قراءة في اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي ببروكسل
فرع بنغازي

اجتمع قادة الاتحاد الأوروبي في26 يونيو 2025، في بروكسل، لمناقشة التحديات الجيواقتصادية والتطورات الأمنية في أوكرانيا والشرق الأوسط كما تضمن جدول أعمال القمة مناقشة عدد من الملفات مثل الدفاع والأمن الأوروبي، والهجرة، والأمن الداخلي، واحتفل القادة الأوروبيون بعدد من التواريخ الهامة منها الذكرى الأربعون لتوقيع اتفاقية شينغن، بالإضافة إلى ذكرى توسعات الاتحاد الأوروبي المرتبطة بانضمام إسبانيا، والبرتغال، والنمسا، وفنلندا، والسويد، وبلغاريا، ورومانيا.

ملفات مطروحة:

تضمنت القمة الأوروبية سلسلة من المناقشات بشأن عدد من الملفات، وذلك على النحو التالي: 

1- أوكرانيا: 

• أكدت الدول الأوروبية التزامها بتقديم دعم ثابت لأوكرانيا، فيما أشارت إلى أنه تم تقديم ما يقرب من 158.6 مليار يورو لأوكرانيا، وتم تأكيد استمرار مختلف أشكال الدعم الأوروبي لكييف، بما يشتمل عليه من دعم مالي وعسكري وإنساني، مع تأكيد المبادئ التي وضعتها الدول الأوروبية لمفاوضات السلام خلال الجلسة الاستثنائية للمجلس الأوروبي في 6مارس 2025، والتي بموجبها سيسعى الاتحاد الأوروبي إلى تكثيف الجهود الرامية إلى تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في أوكرانيا، كما دعا الاتحاد الأوروبي روسيا إلى إظهار إرادة سياسية حقيقية لإنهاء الحرب، والموافقة على وقفٍ كامل وغير مشروط وفوري لإطلاق النار، والانخراط في مفاوضات سلام جادة بين الجانبين. 

• دعا المجلس الأوروبي دول الاتحاد إلى تكثيف الجهود لتلبية الاحتياجات العسكرية والدفاعية العاجلة لأوكرانيا، من خلال تزويدها بأنظمة الدفاع الجوي ومضادات الطائرات المُسيّرة، بالإضافة إلى الذخائر من العيار الثقيل، فيما أكد قادة الاتحاد الأوروبي أهمية مواصلة دعم وتطوير الصناعة الدفاعية الأوكرانية، وتعزيز التعاون والتكامل بينها وبين الصناعة الدفاعية الأوروبية، كما أكد الاتحاد الأوروبي الاستعداد لتقديم ضمانات أمنية قوية لأوكرانيا، والمساهمة في تدريب وتجهيز القوات المسلحة الأوكرانية، كما أكدت الدول الأوروبية الانخراط في جهود إعادة إعمار أوكرانيا، بالتنسيق مع الشركاء الدوليين.

• اعتمدت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حزمة العقوبات السابعة عشرة المفروضة على روسيا، والتي تستهدف بشكل خاص قطاعي الطاقة والمال، (بما في ذلك "الأسطول الخفي" من ناقلات النفط والمشغلين التابعين له) ودعت دول الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات إضافية ضد "الأسطول الخفي" الروسي، فيما طالبت المجلس بالإسراع في اعتماد حزمة جديدة من العقوبات، وشدّدت على أهمية تعزيز التدابير المضادة للتحايل على العقوبات، وأكدت أن الاتحاد الأوروبي مستعد لفرض عقوبات جديدة يمكن أن تستهدف بشكل أكبر عوائد روسيا من قطاع الطاقة.

• بشأن انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي، فقد أشادت الدول الأعضاء بالتحركات الأوكرانية للدفع بالمسار الإصلاحي والوفاء بكافة التزامات العضوية المفروضة، على الرغم من السياق السياسي والأمني الحالي المحيط بكييف، فيما دعت المفوضية الأوروبية إلى تكثيف الجهود المتعلقة بمسار أوكرانيا الأوروبي، ودعت الدول الأعضاء المجلس الأوروبي لاتخاذ الخطوات التالية في عملية الانضمام، بما يتماشى مع التقدم المُحرز في متطلبات العضوية.

