القانون الإداري هو مجموعة القوانين التي تحكم أنشطة الهيئات الإدارية الحكومية، ويمكن أن يشمل عمل الوكالة الحكومية وضع القواعد أو الفصل أو إنفاذ جدول أعمال تنظيمي محدد، ويعتبر القانون الإداري أحد فروع القانون العام ، ويتعامل القانون الإداري مع عملية صنع القرار في الوحدات الإدارية الحكومية مثل المحاكم أو المجالس أو اللجان التي تشكل جزءًا من مخطط تنظيمي وطني في مجالات مثل قانون الشرطة ، والتجارة الدولية ، والتصنيع ، والبيئة ، والضرائب ، و الإذاعة ، والهجرة ، والنقل ، حيث توسع القانون الإداري بشكل كبير خلال القرن العشرين ، وأنشأت الهيئات التشريعية في جميع أنحاء العالم للمزيد من الوكالات الحكومية لتنظيم المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للتفاعل البشري، غالباً ما يكون لدى دول القانون المدني محاكم إدارية متخصصة تراجع هذه القرارات.
خصائص القانون الإداري
يتميز القانون الإداري بمجموعة من الخصائص التي تميزه عن
فروع القوانين الأخرى، وتتمثل هذه الخصائص فيما يلي :
1.
حداثة النشأة: سبق أن
بينا عند الكلام عن نشأة وتطور القانون الإداري أن نظرياته ومبادئه لم تتبلور إلا
في النصف الأول من القرن العشرين، وذلك بفضل جهود القضاء والفقهاء الإداريين
الفرنسيين، وأن نشأته وتطور نظرياته جاءت تدريجيًا حتى استقرت على ما هي عليه
الآن.
2.
صعوبة التقنين: تعني
في المجمل العام تجميع القواعد القانونية المتعلقة بأحد فروع القانون، وذلك بعد
ترتيبها وتنسيقها مع إدماجها في مدونة واحدة تصدر عن السلطة المشرعة المختصة في
شكل تشريعات عادية.
3.
الطابع القضائي: يكاد
يجمع الفقه والقضاء الإداريين على أن القانون الإداري قانون قضائي، بمعنى أن
القضاء الإداري هو المصدر الرئيس للقانون الإداري، فهو من صنع القضاء الإداري وليس
من صنع المشرع.. ذلك أن القضاء الإداري لم يكن مجرد قضاء تطبيقي كالقضاء المدني وإنما
قضاء إنشائيّ، يبتدع النظريات ويبتكر المبادئ القانونية، ويعمل على إيجاد الحلول
المناسبة التي تتفق مع طبيعة العلاقات التي تنشأ بين الإدارة والأفراد، وخاصة إذا
رأى القاضي الإداري نفسه مضطرًا إزاء عدم وجود نص قانوني يحكم المنازعات الناشئة
عن مثل هذه العلاقات.
4.
المرونة وسرعة التطور:
إذا كانت قواعد القوانين على اختلاف أنواعها تتسم عادة بالثبات والاستقرار فإن
قواعد القانون الإداري على عكس ذلك، تتسم بالمرونة والتطور؛ ذلك أن قواعد القانون
الإداري لا تتجمد في نصوص تشريعية محددة وإنما هي في حركة دائبة بسبب تأثرها بالعوامل
والاعتبارات الاجتماعية والسياسية والتكنلوجية التي تحيط بالإدارة.
5. الاستقلالية: تعني هذه الخصيصة من خصائص القانون الإداري أن قواعد القانون الإداري تشكل قانونًا قائمًا بذاته، له أصوله ومبادئه الخاصة وله قضاؤه الإداري الذي يتولى تطبيق قواعده على المنازعات الإدارية.
نشأة القانون الاداري وتطور قواعده
اولاً/ نشأة القانون وتطور قواعده الإداري في فرنسا:
كانت سلطات الحكم قبل الثورة الفرنسية مركزة في يد الملك
حيث ساد نظام الملكية المطلقة , ولم تكن الدولة تخضع للمساءلة أو الرقابة أمام
القضاء بواسطة دعاوى الأفراد , وهي إن تعاملت مع الأفراد خضعت معاملاتها للقانون
المدني .
وفي هذه الفترة كانت توجد محاكم قضائية تدعى البرلمانات
أنشئت لتكون ممثلة للملك في وظائفه القضائية , وكانت الدعاوى تستأنف أمامها ما لم أسند
الملك ذلك الاختصاص إلى جهة أخرى , كما وجدت محاكم مختصة ببعض المنازعات الإدارية
.
