فشل المساعدات الإنسانية في غزة
فرع بنغازي

منذ عام 2007، يخضع قطاع غزة لحصار شامل من قبل الكيان الصهيوني، مما أدى إلى تدهور حاد في الأوضاع الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية. ومع تزايد التوترات والأزمات، أصبحت المساعدات الإنسانية شريان الحياة الوحيد للمدنيين. ومع ذلك، لم تفلح الجهود الدولية في تأمين وصول المساعدات بشكل كافٍ ومستدام، مما يثير تساؤلات جدية حول فعالية هذه الجهود ودوافعها الحقيقية. يكشف هذا التحليل عن أن فشل تقديم المساعدات لا يعود فقط إلى تعقيدات لوجستية، بل هو نتيجة لاستغلال الحصار من قبل الكيان الصهيوني لتحويل المساعدات من واجب إنساني إلى أداة سياسية، وخدمة أجندات أخرى.

أسباب فشل تقديم المساعدات:

تتعدد أسباب فشل تقديم المساعدات، ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:

 سيطرة الصهاينة على المعابر الحدودية:

  يشكل إغلاق المعابر أو تقييدها السبب الرئيسي في منع وصول المساعدات. فعبر معبر كرم أبو سالم، وهو المنفذ التجاري الوحيد للقطاع، يفرض الصهاينة قيوداً مشددة على أنواع البضائع المسموح بدخولها وكمياتها. هذا التحكم ليس عسكرياً فحسب، بل هو تحكم سياسي يستخدم كأداة ضغط على حركات المقاومة والسلطة المحلية في القطاع.

 الأجندات السياسية المتضاربة:

  تُستخدم المساعدات في بعض الأحيان لتحقيق أهداف سياسية. ففي الوقت الذي تدعو فيه الدول المانحة إلى وصول المساعدات، لا تمارس الضغط الكافي على الكيان الصهيوني لفتح المعابر بشكل دائم. يعكس هذا التناقض رغبة بعض الجهات الدولية في الحفاظ على التوازنات الإقليمية، أو في استخدام المساعدات كورقة ضغط في المفاوضات السياسية.

 تدمير البنية التحتية من قبل الصهاينة:

  خلال الحروب المتتالية، لا يكتفي الصهاينة باستهداف المدنيين، بل يتعمدون تدمير البنية التحتية الأساسية مثل الطرق، والمستشفيات، ومحطات تحلية المياه، ومخازن المساعدات. هذا التدمير لا يهدف فقط إلى إعاقة الحياة اليومية، بل يضع عراقيل إضافية أمام وصول المساعدات وتوزيعها داخل القطاع.

استغلال الحصار لتحويل المساعدات إلى أداة سياسية:

تجاوز فشل المساعدات كونه مجرد قضية إنسانية ليصبح جزءاً من استراتيجية أوسع يستخدمها الكيان الصهيوني لتكريس حصاره. من خلال:

 فرض شروط غير إنسانية على المساعدات:

  يفرض الكيان الصهيوني شروطاً تعجيزية على المساعدات، مثل تفتيشها بشكل دقيق ومطول، مما يؤدي إلى تلف بعض المواد الغذائية والأدوية. هذا الإجراء ليس مجرد إجراء أمني، بل هو ممارسة لسياسة العقاب الجماعي التي تهدف إلى إرهاق المدنيين وكسر إرادتهم.

خلق حالة من التبعية للمساعدات:

  يهدف الحصار إلى تحطيم الاقتصاد المحلي، وجعل السكان في غزة يعتمدون بشكل كامل على المساعدات الخارجية. هذا الاعتماد يخلق حالة من التبعية التي يمكن استغلالها سياسياً، حيث يمكن للصهاينة التحكم في تدفق المساعدات لفرض سياسات معينة أو إحداث فوضى داخلية.

الخاتمة:

إن فشل تقديم المساعدات الإنسانية للمحاصرين في غزة ليس مجرد قضية لوجستية، بل هو انعكاس لسياسة ممنهجة من قبل الكيان الصهيوني. هذه السياسة لا تستخدم الحصار أداة عسكرية فحسب، بل تحوله إلى أداة سياسية لتحقيق أهداف استراتيجية. لم تعد المساعدات مجرد واجب إنساني، بل أصبحت رهينة لأجندات سياسية، مما يتطلب من المجتمع الدولي اتخاذ موقف أكثر حزماً لإنهاء الحصار بشكل كامل، وضمان وصول المساعدات دون قيود، بعيداً عن أي حسابات سياسية.




مراجع:

فلسطين: الحصار على غزة والمسؤولية القانونية"، الدكتور عمر محمد جاد الله، مجلة الدراسات الفلسطينية، عدد 116، خريف 2018.

غزة: الحصار والانتهاكات الإنسانية"، تقرير مركز الميزان لحقوق الإنسان، 2022.

المقالات الأخيرة