للنظريات أهمية كبرى في العلاقات والسياسة الدولية، فالبعض يعتبر تاريخ العالم هو تاريخ التغيرات في التفسير النظري للعلاقات الدولية؛ لأن التغير في النظرية يعني التغير في الطريقة التي ندرك أو ننظر بها للموضوع؛ وهو ما لا يؤثر في الحكم على أي الخصائص أكثر أهمية. كما أن النظريات تلعب دورًا أساسيًا في التأثير على الخيارات السياسية لصناع القرار، من خلال ما يؤديه من أدوار ذات قيمة تشخيصية: أي تساهم في تقييم القضايا المطروحة ودرجة أهميتها وتبين درجات وبؤر التركيز والتشتت. وقيمة إدراكية: فهي تقدم إطاراً عاماً لنظم الحقائق توصل في النهاية لفهمها؛ فهي إطاراً عاماً للفهم وقيمة استخلاصيه: تتعلق باستخراج العبرة التاريخية من المواقف المختلفة؛ ومن ثم تساعد في اختيار البديل الأفضل (الذي يحقق أكبر النتائج).
من دون النظرية تكون الخبرة ليس لها معنى
وعليه فالعلاقة بين النظريات والواقع علاقة تفاعلية؛ فالنظريات تؤثر وتتأثر بالأحداث
اتجاهات النظريات السياسية
النظرية الواقعية
تتمثل خلاصة – النظرة الواقعية للعالم، أن العالم يتشكل من دول “الفاعلون الرئيسيون”، وهي وحدات ذات سيادة تأبى الخضوع لسلطة أعلى منها، وهي لذلك في صراع مستمر مع بعضها البعض من أجل القوة، تحقيقًا لهدف البقاء في عالم يتسم بالفوضوية؛ ولذلك فعلى كل دولة أن تتبع قانون مساعدة الذات
والذي يعني من جانب آخر أن هذا العالم يسوده الشك، وهاجس الأمن، وفي مثل هذا العالم سيكون التعاون نادرًا في ظل اهتمام كل دولة بالمكاسب النسبية (أي مقدار ما تربحه في مقابل ما يجنيه الآخرين
.
أما افتراضات الواقعية الأساسية فلا تخرج عن هذه الرؤية كثيرًا؛ بل هي ترجمة نظرية لها
فأولًا: ترى الواقعية أن طبيعة/النفس البشرية أنانية، وشريرة، ولديها نزعة هيمنة -
وثانيًا: يكون هم كل الدولة الحصول على القوة والمزيد منها تحقيقًا لمصالحها القومية -
وثالثًا: تعتبر السياسة بشقيها الوطني والدولي هي صراع من أجل القوة، والقوة العسكرية فيه تلعب دورًا أساسيًا الحرب -
ورابعًا: الفوضى الدولية وعدم الثقة يكرسان مبدأ الاعتماد الذاتي، وهو ما يؤدي للمعضلة الأمنية -
وخامسًا: فإن سعي الجميع للقوة يحافظ على الاستقرار من خلال ميزان القوة -
النظرية الليبرالية
تتلخص النظرة الليبرالية للعالم، في أن الفرد هو مصدر القيمة، كما تؤمن بالعقل والتقدم كقيم عامة يتسم بها الجميع، ويطمح إليهم، والسياسة العالمية تبعًا لهذه القيم تكون نضالًا لا من أجل القوة والصراع كما يتصورها الواقعيون، بل من أجل التوافق وتحقيق المكاسب المشتركة ،وينبني على هذه الثلاثية السابقة ثلاث تطمح إليهم الليبرالية
أولهما: المناداة بوحدة الجنس البشري والمساواة بين الأفراد
وثانيهما: كرامة الأفراد كهم مشترك للبشرية فرادى وجماعات
وثالثهما: حول الأفكار وما يمكن أن تلعبه من دور في إيقاف الحرب؛ فتصبح فكرة كالديمقراطية هي الضمانة الأكثر أهمية للسلم العالمي
النظرية البنائية
تقدم البنائية نظرة مختلفة للعالم والعلاقات الدولية، تقوم على قاعدة “فهم العلاقات الدولية يتطلب فهم معرفة السياق الاجتماعي لهذه العلاقات”، وأن البنى التي تشترك في السياسة الدولية هي بُنى اجتماعية بالأساس، وبين البُنى والأفكار والهويات والفعل علاقات تبادلية؛ فالأفكار تحدد الهويات، والتي بدورها تؤثر على معنى القدرات المادية والسلوك فالأفكار والمصالح ليست ثابتة أو مُحددة سلفًا، وإنما تؤثران وتتأثران ببعضهما البعض، ويتغيرا تبعًا لطبيعة التفاعل فالتغير في الأفكار والهويات هو ما يُفسر التغير في النظام الدولي، وهي ما تُضفي المعنى على الأحداث والمفاهيم المختلفة في المجال الدولي. فمثلًا فوضوية النسق قد تُفسر برؤية كانطية (تؤمن بالسلام)، أو هوبزية (ذائبية)، أو لوكيه (تؤمن بالتضامنية والجماعية)، كما أن الفوضوية يختلف معناها بين الحلفاء والأعداء