أثـر الخطـاب الإعـلامي فـي القـيم الاجتمـاعيـة

تعتبر العلاقة بين المنظومة الاعلامية ومنظومة القيم الاجتماعية والاخلاقية علاقة فاعلة ومتداخلة على اعتبار ان وسائل الاعلام في اي مجتمع هي الوسائل الناقلة لا نماط التفكير والمعرفة والقيم والافهام وبالتالي فهي تساهم في خلق جانب كبير من الثقافة الاجتماعية وطريقة حياة اي شعب او مجموعة سكانية معينة، وقد اهتم معظم فقهاء الاتصال بالوظائف الاجتماعية لوسائل الاعلام وحاولوا تحديد ادوار تلك الوسائل ازاء المجتمع ورصد نتائج وتأثيرات هذه الادوار ويعد رولد لاسويل من اوائل العلماء الذين اهتموا بهذه المسألة ، ويرى هذا العالم ان من بين وظائف وسائل الاعلام مراقبة البيئة الاجتماعية من خلال تجميع المعلومات وتوزيعها حتى يتمكن المجتمع من التكيف مع الظروف المتغيرة، كما يرى ان لوسائل الاعلام مهمة اخرى هي زيادة ترابط اجزاء المجتمع في الاستجابة لتحديات البيئة المحيطة بهم، اي خلق رأي ، عام وطني موحد يساعد الحكومة الديمقراطية للقيام بدورها، مثلما تتولى وسائل الاعلام عملية نقل التراث الاجتماعي من جيل الى اخر. فللإعلام وسائل تأثير واضحة على تشكيل الوعي الاجتماعي، الذي يؤدي إلى التماسك الاجتماعي حيث يعمل النظام الإعلامي للمجتمع خلال ما يتبناه مِن اتجاهات فكرية وأيديولوجية على صياغة وعي الأفراد وتماسكهم، ويعتمد ذلك على وسائل الإعلام نفسها، لذلك كان للإعلام دور في التنشئة الاجتماعية أي تعليم أفراد المجتمع الجدد المهارات والقيم والمعتقدات التي يقدرها المجتمع حتى يعود المجتمع متماسكاً فيما بينه

فالعلاقة بين وسائل الإعلام والمجتمع علاقة فاعلة ومتداخلة على اعتبار أن وسائل الإعلام في أي مجتمع هي الوسائل الناقلة لأنماط التفكير والمعرفة والقيم والأفهام، وبالتالي فهي تساهم في خلق جانب كبير من الثقافة الاجتماعية منها

- تبادل الآراء والافكار اي التشاور بين ابناء المجتمع لا ضفاء الشرعية على اوضاع المجتمع

تدعيم المعايير الاجتماعية من خلال معاقبة الخارجين عن هذه المعايير، فهناك فجوة بين الاخلاقيات العامة في المجتمع والسلوك الخاص لبعض الافراد، وهذه السلوكيات المنحرفة لابد من فضحها اعلامياً للحفاظ على القيم الاجتماعية

التحذير : ويقصد به الاثار غير المرغوب فيها للمجتمع الناجمة عن خلل وظيفي لوسائل الاعلام من خلال زيادة مستوى المعلومات للجمهور فتخلق ما يسمى( بالمعرفة السلبية) المعيقة للنشاط البشري مما يفضي الى اللامبالاة من قبل الجمهور بدلاً من ايقاظه

الوظائف المجتمعية لوسائل الاعلام

 مراقبة البيئة الاجتماعية وتزويدها بالمعلومات والتنبيه بالمخاطر

  خلق المثل الاجتماعي وذلك بتقديم النماذج الايجابية في الامور العامة والثقافة والفنون

   التنشئة الاجتماعية وهدفها المساعدة في توحيد المجتمع من خلال توفير قاعدة مشتركة للقيم والخبرات الجماعية

  تحقيق التواصل الاجتماعي من خلال التعبير عن الثقافة السائدة والكشف عن الثقافات الفرعية ودعم القيم الشائعة

  التعبئة وتتمثل في الاسهام في الحملات الاجتماعية ، وبصفة خاصة في الازمات السياسية والاقتصادية والحروب


وفي ذات الوقت الذي تؤثر فيه وسائل الاعلام على النظام الاجتماعي فأنها تتأثر به خلال عملها الوظيفي، فهذا النظام الاجتماعي الذي تعمل في اطاره وسائل الاعلام يعد من القوى الاساسية التي تؤثر على القائمين بالاتصال، فأي نظام اجتماعي ينطوي على قيم ومبادئ يسعى لا قرارها ، ويعمل على تقبل المواطنين لها، وتعكس وسائل الاعلام هذا الاهتمام بمحاولاتها الحفاظ على القيم الاجتماعية السائدة

ففي بعض الاحوال لا يقدم الاعلامي تغطية كاملة للأحداث التي تقع من حوله او ما يعني بالسبق الصحفي ، وذلك احساساً بالمسؤولية الاجتماعية او رغبة منه في تدعيم قيم المجتمع وتقاليده، احيانا تتجنب وسائل الاعلام انتقاد الافراد الذين يقومون ببعض الادوار الاجتماعية والثقافية من اجل تدعيم البناء الاجتماعي والثقافي للمجتمع وعدم خلخلة منظومته القيمية او الاخلاقية.وتصطدم وسائل الاعلام من خلال ادائها الوظيفي تجاه الافراد والمجتمع ببعض العقبات او المعدات التي تقلل من فاعليتها

