تسببت موجة الحر الشديدة التي تجتاح أوروبا في اندلاع حرائق مدمرة في مناطق متفرقة في القارة العجوز خاصة الجنوب، وذلك عقب وصول درجات الحرارة إلى 47 درجة مئوية، في وقت تكافح فيه دول مثل البرتغال وفرنسا وإيطاليا واليونان ألسنة اللهب العنيفة.
حيث اجتاحت حرائق غابات مميتة خلال الأيام الماضية، مساحات شاسعة في القارة الأوروبية بسبب موجات الحر، وبذلت فرق الإنقاذ جهود مضنية لمكافحة هذه الحرائق التي أسفرت عن سقوط مئات القتلى وفرار الآلاف من منازلهم.
وبحسب بيانات أصدرها نظام معلومات حرائق الغابات الأوروبية التابع لبرنامج مراقبة الأرض للاتحاد الأوروبي "كوبرنيكوس"، تخطّت المساحات التي اجتاحتها النيران في الأسابيع الأخيرة في أوروبا المساحة الإجمالية للأراضي المُحترقة خلال العام 2021 بأكمله.
ولفت العلماء، إلى أن الامور قد تزداد الأمور سوءا في السنوات المقبلة مع اشتداد تغير المناخ ما لم يتم اتخاذ تدابير مضادة.
ويعتبر البعض أن الهجرة الجماعية للأوروبيين من الريف إلى المدن في العقود الأخيرة، فضلا عن عدم الاهتمام بالقرى النائية المكتظة بمناطق الأشجار والغابات، حول هذه القرى إلى قنابل موقوتة قابلة للاشتعال في أي لحظة
وواصلت درجات الحرارة في الارتفاع في إسبانيا مع انتشار موجة حرائق الغابات الخطيرة التي أصبحت تؤثر بشكل كبير على إسبانيا، وسط تقديرات بأن أكثر من 360 شخصا لقوا حتفهم بالفعل بسبب ارتفاع درجات الحرارة والحرائق، وفقا لصحيفة «الكونفدنثيال» الإسبانية.
وجاءت على رأس هذه الدول، بريطانيا، فيما أكد العلماء على أن ارتفاع درجة الحرارة، لتتفاقم الأربعين درجة مئوية، في بعض المناطق ساعد على اندلاع حرائق الغابات من جديد، مثل ما حدث مسبقًا، في إسبانيا والبرتغال وفرنسا
ووقعت مئات الأشخاص مصابين إثر حرائق الغابات والتي اشتعلت على مدار الأيام الماضية، وأجبرت الآلاف من الناجين من الفرار إلى ملاجئ أخرى ليحتموا بها من ارتفاع درجات الحرارة واشتعال الحرائق في الغابات والمدن، ونتج عن هذه الحرائق تلوث وانبعاث غازات الاحتباس الحراري المضرة بالصحة.
ووفقًا للأضرار الملحقة لحرائق الغابات، أعلنت بريطانيا أنها تواجه صعوبة في المحافظة على وسائل النقل العامة، لنقل المواطنين من أي مكان إلى آخر، كما أفادت هيئة الأرصاد البريطانية أنها للمرة الأولى تسجل ارتفاع في درجات الحرارة تصل إلى 40 درجة مئوية، والاختلاف الذي تواجهه في درجات الحرارة خلال هذه الأيام من تساقط للثلوج أو الرياح الشديدة، لتعلن بذلك حالة طوارئ وطنية، للارتفاع الشديد الغير مسبوق في درجات الحرارة والتقلبات المناخية، وفقًا لما أفادت به وكالة رويترز.
وامتدت الحرائق لتصل إلى إسبانيا والبرتغال لتلتهم ما يقارب من 1700 شخص، على مدار الأسبوع الماضي، ووفقًا لما ورد عن موقع «إكسيوس» الأمريكي أن الموجة شديدة الحرارة التي ضربت أوروبا خلال الأيام السابقة نتج عنها اندلاع الحرائق في كل مكان مما تسبب في لقي الآلاف حتفهم.
كما رصد «معهد كارلوس الثالث الإسباني» 510 حالات وفاة مرتبطة بحرارة الجو في البلاد في الفترة من 10-16 يوليو
هل الاحترار العالمي عامل في الحرائق البرية؟
أضاف تغير المناخ بعدًا جديدًا مخيفًا أدى إلى زيادة تواتر حرائق الغابات وشدتها وجعلها أكثر خطورة.
وفي دراسة نشرت في يونيو في مجلة كليمايت ، خلص بعض علماء المناخ إلى أنه من المحتمل أن يكون تغير المناخ قد جعل موجات الحر أسوأ.
ووفقا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة في فبراير/ 2022، إن تغير المناخ الذي يسببه الإنسان وما ينتج عنه من جفاف، قد يجعلنا نشهد عدد حرائق أكبر بنسبة 30 بالمئة في غضون 28 عامًا
وردا على ما إذا كان للاحترار العالمي دور في نشوب هذه الحرائق، قالت فريدريك أوتو المحاضر الأول في علوم المناخ في معهد جرانثام لتغير المناخ في "إمبريال كوليدج" لندن، "هذا صحيح، وبشكل خاص في جنوب أوروبا، حيث ارتفعت الحرائق الناجمة عن موجات الحر ودرجات الحرارة المرتفعة والجفاف والرياح العاتية، مما يجعل حرائق الغابات الصيفية "القاعدة الجديدة".
خلال شهر يوليو، لاحظ الاتحاد الأوروبي أنه على مدار السنوات الخمس الماضية، شهدت دول التكتل أشد حرائق للغابات وأن الجفاف الحالي في القارة قد يصبح الأسوأ على الإطلاق، إضافة إلى أن درجات الحرارة في منطقة حوض البحر المتوسط ترتفع بنسبة 20 بالمئة أسرع من المتوسط العالمي، وفقًا للأمم المتحدة.
وتشهد إحصاءات الحرائق في الاتحاد الأوروبي على هذه المشكلة. وقد تضاعفت مساحة الريف الأوروبي المحترق إلى أكثر من ثلاثة أضعاف هذا العام، مع ما يقرب من 450 ألف هكتار من الأراضي المتفحمة حتى 16 يوليو مقارنة بمتوسط 2006-2021 البالغ 110 آلاف هكتار خلال الأشهر نفسها من السنة.
وبحلول التاريخ نفسه، شهدت أوروبا ما يقرب من 1900 حريق غابات مقارنة بمتوسط 470 حريقًا للفترة 2006-2021
كيف نتعايش مع المزيد من الحرائق؟
وبالرغم من مشاهد النيران التي تفطر القلب وآلاف الهكتارات المتفحمة ومعاناة رجال الإطفاء، يعتبر فريق آخر من العلماء أنه يجب ألا نفقد الأمل.
تقول أوتو عن حرائق الغابات الأكثر تواترًا، "الأمر ليس إلهيا، يمكننا فعل الكثير لمواجهة هذه الحرائق". وتضيف أن الأشياء التي يمكننا القيام بها للتكيف مع هذه الحرائق، تشمل وضع حد لحرق الوقود الأحفوري وتثقيف الناس حول ظاهرة الاحتباس الحراري إضافة إلى عشرات المشاريع الأخرى والاحتياطات.
واعتبر البعض أن التغيرات التي يمكننا إحداثها قد لا نشهد نتائجها فورا وأن التغيير قد يستغرق عقودا
bbc المصادر
يورونيوز،23/7/2022، حرائق مستعرة يصعب اخمادها
ب.ن. 20/7/2022، الحرائق تجتاح أوروبا، الجزيرة.