دور المؤسسات العسكرية في مواجهة تداعيات التغير المناخي
فرع بنغازي

تعد ظاهرة التغير المناخي واحدة من أكبر التحديات التي تواجه البشرية في القرن الحادي والعشرين، إذ تهدد الأمن والسلم الدوليين، وتؤثر على الأمن الغذائي والموارد المائية والاستقرار الاجتماعي والسياسي. وفي هذا السياق، تلعب الجيوش والمؤسسات العسكرية دوراً مهماً ومتناقضاً في مواجهة هذه الظاهرة وتداعياتها. فمن جهة، تسهم الجيوش في الانبعاثات الكربونية، التي تعد أحد أسباب التغير المناخي، بسبب استخدامها للوقود الأحفوري والمعدات العسكرية والتدريبات والعمليات العسكرية. ومن جهة أخرى، تستطيع الجيوش أن تساهم في مكافحة التغير المناخي، بخفض الانبعاثات الكربونية، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة، وتطوير التقنيات البيئية، والمشاركة في الجهود الدولية للتكيف مع التغير المناخي والتخفيف من آثاره.

 أن مواجهة تحديات التغير المناخي هو أمر يتطلب سياسات تلتزم بها دول العالم المختلفة، فلا يمكن أن تتبنى دولة بمفردها سياسات تكون كفيلة بضمان أمنها البيئي بمعزل عن سياسات الدول الأخرى.

 ومع بروز التداعيات الواسعة للتغير المناخي، على نحو ما وضح في موجة الحرارة التي اجتاحت أوروبا وأمريكا الشمالية على مدار العامين الماضيين (2022 و2023)، والتي تسببت في اندلاع حرائق واسعة، تسببت في حدوث وفيات وأضرار اقتصادية بالغة، فضلاً عن تهديد ارتفاع منسوب المياه لسواحل الدول، خاصة الدول الجزرية، أو موجات التصحر، والتي تتسبب في مجاعات تهدد حياة ملايين الأفراد حول العالم، تحوّل الأمن البيئي من مفهوم يندرج ضمن الأمن الإنساني إلى مفهوم يتم معالجته على قدم المساواة من منظور الأمن القومي للدول، خاصة وأن هذا التهديد أصبح يرقى إلى مرتبة التهديد الوجودي لبعض الدول، مثل الدول الجزرية، والتي يهدد ارتفاع منسوب البحار والمحيطات بقاء السكان في هذه الجزر من الأساس، نظراً لأن الجزر نفسها مهددة بالغرق، كما في حالتي جزر ميكرونيزيا وجمهورية جزر المارشال.

 وفي ضوء ذلك الوضع الجديد، بات ينظر إلى الجيوش والمؤسسات العسكرية باعتبارها لاعباً رئيسياً في مواجهة هذه الطائفة الجديدة من التهديدات، إذ أن التهديدات البيئية تفرض تحدياً مباشراً للأصول العسكرية، وكذلك تهدد استقرار المجتمعات، كما أنها قد تؤدي إلى نشوب صراعات حول الموارد. ومن جانب أخر، فإنه ينظر إلى الجيوش باعتبارها مسؤولة عادة عن حوالي 50٪ من الانبعاثات الكربونية للحكومات، ومن ثم يمكن أن تسهم بدور في مكافحة التغير المناخي عبر خفض الانبعاثات الكربونية. ومع ذلك، فإنه لا يوجد إجماع، حتى الآن، حول الكيفية التي يمكن أن تساهم بها الجيوش في مكافحة التغير المناخي.

 وفي هذا الإطار، نسعى  إلى إلقاء الضوء على ذلك من خلال تناول الأبعاد التالية:

أولاً: البصمة البيئية الدفاعية: المظاهر والأبعاد:

تسهم الجيوش الوطنية في الانبعاثات الكربونية، بسبب الانبعاثات الصادرة عن المقاتلات إلى السفن الحربية إلى التدريبات العسكرية. ومع ذلك، فإن الانبعاثات الكربونية للجيوش تم استبعادها من بروتوكول كيوتو لعام 1997 والذي يتناول قضية الحد من غازات الاحتباس الحراري. وكذلك أعفيت مرة أخرى من اتفاقيات باريس لعام 2015، وذلك على أساس أن نشر البيانات حول استخدام الطاقة من قبل الجيوش يمكن أن يهدد الأمن القومي للدول. ومن جهة أخرى، فإن البيانات التي تنشرها بعض الجيوش طواعية تعد غير موثوقة، أو غير كاملة في أحسن الأحوال، وفقاً لرأي العلماء والمتخصصين.