2- الشرق الأوسط: 

• غزة والضفة الغربية: دعا المجلس الأوروبي إلى وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن، وإنهاء الأعمال العسكرية الجارية في قطاع غزة، وأعربت الدول الأعضاء عن أسفها لتراجع الأوضاع الإنسانية، وارتفاع عدد الضحايا، فيما دعت الدول الأعضاء الكيان الصهيوني إلى رفع الحصار المفروض على قطاع غزة، والسماح بنفاذ المساعدات الإنسانية إلى داخل القطاع، وتمكين الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الإنسانية من العمل بشكل مستقل وحيادي، وقد اطّلع المجلس الأوروبي على التقرير المتعلق بامتثال الكيان للمادة 2 من اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والكيان ، ودعا المجلس إلى مواصلة النقاشات بشأن الخطوات التالية في يوليو 2025، مع الأخذ بعين الاعتبار التطورات الجارية، وأكد الاتحاد الأوروبي التزامه الراسخ بسلام دائم ومستدام قائم على حل الدولتين. وفي هذا السياق، دعا القادة الأوروبيون جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي إجراءات تقوّض جدوى هذا الحل، وجددوا التزامهم بـالعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، ودعم السلطة الفلسطينية، كما أعربوا عن تطلعهم إلى إجراء مؤتمر دولي رفيع المستوى من أجل الدفع بتسوية سلمية للقضية الفلسطينية قائمة على حل الدولتين.

• إيران: رحبت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي باتفاقية وقف إطلاق النار بين الكيان الصهيوني وإيران، فيما حثت جميع الأطراف على الالتزام بالقانون الدولي، وضبط النفس، والامتناع عن اتخاذ أي إجراءات قد تؤدي إلى تصعيد إضافي، وأكدت الدول الأوروبية المساهمة في جميع الجهود الدبلوماسية الرامية إلى خفض التوترات وتحقيق تسوية دائمة لمسألة البرنامج النووي الإيراني.

• سوريا: رحب قادة الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات الاقتصادية الأخيرة عن سوريا، وأكدوا أهمية الانتقال السلمي والشامل في سوريا، دون تدخلات خارجية، وحماية حقوق السوريين من مختلف الخلفيات العرقية والدينية، ودعم العدالة الانتقالية وعملية المصالحة.

• ليبيا: تطرق المجلس الأوروبي إلى تطورات الأوضاع في ليبيا، حيث جدّد المجلس تأكيد الدعم الثابت الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي لليبيا ولبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، كما أعاد قادة الاتحاد الأوروبي تأكيد أن مذكرة التفاهم الموقّعة بين تركيا وليبيا بشأن ترسيم الحدود البحرية في البحر المتوسط تنتهك الحقوق السيادية للدول الثالثة، ولا تتماشى مع قانون البحار، ولا يمكن أن تترتب عليها أية آثار قانونية بالنسبة للدول الثالثة.

3- الأمن والدفاع الأوروبي: 

• التمويل: شددت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على أهمية الاستمرار في زيادة الإنفاق الدفاعي والدفع بمشاريع استثمارية دفاعية مشتركة، فيما رحب قادة الاتحاد الأوروبي باعتماد اللائحة المنشئة للإجراء الأمني لأوروبا (SAFE)، وبالتفعيل لبنود الإفلات الوطني ضمن ميثاق الاستقرار والنمو ، وطالب المجلس الأوروبي البرلمان الأوروبي بفحص الاقتراح المتعلق بتشجيع الاستثمارات المرتبطة بالدفاع ضمن ميزانية الاتحاد الأوروبي، والعمل على الدفع بمقترح خاص معني بمعالجة تحديات الأمن والدفاع في إطار المراجعة المتوسطة لسياسة التماسك (المعنية بسد الفجوات بين دول الاتحاد والمناطق والقطاعات المختلفة بداخل هذه الدول من خلال الدفع بسياسات تمويل وتوفير فرص عمل)، كما أكد قادة الاتحاد الأوروبي أهمية تعبئة التمويل الخاص لصناعة الدفاع، ورحبوا بجهود البنك الأوروبي للاستثمار في هذا المجال، ودعوا البنك إلى مواصلة جهوده لتكييف ممارساته في منح القروض لصناعة الدفاع.

