ظهر مصطلح الركود التضخمي في السبعينات من القرن الماضي في أعقاب ارتفاع أسعار النفط العالمية بشكل كبير، مما أدى إلى زيادة تكاليف السلع بشكل كبير وارتفاع معدلات البطالة والذي تسبب في انخفاض معدلات النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير، ولأهمية هذا المصطلح الاقتصادي والتخوفات من عودة الركود التضخمي في بعض الدول، حيث ان يعتبر الركود التضخمي من أسوا الظواهر الاقتصادية التي يمكن أن يمر بها اقتصاد ما، ويقصد بهذا المفهوم وجود حالة من بطء معدلات النمو الاقتصادي يصاحبها ارتفاع في معدلات التضخم بشكل كبير، وقد تساهم الاجراءات التي تُتخذ لمواجهة تلك الحالة في تعميق الأزمة
توجد بعض الأسباب التي تؤدي إلى وجود ظاهرة الركود التضخمي في عدد من اقتصادات الدول، ومن أهم تلك الأسباب ما يلي
انخفاض القدرة الإنتاجية للدول نتيجة وجود أحداث أو ظروف غير اعتيادية قد تؤثر على عوامل الإنتاج مثل اندلاع الحروب، أو حدوث كوراث طبيعية
ضارب السياسات الاقتصادية الكلية مثل التوسع في طباعة العملات النقدية لسد عجز الموازنة، بالإضافة إلى زيادة معدلات الإقراض من قبل الجهاز المصرفي، بما قد يساهم بشكل كبير في زيادة معدلات التضخم بشكل لا يمكن السيطرة عليه
ارتفاع أسعار المواد الخام بشكل كبير بما قد يساهم في ارتفاع أسعار النقل والمواصلات بما قد يعمل تقليل القدرة الإنتاجية للاقتصاد، لأن وسائل المواصلات ارتفعت وأصبح إنتاج المنتجات وتوصيلها لمنافذ البيع أغلى بكثير، بالإضافة إلى أنه قد ترتفع الأسعار نتيجة ارتفاع أسعار وسائل النقل
تداعيات الركود التضخمي على الاقتصاد
ينتج عن وجود حالة الركود الاقتصادي في دولة ما العديد من الأضرار التي قد تلحق بهذا الاقتصاد، وتتمثل أبرز تلك النتائج على النحو التالي
ارتفاع معدلات البطالة: والتي تحدث نتيجة تخلي الشركات عن جزء من موظفيها في إطار خطة خفض النفقات، وذلك من أجل التغلب على تبعات تباطؤ النمو الاقتصادي في البلاد، وارتفاع مستويات الأسعار
تدهور الأحوال المعيشية للكثير من المواطنين وتأكل الدخول وبخاصة أصحاب الدخول الثابتة، ويحدث ذلك نتيجة ارتفاع مستويات الأسعار بشكل كبير بما يقلل من القيمة الشرائية للعملة
كما تتراجع أيضاً قيمة الأصول والممتلكات بسبب تباطؤ الأرباح نتيجة تراجع معدلات النمو الاقتصادي
هروب الاستثمارات المحلية والأجنبية: ويحدث ذلك نتيجة عدم قدرة المستثمرين على تقدير التكاليف التشغيلية للمشروعات ومن ثم صعوبة تحديد معدلات الأرباح
ارتفاع معدل التضخم العالمي
بحسب التقرير، فقد ارتفع معدل التضخم العالمي بصورة حادة من أدنى مستوياته منتصف عام 2020. وسط توقعات بأن يصل ذروته في منتصف العام الحالي، وتحرك النمو الاقتصاد في الاتجاه المعاكس، متراجعاً بشدة منذ بداية العام، ومن المرجح أن يبقى حتى نهاية العقد الحالي أقل من المتوسط الذي كان عليه خلال العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين
تطلب التحرر من مخاطر الركود التضخمي، الذي يمثل مزيجاً من ارتفاع التضخم وتباطؤ النمو في سبعينيات القرن العشرين. زيادات كبيرة في أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية في الاقتصاديات المتقدمة، ما سبب ركوداً اقتصادياً، وتسبب في سلسلة من الأزمات المالية في اقتصاديات الأسواق الناشئة، وهو ما يتكرر بحذافيره حالياً
خلال السبعينيات، تضاعفت أسعار النفط أربع مرات في 1973-1974، قبل أن تتضاعف مجدداً في 1979-1980، وسط الإطاحة بشاه إيران، تكرر هذا بسبب أزمة روسيا وأوكرانيا، والحصار المفروض على موانئ الأخيرة المطلة على البحر الأسود، واحتلال واحدة من أكبر مناطق إنتاج الحبوب في العالم، التي يعتمد العديد من البلدان الفقيرة عليها من أجل الغذاء، كما أثر تغير المناخ على الإمدادات الجديدة ولا يمكن التنبؤ بها
مخاوف الركود التضخمي
انعكست مخاوف الركود التضخمي والسياسة التشددية للبنوك المركزية على مؤشرات أسواق الأسهم العالمية وأسواق السلع، لتهبط الأسواق الأوروبية لأدنى مستوى في 3 أشهر، فيما زادت الأسواق الأميركية من حدة تراجعاتها ليهبط مؤشر داوجونز لأدنى مستوى مع تراجعه في مستهل تعاملات بنسبة تجاوزت 2%
كذلك هبطت مؤشرات أسواق الأسهم الآسيوية عند الإغلاق بنسب تجاوزت 3% تصدرها مؤشر هانغ سينغ بانخفاض 3.4% ومؤشر نيكاي الياباني بنسبة 3% تقريباً.
وهبطت مؤشرات أسواق الأسهم العربية بصورة جماعية ليتصدر تراجعاتها مؤشر سوق دبي المالي بنسبة 2.6%، ثم مؤشر سوق الأسهم السعودية بتراجع 2.28%
ومع تصاعد المخاوف من ركود اقتصادي قادم خاصة مع زيادة معدلات التضخم الأميركية المعلنة لأعلى مستوياتها منذ أكثر من 40 عاماً، ارتفع مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأمريكية أمام ست عملات رئيسية بنسبة تقارب 1% إلى مستوى 104.9 نقطة.
أسهمت قوة الدولار ومخاوف تراجع نمو الاقتصاد العالمي في تراجع أسواق المعادن والسلع، ليهبط النفط بنسبة تجاوزت 2% فيما تراجع الغاز الطبيعي الأمريكي بنسبة 5%، وكذلك هبط النحاس والألمنيوم بنسبة 2.5% تقريباً
محمد فرحات ، 6.10.2022 ، ما هو الركود التضخمي؟ ،العين الإخبارية
(ب ، ن ) ،28.6.2022 ، الركود التضخمي والحلول الاقتصادية .. أين تستثمر وكيف تتمركز ؟ ، جريدة العرب الاقتصادية الدولية