:أنظمة الرقابة القضائية على أعمال الإدارة
تباشر الدّول العديد من الأنظمة المتبعة في طرق تنظيم وسير مرافق القضاء والمحاكم التي تعد من أسس تنظيم الدولة لطرق اتباع أنظمة المحاكم والقضاء فيها، وتُجمَل أنظمة الرقابة القضائية على أعمال الإدارة فيما يأتي
مقتضاه أنّ جهة قضائية واحدة مختصة بالنظر في كل المنازعات التي تحدث بين الأفراد أنفسهم أو بينهم وبين الإدارة أو بين الهيئات الإدارية نفسها، ويسود هذا النظام في أمريكا وإنجلترا وبعض الدول الأخرى، ويعد هذا النظام متميز بأنه أكثر اتفاقًا مع مبدأ المشروعية العامة، إذ تخضع الإدارة والأفراد إلي قانون واحد وقضاء واحد مما لا يسمح بإعطاء الإدارة أي امتيازات في مواجهة الأفراد، بالإضافة إلى أنه يسير في إجراءات التقاضي إذا ما قورن بأساليب توزيع الاختصاصات القضائية بين القضاء الإداري والقضاء العادي في نظام القضاء المزدوج
ومع ذلك، فقد وجّه النقد إلى هذا النظام من حيث أنّه يقضي على الاستقلال الواجب توفره للإدارة بتوجيهه الأوامر إليها ممّا يعيق أداءها لأعمالها، ممّا يدفع الإدارة إلى استصدار التشريعات التي تمنع الطعن في قراراتها، ولا يخفى ما لهذا من إضرار بحقوق الأفراد وحرياتهم
ومن جانب آخر فإن نظام القضاء الموحد يؤدي إلى تقرير مبدأ المسؤولية الشخصية للموظفين مما يدفعهم إلي الخشية من أداء عملهم بالوجه المطلوب خوفًا من المساءلة، وإذا ما قرر القضاء تضمين الموظفين بناءً على هذا المبدأ فإنه يحرم المضرورين من اقتضاء التعويض المناسب لضعف إمكانية الموظف المالية غالبًا
يقومُ نظام القضاء المزدوج على أساس وجود سلطتين قضائيتين مستقلتين، جهة القضاء العادي وتختص بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين الأفراد أو بينهم وبين الإدارة عندما تتصرف كشخص من أشخاص القانون الخاص، ويطبق القضاء على هذا النزاع أحكام القانون الخاص وجهة القضاء الإداري تختص بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين الأفراد والإدارة عندما تظهر الأخيرة بصفتها صاحبة السلطة، وتتمتع بامتيازات لا يتمتع بها الأفراد ويطبق القضاء الإداري على المنازعة قواعد القانون العام
وتعدّ فرنسا مهد القضاء الإداري، ومنها انتشر هذا النظام في الكثير من الدول كبلجيكا واليونان، ومصر، والعراق؛ لما يتمتّع به من خصائص مهمّة، فالقضاء الإداري قضاء إنشائيّ يُسهم في خلق قواعد القانون العام المتميّزة عن القواعد العادية في ظلّ القانون الخاص، والتي يمكن من خلالها تحقيق المصلحة العامة وحماية حقوق الأفراد وحريّاتهم