 وعلى الرغم مما سبق، فإنه يلاحظ أن بعض المنظمات غير الحكومية سعت لتقديم قياسات للبصمة البيئية للجيوش، ففي التقرير الصادر عام 2022، والذي تم إطلاقه من جانب منظمة «علماء من أجل المسؤولية العالمية» (Scientists for Global Responsibility) وبالتعاون مع مرصد الصراع والبيئة، بالتزامن مع مفاوضات المناخ في المؤتمر السابع والعشرون للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أو ما يعرف اختصاراً باسم “كوب 27”، قدرت المنظمتان أن البصمة الكربونية العسكرية العالمية بحوالي 2750 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، أو 5.5% من إجمالي الانبعاثات العالمية. واستند التقرير إلى أربعة معايير رئيسية وهي: عدد الأفراد العسكريين العاملين؛ وانبعاثات الكربون العسكرية “الثابتة” لكل فرد، أي الانبعاثات الناتجة عن استخدام الطاقة في القواعد العسكرية لكل فرد من أفراد القوات المسلحة؛ وكذلك نسب الانبعاثات العسكرية “المتنقلة” إلى الانبعاثات العسكرية الثابتة، بناءً على الأحجام النسبية للانبعاثات المتنقلة، والناشئة عن استهلاك الوقود من قبل الطائرات العسكرية والسفن والمركبات البرية، إلى تلك الخاصة بالقواعد العسكرية؛ وأخيراً، مضاعفات سلسلة التوريد للأنشطة العسكرية.

 ويلاحظ أن الرقم السابق لا يأخذ في الاعتبار التداعيات الأوسع للحرب، والتي تشمل الحرائق في مرافق تخزين الوقود الأحفوري والمباني؛ والحرائق والأضرار الأخرى للغابات والمحاصيل والمخازن البيولوجية الأخرى للكربون؛ وحركة اللاجئين، والرعاية الصحية للناجين من أهوال الحروب؛ وإعادة الإعمار بعد الصراع.

 ويلاحظ أن تهديدات التغيرات المناخية باتت أكثر وضوحاً في الآونة الأخيرة، بصورة تجاوزت المهددات الأمنية السابقة، والتي سادت على أجندة الأمن الدولي على مدار الثلاث عقود الأخيرة، مثل الإرهاب وخطر الانتشار النووي، وغيرها. وعلى سبيل المثال، فإن ذوبان الأنهار الجليدية قد يؤدي إلى إغراق وديان الأنهار في كشمير ونيبال. كما إن انخفاض هطول الأمطار يهدد الأمن المائي والغذائي، إذ أنه يعرض حياة 182 مليون شخص للموت بسبب انتشار الأوبئة والمجاعات. وعلى الجانب الأخر، فإنه، وفقاً لأكثر التوقعات تشاؤماً، فإن ذوبان الجليد في جرينلاند سوف يؤدي إلى ارتفاع مستويات سطح البحر بمقدار 6 أمتار، وهو ما يكفي لإغراق جميع الدول الجزرية المنخفضة تقريباً، وكذلك المناطق الساحلية في دول العالم المختلفة، من سان فرانسيسكو ونيويورك إلى أمستردام وطوكيو.

وعلى الجانب الأخر، فإن التكلفة الاقتصادية كانت مرتفعة جداً، إذ أشارت التقديرات إلى أنه خلال الفترة ما بين عامي 1980 و2020، تراوحت الخسائر الاقتصادية الإجمالية في 32 دولة في المنطقة الاقتصادية الأوروبية بسبب الطقس والأحداث المتعلقة بالمناخ ما بين 450 و520 مليار يورو.

 ثانياً: تأثير التغير المناخي على استراتيجيات المؤسسات العسكرية والتحديات المستقبلية

يلاحظ أن التغيرات المناخية تترك تداعيات مباشرة على الجيوش، وقدرتها على أداء مهامها، إذ أن التغيرات المناخية قد تترك تأثير مباشر على القواعد العسكرية، وقدرة الجيوش على أداء مهامها، وذلك بشكل مباشر عبر تدمير المعدات العسكرية، أو بشكل غير مباشر عبر التسبب في قطع الكهرباء عن القواعد العسكرية على سبيل المثال.

