته، والتي تُحدد دوره في العمليات التشريعية، والدعوة، والإشراف على مبادرات التكامل الإقليمي. وتُحدد المادة 8 من بروتوكول إنشائه، على وجه التحديد، الأهدافَ الأساسية للبرلمان، بما في ذلك تعزيز الوحدة والتعاون بين الدول الإفريقية، وضمان احترام الدول الأعضاء لالتزاماتها تجاه الاتحاد الإفريقي والأطر الإقليمية الأخرى.
يخضع الإطار التشريعي للبرلمان الإفريقي لمجموعة من القواعد الإجرائية، تتألف من 94 بندًا تهدف إلى توجيه المهام وعمليات صنع القرار. وبعد مشاورات شاملة بين الكتل الإقليمية، تم التوصل إلى توافق كبير حول 82 بندًا، بنسبة موافقة بلغت 87%.
ويحافظ البرلمان الإفريقي على علاقات تعاونية مع الأجهزة البرلمانية الأخرى للمنظمات الإفريقية. تُعد هذه العلاقة بالغة الأهمية لمواجهة التحديات القارية، وتعزيز التآزر التشريعي، وضمان إدماج صوت البرلمان الإفريقي بفعالية في أطر الحوكمة الإفريقية الأوسع. وتُبذل جهود متواصلة لضمان تصنيف القرارات المتخذة داخل البرلمان وتنفيذها بفعالية، مما يُعزّز سلطة القرارات التشريعية للاتحاد الإفريقي.
وتشمل مهام البرلمان الإفريقي:
تسهيل التنفيذ الفعَّال لسياسات وأهداف منظمة الوحدة الإفريقية/الجماعة الاقتصادية الإفريقية، وبالتالي الاتحاد الإفريقي.
العمل على مواءمة وتنسيق قوانين الدول الأعضاء.
تقديم توصيات تهدف إلى المساهمة في تحقيق أهداف منظمة الوحدة الإفريقية/الجماعة الاقتصادية الإفريقية، ولفت الانتباه إلى التحديات التي تواجه عملية التكامل في إفريقيا، بالإضافة إلى إستراتيجيات التعامل معها.
دعوة مسؤولي منظمة الوحدة الإفريقية/الجماعة الاقتصادية الإفريقية لحضور دوراته، أو إعداد وثائق أو المساعدة في أداء واجباته.
الترويج لبرامج وأهداف منظمة الوحدة الإفريقية/الجماعة الاقتصادية الإفريقية، في دوائر الدول الأعضاء.
تشجيع الحوكمة الرشيدة والشفافية والمساءلة في الدول الأعضاء.
تعريف شعوب إفريقيا بأهداف وسياسات تكامل القارة الإفريقية في إطار إنشاء الاتحاد الإفريقي.
تعزيز تنسيق ومواءمة سياسات وتدابير وبرامج وأنشطة المنتديات البرلمانية الإفريقية.
أما صلاحياته فتتمثل في:
- فحص أو مناقشة أو إبداء رأي بشأن أي مسألة وتقديم أي توصيات قد يراها البرلمان مناسبة بما في ذلك المسائل المتعلقة باحترام حقوق الإنسان، عدا عن محاولة ترسيخ المؤسسات الديمقراطية وثقافة الديمقراطية وتعزيز الحكم الرشيد وسيادة القانون.
- مناقشة الميزانيات وخاصّة ميزانية الاتحاد وتقديم توصيات بشأنها قبل اعتمادها مِن قِبَل مؤتمر الاتحاد الإفريقي.
- العمل على مواءمة أو تنسيق قوانين الدول الأعضاء.
- تقديم توصيات تهدفُ إلى المساهمة في تحقيق أهداف منظمة الوحدة الإفريقية/ المجموعة الاقتصادية الإفريقية، وجذب الانتباه إلى التحديات التي تواجه عملية التكامل في إفريقيا وكذلك إستراتيجيات التعامل معها.
- الطلب من المسؤولين في منظمة الوحدة الإفريقية/المجموعة الاقتصادية الإفريقية حضور دورات البرلمان أو تقديم الوثائق أو المساعدة في أداء واجباته.
- الترويج لبرامج وأهداف منظمة الوحدة الإفريقية في دوائر الدول الأعضاء.
- تعزيز التنسيق والمواءمة بين سياسات وتدابير وبرامج وأنشطة المجموعات الاقتصادية الإقليمية والمنتديات البرلمانية في إفريقيا.
