الجريمة البيئية في ليبيا

المقدمة

يشكل مرتكبو الجرائم البيئية تهديداً خطيراً لحياتنا اليومية ولكوكبنا وللأجيال القادمة والجرائم البيئية لا تقيّدها الحدود، ومنها مثلاً الاتجار بالعاج، والإفراط في صيد الأنواع المحمية من الأسماك، وقطع الأشجار غير المشروع، ورمي النفايات الخطرة ، وغالباً ما تكون الطرق المستخدمة لتهريب الحيوانات البرية عبر البلدان والقارات هي نفسها المستخدمة للإتجار بالأسلحة والمخدرات والبشر. والواقع أن الجرائم البيئية غالباً ما تُرتكب إلى جانب جرائم أخرى كتقليد جوازات السفر والفساد وغسل الأموال، لا بل حتى إلى جانب جريمة القتل ، وبخلاف الاتجار غير المشروع بالمخدرات والسلع الأخرى غير المشروعة، تُعتبر الموارد الطبيعية محدودة ولا يمكن إنتاج المزيد منها في المختبرات، مما يفسّر الحاجة الملحة إلى مكافحة الجريمة البيئية

المفهوم القانوني لحماية البيئة في ليبيا

عرف المشرع الليبي البيئة في الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم (7) لسنة 1982 مسيحي بشأن حماية البيئة بأنها ـ المحيط الذي يعيش فيه الإنسان وجميع الكائنات الحية ويشمل الهواء والماء والتربة والغذاء ـ ويتضح لنا من هذا التعريف أن المشرع الليبي يميل إلى الاتجاه الذي يربط مفهوم البيئة بالوسط الطبيعي ويحصره في عناصرها الطبيعية كالماء والهواء والتربة والغذاء

وفي سياق الاهتمام بالبيئة أصدر المشرع الليبي القانون رقم (07) لسنة 1982 مسيحي بشأن حماية البيئة والذي قصد من ورائه كما علمنا آنفا حماية المحيط الذي يعيش فيه الإنسان وجميع الكائنات الحية من التلوث مع إيجاد الطرق المناسبة لقياس التلوث فيه من أجل وضع الخطط والبرامج العامة للحد من تلوث البيئة

:الأحكام الأساسية في القانون الليبي لحماية البيئة

أشتمل القانون رقم (7) لسنة 1982 مسيحي سالف الذكر على فصل أول نظم بعض الأحكام العامة وفصل ثان خاص بحماية الهواء الجوي وثالث خاص بالحماية البحار والثروة البحرية ورابع لحماية مصادر المياه وخامس لحماية المواد الغذائية وسادس لإصحاح البيئة وسابع للحماية من الأمراض المشتركة وثامن لحماية التربة والنباتات وتاسع لحماية الحياة البرية وعاشر خاص بأحكام انتقالية وفصل أخير اشتمل على العقوبات الجنائية المقررة عند مخالفة أحكامه ، وقد ألزمت المادة الثانية من القانون المذكور كافة الأفراد والهيئات والمؤسسات والشركات الوطنية والأجنبية ببذل كافة الجهود للمساهمة في الحد من التلوث عن طريق التعاون مع الأجهزة المختصة وإتباع التعليمات الصادرة في هذا الشأن ، وألزمت أيضا كل شخص أو جهة يزاول أو تزاول أعمالا تؤدي إلى تلوث البيئة اتخاذ الإجراءات اللازمة والضرورية للحد من هذا التلوث في حدود ما قام أو قامت به من أعمال أدت إلى إحداث التلوث