وتعد القواعد العسكري هي عمود الاستعداد العملياتي للجيوش، إذ أن هذه القواعد تحتضن الأنظمة التسليحية المختلفة، وتشهد عمليات التدريب وتعبئة القوات للقيام بعمليات قتالية، أو لتنفيذ عمليات إغاثة إنسانية. ولذلك، فإن ظروف المناخ المتطرفة، كارتفاع درجات الحرارة، أو البرودة الشديدة، والأعاصير وغيرها قد تؤدي إلى اضطرابات بسيطة أو خطيرة مع مرور الوقت، إذا لم تتم معالجتها بشكل صحيح، إذ أن هذه العوامل المناخية قد تؤدي إلى خلل المعدات، وزيادة تكرار عمليات الصيانة والإصلاح والتجديد لها، بالإضافة إلى ارتفاع استهلاك الطاقة، وانخفاض عمليات التدريب واختبارات التقييم، والمزيد من القيود على المياه، والحد من القدرة على الوصول إلى المواقع و/أو المرافق الحيوية، وتدهور الأراضي التي يستخدمها الجيش، من خلال تضررها بسبب التضريس الحراري في المناطق الجليدية، والتي تتسبب في حدوث فجوات في سطح الأرض وأسطح غير مستوية، أو حدوث فيضانات دائمة، أو التصحر، وما يترتب على كل ذلك من التأثير سلباً على صحة ورفاهية العاملين في هذه القواعد.

 وليس أدل على ذلك تأكيد البحرية الأمريكية أن «ذوبان الجليد في ألاسكا سوف يؤدي إلى تدهور الطرق والمنشآت العسكرية هناك. ومن جهة أخرى، سيؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر والعواصف والأعاصير إلى زيادة احتمالية غمر البنية التحتية الساحلية، بما في ذلك القواعد العسكرية المنتشرة في مناطق ساحلية، وهو ما سيؤثر بدوره على عملية صنع القرار مستقبلاً بخصوص كيفية التعامل مع هذه التحولات وتحجيم تأثيراتها على عمليات الجيش الأمريكي.

 وتتمثل أحد التأثيرات غير المباشرة على الجيوش في زيادة الاعتماد عليها في مواجهة الكوارث المناخية، إذ يمكن أن تؤدي الظروف الجوية القاسية إلى زيادة عدد الكوارث الطبيعية. ومن المرجح أن يؤدي تكرار حدوث هذه الأحداث إلى زيادة الاعتماد على القوات المسلحة بهدف تقديم المساعدة الإنسانية والإغاثة في حالات الكوارث. وعلى سبيل المثال، نشرت هولندا قواتها المسلحة استجابة لفيضانات 2021 في مقاطعة ليمبورغ، وكذلك عندما دمر إعصار إيرما أجزاء كبيرة من مدينة سينت مارتن عام 2017.

ثالثاً: كيف تتأثر خارطة الصراعات في ظل أزمة التغير المناخي؟

تتمثل أبرز الصراعات التي يتوقع لها أن تترتب على التغيرات المناخية في التالي:

ذوبان الجليد في القطب الشمالي: يعد القطب الشمالي، بعد الأمازون، ثاني أكبر مخزن للكربون في العالم، وبمثابة «ثلاجة» عالمية لأنه ينظم درجات الحرارة العالمية. ومع ارتفاع درجات الحرارة في القطب الشمالي وذوبان المزيد من الجليد، فإن ذلك سوف يؤدي إلى انعدام الأمن المناخي، وذلك عبر وقوع أحداث مناخية متطرفة، وفقدان التنوع البيولوجي، وذوبان التربة الجليدية، وما يترتب على ذلك من عواقب على الأحوال المناخية في كل مكان. وهناك مخاوف من أن يؤدي ذوبان التربة الصقيعية إلى إطلاق قنبلة مناخية، فيطلق مليار طن من غازات الكربون إلى الغلاف الجوي، ويوقظ البكتيريا والميكروبات التي ظلت نائمة لفترة طويلة، ويغير المناظر الطبيعية القطبية على النحو الذي من شأنه أن يعطل الأنشطة البشرية المحلية والبنية الأساسية.

 ومن جهة أخرى، فإن ارتفاع درجة حرارة منطقة الشمال المحيط بالقطب يعني التنافس على مواردها الهائلة غير المستغلة، والتي تحتوي أراضيها ومحيطاتها على 13% و30% من احتياطيات النفط والغاز غير المكتشفة في العالم، على التوالي. كما أن المنطقة غنية بالأسماك والمعادن الطبيعية (مثل النيكل والبلاتين والبلاديوم) والعناصر الأرضية النادرة الحيوية للتكنولوجيا الحديثة والابتكارات المتطورة.

