الأحلاف العسكرية
فرع بنغازي

تعد الأحلاف العسكرية قديمة قدم التاريخ فقد شهد العالم على مر العصور صوراً مختلفة من الأحلاف العسكرية وقد زاد انتشار الأحلاف واتسع نطاق الدول التي تشترك فيها بحيث أصبحت أحد المعالم الرئيسية لسياسة توازن القوى المعاصرة، ويرجع ذلك إلى زيادة الصراعات بعد الحرب العالمية الثانية بين المعسكرين الغربي والشرقي.

حيث ظهرت الأحلاف العسكرية لأول مرة في مصر الفرعونية، وكانت نتيجة الصلح الذي عقد بين رمسيس الثاني وملك الحيثيين في 1280 قبل الميلاد، عقب انتهاء حرب الضروس، وكان لهذا التحالف طابع ديني أكثر منه عسكري.

وتطور المفهوم أكثر في عهد الإمبراطورية اليونانية ليشمل المفهوم العسكري حيث عقدت عدد من المدن اليونانية في ذلك الوقت فرق عسكرية للسيطرة على شبه الجزيرة الإغريقية.

وتطورت الأحلاف العسكرية على مر التاريخ، لتصل إلى شكلها الحالي عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث فشلت منظمة الأمم المتحدة في ضمان الأمن والسلام في العالم، واندلعت الحرب الباردة بين القطب الشرقي بقيادة الأتحاد السوفيتي والقطب الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، مما جعل الدول تلجأ إلى الأحلاف العسكرية والسياسية لضمان الأمن والسلم.   

أسباب انتشار فكرة الأحلاف العسكرية:

في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وبعد إنشاء منظمة الأمم المتحدة، ساد مفهوم الأمن الجماعي في السياسة الدولية، ولكن أثبت الواقع صعوبة تنفيذ هذا النظام خصوصاً مع الدول الكبرى التي تهدد الأمن والسلم الدوليين، بسبب منح حق الاعتراض veto للدول الخمس الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن، وهو حق الاعتراض على أي قرار دون إبداء الأسباب.

بذلك أصبح مفهوم الأمن الجماعي في منظمة الأمم المتحدة مقتصر على الدول التي تهدد السلام من دون الدول الكبرى. نتيجة لتلك الأسباب انتشرت فكرة الأحلاف العسكرية والمعاهدات ومواثيق الدفاع المشترك بين الدولة في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

كان المحرك الرئيسي لانتشار الأحلاف العسكرية هو فشل الإدارة الدولية في إيجاد حل لأزمة برلين بين الاتحاد السوفيتي من جهة والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإنجلترا من الجهة الأخرى عام1948. كان لارتفاع النفوذ السوفيتي في غرب أوروبا خُصُوصًا في اليونان والبرتغال، أثر على أثار الخوف والقلق على الجانب الأمريكي الأوروبي، ونتيجة لهذا الخوف دعا الرئيس الأمريكي الثالث والثلاثون "هاري تورمان" إلى إرسال مساعدات عسكرية واقتصادية لليونان والبرتغال.

كذلك أعلن الرئيس تورمان عن "خطة مارشال" والتي تهدف إلى تقديم المساعدات الأمريكية للنهوض باقتصاد قارة أوروبا. وكان فشل إدارة أزمة برلين هو الدافع المحرك لإعلان ميثاق بروكسل، التي تعهدت فيه كل من إنجلترا، بلجيكا، هولندا، فرنسا ولوكسمبورج بالتحالف إذا ما تعرضت إي دولة من دول الميثاق إلى اعتداء عسكري. ورحبت الولايات المتحدة الأمريكية بهذا الميثاق الذي تشكل على أساسه فيما بعد حلف شمال الأطلنطي في عام 1949. 

أهداف الأحلاف العسكرية:

الحلف العسكري يكون باتفاق رسمي تتعهد بموجبه مجموعة من الدول بأن تتعاون فيما بينها في مجال الاستخدام المشترك لقدرتها العسكرية ضد دولة أو مجموعة دول، كما تلتزم الدول الموقعة باستخدام القوة أو التشاور باستخدامها في ظروف معينة ومن أهدافها:

 

 

- ردع الأعداء

ويكون هدفاً أساسياً للأحلاف العسكرية الدفاعية، والتي تنشأ بدافع الخوف من خطر مشترك يهدد الدول المتحالفة دفاعاً عن:

-         كيانها الإقليمي.

-         حماية لأمنها القومي.

-         حماية المصالح المشتركة.