وقد ألزمت المادة الخامسة وكذلك المادة السادسة من ذات القانون الجهات التي تمارس الأنشطة التي من شأنها تلويث البيئة أن يراعي هذه القوانين وان يبلغ المركز الأمني لحماية البيئة عن الحوادث التي تقع بسبب مزاولتها لنشاطها ، وكذلك على الجهات العامة أن تأخذ في الاعتبار باعتبارها مختصة في هذا الشأن الطرق والوسائل الكفيلة للمحافظة على توازن البيئة عند وضع مخططاتها المتعلقة بالتطوير العمراني وإنشاء المدن السكنية وإقامة المصانع وغيرها من المنشآت وكذلك تنفيذ الشروط الخاصة بمنع الضوضاء والضجيج ومقاومة الاهتزازات وكل ما يتعلق بإصحاح البيئة وحمايتها من التلوث ، وقد نص ذات القانون على إنشاء آلية خاصة بتنفيذ أحكامه والإشراف على تطبيقها بشكل سليم فنص على إنشاء مركز فني لحماية البيئة منحه حق التفتيش على كافة الجهات الخاضعة لأحكام القانون والأشراف عليها في مجال حماية البيئة وكذلك اخذ العينات وقياس حجم التلوث ، كما منحت المادة العاشرة من القانون ذاته بعض المواطنين الذين يصدر بتحديدهم قرار من اللجنة الشعبية العامة سابقا صفة مأموري الضبط القضائي وفقا لقانون الإجراءات الجنائية وذلك بالنسبة للجرائم التي ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون

:الجرائم المنصوص عليها في القانون الليبي لحماية البيئة

بما أن البيئة هي المحيط الذي يعيش فيه الإنسان وغيره من الكائنات الحية المتكونة من عناصره الأساسي (التربة والماء والهواء والغذاء) فإن هذه البيئة تحتاج إلى قانون يعمل على حمايتها وتنظيمها ويحافظ على عناصرها من التلوث

وكما هو معروف من علاقة المخلفات الطبية بتلوث العناصر البيئية من تربة وماء وهواء فقد كان للقانون الليبي دوراً في المحافظة على البيئة ومنه التلوث بأشكاله المختلفة. ومن هذا المنطلق كانت القوانين الليبية قد تدخلت بشكل مباشر أو غير مباشر للحد من التلوث

و أول قانون في ليبيا هو قانون رقم 8 لسنة 1973م لمنع سكب الزيت في البحر. ولم يعد هذا القانون ذا أهميه كبيرة حيث جاء قانون رقم 7 لسنة 1982ف وأعيدت فيه صياغة القوانين بصورة اشمل

وعرفت الفقرة 3 من المادة الأولى من قانون رقم 7 لسنة 1982 بشأن حماية البيئة بأنه هو حدوث أية حالة أو ظرف ينشأ عنه تعرض صحة الإنسان أو سلامة البيئة للخطر نتيجة لتلوث الهواء أو مياه البحر أو المصادر المائية أو التربة أو اختلال توازن الكائنات الحية بما في ذلك الضوضاء والضجيج والاهتزاز والروائح الكريهة وأية ملوثات أخرى تكون ناتجة عن الأنشطة والإعمال التي يمارسها الشخص الطبيعي أو المعنوي

وبهذا التعريف تكون المخلفات الطبية الخطرة التي تعمل على تلوث الهواء بالميكروبات الكريهة والمواد الكيميائية وتلويثها للتربة والمياه قد وقعت تحت تشريعات قانون رقم 7 لسنة 1982 ف الخاص بحماية البيئة، ويكون هذا التشريع قد وقع بصورة مباشرة أو غير مباشرة على التلوث بالمخلفات الطبية





:المصادر

ابتسام سعيد الملكاوي ، جريمة تلويث البيئة ، دراسة مقارنة ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، الاردن 2008 ، ص 33

لطالي مراد ، ( الركن المادي للجريمة واشكالات تطبيقيه) شهادة ماجستير تخصص قانون البيئة

القانون رقم (2) لسنة 1982 بشأن تنظيم استعمال الاشعاعات المؤينة

القانون الصحي رقم (106) لسنة 1973

المقالات الأخيرة