 ومع صعود التنافس يبن القوى الكبرى، خاصة الولايات المتحدة وحلفائها من جانب، وروسيا والصين من جانب أخر، فضلاً عن سعي واشنطن وموسكو وبكين لاستكشاف موارد القطب الشمالي والاستفادة منها، فإنه من المتوقع أن تشهد المنطقة تنامياً للتوتر، خاصة وأن روسيا تسعى إلى الاستفادة من إحياء طريق بحر الشمال باعتباره خطاً ملاحياً داخلياً، في حين أن واشنطن تسعى لاعتباره مضيقاً دولياً حتى لا يصبح خاضعاً للسيادة الروسية.

 ويلاحظ أنه مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة، فإن انخفاض الجليد في موسم الصيف سيفتح ممرات بحرية جديدة للاتصالات شمال البر الرئيسي لكندا وشمال سيبيريا، وستكون خطوط النقل بين آسيا وأوروبا أقصر بكثير، وبالتالي أرخص من الطرق الحالية عبر قناتي بنما والسويس أو حول الرأس الجنوبي لأفريقيا والأمريكيتين، وهو ما يعني ضمناً أرباحاً بمليارات الدولارات، وهو ما قد يؤثر على الإيرادات التي تحققها بنما ومصر من قناتهما، وبالتالي خصماً من مواردهما.

 تعزيز الصراعات الداخلية: ينظر إلى المناخ باعتباره مسبباً غير مباشراً للعديد من الصراعات، أي أنه يلعب إلى جانب عوامل أخرى دوراً في تأجيج الصراعات الداخلية. ولعل المثل الأبرز في هذا الإطار هو الحرب التي شهدتها سوريا منذ العام 2011، فقد أدى الجفاف الذي ضربها في هذا العام إلى المساعدة، إلى جانب عوامل أخرى، في اندلاع الحرب التي شهدتها.

وفي الثمانينيات من القرن العشرين، شهدت منطقة شمال دارفور فترة طويلة من الجفاف الشديد، مما أدى إلى حركة جماعية للسكان، والذين كان أغلبهم ينتمون إلى القبائل العربية، هرباً من المناطق التي ضربها الجفاف إلى المناطق الخصبة في منطقة جبل مره، والتي يقطنها مزارعين ينتمون إلى قبائل الفور الأفريقية، وتسبب ذلك الأمر في وقوع مواجهات بين الجانبين للسيطرة على الأراضي الخصبة والموارد المائية، غير أنه في الوقت ذاته أكتسب الصراع بعداً إثنياً، خاصة مع نظرة وسائل الإعلام الغربية إلى الصراع باعتباره صراعاً إثنياً بين العرب والأفارقة، أو بين المستوطنين والسكان الأصليين.

 رابعاً: استراتيجيات المؤسسات العسكرية في ظل التغير المناخي: نماذج عالمية

اتجهت بعض الدول الغربية إلى تبني استراتيجيات معلنة لمواجهة التغير المناخي، ولكي تؤكد على اضطلاعها بدور محوري في هذه الجهود. ويأتي في هذا الإطار إعلان الولايات المتحدة، وكذلك حلف الناتو، عن استراتيجيات عسكرية لمكافحة التغير المناخي، والتي يمكن تفصيلها على النحو التالي:

إمداد القواعد العسكرية بالطاقة المتجددة: أقام الجيش الأمريكي حوالي 950 مشروعاً للطاقة المتجددة توفر 480 ميجاوات من الطاقة للجيش في الوقت الحالي، كما يتم التخطيط لإقامة 25 مشروعاً من الشبكات الصغيرة للطاقة المتجددة بحلول عام 2024. وسيواصل الجيش هذه الجهود وغيرها في إطار الخطة الاستراتيجية لتركيب الطاقة والمياه للجيش لتحقيق أقصى قدر من المرونة والكفاءة، بالإضافة إلى خفض التكاليف التشغيلية في كل قاعدة.

