الفصل السابع

ينص الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة على اتخاذ "إجراءات قسرية" في حال كان السلام مهددا, تتراوح بين العقوبات الاقتصادية واللجوء إلى القوة، ويسمح الفصل السابع بممارسة الضغوط على بلد لإجباره على الالتزام بالأهداف التي حددها مجلس الأمن, قبل أن يتم تطبيق إجراءات قسرية. كما ينص على هذه الإجراءات في "حال وجود تهديد للسلام أو فسخ لمعاهدة سلام أو شن هجوم"، وتتراوح الإجراءات بين "العقوبات الاقتصادية والعقوبات الأخرى التي لا تشمل اللجوء إلى القوة المسلحة من جهة والتدخل العسكري الدولي"، وفي بادئ الأمر, يمكن لمجلس الأمن فرض "عقوبات اقتصادية وتجارية عامة أو إجراءات محددة أكثر, مثل فرض الحصار على الأسلحة ومنع أشخاص من التنقل وإجراءات مالية ودبلوماسية"، وفي حال ارتأى المجلس أن هذه الإجراءات لم تكن "مناسبة" يمكنه اللجوء إلى البند 42 من الفصل السابع، الذي ينص على أنه "يجوز لمجلس الأمن القيام بأي تحرك يراه ضروريا للحفاظ على السلام والأمن الدوليين أو لإعادة إحلالهما, بواسطة قوات جوية أو بحرية أو برية"، وطبق مجلس الأمن الفصل السابع ضد العراق قبيل غزوه في عام 2003, بالإضافة إلى حرب الخليج الثانية، وضد الكوريتين خلال حربهما (1950-1953)، وعدد من الدول منها ليبيا ، وفي هذا المقال نتناول بالبحث والدراسة فحوى الفصل السابع من خلال ما نصت عليه مواد الفصل السابع والتي جاءت حصريا في المواد من 39 وحتى 51

اين تكمن اهمية الفصل السابع

كلما نظر مجلس الأمن الدولي في أزمة من الأزمات الدولية، نبدأ بسماع أحاديث عن معنى أن يتم اتخاذ قرار بموجب الفصل السابع، أو الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة. في هذه الأحاديث يختلط الحقيقي بالمتوهَّم. من هنا جاءت أهمية توضيح هذه المسألة. كثيراً ما يتناهى إلى مسامعنا قول أحدهم إن هذا القرار أو ذاك ملزم لأنه صادر بموجب الفصل السابع. هكذا قول ينمّ عن جهل القائل بألف باء القانون الدولي. فكل قرارات مجلس الأمن ملزمة، وقد نصت على إلزاميتها المادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة: ("يتعهد أعضاء الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفق هذا الميثاق"). تتوزّع مواد ميثاق الأمم المتحدة على 19 فصلاً من ضمنها الفصلان السادس والسابع. كلا الفصلين المذكورين ينظمان صلاحيات مجلس الأمن في مجال حفظ السلم والأمن الدوليين

الفارق بينهما يظهر من عنوانيهما. بينما يأتي الفصل السادس (المواد 33 ـ 38) تحت عنوان "في حل المنازعات حلاً سلمياً" فإن الفصل السابع (المواد 39 ـ 51) يأتي تحت عنوان "في ما يُتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان". توجب مواد الفصل السادس على أطراف أي نزاع من شأن استمراره أن يعرّض حفظ السلم والأمن الدوليين للخطر أن يلتمسوا حلّه بطريق المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية، أي إلى الوسائل السلمية في حلّ النزاعات. في المقابل يكتفي مجلس الأمن بمتابعة النزاع وتقديم توصيات بما يراه ملائماً من الإجراءات وطرق التسوية (المادة 36) أو بما يراه ملائماً من شروط حل النزاع. أما الفصل السابع فهو يتضمن المواد التي تنظم عمل مجلس الأمن في حالة تهديد السلم أو الإخلال به وفي حالات العدوان