• الصناعات الدفاعية: شدد المجلس الأوروبي على ضرورة تسريع العمل على تطوير القدرات في المجالات ذات الأولوية، وحثّ على تطوير المشاريع التعاونية، ورحب القادة بالأعمال الجارية فيما يتعلق بالطلبات الدفاعية تحت إشراف الوكالة الأوروبية للدفاع، وشجعوا على مواصلة الجهود لتمكين الصناعة الدفاعية الأوروبية من زيادة الإنتاج، كما حثوا المشرّعين على الإسراع في اختتام المفاوضات بشأن مقترح برنامج الصناعة الدفاعية الأوروبية، وإحراز تقدم في مقترحات "جاهزية الدفاع الشاملة"، كما دعا المجلس كلاً من المفوضية الأوروبية والممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية إلى تقديم مقترحات إضافية لتعزيز التنقل العسكري، بالإضافة إلى خارطة طريق واضحة لتنفيذ هدف الجاهزية الدفاعية.

4- تنمية الاقتصاد العالمي: 

• التنافسية: طرح المجلس الأوروبي عدداً من المقترحات يمكن من خلالها تعزيز تنافسية الاتحاد الأوروبي، عن طريق تعزيز قاعدة الاتحاد الأوروبي الصناعية، والارتقاء بجودة القيادة التكنولوجية الأوروبية، وتعزيز الادخار والاستثمارات الأوروبية، وأكد المجلس أهمية اتخاذ كافة التدابير اللازمة لإزالة العقبات أمام تدشين سوق أوروبية موحدة، فيما دعا المجلس المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي للدفع نحو تعزيز الدور الدولي لليورو سواء كعملة احتياط أم كعملة تعاملات.

• التسهيل: أكدت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أهمية تحسين المنظومة التشريعية المهيأة لتعزيز القدرة التنافسية الأوروبية، وذلك بهدف تدشين إطار تنظيمي داعم للابتكار، كما دعا المجلس الأوروبي الدول الأعضاء لسرعة التوصل لاتفاق بشأن حزم التسهيل، كما حث المجلس المفوضية الأوروبية على تجنب الأعباء الإدارية المفرطة.

• الطاقة: أكد المجلس الأوروبي أهمية الوصول إلى اتحاد شامل للطاقة بحلول عام 2030، يضمن أمن الطاقة والقدرة على الصمود في مواجهة التقلبات في سوق الطاقة العالمي، وقد رحّب الاتحاد الأوروبي بالتقدم المُحرز منذ عام 2022 في تقليص الاعتماد على مصادر الطاقة الخارجية، فيما دعا المجلس الأوروبي المفوضية الأوروبية إلى دعم الدول الأعضاء في معالجة المخاوف المتعلقة بجدوى مسارات عبور الطاقة البديلة اقتصادياً، لا سيما بالنسبة للدول غير الساحلية.

5- الهجرة: 

• دعت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى تكثيف الجهود الرامية إلى معالجة عدد من المسائل المرتبطة بملف الهجرة اللجوء، مثل تنفيذ القوانين الأوروبية التي تم اعتمادها للتعامل مع الملف، ومكافحة الهجرة غير الشرعية، والدفع بإعادة المهاجرين إلى أوطانهم الأصلية، ودعم مقترحات "البلدان الثالثة"، فضلاً عن مكافحة الاستغلال السياسي للهجرة، والاتجار بالبشر، والتهريب، ومواءمة سياسات التأشيرات من قبل الدول المجاورة.