- اعتماد نظامٍ داخليّ وانتخاب رئيس واقتراح حجم وطبيعة فريق الدعم في البرلمان الإفريقي.
- أداء الوظائف الأخرى التي يراها البرلمان مناسبة لتحقيق الأهداف المنصوص عليها في المادة الثالثة من البروتوكول التأسيسي.
الإنجازات والمساهمات
حقّق إنشاء البرلمان الإفريقي تقدمًا ملحوظًا في تعزيز الوحدة والتعاون بين الدول الإفريقية. وتعكس إنجازاته الأهداف الأوسع للوحدة الإفريقية، التي تدعو إلى وحدة وتحرير السكان المنحدرين من أصل إفريقي وتمثلت أهم إنجازاته ومساهماته فيما يلي:
- المبادرات التشريعية والرقابة: يُعدّ تعزيز العمليات التشريعية في جميع أنحاء القارة من الأدوار الرئيسية للبرلمان الإفريقي. وقد ركّز على التصديق على الصكوك القانونية الأساسية للاتحاد الإفريقي وإدماجها في التشريعات المحلية، بما في ذلك الميثاق الإفريقي للديمقراطية والانتخابات والحوكمة، واتفاقية الاتحاد الإفريقي لمنع الفساد ومكافحته. ومن خلال تشجيع المشاركة البرلمانية في هذه الأُطُر القانونية، عزَّز البرلمان معايير الحوكمة والمساءلة في الدول الأعضاء.
- الدعوة إلى التكامل الاقتصادي: لعب البرلمان الإفريقي دورًا حيويًّا في الدعوة إلى التكامل الاقتصادي بين الدول الإفريقية. يشمل ذلك تعزيز سلاسل القيمة الإقليمية، وتشجيع الدول الأعضاء على معالجة موادها الخام وإضافة قيمتها قبل تصديرها، ولا تُعزز هذه المبادرات النمو الاقتصادي فحسب، بل تُسهم أيضًا في خلق فرص عمل وتحفيز الصناعات المحلية، بما يتماشى مع أهداف منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية.
- دعم أهداف التنمية المستدامة: تماشيًا مع الجهود العالمية، أدرجت خطة العمل الإفريقية أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة في جدول أعمالها. وتهدف إلى تنفيذ هذه الأهداف بالتوازي مع أجندة الاتحاد الإفريقي 2063م، مما يضمن تعزيز إستراتيجيات التنمية لبعضها البعض وتركيزها على الاحتياجات الفريدة للقارة.
- التركيز على الاقتصاد الأزرق: إدراكًا لإمكانيات الاقتصاد الأزرق، أكدت خطة العمل الإفريقية على أهميته في المساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية لإفريقيا. ويُعدّ الاقتصاد الأزرق بالغ الأهمية للأمن الغذائي والسياحة والتجارة؛ نظرًا لتأثيره الكبير على الناتج المحلي الإجمالي للقارة. تهدف مناصرة مشروع العمل الإفريقي لهذا القطاع إلى تسخير الموارد البحرية على نحو مستدام، وتعزيز التعاون الإقليمي في مجال حوكمة المحيطات.
- تعزيز العمليات الديمقراطية: عمل مشروع العمل الإفريقي بنشاط على تعزيز العمليات الديمقراطية في إفريقيا من خلال دعم المبادرات الرامية إلى الحد من التمييز، وجهود إلغاء تجريم القضايا الصحية مثل فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز. ومن خلال مناصرة مشروع العمل الإفريقي، يهدف إلى ضمان حصول جميع المواطنين على الخدمات الصحية اللازمة دون خوف من الوصمة الاجتماعية، مما يعزز الصحة العامة والرفاهية بشكل عام.
- بعثات تقصي الحقائق: تهدف بعثات تقصي الحقائق إلى جمع معلومات مباشرة من خلال التواصل المباشر مع الأطراف المعنية وتقييم الوضع على أرض الواقع. وقد سعت بعثات تقصي الحقائق التابعة للبرلمان الإفريقي إلى دراسة قضايا مثل التعليم والبيئة والمساواة بين الجنسين وحقوق الإنسان في دول إفريقية مثل رواندا وسيراليون وكوت ديفوار. ولعل مراقبة الانتخابات من أهم أنشطته وأكثرها إنتاجية.
وقد أرسل البرلمان وفودًا عديدة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية (2006)، وكينيا (2007) وزيمبابوي (2008)، وأنغولا (2008). وزامبيا وليستوتو والنيجر وتوجو وبنين عام 2015. ومدغشقر 2018، مرورا بغانا وكينيا عام 2022م وصولاً الى انتخابات عام 2024م في مدغشقر ومالي والسنغال وتشاد وجنوب إفريقيا لعام 2024م.
