نشرت وحدة استخبارات الإيكونوميست
تقريراً بعنوان " المخاطر التي تواجه الاقتصاد العالمي عام 2024" الذي استعرض
عدداً من المخاطر التقليدية وغير التقليدية التي من المُرجح أن تؤثر على الاقتصاد العالمي
خلال هذا العام
تطرق التقرير إلى جملة من هذه المخاطرعلى
اختلاف درجة ترجيحه لكل منها وحدود تأثيرها علي الاقتصاد العالمي وذلك على النحو التالي:
المخاطر التقليدية للاقتصاد العالمي
1 - استمرار تشديد السياسات النقدية وترجيح حدوث ركود
عالمي: منذ أوائل عام 2022 سعت البنوك المركزية الكبرى إلى اتباع سياسات نقدية متشددة
من أجل السيطرة على ارتفاع معدلات التضخم، من خلال رفع أسعار الفائدة، وتقليص حجم ميزانياتها
العمومية. ومع ظهور اتجاه لخفض معدلات التضخم، فإن من المفترض أن ينتهي تشديد هذه السياسات
النقدية، غير أنه ثمة احتمال متوسط وإن كان مرجحاً أن يكون ذا تأثير كبير بإمكانية
تسارع معدل التضخم مرة أخرى في عام 2024، مدفوعاً بالطلب العالمي القوي وارتفاع أسعار
السلع الأساسية الرئيسية بسبب نقص العرض.
2 - انتكاس جهود الاقتصادات المتقدمة لدعم التحول الأخضر:
هو سيناريو متوسط في درجة أرجحيته لكنه قد يكون ذا تأثير مرتفع ففي حين تقدم الاقتصادات
الغربية حوافز سخية للشركات من أجل الاستثمار في تكنولوجيا الطاقة النظيفة، بهدف تعزيز
القدرة الصناعية المحلية ودعم قدرتها التنافسية في مواجهة الصين التي تحظى بالريادة
في إنتاج العديد من التقنيات الخضراء، فإن أغلب هذه الحوافز تتضمن متطلبات صارمة بشأن
مصادر مدخلاتها، خاصةً في الولايات المتحدة وقد أثارت هذه المتطلبات الصارمة بالفعل
توترات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ومن المرجح أن تؤدي إلى ارتفاع تكاليف
المدخلات ومن ثم ارتفاع أسعار التقنيات الخضراء ذاتها.
3 -
بروز الاحتجاجات والإضرابات الصناعية وتراجع الإنتاجية: إن هذا السيناريو محتمل بنسبة
كبيرة لكنه ذو تأثير متوسط؛ حيث قد يتسبب ارتفاع أسعار السلع العالمية، واستمرار اضطرابات
سلاسل التوريد وتراجع قيمة العملات الوطنية مقابل الدولار الأمريكي في بعض الدول، في
تأجيج السخط الجماهيري خلال الفترة (2024-2025) نظراً إلى الفجوة القائمة بين معدلات
زيادة الأجور وتسارع معدلات التضخم في معظم الدول، بما يحد من القدرة الشرائية للأسر
الفقيرة، بما في ذلك قدرتها على شراء السلع الأساسية الأمر الذي قد يؤدي إلى إثارة
اضطرابات اجتماعية، وتوسيع نطاق الاحتجاجات الصغيرة والإضرابات الصناعية.
4 -
تآكل
الثقة بالسياسات الطويلة الأجل للولايات المتحدة: وهو سيناريو متوسط في درجة أرجحيته
وكذلك تأثيره؛ ففي حين أن إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" الديمقراطية،
تدعم الحضور الأمريكي في المؤسسات الدولية متعددة الأطراف، وتنخرط بقوة على الساحة
الدولية مع الشركاء الأمنيين والاقتصاديين الرئيسيين فمن المحتمل أن تُسفر انتخابات
الرئاسة الأمريكية لعام 2024، عن إدارة يقودها الجمهوريون ما قد يؤدي إلى بعض التحولات
المفاجئة في السياسة الخارجية الأمريكية بشأن هذه المواقف الدولية.