- زيادة القوة

حيث تسعى الدول إلى زيادة قوتها من خلال سياسة التحالف، كبديل لسياسة التسلح المنفردة، والتي تستنزف موارد اقتصادية هائلة.

- تسوية النزاعات

تكون التسوية بين الدول الأعضاء بالطرق السلمية.

- حماية المصالح المشتركة

تنمية التعاون الاقتصادي والاجتماعي بين الدول الأعضاء.

أسباب اللجوء إلى الأحلاف العسكرية:

يوجد عدة أسباب تدفع الدول إلى الانضمام في التحالفات العسكرية، فيقترح عالم التحالفات بول شرود ثلاث أسباب لقيام الأحلاف العسكرية:

_ أَوَّلاً: التصدي لخطر أو تهديد يواجه الدول الأعضاء.

_ ثَانِيًا: تطوير ما يعرف بميثاق ضبط النفس للتعامل مع التهديدات.

_ ثالثا: تزويد الدول العظمى بأدوات إدارة للتحكم بالدول الأضعف.

ولكن طور العالم ستيفن والتز أسباب قيام الأحلاف العسكرية لتشمل خمس أسباب رئيسية:

- توازن القوى: حيث تقوم الدول بالتحالف مع بعضها البعض ضد عدو مشترك.

- التعمد: حين تتعرض الدول لهجوم أو خطر خارجي تلجئ إلى التحالف مع دول أقوى، والتي تكون لها احتمالية أكبر في الفوز، وتعتبر تلك النظرية هي النظرية المضادة لنظرية توازن القوى.

- الأيديولوجية: تعتبر تشابه الأيديولوجيات أو المصالح والقيم المشتركة من أهم دوافع الانضمام إلى الأحلاف العسكرية.

- المساعدات الخارجية: كلما زادت المساعدات الخارجية من دولة إلى أخرى زادت احتمالية دخول تلك الدولتين في تحالف، ولكن في تلك الحالة يصبح للدولة المصدرة للمساعدات سيطرة أكبر على الدولة المستقبلة.

- الاختراق: كلما زاد اختراق دولة في أنظمة السياسة الداخلية لدولة أخرى، زادت احتمالية دخول الدولتين في تحالف.

- الانفراج: تعد تلك النظرية هي النظرية الحاكمة في أوقات السلم العالمي، حيث تسعى دولتين بينهم عداء تاريخي ثنائي إلى تنمية علاقات ودية سلمية للحد من التوتر السائد بينهما. وتستدل تلك النظرية بحلف الناتو وأنه يعتبر وسيلة للسلام بين الدول المتحاربة تَارِيخِيًّا في أوروبا.

شروط أو متطلبات استمرار الأحلاف الدولية:

- درجة توافق مصالح وأهداف أعضاء التحالف: وتعد درجة توافق المصالح من أهم شروط استمرار التحالفات الدولية نظراً إلى أن تلك التحالفات تقوم في الأساس لحماية المصالح والأهداف المشتركة بين الدول الأعضاء أو مواجهة التهديدات التي من الممكن أن تهدد تلك المصالح.

- قدرة أعضاء التحالف على التكييف مع المتغيرات الدولية والداخلية: فهنالك الكثير من المتغيرات التي تصيب المجتمع الدولي وقد تأثر على التحالفات الدولية سواء بالسلب أو بالإيجاب، من ضمن هذه التغيرات، التغيرات التي تصيب موازين القوة سواء على نطاق إقليمي أو على نطاق عالمي.

- التجانس السياسي والأيدولوجي بين أعضاء التحالفات الدولية: وظهر أهمية هذا الشرط خلال فترة الحرب الباردة، حيث كان للتجانس السياسي والأيدولوجي دوراً فعالاً في تقريب المواقف والسياسات التي دافعت عنها الأحلاف التي قامت خلال تلك الفترة ومكنتها من تجاوز الصعاب.

وتعد التحالفات التي تقوم بين الدول الديموقراطية أكثر استقرارا من التحالفات التي تقوم بين الدول الشمولية أو غير الديموقراطية.

أمثلة عن الأحلاف العسكرية:

- حلف شمال الأطلنطي (NATO)

- حلف وارسو Warsaw pact).)

- حلف بغداد (CENTO pact))

- حلف جنوب شرق أسيا SEATO pact).)

- حلف الريو (Rio pact).

- الأتحاد السوفيتي الصيني.





المراجع

_ فاطمة توفيق، 27/ 9/ 2020، الاحلاف العسكرية، الموسوعة السياسة.

_ عصام عبد الشافي، 3/ 7/ 2022، الأحلاف العسكرية.. أنماط متعددة وأدوار ممتدة، الجزيرة مباشر.

 

المقالات الأخيرة