وقد كانت البرلمانات تمارس سيطرة رجعية على الإدارة
وتتدخل في شؤونها وتعارض وتعرقل كل حركة إصلاحية مما حدى برجال الثورة الفرنسية
إلى منع المحاكم القضائية القائمة في ذلك الوقت من الفصل في المنازعات الإدارية
للحفاظ على استقلال الإدارة تجاه السلطة القضائية , من خلال تبنيهم لمبدأ الفصل
بين السلطات .
مرحلة الإدارة القاضية
:
تأكيداً لاتجاه الثورة الفرنسية في الفصل بين السلطات
صدر قانون 16-24 أغسطس 1790, الذي نص على إلغاء المحاكم القضائية ( البرلمانات )
وإنشاء ما يسمى بالإدارة القاضية أو الوزير القاضي كمرحلة أولى قبل إنشاء مجلس
الدولة الفرنسي , ومنع القضاء العادي من النظر في المنازعات التي تكون الإدارة
طرفاً فيها و أصبحت الهيئات الإدارية هي صاحبة الاختصاص في الفصل بهذه المنازعات .
وفي مرحلة الإدارة القاضية كان على الأفراد اللجوء إلى الإدارة نفسها للتظلم إليها وتقديم الشكوى, فكانت الإدارة هي الخصم والحكم في الوقت ذاته وكان هذا الأمر مقبولاً إلى حد ما في ذلك الوقت بسبب السمعة السيئة لقضاء البرلمانات التعسفية .
إنشاء مجلس الدولة الفرنسي:
بنشوء مجلس الدولة في 12 ديسمبر 1797 في عهد نابليون بونابرت وضعت اللبنة الأولى للقضاء الإداري الفرنسي مع أن اختصاص المجلس كان أو الأمر استشارياً يتطلب تصديق القنصل ، وفي الوقت ذاته تم إنشاء محاكم أو مجالس الأقاليم التي كانت تصدر أحكاماً لا تحتاج إلى تصديق سلطة إدارية عليا، إلا أن أحكامها تستأنف أمام مجلس الدولة الذي كانت أحكامه تعرض على القنصل، فقد كان عمل المجلس يقتصر على فحص المنازعات الإدارية وإعداد مشروعات الأحكام , فلم يكن يملك سلطة القضاء وإصدار الأحكام , ولذا سمى قضاؤه في هذه المرحلة " القضاء المقيد" أو المحجوز وقد استمرت هذه المرحلة إلى عام 1872 حيث أصبح قضاؤه مفوضاً .
مرحلة القضاء المفوض
في 24 مايو 1872 صدر قانون منح مجلس الدولة الفرنسي
اختصاص البت نهائياً في المنازعات الإدارية دون تعقب جهة أخرى .
ومع أن هذا القانون خول المجلس سلطة البت النهائي في
المنازعات الإدارية فإنه أبقي على اختصاص الإدارة القاضية فلا يملك الأفراد اللجوء
إلى مجلس الدولة إلا في الأحوال التي ينص عليها القانون , وفيما عدا ذلك تختص به
الإدارة القاضية , مما أوجد ازدواجاً قضائياً , واستمر هذا الوضع حتى تاريخ
13ديسمبر 1889 عندما قبل مجلس الدولة دعوى قدمها أحد الأفراد مباشرة من دون المرور
على الإدارة في قضية Cadot وترتب على حكمه فيها أن أصبح مجلس الدولة صاحب الاختصاص العام في
المنازعات الإدارية .
وبسبب تراكم العديد من القضايا أمام مجلس الدولة حدد
المشرع اختصاص مجلس الدولة على سبيل الحصر بموجب المرسوم الصادر في 30 سبتمبر 1953
, وأصبحت المحاكم الإدارية التي كانت تسمى مجالس الأقاليم صاحبة الاختصاص العام في
المنازعات الإدارية، ثم أعقب ذلك بعض المراسيم التي تضمنت الإصلاحات منها المراسيم
الأربعة الصادرة في 30 يوليو 1963 المتعلقة بتحديد النظام الأساسي للعاملين في
المجلس وتنظيمه الداخلي ونشاطه الداخلي , وتم تعديل هذا التنظيم بثلاثة مراسيم
أخرى في 26 أغسطس 1975 م , وبمرسوم في 15 يناير 1980 , وآخر في 16 ديسمبر 1987
لإصلاح القضاء الإداري أنشأ بموجبه المحاكم الإدارية الاستئنافية ووسع نطاق الطعن بالنقض
أمام مجلس الدولة .
وقد أصبح مجلس الدولة خلال تاريخه الطويل قاضي المنازعات الإدارية دون منازع, وساهم في إرساء مبادئ القانون الإداري وقواعده المتميزة عن قواعد القانون الخاص وابتدع الحلول المناسبة لمقتضيات حسن سير الإدارة العامة, وأكد على وجود واستقلال القانون الإداري .