5 - تخلي الصين عن اقتصاد السوق وتبني اقتصاد الدولة:
لقد أدى تأخر استجابة الصين لتفشي فيروس كورونا عام 2019، والتباطؤ اللاحق في مرحلة
ما بعد الجائحة، إلى زعزعة الثقة بقدرة الحكومة الصينية على توجيه السوق الاقتصادية
وإذا واجهت بكين ركوداً اقتصادياً، فقد تضطر الحكومة إلى تبني سياسات التحفيز الكبير،
بدلاً من الاعتماد على آليات أكثر محدوديةً لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد والأسواق.
ويمكن أن تشمل التدابير التوسعية التيسير النقدي أو إنقاذ شركات التطوير العقاري أو
تخفيف القيود على شراء المساكن في مدن الدرجة الأولى.
مآل و تحولات الاقتصاد العالمي
استعرض التقرير جملة من المخاطر
غير التقليدية التي من المتوقع أن تواجه الاقتصاد العالمي بحلول عام 2024 على اختلاف
درجة ترجيح كل منها؛ وذلك على النحو التالي:
1 - تسبب تغير المناخ في تعطيل وإجهاد سلاسل التوريد
العالمية: تشير نماذج تغير المناخ إلى زيادة متوقعة في تواتر الظواهر المناخية المتطرفة،
وفي حين تتزايد احتمالية حدوث هذا السيناريو، فإن درجة تأثيره ستكون متوسطة ورغم أنه
حتى الآن كان حدوث مثل هذه الظواهر غير متزامن، وفي أجزاء مختلفة من العالم، فإنه من
المرجح أن تبدأ هذه الظواهر في الحدوث بوتيرة متسارعة ومتزامنة ما قد يؤثر سلباً على
خطوط الإنتاج لبعض الصناعات والمنتجات، كالمحاصيل الزراعية، ويؤدي إلى نقص حاد بها،
ومن ثم يتسبب في إجهاد وعرقلة سلاسل التوريد العالمية.
2 -
انقطاع صناعة أشباه الموصلات عن سلسلة التوريد العالمية: رغم تراجع رجحان هذا السيناريو
فإنه سينطوي على تأثير كبير حال حدوثه، وجوهره هو احتمالية اندلاع صراع مباشر بين الصين
وتايوان في عام 2024؛ وذلك في ضوء التوترات المتزايدة لدى جميع الأطراف المعنية بشكل
مباشر بالصراع باعتبار أن زيادة التدريبات العسكرية الصينية بالقرب من تايوان قد يزيد
من خطر حدوث سوء تقدير؛ ما قد يتطور لاحقاً إلى صراع أوسع نطاقاً كذلك فإن احتمال إعلان
استقلال تايوان رسمياً من شأنه أيضاً أن يُعجل بالهجوم الصيني.
3 -
تقويض تقنيات الذكاء الاصطناعي الثقة بالأنظمة العالمية: لقد بدأت الشركات والحكومات
العالمية بسرعة، في اختبار ودمج تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) بما يعمل على تعزيز القدرات البشرية بدلاً من استبدالها ويوفر فرصة للشركات
لتحسين الإنتاجية. ومع ذلك، فإن الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع،
سيزيد من مخاطر انتشار حملات التضليل وتأجيج الشكوك الحالية لدى بعض المواطنين تجاه
الحكومات في السنوات المقبلة.
4 -
بروز
تأثيرات ممتدة للصراع الراهن بين إسرائيل وحركة حماس: رغم كون هذا السيناريو أقل ترجيحاً،
فإنه قد ينطوي على تأثير كبير؛ فإذا تطور الصراع العسكري بين إسرائيل وحماس، وقامت
إسرائيل باحتلال غزة، فقد ينخرط فاعلون إقليميون في الصراع على غرار إيران ووكلائها
في المنطقة وإن كان هذا احتمالاً ضعيفاً التي قد تستخدم نفوذها على وكلائها لإطالة أمد الصراع
وتوسيع نطاقه ومن شأن تحقق إسرائيل من التورط الإيراني في الصراع، أن يدفعها إلى اتخاذ
إجراءات مضادة قد تحول الصراع إلى صراع إقليمي أوس ذي تأثير اقتصادي وجيوسياسي ممتد.
5 - تحول الحرب الأوكرانية الروسية إلى مواجهة عالمية
أوسع نطاقاً: رغم ضعف رجحان هذا السيناريو فإنه قد يكون ذا تأثير كبير حال حدوثه حيث
أثارت التوترات المتزايدة في العلاقات بين الدول الغربية وروسيا العديد من المخاطر
العسكرية، بما في ذلك الهجوم السيبراني على البنية التحتية الحيوية.