6- مسار العضوية للاتحاد الأوروبي: 

• مولدوفا: أعرب الاتحاد الأوروبي عن دعمه لسيادة دولة مولدوفا وسلامة أراضيها وقدرتها على الصمود وتنميتها الاقتصادية، في مواجهة الأنشطة المزعزعة للاستقرار التي تمارسها روسيا، بما في ذلك الهجمات الهجينة، فيما أعرب القادة الأوروبيون عن تطلعهم إلى عقد القمة الأولى بين الاتحاد الأوروبي ومولدوفا، والتي ستُعقد في مولدوفا في 4يوليو 2025، وجدد المجلس الأوروبي تأكيده دعم الاتحاد لمسار مولدوفا الأوروبي، كما أشاد بسرعة الإصلاحات التي تنفذها مولدوفا في سياق الانضمام.

• دول غرب البلقان: أكدت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي استمرار العمل بشكل وثيق مع دول غرب البلقان، ودعم الجهود الإصلاحية التي تبذلها في مساراتها الأوروبية، إلى جانب تعزيز التكامل التدريجي بين الاتحاد الأوروبي والمنطقة في إطار عملية التوسيع.

7- الأمن الداخلي والجاهزية: 

• تطرقت الدول الأعضاء إلى سبل تعزيز الأمن الداخلي، وآليات مكافحة الأنشطة الهجينة، حيث دعا المجلس الأوروبي مؤسسات الاتحاد والدول الأعضاء إلى تعبئة كافة الجهود على المستوى الداخلي والخارجي لمكافحة هذه التهديدات، كما تمت مناقشة استراتيجية الأمن الداخلي الأوروبي واستراتيجية جاهزية الاتحاد الأوروبي، وأدان المجلس الأوروبي جميع أشكال الأنشطة الهجينة التي تُمارَس ضد الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، بشكل خاص الحملة الهجينة المتواصلة التي تشنّها روسيا، ومحاولاتها تقويض الديمقراطية، بما في ذلك التدخل في العمليات الانتخابية. (European council)

مناقشات جانبية: 

على الرغم من تعدد الملفات التي تم تضمينها في أجندة القمة، وتمت ترجمتها لاحقاً في البيان الختامي الصادر عن المجلس الأوروبي؛ فإن الدول والمؤسسات الأوروبية تطرقت إلى عدد من الملفات الجانبية، وذلك على النحو التالي:

• مبادرة تجارية عالمية: طرحت رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين فكرة أن يتحد الاتحاد الأوروبي مع الدول الأعضاء في اتفاقية الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ  (CPTPP)(التي تشمل بريطانيا) لتشكيل مبادرة تجارية عالمية جديدة تعيد ترسيم قواعد نظام التجارة العالمي، وإصلاح أو استبدال منظمة التجارة العالمية التي أصبحت إلى حد كبير غير فعالة، - وفقاً لطرح فون دير لاين-  حيث أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أن الولايات المتحدة لن تُدعى تلقائياً للانضمام إلى هذه المبادرة، كما أن قرار مشاركتها سيحدد من قبل الدول الأعضاء في المبادرة.

• مساومات زيادة الإنفاق الدفاعي: حرصت رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا على طمأنة الدول الأعضاء التي تعاني من ضغوط مالية بأن الاتحاد الأوروبي سيبذل كل الجهود لمساعدتها على تحقيق هدف الإنفاق الدفاعي بنسبة 5%، الذي التزمت به هذه الدول في قمة الناتو الأخيرة، حيث أكد رئيس المجلس الأوروبي كوستا أنه ليس من الضروري أن تبني جميع الدول نفس القدرات الدفاعية (تصريح موجه للدول التي قد تفضل الاستثمار في مشاريع البنية التحتية المدنية تحت بند الدفاع بدلاً من التركيز فقط على الأسلحة)، كما ذكر أن المجلس طلب من رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين، والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كايا كالاس، وضع خارطة طريق للتمويل قبل قمة أكتوبر 2025، فيما أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين أن طريقة الإنفاق على الدفاع "كيف" لا تقل أهمية عن المبالغ المخصصة للدفاع "كم"، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي سيدعم أعضاءه عبر إزالة العقبات التنظيمية، ضمن جهود المفوضية الأوروبية لتبسيط القوانين والإجراءات.