يمكن تقسيم إجراءات مجلس الأمن بموجب هذا الفصل إلى قسمين. الأول يتحدث عن دعوة المتنازعين إلى تنفيذ توصياته تحت طائلة اتخاذ تدابير لا تتطلب استخدام القوات المسلحة، ومن بينها وقف العلاقات الاقتصادية وجميع وسائل المواصلات والاتصالات وقفاً جزئياً أو كلياً وقطع العلاقات الديبلوماسية (المادة 41). أما الثاني فيتطرق إلى حالة عدم وفاء التدابير المذكورة بالغرض منها، وحينها يجوز له أن يستخدم القوات الجوية والبحرية والبرية لفرض حفظ السلم والأمن الدوليين، أي لتطبيق محتوى قراره (المادة 42). في هذه الحالة، يطلب من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تضع تحت تصرّفه ما يلزم من القوات المسلّحة والمساعدات والتسهيلات (المادة 43) أو يطلب من المنظمات والوكالات الإقليمية استخدام وسائل القمع لتنفيذ القرار وذلك تحت إشرافه (المادة 53 وتقع في الفصل الثامن). في البداية كان مجلس الأمن ينظر إلى تهديد السلم والأمن الدوليين على أنه خطر يتأتى من أزمة تنشب بين دولتين أو أكثر. ولكنه، في ما بعد، راح يرى أن تهديداً مماثلاً يمكن أن تتسبّب به الأزمات الداخلية، وهذا ما يظهر في قراره المتخذ لمواجهة سياسية التمييز العنصري في جنوب إفريقيا عام 1977 وفي عشرات القرارات الصادرة، بموجب الفصل السابع، منذ العام 1991. عندما نفّذ حلف شمال الأطلسي ضربات جوية على يوغوسلافيا، عام 1999، لردعها عن تطهير الأقلية الألبانية في كوسوفو، لم يصدر قرار بهذا الخصوص عن مجلس الأمن. لكن المشاركين اعتبروا أن عملهم يستند إلى القرارين 1199 و1203 المتخذين سابقاً بموجب الفصل السابع. وعندما شنت أميركا، بمعاونة حلفائها، هجوماً على العراق عام 2003 دون صدور قرار من مجلس الأمن، اعتبر رئيس الوزراء البريطاني أن هذا العمل يستند إلى قرارات مجلس الأمن 678 (1990)، 687 (1991) و1441 (2002). في الحالتين حصل جدال حول قانونية هذه الأعمال. في 17 مارس 2011، أصدر مجلس الأمن القرار 1973 بخصوص الأزمة الليبية

فرض بموجبه حظراً جوياً لمنع طائرات القذافي من قصف المدنيين وسمح بتنفيذ هجمات مسلّحة ضد سلاح الجو الليبي لتعطيله. ونص القرار أيضاً على "اتخاذ كافة الخطوات الضرورية لحماية المدنيين، حتى لو تطلب الأمر تدخلاً عسكرياً"، وهدد القذافي بقصف قواته إن لم يلتزم بوقف إطلاق النار

على هذا القرار استندت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوربيون من أجل إسقاط نظام القذافي

وضوح القرار حال دون أي تدخل روسي لحماية القذافي رغم أن روسيا كانت تريد أن ينسق الحلفاء معها أيّة خطة مماثلة قبل تنفيذها. اعتبرت روسيا أنها خُدعت

كل قرارات الأمم المتحدة ملزمة، لكن القرارات الصادرة بموجب الفصل السادس لا تتحدث عن استخدام الوسائل القمعية لفرض تنفيذها. في الوقت نفسه، ليس ضرورياً أن يؤدي كل قرار صادر بموجب الفصل السابع إلى استخدام القوة. في الحقيقة لا تنص قرارات مجلس الأمن بالضرورة على الفصل أو على المواد المستند إليها، فالمجلس يمارس صلاحياته مستنداً على كل ميثاق الأمم المتحدة

مسألة صدور القرار بموجب الفصل السابع تعني أن مجلس الأمن يشير إلى احتمال استخدامه لصلاحياته المنصوص عليها في الفصل المذكور (ومنها تدابير لا تتطلب استخدام القوة العسكرية ومنها اللجوء إلى القوّة كما أوضحنا أعلاه)

ملحق بمواد الفصل السابع

المادة 39

يقرر مجلس الأمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان ما وقع عملاًً من أعمال العدوان، ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقاً لأحكام المادتين 41 و42 لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه

المادة 40

منعاً لتفاقم الموقف، لمجلس الأمن، قبل أن يقوم توصياته أو يتخذ التدابير المنصوص عليها في المادة 39، أن يدعو المتنازعين للأخذ بما يراه ضرورياً أو مستحسناً من تدابير مؤقتة، ولا تخل هذه التدابير المؤقتة بحقوق المتنازعين ومطالبهم أو بمركزهم، وعلى مجلس الأمن أن يحسب لعدم أخذ المتنازعين بهذه التدابير المؤقتة حسابه

المادة 41

لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء "الأمم المتحدة" تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفا جزئياً أو كليا وقطع العلاقات الدبلوماسية

المادة 42

إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه. ويجوز أن تتناول هذه الأعمال المظاهرات والحصر والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء "الأمم المتحدة

