تُعد الطاقة الشمسية من أهم مصادر الطاقة المتجددة التي تمتلكها ليبيا بكميات هائلة، نظراً لموقعها الجغرافي المتميز على حزام الصحراء الكبرى. تتميز البلاد بسطوع شمسي مرتفع جداً يتجاوز 3000ساعة سنوياً في معظم المناطق، مما يجعلها من أغنى دول العالم بالطاقة الشمسية. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال استغلال هذه الطاقة في ليبيا محدوداً، مما يفتح الباب أمام فرص استثمارية كبيرة لتحقيق التنمية المستدامة وتنويع مصادر الطاقة بعيداً عن الاعتماد الكامل على النفط والغاز.
الإمكانيات الهائلة للطاقة الشمسية في ليبيا
تمتلك ليبيا إمكانيات شمسية ضخمة لا تضاهى. يبلغ متوسط الإشعاع الشمسي اليومي على الأراضي الليبية حوالي 6,5 كيلوواط ساعة لكل متر مربع.
تتميز مناطق الجنوب الغربي والجنوب الشرقي بارتفاع الإشعاع الشمسي، حيث تتراوح قيمته بين 7 و 8 كيلوواط ساعة لكل متر مربع في بعض الأحيان. هذه المستويات العالية من الإشعاع الشمسي تجعل ليبيا بيئة مثالية لإقامة محطات توليد الطاقة الشمسية الكبيرة، سواء كانت خلايا شمسية ضوئية (PV) أو محطات الطاقة الشمسية المركزة (CSP).
الاستخدامات الحالية والمستقبلية للطاقة الشمسية
يقتصر استخدام الطاقة الشمسية حالياً في ليبيا على بعض التطبيقات البسيطة مثل تسخين المياه في بعض المنازل، وإنارة الشوارع في بعض المدن النائية، وتشغيل مضخات المياه في بعض المزارع. لكن الإمكانيات الحقيقية تتجاوز هذه الاستخدامات بكثير، وتشمل:
_ توليد الكهرباء على نطاق واسع: يمكن إنشاء محطات طاقة شمسية ضخمة لتغذية الشبكة الكهربائية الوطنية وتقليل الاعتماد على محطات الوقود الأحفوري التي تعاني من مشاكل الصيانة والتشغيل.
_ تحلية المياه: تُعتبر الطاقة الشمسية حلاً مثالياً لتحلية مياه البحر في المناطق الساحلية، مما يوفر مصدراً مستداماً للمياه العذبة ويقلل من استهلاك الطاقة التقليدية.
_ الزراعة المستدامة: يمكن استخدام الطاقة الشمسية لتشغيل أنظمة الري الحديثة، مما يعزز الإنتاج الزراعي في المناطق الصحراوية ويساهم في الأمن الغذائي.
_ الطاقة الحرارية: يمكن استخدامها لتسخين المياه وتدفئة المباني، مما يقلل من استهلاك الغاز والوقود السائل.
التحديات والفرص الاستثمارية
يواجه قطاع الطاقة الشمسية في ليبيا بعض التحديات التي يجب التغلب عليها للاستفادة الكاملة من هذه الإمكانيات:
_ البنية التحتية: ضعف الشبكة الكهربائية الوطنية وعدم قدرتها على استيعاب كميات كبيرة من الطاقة المتجددة المتقطعة.
_ الاستقرار السياسي: عدم الاستقرار السياسي والأمني يعيق جذب الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع الحيوي.
_ الأطر التشريعية: غياب التشريعات والقوانين الواضحة التي تحفز الاستثمار في الطاقة المتجددة وتقدم الحوافز للمستثمرين.
_ التمويل: صعوبة توفير التمويل اللازم للمشاريع الكبيرة في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية.
ومع ذلك، فإن هذه التحديات تُعد فرصاً استثمارية بحد ذاتها، حيث يمكن للشركات المحلية والأجنبية الاستثمار في:
_ إنشاء محطات توليد الطاقة: مشاريع إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وبيعها للشبكة الوطنية.
_ تصنيع المعدات: إقامة مصانع لتصنيع الألواح الشمسية والمعدات اللازمة، مما يخلق فرص عمل جديدة ويقلل من تكاليف الاستيراد.
_ التطبيقات المتخصصة: تطوير حلول طاقة شمسية للمناطق النائية، والمزارع، والمباني الحكومية، والمشاريع الصناعية.
وتعكس أهم 5 مشروعات طاقة شمسية في ليبيا توجهًا إستراتيجيًا لتوظيف الموارد الطبيعية في إنتاج الكهرباء النظيفة، بما يسهم في توفير الطاقة للمناطق النائية وخفض الانبعاثات الكربونية.
كما تسعى الحكومة الليبية إلى استقطاب استثمارات دولية وشراكات تقنية لتسريع تنفيذ هذه الخطط الطموحة.
وتشمل الرؤية الوطنية للطاقة المتجددة العمل على خفض تكاليف توليد الكهرباء، وتحسين كفاءة الشبكة، وخلق فرص عمل جديدة، إلى جانب تحقيق الاستدامة البيئية.