• الأهداف المناخية: أثارت فرنسا مسألة الأهداف المناخية المستقبلية للاتحاد الأوروبي للسنوات 2035 و2024، وذلك في ضوء سعي الاتحاد الأوروبي لمكافحة تغير المناخ وتقليل الانبعاثات؛ حيث تمحورت المناقشات حول ما إذا كان من الأفضل أن تتم مناقشة هذه الأهداف بشكل مشترك بين جميع الدول الأعضاء أم بشكل منفصل لكل هدف، وقد أثارت هذه المسألة حالة من الاستقطاب بين الدول الأوروبية، فبينما دعمت بعض الدول، مثل بولندا، موقف فرنسا في إعادة تقييم الأهداف، أعربت دول أخرى عن رغبتها في الحفاظ على الأهداف الحالية دون تعديل، ولكن بشكل عام فقد تم تأكيد أن الخلاف ليس حول التخلي عن الأهداف نفسها، بل حول الطرق والأساليب التي يجب اتباعها لتحقيقها؛ بمعنى آخر، كان هناك توافق عام على أهمية الحفاظ على الأهداف المناخية؛ لكن الخلاف ينصب على كيفية الوصول إليها بشكل عملي وفعّال. (politico)

قمم موازية:

شارك الاتحاد الأوروبي في عدد من القمم الدولية التي استهدفت بصورة أو بأخرى مواجهة تحدي تغير التوجهات الأمريكية تجاه أوروبا، وتأكيد استقلالية أوروبا كفاعل رئيسي عن الولايات المتحدة، وذلك على النحو التالي:

• قمة الناتو: عُقدت قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) لعام 2025 في لاهاي-هولندا، بحضور قادة الدول الأعضاء في الحلف، لمناقشة عدد من القضايا الأمنية والدفاعية التي تواجه الحلف، حيث استمرت القمة خلال يومي 24و25يونيو، وركزت على آليات تعزيز التعاون العسكري المشترك وزيادة الميزانيات المخصصة للدفاع، مع تأكيد مبدأ الدفاع الجماعي، بالإضافة إلى بحث سبل دعم الدول الشريكة.

• قمة الاتحاد الأوروبي وكندا: استضاف الاتحاد الأوروبي كندا في قمة استثنائية؛ استهدفت تعزيز العلاقات بين الجانبين، في ظل تنامي التحديات الجيوسياسية على إثر موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العدائي ضد أوروبا، والتحركات الروسية التوسعية، والتصعيد في الشرق الأوسط؛ حيث اتفق الجانبان على الدفع بشراكة أمنية مشتركة، فيما اشتملت الشراكة الأمنية المرتقبة على العمل المشترك في مجالات إدارة الأزمات، والأمن السيبراني، وأمن البحار والفضاء، ومراقبة الأسلحة، إضافة إلى دعم أوكرانيا، وناقش الجانبان آليات الدفع باتفاق رقمي يهدف إلى صياغة قواعد عالمية للبيانات، بما يشمل التوقيعات الإلكترونية، وحماية المستهلك، والحد من الرسائل المزعجة، فضلاً عن التوافق في المعايير المتعلقة بتنظيم المجال الرقمي؛ بهدف جعل المنصات الإلكترونية أكثر أماناً وشمولاً، وجعل أنظمة الذكاء الاصطناعي أكثر موثوقية. (Reuters)

• قمة الاتحاد الأوروبي والصين: يستعد قادة الاتحاد الأوروبي لزيارة الصين في يوليو 2025، بمناسبة الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، وذلك في ظل مساعي الجانبين لتعزيز الشراكة والتعاون السياسي والاقتصادي والثقافي، وتأكيد الالتزام المشترك لمواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ والتنمية المستدامة، ومن المتوقع أن يتطرق الحضور في القمة لسبل تعزيز الحوار الاستراتيجي والتبادل التجاري، وآليات مواجهة الرسوم الجمركية الأمريكية، إلى جانب توسيع مجالات الشراكة في التكنولوجيا والابتكار. (Reuters)

• قمة الاتحاد الأوروبي وبريطانيا: عُقدت في لندن قمة تاريخية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي؛ بهدف إعادة ضبط العلاقات بين الجانبين بعد فترة من التوترات الناتجة عن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست"؛ حيث تطرقت القمة إلى الدفع باتفاقيات هامة لتعزيز التعاون الأمني والدفاعي، وتسهيل التجارة، وضمان حقوق صيد الأسماك.

