عرفت
ليبيا بعد أزمة فبراير 2011 مواجهات بين قوات القذافي و الجماعات المتحاربة إذ مع اشتداد
المواجهة فتح القذافي مخازن الأسلحة التي كان يخصص لها ميزانيات ضخمة تقدر بنسبة
5,1% من مجموع الميزانية العامة أي ما يقدر مليار و نصف دولار إضافة للدعم الذي تلقاه
الجماعات المحاربة و الميليشيات المتعددة من خارج ليبيا، و هو الذي أدى إلى سقوط نظام
الزعيم معمر القذافي نتيجة التحالف الدولي و دخول ليبيا بعد ذلك في مرحلة فوضى عارمة
تميزها تعدد الميليشيات المسلحة و مختلف أشكال العنف من تفجيرات واعتقالات فالسلاح
الليبي عرف انتشار واسع داخل ليبيا .
عرفت
عمليات انتشار السلاح الليبي نحو دول الساحل من خلال المعاملات التجارية، صفقات التبادل
التي يقوم بها المرتزقة ورجال الصحراء كونهم عارفين بتضاريس المنطقة، وهذا من أجل تسهيل
نشاطات الجماعات الإرهابية. فكان امتداد السلاح الليبي عبر طول الشريط الحدودي لليبيا
على مستوى 12دولة منها مالي والجزائر.
الفوضى
وانتشار السلاح
29
مليون قطعة سلاح هي حصيلة 10 سنوات من الفوضى والحرب في ليبيا، بحسب ما كشف عنه تقرير
للأمم المتحدة، والذي لم يغرق البلاد فقط في الفوضى، بل امتد تأثيرها إلى خارج الحدود،
وتحديدا افريقيا حتى وصلت إلى قطاع غزة.
التقرير
الذي صدر في فبراير العام الماضي، كشف أيضاً أن ليبيا باتت أكبر مخزون في العالم من
الأسلحة غير الخاضعة للرقابة، موضحة أن هناك ما بين 150 و200 ألف طن من السلاح في جميع
أنحاء البلاد.
هذه
التحذيرات، أطلقها أيضا رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي في فبراير 2020، خلال
مشاركته في القمة الافريقية العادية الـ33، تحت شعار "إسكات البنادق وتهيئة الظروف
للتنمية في افريقيا" حيث أكد أن الوضع في ليبيا قد يجعل منها مركزا لتوزيع السلاح
في افريقيا.
الصورة
السابقة مثلت تجسيدا لعقبة أساسية تواجه السلطة الليبية الجديدة خلال المرحلة الانتقالية،
حيث يرى خبراء ومحللون أن فوضى السلاح في ليبيا ستظل ممتدة حتى استعادة الدولة قوتها.
من
جانبه قال الصحفي الليبي مالك معاذ، إن بداية كارثة انتشار السلاح كان وقت المعارك
التي وقعت بين قوات القذافي والمتظاهرين.
وأضاف
معاذ في تصريحات خاصة لـ"سكاي نيوز عربية" أن المتظاهرين عندما كانوا يسيطرون
على أي مدينة ليبية، كانوا يداهمون المعسكرات ومخازن السلاح ويستولون عليها.
وتذكر
أنه خلال معركة طرابلس، وعندما استولى المتظاهرين على مداخل المدينة، عثروا على مخازن
بها كميات كبيرة من الأسلحة الروسية المتطورة، والتي كانت نقطة فاصلة في معركة طرابلس.
وأوضح
أنه في هذا الوقت، لم تكن هناك جهة لحراسة هذه المخازن بعد سيطرة المتظاهرين عليها
وأن المواطنين تجمعوا وحصلوا على هذه الأسلحة كنوع من الحماية الأمنية.
وأوضح
أن ليبيا أصبحت مركزا لتوزيع السلاح إلى افريقيا، بل امتد الأمر لتوريد سلاح داخل قطاع
غزة وهو ما كشفته وثائق تم الإفراج عنها في فبراير الماضي 2021، ونشرتها صحيفة التايمز
البريطانية حيث تم تهريب السلاح الليبي إلى غزة خلال فترة حكم تنظيم الإخوان الإرهابي
لمصر.