 إنتاج مركبات هجينة: اتجه الجيش الأمريكي إلى الاستفادة من التقدم التكنولوجي في تطوير أسطوله من المركبات غير التكتيكية، والذي يتضمن المركبات المتاحة تجارياً مثل سيارات السيدان، والشاحنات، والشاحنات الصغيرة، والحافلات. ويسعى الجيش الأمريكي إلى استخدام كميات أقل من الوقود الأحفوري في أسطوله من المركبات غير التكتيكية وتحقيق وفورات في تكاليف التشغيل المرتبطة بها منذ عام 2005. وبنهاية عام 2020، قام الجيش بالتخلص من حوالي 18 ألف من مركباته غير التكتيكية التي تعمل بالوقود الأحفوري مع زيادة مخزونه من المركبات الهجينة بما يقرب من 3000 مركبة في السنوات الثلاث الماضية وحدها.

 وأدت هذه التغييرات بالفعل إلى خفض التكاليف التشغيلية لأسطول المركبات غير التكتيكية بما يزيد عن 50 مليون دولار، وخفض استهلاك الجيش للوقود الأحفوري بأكثر من 13 مليون جالون سنوياً. ويواصل الجيش انتقاله إلى المركبات الخالية من الانبعاثات، وذلك عبر تبني سياسات جديدة في سبتمبر 2021 توصي بأن جميع عقود شراء وإيجار المركبات الجديدة يجب أن تختار المركبات الكهربائية بالكامل أولاً، ثم الهجينة، وأخيراً المركبات التي تعمل بالوقود كاستثناء فقط، وذلك عندما لا تكون الحلول الكهربائية متوفرة تجارياً. وتهدف هذه السياسة إلى تحويل أسطول المركبات غير التكتيكية الخفيفة إلى تلك العاملة بالكهرباء بالكامل بحلول عام 2027، واستخدام الخيارات الهجينة كحل مؤقت للأنواع الأخرى من أسطول المركبات غير التكتيكية بحلول عام 2035. وسوف يقوم الجيش الأمريكي كذلك بتطوير البنية التحتية للشحن الكهربائي المرتبطة بها. ففي عام 2022، بنى الجيش أكثر من 470 محطة شحن. ويعمل الجيش الأمريكي حالياً مع كبار الموردين في هذا المجال لتحديد أفضل السبل لتوسيع البنية التحتية لشحن المركبات الكهربائية في كل منشأة تابعة للجيش.

 تخطيط الناتو للتغير المناخي: وضع الناتو خطة عمل لمواجهة التغير المناخي، ركزت على أربعة أبعاد أساسية، وهي تعزيز وعي الحلفاء بالتداعيات الأمنية لتغير المناخ، وتعزيز التكيف مع المناخ في جميع مجالات عمل الناتو، بالإضافة إلى تخفيف آثاره عن طريق الحد من الانبعاثات العسكرية، وتعزيز التواصل مع الجهات الفاعلة الأخرى النشطة في مجال الأمن المناخي. كما حدد الناتو أهدافاً ملموسة، تتمثل في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 45٪ على الأقل بحلول عام 2030، والوصول إلى صافي صفر الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2050.

ومع ذلك، فإن هذه الخطة سوف تواجه بتحديات، ففي حين أن بعض أعضاء الناتو يستثمرون بالفعل في التقنيات الخضراء ويقومون بتعديل معايير الوقود الخاصة بهم، فإن دولاً أخرى تواصل تشغيل المعدات القديمة، التي تستهلك الوقود الأحفوري. وإذا سعى الحلفاء إلى تحقيق أهداف خفض الانبعاثات العسكرية ودمجوا حلولاً عسكرية أنظف بسرعات ومستويات مختلفة، فإن قدرتهم على العمل المشترك يمكن أن تتعرض للخطر.

 وفي الختام، يمكن القول إن التحديات المناخية باتت خطراً واضحاً على أمن العديد من دول العالم، وباتت الجيوش فاعلاً رئيسياً في مواجهة التحديات المرتبطة به، نظراً لتهديد التحولات المناخية لأمن الدول، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ولذلك اتجهت الجيوش هي الأخرى لتبني سياسات لمواجهة التغير المناخي، والتأقلم مع تداعياته، فضلاً عن سعيها لتعزيز مرونتها في التحرك بفاعلية وقت الأزمات والكوارث المناخية لضمان حماية الأمن القومي للدول من هذه الطائفة الجديدة من التهديدات.

 

 

المراجع:

يسري أحمد العزباوي ،12.1.2024، التغيرات المناخية واستعداد الجيوش المبكر لإعادة تموضع الصراعات، الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين.

ب، ن , 2023-12-03 , دور المؤسسات العسكرية في مواجهة تداعيات التغير المناخي، درع الوطن.

 

المقالات الأخيرة