عوامل النجاح:

• سيعتمد نجاح القوى الأوروبية في سعيها للتخفيف من وطأة تنصل الولايات المتحدة من التزاماتها التاريخية تجاه أوروبا، على عدد من العوامل: 

مدى قدرة القارة الأوروبية على صياغة إستراتيجية موحدة للتعامل مع الإدارة الأمريكية القادمة، حيث تتعارض القوى الأساسية في القارة بشأن القضايا المحورية على الأخص فرنسا وألمانيا، وكذلك لم ترحب بعض القوى الأوروبية بخطة إعادة تسليح أوروبا، (على الرغم من الترويج الإعلامي المُكثف لها) مشيرة إلى التداعيات السلبية التي قد تخلفها الخطة؛ حيث أشار رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان إلى أن خطة إعادة التسليح من شأنها أن تدمر أوروبا، كما عارضت زعيمة الحزب الديمقراطي (أكبر حزب للمعارضة في إيطاليا) والنائبة في البرلمان الأوروبي  إيلي شلاين الخطة، مشيرة إلى أن أنها ستعمل على طرح بعض التغيير على المقترحات المقدمة في من قبل رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين؛ ومن ثم سيتعين على الدول الأوروبية الدفع بآلية مُحكمة، تضمن في المقام الأول تحقيق التكامل وتوحيد الجهود؛ لتكون بمثابة قوة ضغط على الرئيس الأمريكي ترامب في تشكيل سياساته نحو القارة.

قدرة الدول الأوروبية على استحداث عدد من الملفات حتى تستغلها في إدارة علاقاتها مع الإدارة الأمريكية، مثل حوكمة الذكاء الاصطناعي، وعلى الرغم من اختلاف الرؤى الإجرائية الأمريكية الأوروبية لمنظومة الذكاء الاصطناعي؛ فإن الدول الأوروبية قد تعمل على إيجاد أرضية مشتركة مع الجانب الأمريكي.

نجاح دول الاتحاد الأوروبي في بناء شبكة جديدة من التحالفات؛ حيث تفرض التطورات الجيوسياسية الحالية على القوى الأوروبية التحرك لتعزيز وبناء شبكة جديدة من التحالفات الأمنية، وإن كانت هذه التحالفات لن تقتصر على الدول كفواعل رئيسية في النظام الدولي؛ حيث سيتعين على الاتحاد الأوروبي تعزيز الشراكة مع الجهات الفاعلة مثل شركات الأسلحة أو الشركات التكنولوجية والابتكارية، وكذلك تعزيز الشراكة القائمة بالفعل مع الدول ذات الرؤية المماثلة للدول الأوروبية.

• من الواضح أن هناك اتجاهاً أوروبياً لتوسيع مفهوم الإنفاق الدفاعي؛ بحيث يشمل الإنفاق على بعض الأوجه المدنية ذات التوظيف العسكري، على سبيل المثال، البنى التحتية؛ حيث يحقق هذا الاتجاه للدول الأوروبية هدفين: الأول هو الظهور بمظهر المستوفي لالتزاماته تجاه حلف الناتو، والثاني هو تهدئة المخاوف الداخلية المرتبطة بأن زيادة الإنفاق الدفاعي ستعني ضمناً التأثير في الإنفاق على الخدمات الأساسية.



المراجع:

(ب، ن)، 7/7/2025 قراءة في اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي ببروكسل، المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة.

(ب، ن)، 27/6/2025قمة الاتحاد الأوروبي: تركيز على أوكرانيا والشرق الأوسط وتعزيز الأمن المشترك"، يورو نيوز،.

المقالات الأخيرة