المادة 43

يتعهد جميع أعضاء "الأمم المتحدة" في سبيل المساهمة في حفظ السلم والأمن الدولي، أن يضعوا تحت تصرف مجلس الأمن بناء على طلبه وطبقاً لاتفاق أو اتفاقات خاصة ما يلزم من القوات المسلحة والمساعدات والتسهيلات الضرورية لحفظ السلم والأمن الدولي ومن ذلك حق المرور. يجب أن يحدد ذلك الاتفاق أو تلك الاتفاقات عدد هذه القوات وأنواعها ومدى استعدادها وأماكنها عموماً ونوع التسهيلات والمساعدات التي تقدم. تجرى المفاوضة في الاتفاق أو الاتفاقات المذكورة بأسرع ما يمكن بناءً على طلب مجلس الأمن، وتبرم بين مجلس الأمن وبين أعضاء "الأمم المتحدة" أو بينه وبين مجموعات من أعضاء "الأمم المتحدة"، وتصدق عليها الدول الموقعة وفق مقتضيات أوضاعها الدستورية

المادة 44

إذا قرر مجلس الأمن استخدام القوة، فإنه قبل أن يطلب من عضو غير ممثل فيه تقديم القوات المسلحة وفاءً بالالتزامات المنصوص عليها في المادة 43، ينبغي له أن يدعو هذا العضو إلى أن يشترك إذا شاء في القرارات التي يصدرها فيما يختص باستخدام وحدات من قوات هذا العضو المسلحة

المادة 45

رغبة في تمكين الأمم المتحدة من اتخاذ التدابير الحربية العاجلة يكون لدى الأعضاء وحدات جوية أهلية يمكن استخدامها فوراً لأعمال القمع الدولية المشتركة. ويحدد مجلس الأمن قوى هذه الوحدات ومدى استعدادها والخطط لأعمالها المشتركة، وذلك بمساعدة لجنة أركان الحرب وفي الحدود الواردة في الاتفاق أو الاتفاقات الخاصة المشار إليها في المادة 43

المادة 46

الخطط اللازمة لاستخدام القوة المسلحة يضعها مجلس الأمن بمساعدة لجنة أركان الحرب

المادة 47

تشكل لجنة من أركان الحرب تكون مهمتها أن تسدي المشورة والمعونة إلى مجلس الأمن وتعاونه في جميع المسائل المتصلة بما يلزمه من حاجات حربية لحفظ السلم والأمن الدولي ولاستخدام القوات الموضوعة تحت تصرفه وقيادتها ولتنظيم التسليح ونزع السلاح بالقدر المستطاع. تشكل لجنة أركان الحرب من رؤساء أركان حرب الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن أو من يقوم مقامهم، وعلى اللجنة أن تدعو أي عضو في "الأمم المتحدة" من الأعضاء غير الممثلين فيها بصفة دائمة للإشراف في عملها إذا اقتضى حسن قيام اللجنة بمسؤولياتها أن يساهم هذا العضو في عملها. لجنة أركان الحرب مسؤولة تحت إشراف مجلس الأمن عن التوجيه الاستراتيجي لأية قوات مسلحة موضوعة تحت تصرف المجلس. أما المسائل المرتبطة بقيادة هذه القوات فستبحث فيما بعد. للجنة أركان الحرب أن تنشئ لجاناً فرعية إقليمية إذا خوّلها ذلك مجلس الأمن وبعد التشاور مع الوكالات الإقليمية صاحبة الشأن

المادة 48

الأعمال اللازمة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن لحفظ السلم والأمن الدولي يقوم بها جميع أعضاء "الأمم المتحدة" أو بعض هؤلاء الأعضاء وذلك حسبما يقرره المجلس. يقوم أعضاء "الأمم المتحدة" بتنفيذ القرارات المتقدمة مباشرة وبطريق العمل في الوكالات الدولية المتخصصة التي يكونون أعضاء فيها

المادة 49

يتضافر أعضاء "الأمم المتحدة" على تقديم المعونة المتبادلة لتنفيذ التدابير التي قررها مجلس الأمن

المادة 50

إذا اتخذ مجلس الأمن ضد أية دولة تدابير منع أو قمع فإن لكل دولة أخرى - سواء أكانت من أعضاء "الأمم المتحدة" أم لم تكن - تواجه مشاكل اقتصادية خاصة تنشأ عن تنفيذ هذه التدابير، الحق في أن تتذاكر مع مجلس الأمن بصدد حل هذه المشاكل

المادة 51

ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء "الأمم المتحدة" وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فورا، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس - بمقتضى سلطته ومسؤولياته المستمرة من أحكام هذا الميثاق - من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه

المصادر

ميثاق الامم المتحدة 26.6.1945

(ب ، ن) ، 24.12.2018 ، ما هو الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة ؟ ، موقع الميادين

وليد سعيد البياتي ، 3.7.2020 ، الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة ، شبكة النبأ المعلوماتية

المقالات الأخيرة