هذه العقبات يطلق عليها في علم الاتصال بالعمليات الاتية

الاهتمام الانتقائي: وفحواه ان الناس لا يستطيعون الاهتمام بكل شيء يوجه لهم، بل انهم اذا حاولوا ذلك سيعانون حملاً زائداً في الحال ولذلك فانهم يحصرون اهتمامهم في مجرد جزء محدود مما هو متاح يوميا ويهملون الاجزاء الاخرى، وهذا الانتقاء يرتبط لديهم بالاهتمام الفردي والانتماء الفئوي والروابط الاجتماعية

الادراك الانتقائي : اي تفسير الخطاب الاعلامي بأساليب تختلف من فرد الى اخر او من جماعة الى اخرى وفق الصفات النفسية المميزة والتوجهات السلوكية الخاصة بالفئات الاجتماعية، وانتماءات الروابط الاجتماعية

التذكر الانتقائي: هناك انواع معينة من الخطاب الاعلامي، لا نواع معينة من الجمهور، يتم تذكرها بسرعة ولوقت طويل، بينما نفس هذا الخطاب قد يتم نسيانه بسرعة من قبل فئات اخرى لها هياكل معرفية وانتماءات فئوية وروابط اجتماعية مختلفة

السلوك الانتقائي: ان كل فرد لن يتصرف بنفس الاسلوب نتيجة التعرض لخطاب اعلامي معين، وهذه الاستجابات تعتمد على التأثيرات المتداخلة للمتغيرات الموجودة


بوجه عام يمكن القول ان وسائل الاعلام تؤثر في مجرى تطور البشر، فهناك علاقة سببية بين التعرض لوسائل الاعلام والسلوك البشري، لكن اثار هذه الوسائل عديدة ومختلفة الشدة، قد تكون قصيرة الامد او طويلة الامد، ظاهرة او مستترة، قوية او ضعيفة، ويمكن ان تؤثر في الآراء او القيم ومستوى المعلومات والمهارات والذوق والسلوك. اما ما يخص دور الخطاب الاعلامي واثره على القيم والاتجاهات فهناك اتفاق عام على ان وسائل الاعلام تحدث اثاراً على القيم الاجتماعية، اما الفترة الزمنية لأحداث هذا الاثر فمازالت محل جدل، وتشير معظم الدراسات الى ان وسائل الاعلام تقوم بدور ملموس في تكوين القيم والآراء اكثر مما تسهم في تغييرها. واحد اسباب قيام وسائل الاعلام بتدعيم القيم الموجودة بالفعل هو اتجاه البشر لحماية انفسهم من خلال التعرض الانتقائي والادراك الانتقائي والتذكر الانتقائي. ولاحظ علماء الاعلام والاتصال ان وسائل الاعلام لا تدعم القيم السابقة فقط، وانما تدعم اتجاهات وسلوك المجتمع ايضاً، فالخطاب الاعلامي يسد الفجوة بين الاتجاهات الفردية الخاصة والآداب العامة السائدة في المجتمع. وتقوم وسائل الاعلام بإضفاء المكانة والقوة على بعض الافراد والجماعات من خلال التركيز الاعلامي عليهم واكسابهم الشهرة مما يمنحهم قدراً من السلطة والنفوذ والتفرد على غالبية الناس ويصبح سلوك مثل هؤلاء الاشخاص ذا دلالة بالغة على عامة الناس، وبالتالي تصبح لديهم سطوة في مجال دعم او تغيير القيم الاجتماعية وحتى رفضها

وظائف وسائل الإعلام

تبادل الآراء والأفكار، أي التشاور بين أبناء المجتمع لإضفاء الشرعية على أوضاع المجتمع

تدعيم المعايير الاجتماعية من خلال معاقبة الخارجين عن هذه المعايير، فهناك فجوة بين الأخلاقيات العامة في المجتمع والسلوك الخاص لبعض الأفراد، وهذه السلوكيات المنحرفة لابد من فضحها إعلامياً للحفاظ على القيم الاجتماعية

التحذير: ويقصد به الآثار غير المرغوب فيها للمجتمع الناجمة عن خلل وظيفي لوسائل الإعلام من خلال زيادة مستوى المعلومات للجمهور فتخلق ما يسمى (بالمعرفة السلبية) المعيقة للنشاط البشري مما يفضي إلى اللامبالاة من قبل الجمهور بدلاً من إيقاظه. كذلك اثبتت بعض الدراسات ان الوظيفة الاخبارية لوسائل الاعلام تؤدي احيانا الى نتائج غير مرغوبة فزيادة الاخبار السلبية المتعلقة بالحروب كثيرا ما تؤدي الى زيادة القلق والتوتر لدى المتلقين مما يدفعهم الى اللامبالاة والانكباب على الذات



:المصادر

فوزي هادي الهنداوي 20.6.2006 ، وظائف وسائل الأعلام ، جريدة الصباح

عبد الله لبابيدي، 31.5.2017 ، دور الخطاب الإعلامي في التماسك الاجتماعي ، موقع الجزيرة

المقالات الأخيرة