وتُعِدّ الوفود التقارير وتضع التوصيات والقرارات بناءً على ملاحظاتها، وتُعرض هذه التوصيات والقرارات على البرلمان بكامل هيئته للمناقشة والاعتماد. عند التصويت على التوصيات والقرارات، يُكلَّف مكتب البرلمان الإفريقي بإحالة هذه القرارات إلى الهيئات المعنية، وعلى رأسها قمم رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، والمفوضية، ومجلس السلام والأمن، وحتى المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة. وفي هذا النشاط تحديدًا، تفوق البرلمان الإفريقي على غيره.
التحديات والانتقادات
واجَه البرلمان الإفريقي العديد من التحديات والانتقادات منذ إنشائه، والتي غالبًا ما تتعلق بحوكمة البرلمان وشفافيته التشغيلية وفعاليته في معالجة القضايا القارية. يُشكل احتمال انزلاق البرلمان إلى أزمة بسبب هذه التحديات الداخلية والخارجية مصدر قلق مُلِحّ. وتُعدّ الحاجة إلى آليات حوكمة قوية أمرًا ضروريًّا لمنع المزيد من عدم الاستقرار السياسي داخل المؤسسة. وتعكس الدعوة إلى إجراء إصلاحات مؤسسية ووضع قواعد تشغيلية أكثر وضوحًا وضرورة لقيام البرلمان بتعزيز وظائفه والحفاظ على أهميته في الحوكمة القارية.
- الحوكمة والنزاعات الداخلية: من أبرز التحديات التي برزت داخل البرلمان الإفريقي الخلاف الداخلي بين أعضائه، والذي تجلَّى أحيانًا في أعمال عدائية ومقاومة للإجراءات المعمول بها.
- دعوات إلى الشفافية: يدور انتقاد آخر مستمر للبرلمان الإفريقي حول شفافيته ومساءلته. خلال الإجراءات البرلمانية، أعرب أحد الأعضاء عن مخاوفه بشأن غموض عمليات صنع القرار، مؤكدًا على ضرورة إطلاع الجمهور على الشؤون البرلمانية.
- قيود الميزانية: تُشكل القضايا المتعلقة بالميزانية أيضًا تحديات أمام البرلمان.
- القيادة النسائية ومبادرات النوع الاجتماعي: اكتسب دور المرأة في القيادة في إفريقيا اهتمامًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، مما يعكس التزامًا أوسع بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في جميع أنحاء القارة.
يُلاحظ صعود النساء في المناصب القيادية، مع تزايد عدد رئيسات الدول والحكومات وعلى الرغم من هذه التطورات، لا تزال المرأة تواجه تحديات كبيرة في الوصول إلى الأدوار القيادية. وتعيق العوائق الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، بما في ذلك نقص الموارد المالية للحملات الانتخابية وغياب المشاركة الشعبية مشاركة المرأة السياسية وتكشف الإحصاءات عن حقائق مهمة؛ فرغم التقدم المحرز، إلا أن النساء، اعتبارًا من عام 2008م، لم يشغلن سوى أقل من 18% من المقاعد البرلمانية عالميًا، مما يشير إلى أن مسيرة تحقيق التكافؤ بين الجنسين في السياسة لا تزال بطيئة.
في الختام: يُعتبر حُلم وجود برلمان فعَّال لعموم إفريقيا، وممارسة دوره التشريعي والرقابي، وتحويله إلى هيئة تشريعية، يتم انتخابها بالاقتراح العام، كما هو موجود في ميثاق تأسيسه، لهو أمر صعب المنال أو يحتاج لقدر كبير من الإرادة القُطرية قبل القارية. فشأنه شأن البرلمانات الوطنية، وما يَعتريها من ملاحظات على اختيار الأعضاء، أو أدائها الرقابي والتشريعي، وتغوُّل السلطات التنفيذية عليها.
وعلى الرغم من تحقيق برلمان عموم إفريقيا لبعض الإنجازات، إلا هناك الكثير من التحديات والانتقادات التي تعوق تشكيله وأدائه.
المصدر: قراءات إفريقية
الكاتب : د.مجدي محمد محمود آدم
التاريخ : 27/3/2025
---------------------------------------------------------
المصدر: ويكيبيديا العربية
التاريخ : 17/8/2024