تجار
السلاح الليبي
الوثائق
التي نشرتها صحيفة التايمز، أكدت أن جماعة الإخوان الإرهابية، هي التاجر الأول للسلاح
الليبي حيث شكلت حركة "حماس" شبكة تهريب عبر شخص يدعى مروان الأشقر وهو مبعوث
الحركة إلى ليبيا" حاولت نقل صواريخ مضادة للطائرات والدبابات إلى غزة.
هذه
الوثائق، كشفت عن استخدام شبكة التهريب لشفرات سرية مكونة من عدة كلمات، منها كلمة
"جاكوزي" للتعبير عن احتياجهم لنقل صواريخ حرارية من ليبيا إلى القطاع، و"صيد
الفيلة" لنقل صواريخ تستهدف الدبابات.
وأكد
الصحفي الليبي لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن مصراتة هي التي دعمت مليشيات
فجر ليبيا (المكون العسكري للإخوان) في عام 2014 بالسلاح أثناء اجتياحها طرابلس، كما
أنها فتحت خطا واسعا لتنظيم أنصار الشريعة الإرهابي عن طريق البحر لإمداده بالسلاح
في مدينة بنغازي الليبية أثناء حرب الجيش الليبي ضدهم.
وأشار
معاذ إلى الاشتباكات الأخيرة التي وقعت في طرابلس، وما قامت به تركيا بإدخال آلاف الأطنان
من السلاح عبر مطاري معتيقة ومصراتة، لدعم الإخوان ومليشياتها.
مخاطر
انتشار السلاح داخليا وخارجيا
من
جانبه قال المحلل العسكري الليبي معتصم الحواز، إن مدينة بنغازي قد تكون آمنة إلى حد
ما منذ سيطرة الجيش الليبي، حيث تراجع ظهور السلاح في أيدي المواطنين منذ ذاك الحين.
وأضاف
الحواز لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن هناك عدة مبادرات بعد الثورة الليبية
شهدتها المدن لجمع السلاح، وبالفعل أقدم كثير من المواطنين على تسليمها، إلا أنه فور
حدوث خلافات سياسية بسبب تنظيم الإخوان الإرهابي عادة ظاهرة انتشار السلاح مرة أخرى.
وقال:
"لا يوجد ليبي لم يتذكر الطائرات التي كانت تحط في مطار مصراتة، وهي محملة بالسلاح
منذ عام 2013"، مما أدى إلى انتشار السلاح في الأسواق .
وأكد
الحواز أن الحل الوحيد لمنع انتشار السلاح هو فرض دولة القانون وتطبيق قوانين صارمه
وتجريم كل من يحمل السلاح دون رخصة.
ويتجدد
حظر التسليح على ليبيا بشكل متكرر، ورغم ذلك تواصل دولا مثل تركيا تواصل منذ سنوات
اغراق البلاد بشحنات السلاح.
فوضى
السلاح في ليبيا لم تكن تداعياتها على الاقليم الليبي لوحده وإنما تداعياتها على كامل
الساحل
الافريقي
حيث تتمركز الجماعات الإهابية التي استغلت شساعة المنطقة بالإضافة إلى ضعف و غياب أجهزة
الرقابة ناهيك عن هشاشة الحكومات المركزية لدول الساحل التي من أبرزها تنظيم القاعدة
في بلاد المغرب الإسلامي التي كانت أكثر التنظيمات الإرهابية استفادة من فوضى السلاح
الليبي حسب الخبراء وهذا ما يظهر من خلال العمليات التي تنفذها خاصة اختطاف السياح
والعمال الأجانب للمطالبة بدفع الفدية والاعتداء على الشركات الأجنبية.
المصدر: سكاي نيوز عربية
التاريخ : 29/3/2021
-----------------------------
المصدر: المجلة الجزائرية
للعلوم السياسية والعلاقات الدولية
الكاتب: زمام فاطمة
التاريخ:
1/12/2018