اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد

إنّ جميع الدول تُدرك خطر الفساد ومدى تأثيره على التنمية البشرية والتطوّر الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وتهديده الدائم لاستقرار المجتمعات وأمنها، وتعطيل الأحكام وتقويض الأخلاق، وقد تبلور هذا الإدراك على شكل مجموعة من القوانين الدولية التي تناولت موضوع الفساد من خلال بيان خطره وسبل الوقاية منه بفعّالية من دون المساس بالسيادة الوطنية وضمن أطر التعاون والتكامل الدوليين، وأبرز هذه الأطر هي «اتّفاقية الأمم المتّحدة لمكافحة الفساد»، وقد جاءت نتيجة الخوف من استشراء الفساد وبلوغه حدّا مقلقا لكثير من الدول، ونتيجة الجهود الحثيثة التي قادتها الأمم المتّحدة ووكالاتها من أجل الوصول إلى إطار جامع يمكن من خلاله مكافحة الفساد بصورة فعّالة. سبق هذه الاتفاقية عدد من الوثائق التي صدرت عن الأمم المتّحدة، منها قرار الجمعية العامّة الذي اعتمد المدوّنة الدولية لقواعد سلوك الموظفين العموميين، والقرار الذي اعتمد «اتّفاقية الأمم المتّحدة لمكافحة الجريمة المنظّمة عبر الوطنية»، والقراران الصادران بشأن منع ومكافحة الممارسات الفاسدة، وتحويل الأموال المتأتّية من مصدر غير مشروع، وإعادة تلك الأموال ،واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد هي وثيقة قانونية دولية ملزمة، أقرّتها الأمم المتحدة في 2003، وتضم أكثر من 187 دولة،. حيث تضم الاتفاقية 71 مادة، موزعة على ثمانية فصول. ويمكن القول إنها مؤلفة من أربعة أجزاء أساسية. الجزء الأول هو "الوقاية" يعني كل التشريعات والإجراءات التي يجب على كل دولة العمل عليها لإرساء الشفافية والرقابة والضوابط بشكل يصعّب على الفاسدين ممارسة عمليات الفساد. ولكن مهما كانت الوقاية قوية، فلا غنى عن العلاج الجزء الثاني وهو "التجريم وإنفاذ القانون"، ويعني تحديد أهمّ جرائم الفساد، من رشوة، واختلاس، وصرف النفوذ، وإستغلال الوظيفة، والإثراء غير المشروع، وغيرها من الجرائم وضرورة تحديد عقوبات رادعة لها، وايجاد الآليات التي تساعد على ملاحقة مرتكبيها أمام القضاء بشكل فعال دون عقبات مثل الحصانات والسرية المصرفية وغيرها. ولأنه يمكن للفاسدين الهروب خارج البلاد، كما يمكن لجرائم الفساد نفسها أن يشارك فيها أشخاص وشركات من عدة جنسيات، تخصص الاتفاقية ، الجزء الثالث إلى "التعاون الدولي". يتضمن هذا الجزء عدة أحكام توفر تسهيلات وطرق واضحة تمكّن كل دولة من طلب المساعدة القانونية والقضائية من دول أخرى إذا احتاجت، وتمكن الدول الأطراف في الاتفاقية من العمل سويًا على قضايا فساد مشتركة. أما الجزء الرابع فهو مخصص لموضوع "استرداد الموجودات"، ويتضمن كل الوسائل التي يمكن من خلالها للدولة من تعقب الأموال والأملاك التي حصل عليها الفاسدين وحجزه

المساعدة التقنية وتبادل المعلومات (المواد من الفصل السادس، 60-62)

يكرس الفصل السادس من اتفاقية مكافحة الفساد إلى المساعدة التقنية وهذا يعني الدعم المقدم للبلدان النامية والتي تمر بمرحلة انتقالية في تنفيذ اتفاقية مكافحة الفساد. تغطي أحكام التدريب والموارد المادية والبشرية والبحوث وتبادل المعلومات. يدعو مكتب الأمانة أيضا للتعاون من خلال المنظمات الدولية والإقليمية (وكثير منها قد أنشأت بالفعل برامج مكافحة الفساد) الجهود البحثية ومساهمة الموارد المالية بشكل مباشر إلى البلدان النامية والبلدان ذات الاقتصادات التي تمر بمرحلة انتقالية وإلى المكتب وتجميدها ومصادرتها واستعادتها