من أهم 5 مشروعات طاقة شمسية في ليبيا، حيث تستهدف الوصول إلى قدرة توليد من مصادر متجددة تبلغ 4 غيغاواط بحلول عام 2035، عبر 3 مراحل رئيسة تبدأ بقدرة 1,7غيغاواط في 2027، ترتفع إلى 2,5 غيغاواط بحلول 2030، ثم إلى الهدف النهائي في 2035.
_ مشروع إنفينيتي – الكفرة
يُعد مشروع إنفينيتي في الكفرة أول محطة للطاقة الشمسية بقدرة 1 ميغاواط تُسلَّم رسميًا في البلاد؛ ليبرز ضمن أهم 5مشروعات طاقة شمسية في ليبيا.
اكتملت الأعمال في مايو/ 2025 بعد 8 أشهر فقط من توقيع الاتفاقية، وفق متابعة منصة الطاقة المتخصصة.
وتنتج المحطة 2,182 ميغاواط/ساعة سنويًا؛ ما يوفر 545ألف لتر من الديزل ويقلل انبعاثات الكربون بنحو 1,300 طن سنويًا.
ويمثل المشروع نموذجًا لسرعة التنفيذ وتعزيز القدرات المحلية؛ إذ يُدار بالكامل بوساطة مهندسين ليبيين مدرَّبين.
_ محطة السدادة للطاقة الشمسية – 500 ميغاواط
تطور شركة "توتال إنرجي" بالتعاون مع الشركة العامة للكهرباء محطة السدادة التي تضم 1,2 مليون لوح شمسي، وتنتج نحو 152 تيراواط/ساعة سنويًا.
وُضع حجر الأساس في يونيو/ 2022، ومن المقرر بدء التشغيل التجاري في 2026؛ ما يجعلها واحدة من أكبر محطات الطاقة الشمسية في شمال أفريقيا، وأحد أهم 5 مشروعات طاقة شمسية في ليبيا.
_ محطة غدامس للطاقة الشمسية – 200 ميغاواط
يقع مشروع محطة غدامس للطاقة الشمسية في منطقة نالوت على مساحة 500 هكتار، وتملكه شركة "إيه جي - AG Energy" بالكامل.
لا يزال المشروع في مرحلة التراخيص، مع بدء متوقع للأعمال في 2026 والتشغيل في 2027، ليُصنّف ضمن أهم 5 مشروعات طاقة شمسية في ليبيا.
وسيُباع إنتاج المحطة للشركة العامة للكهرباء بموجب اتفاقية شراء طويلة الأجل؛ ما يضمن استقرار العائدات ودعم الشبكة الوطنية.
_ مبادرة غو غرين
تهدف مبادرة "غو غرين" (Go Green)، التي أطلقتها هيئة الطاقة المتجددة، إلى تركيب أنظمة شمسية كهروضوئية على أسطح المنازل والمباني العامة والزراعية والصناعية.
وتستهدف المبادرة تركيب 500 ميغاواط خلال 5 سنوات، عبر برامج تشمل المستشفيات والجامعات والمساجد والمزارع الكبرى، لتأتي ضمن أهم 5 مشروعات طاقة شمسية في ليبيا.
وتُسهم هذه المبادرة في خفض الفواتير وتعزيز الاستدامة وتقليل الاعتماد على الوقود التقليدي.
محطة الطاقة الشمسية في شرق ليبيا – 1500 ميغاواط
تعمل "باور تشاينا" و"إي دي إف" (EDF) على إنشاء محطة بقدرة 1500 ميغاواط في شرق ليبيا.
كما يشمل التعاون الدولي مشروعًا مع الشركة الإسبانية "ريك إنرجي" لإنشاء محطة بقدرة 50ميغاواط في بنغازي، المتوقع أن يصبح نموذجًا للتوسع في مدن أخرى.
الأثر المتوقع لأهم 5 مشروعات طاقة شمسية في ليبيا
من المنتظر أن تُسهم أهم 5 مشروعات طاقة شمسية في ليبيا في خفض ملايين الدولارات من تكاليف الوقود سنويًا، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وتحسين أمن الطاقة.
كما ستعزز هذه المشروعات موقع ليبيا بصفتها مركزًا إقليميًا للطاقة النظيفة، وتفتح المجال أمام استثمارات أجنبية وشراكات تقنية متقدمة، خلال وقت تتزايد فيه الحاجة عالميًا إلى حلول مستدامة لمشكلات الطاقة.
الخلاصة
تمتلك ليبيا ثروة حقيقية في طاقتها الشمسية، وهي مفتاح لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة. إن استثمار هذه الثروة يتطلب إرادة سياسية، وتوفير بيئة استثمارية آمنة، ووضع تشريعات داعمة، بالإضافة إلى جذب الخبرات والتكنولوجيا. إن الانتقال نحو الطاقة المتجددة لن يساهم فقط في حل مشكلة الكهرباء، بل سيُعزز من الأمن الطاقوي، ويُقلل من الانبعاثات الكربونية، ويُمهد الطريق لمستقبل أكثر إشراقاً للأجيال القادمة.
المراجع
_ علي، محمد، سنة النشر: 2019، الناشر: مركز الدراسات الليبية.
_ أحمد، يوسف، سنة النشر: 2021، الناشر: دار النشر العلمية.