ثانياً / نشأة القانون الإداري في مصر
قبل نشوء مجلس الدولة في مصر عام 1946 لم تعرف مصر
القضاء الإداري , وقد كانت المحاكم المختلطة والأهلية السائدة قبل هذا التاريخ في
النظام القضائي المصري تطبق بعض القوانين على المنازعات بين الأفراد أو بينهم وبين
الإدارة , ولم يكن من بينها القانون الإداري .
وقد ذهب جانب من الفقه الإداري المصري إلى أن أساس
القانون الإداري ومبادئه قد بدأت تظهر من خلال أحكام المحاكم المختلطة والمحاكم
الأهلية , بينما خالف جانب آخر منهم, وذهب إلى أن مبادئ القانون الإداري لم تنشأ
حقيقة إلا من خلال أحكام مجلس الدولة بعد أن إنشاؤه عام 1946 .
وكان مجلس الدولة وقت إنشاؤه يتمتع بصلاحيات محددة
وبمحكمة قضاء إداري واحدة ، ثم ما لبث أن توسعت اختصاصاته إذ صدر القانون رقم 9
لسنة 1949 الذي وسع اختصاصاته ثم أنشأت المحاكم الإدارية بالقانون رقم 147 لسنة
1954, وبعد ذلك في عام 1955 تم إنشاء المحكمة الإدارية العليا لتكون في قمة القسم
القضائي بمجلس الدولة .
ثم صدر القانون رقم 55 لسنة 1959 بشأن تنظيم مجلس الدولة
, وقد مر مجلس الدولة بتطورات عدة حتى صدر القانون الحالي رقم 47 لسنة 1972
وتعديلاته .
ووفقاً لهذا القانون يعد مجلس الدولة هيئة قضائية ملحقة
بوزير العدل , ويتكون من رئيس وعدد من نواب الرئيس والمستشارين المساعدين والنواب
والمندوبين ومن مندوبين مساعدين .
هذا ولم تؤثر تبعية المجلس لوزير العدل في استقلاله في
ممارسة وظيفته إذ لا تتعدى هذه التبعية منح الوزير الأشراف الإداري وضمان حسن سير
العمل الوظيفي , وهو ما أكدته المادة الأولى من القانون رقم 47 لسنة 1972 "
مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة " .
ولم يولد المجلس قوياً منذ نشأته فقد كان القضاء الإداري صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات الإدارية وكانت اختصاصات مجلس الدولة محددة على سبيل الحصر في القوانين التي سبقت القانون الحالي .
ففي ظل القانون رقم 112 لسنة 1946 والمعدل بالقانون رقم 9 لسنة 1949 كان القضاء العادي ينفرد بنظر دعاوى مسؤولية الإدارة عن أعمالها المادية ويختص بالاشتراك مع المجلس في نظر طلبات التعويض عن القرارات الإدارية، ويترتب على رفع دعوى التعويض أمام المحاكم العادية وإذا ما رفعت دعوى الإلغاء أو التعويض إلى مجلس الدولة عدم جواز رفع دعوى التعويض أمام المحاكم العادية فإنه يمتنع رفعها أمام مجلس الدولة، كما كانت المحاكم العادية تنفرد بنظر المنازعات الخاصة بالعقود الإدارية حتى صدور القانون رقم 9 لسنة 1949 الذي منح المجلس النظر في منازعات عقود الالتزام والأشغال العامة وعقود التوريد بالاشتراك مع المحاكم العادية .
وفي ظل القانونين 165 لسنة 1955 و 55 لسنة 1959 استمرت
المحاكم العادية تنفرد بالنظر في دعوى مسؤولية الإدارة عن أعمالها المادية في
الوقت الذي استقل به مجلس الدولة بنظر المنازعات المتعلقة بالتعويض عن القرارات
الإدارية والعقود الإدارية، وبصدور القانون 47 لسنة 1972 أصبح مجلس الدولة صاحب
الولاية العامة بالنظر في المنازعات الإدارية ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، فقد
ورد في المادة 172 من القانون رقم 47 لسنة 1972 " مجلس الدولة هيئة قضائية
مستقلة، ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية، وفي الدعاوى لتأديبية ويحدد
اختصاصاته الأخرى " .
وبذلك أصبح مجلس الدولة قاضي القانون العام المختص بالفصل في المنازعات الإدارية والتأديبية وساهم بإرساء مبادئ القانون الإداري , وكان له دور رائد في حماية حقوق الأفراد وحرياتهم من عسف الإدارة وإلغاء قراراتها المعيبة والتعويض عنها.
المصادر :
لولوة حمد النعيمي ، 21. 10. 2021 ، القانون الإداري ،
موقع الشرق
(ب ، ن ) ، 1.3.2017 ، خصائص ومميزات القانون الاداري ،
قلعة القانون
ميريام الاشقر ، 4.6.2021، القانون الاداري ، موسوعة
السياسية