تنفيذ اتفاقية مكافحة الفساد ومراقبة آلية

وفقا للمادة 63 (7) من اتفاقية مكافحة الفساد فإن "مؤتمر يضع إذا رأى ضرورة لذلك أي آلية أو هيئة مناسبة للمساعدة في تنفيذ الاتفاقية على نحو فعال". في دورته الأولى أنشأ مكتب الأمانة لفتح فريق الخبراء الحكومي الدولي لتقديم توصيات إلى المؤتمر بشأن الآلية المناسبة. تم تقديم "برنامج الاستعراض التجريبي" فرصة كافية لاختبار الأساليب الممكنة لاستعراض تنفيذ اتفاقية مكافحة الفساد مع الهدف العام لتقييم كفاءة وفعالية آلية اختبار وتوفير المعلومات عن الدروس المستفادة والخبرات المكتسبة وبالتالي تمكين اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن إنشاء آلية مناسبة لاستعراض تنفيذ اتفاقية مكافحة الفساد. وفي اجتماعه الثالث الذي عقد في الدوحة في نوفمبر 2009 اعتمد القرار 3/1 بشأن استعراض تنفيذ الاتفاقية التي تحتوي على اختصاصات آلية استعراض تنفيذ. أنشأت آلية استعراض تهدف إلى مساعدة البلدان على تحقيق أهداف اتفاقية مكافحة الفساد من خلال عملية مراجعة النظراء. والذى يهدف لمواصلة تعزيز إمكانات اتفاقية مكافحة الفساد من خلال توفير وسائل للبلدان لتقييم مستوى تنفيذها من خلال استخدام قائمة التقييم الذاتي المرجعية الشاملة وتحديد الفجوات المحتملة ووضع خطط عمل لتعزيز تنفيذ اتفاقية مكافحة الفساد على المستوى المحلي. يقدم المكتب كأمانة لآلية الاستعراض. الشروط المرجعية تحدد أن كل مرحلة مراجعة تتكون من دورتي مراجعة من خمس سنوات. تغطي دورة الاستعراض الأولى الفصلين الثالث (التجريم وإنفاذ القانون) والرابع (التعاون الدولي) من اتفاقية مكافحة الفساد

دورة الاستعراض الثانية التي ستبدأ في عام 2015 تغطي الفصلين الثاني (التدابير الوقائية) والخامس (استرداد الموجودات). يجب على جميع الدول الأطراف الخضوع للمراجعة في كل دورة. يتم اختيار الدول الأطراف للمراجعة عن طريق القرعة. تتم مراجعة كل دولة طرف من قبل اثنين من الدول الأطراف الأخرى مع المشاركة النشطة من جانب الدولة الطرف قيد الاستعراض. واحدة على الأقل من الدول غير مراجعة من المجموعة الإقليمية للدولة الطرف قيد الاستعراض. يستند مراجعة المكتب الأولي على ردود كل دولة على قائمة التقييم الذاتي المرجعية الشاملة القائمة على تكنولوجيا المعلومات

وتشجع الدول الأطراف قيد الاستعراض لإجراء مشاورات واسعة بما في ذلك جميع أصحاب المصلحة ذوي الصلة عند إعداد ردودهم. حوار نشط بين البلد قيد الاستعراض والمراجعين هو عنصر أساسي في هذه العملية

وتعقد الزيارات القطرية أو اجتماعات مشتركة عندما الموافقة من قبل الدولة الطرف قيد الاستعراض. حيث يتم إعداد تقرير الاستعراض القطري الذي وافقت عليه الدولة قيد الاستعراض، و الملخص التنفيذي من هذا التقرير هو وثيقة رسمية للأمم المتحدة. في 4 أكتوبر 2012 شاركت 157 دولة في آلية استعراض إما كدولة قيد الاستعراض أو كدول مراجعة





:المصادر

اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003

امين لطفي ، 1.5.2015 ، تحليل مقارن للاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد ، موقع محاسبون قانونيون ومستشارون

(ب، ن ) ، 2.7.2018 ، اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد ، موقع ديوان اللغة العربية

المقالات الأخيرة