6 - سلطت منظمة التعاون الاقتصادي
والتنمية الضوء على التهديدات التي تواجه الاقتصاد العالمي جراء حرب غزة واستمرار هجمات
الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، واعتبرتهما من أكبر المخاطر التي تواجه النشاط
الاقتصادي ومعدل التضخم على المدى القريب، خاصة في حالة امتداد تأثير الصراع إلى أسواق
الطاقة.
الانتخابات الأميركية و آثارها
علي الاقتصاد العالمي
يشعر المستثمرون بالقلق بسبب الانتخابات
الأميركية شأن ردود فعل السوق في هذا الإطار ومع ذلك تشير الاتجاهات التاريخية إلى
أن نتائج الانتخابات لها تأثيرات ضئيلة على الأسواق على المدى الطويل
و أن القضايا الرئيسية للناخبين
الأميركيين سوف تؤثر هذا العام بشكل كبير على نتيجة الانتخابات وبالتالي على المشهد
السياسي
وكان يتوقع بنك "UBS"
في تقرير اطلعت عليه "العربية Business"
أن يلعب المشهد السياسي دورًا رئيسيًا في عام 2024 حيث نصح المستثمرين بالاستعداد لتقلبات
السوق الناجمة عن أسباب سياسية والنظر في التحوط في محفاظاتهم الاستثمارية.
فعلى الرغم من تفوق ترامب على بايدن
في نتائج استطلاعات الرأي المذكورة سلفاً فإنه بتحليل أداء الاقتصاد الأمريكي خلال
الفترة التي قضاها كل منهما في سدة الرئاسة، يتضح أن المؤشرات الاقتصادية لم تتحسن
بالشكل المطلوب في عهد أي منهما، بل بالكاد كان الاقتصاد الأمريكي يكافح من أجل التعامل
مع التداعيات الاقتصادية لجائحة "كورونا" والحرب الروسية الأوكرانية.
كذلك على صعيد النمو الاقتصادي،
فقد بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي 2.6% في عهد ترامب باستثناء عام 2020 الذي
شهد فيه الاقتصاد انكماشاً بسبب "كورونا"، بينما بلغ متوسط النمو في عهد
بايدن (الفترة 2021 - 2023) 3.4%. وحتى الآن لم يشهد الاقتصاد الأمريكي ركوداً في عهده
كما كان متوقعا.
وقد ارتفع الدين الوطني للحكومة
الفدرالية بنسبة 25% في عهد بايدن ليتجاوز 34 تريليون دولار بينما ارتفع بنسبة 39%
خلال رئاسة ترامب. وفي عهد ترامب انخفضت أسعار البنزين إلى أقل من 2 دولار للجالون
في ربيع عام 2020 بسبب الإغلاق الاقتصادي، على الرغم من أنها ارتفعت فوق 2.30 دولار
للجالون بحلول الوقت الذي ترك فيه ترامب منصبه. وفي عهد بايدن ارتفعت أسعار البنزين
لأعلى مستوى لها على الإطلاق بأكثر من 5 دولارات للجالون عام 2022؛ بسبب الحرب الروسية
الأوكرانية.
وتأسيساً على ما سبق يمكن القول
إن تقدم ترامب على بايدن في نتائج استطلاعات الرأي يعكس حقيقة مفادها أن الناخبين الأمريكيين
يدعمون ذاك المرشح الرئاسي الذي حقق نتائج اقتصادية أفضل (خلال فترة حكمه) هذا ليس
فبحسب وإنما يؤيدون أيضاً المرشح الذي يميلون للثقة في قدرته على قيادة الاقتصاد الأمريكي
نحو الأفضل أو سينجح في تحسين معيشتهم وتلبية احتياجاتهم الأساسية لذا يشير أغلب الناخبين
إلى أن وضعهم المالي ربما يكون أفضل في عهد ترامب مقارنة ببايدن.
المصدر: إنترريجونال
للتحليلات الاستراتيجية
اسم الكاتب : حنان
نبيل
التاريخ :
24/10/2023
------------------------------------
المصدر : قناة
العربية
التاريخ : 16/1/2024
-----------------------------------
المصدر: المستقبل
للأبحاث و الدراسات المتقدمة
الكاتب : هدير خالد
التاريخ :
15/7/2024