هل يعمّق تنقيب
تركيا عن النفط الخلافات الليبية الداخلية؟
بعد إعلان تلقيها
عرضاً من حكومة طرابلس لاستكشافات جديدة
دفع حديث تركي
يتعلق بالتنقيب عن النفط الليبي بالبحر المتوسط، هذا الملف إلى واجهة الأحداث في البلد
المنقسم سياسياً، يأتي ذلك في ظل سعي أنقرة والقاهرة لإعادة تشغيل النفط المُعطل.
وسبق لوزير الطاقة
التركي، ألب أرسلان بيرقدار، القول الأسبوع الماضي إن أنقرة «مهتمة» بعرض من طرابلس
للتنقيب عن الطاقة قبالة سواحل ليبيا، الأمر الذي يجدد التساؤل حول موقف جبهة شرق البلاد،
التي سبق أن عارضت هذا التوجه.
وأبرمت سلطات طرابلس
مع أنقرة اتفاقية لترسيم الحدود البحرية في نوفمبر عام 2019، أثارت حينها خلافاً مع
مصر واليونان وفي 2022، وقعت أنقرة وطرابلس اتفاقاً مبدئياً بشأن استكشاف الطاقة، وقبول
ذلك بمعارضة من القاهرة وأثينا أيضاً.
وفي أول رد فعل
على تصريحات الوزير التركي، قال ميلود الأسود، عضو لجنة الطاقة بمجلس النواب الليبي،
إن «استخدام الموارد الوطنية، خصوصاً النفط، ورقة سياسية لصالح أي طرف من أجل البقاء
في السلطة أو الحصول على الدعم الدولي، أمر مرفوض قطعاً.
ومن دون أن يأتي
النائب البرلماني، على ذكر سلطات طرابلس، التي أبرمت الاتفاق السابق، قال في حديث إلى
«الشرق الأوسط» الاثنين، إن ليبيا «بحاجة إلى الخبرات العالمية في مجال التنقيب عن
النفط والغاز براً وبحراً، وبحاجة إلى تطوير مواردها النفطية والرفع من الطاقة الإنتاجية»،
لكنه شدد على «عدم الإخلال بالقوانين، مع ضرورة تحقيق مصلحة ليبيا».
تنافس الحكومتان
على السلطة
وتتنافس حكومتان
على السلطة في ليبيا راهناً الأولى هي «الوحدة» التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، والثانية
يقودها أسامة حمّاد بشرق ليبيا ويسود خلاف بينهما بشأن «إبرام الصفقات» من دون موافقة
مجلس النواب وينظر إلى هذا الإعلان التركي بشأن التنقيب على أنه قد «يزيد الخلاف» بين
جبهتي شرق ليبيا وغربها، علماً بأن غالبية الحقوق النفطية مغلقة إثر صراع على إدارة
«المصرف المركزي.
وهنا، يربط سياسي
مقرب من حكومة شرق ليبيا، تصريح الوزير التركي بالتقارب الحاصل بين أنقرة والقاهرة،
وتُرجم ذلك مؤخراً بتبادل الزيارات الرسمية بين الرئيسين رجب طيب إردوغان، وعبد الفتاح
السيسي، مذكراً باعتراض مصر السابق على توقيع طرابلس وأنقرة اتفاقية لترسيم الحدود
البحرية.
ويرى السياسي الليبي
- الذي رفض ذكر اسمه، أن «التوافقات السياسية بين الجانبين احتوت مثل هذه الخلافات
في إطار المصالح المشتركة بينهما»، لكنه لمح إلى رفض حكومة حمّاد «أي اتفاقيات أو قرارات
تتخذها سلطات طرابلس بعيداً عن البرلمان تتيح لتركيا التنقيب عن النفط في ليبيا».
وأمام ما تعانيه
ليبيا من انقسام سياسي وعدم وجود سلطة موحدة، يرى عضو لجنة الطاقة البرلمانية أن الظروف
السياسية والأمنية التي تمر بها بلاده «جعلتها في موقف تفاوضي ضعيف أمام شركات عالمية»،
كما تحدث عن دول «تسعى بكل جهدها لاستغلال هذا الوضع للحصول على عقود طويلة الأجل بشروط
هزيلة لا تحقق مصلحة ليبيا»، دون إشارة إلى تلك الدول.
وتابع: «لهذا السبب،
أصدر مجلس النواب القرار رقم (15) لسنة 2023 بمنع المساس بالثروات السيادية إلى حين
انتخاب حكومة من الشعب الليبي.
وسبق للرئيس التركي
القول في أكتوبر 2022، إن بلاده ستبدأ استكشاف النفط والغاز في المياه الليبية، بموجب
مذكرة تفاهم تم توقيعها مع رئيس حكومة «الوفاق الوطني» السابقة، برئاسة فائز السراج
في 27 نوفمبر 2019.
وكانت تركيا ومصر
على جانبين متعارضين في الحرب التي شنها «الجيش الوطني» على طرابلس عام 2019، لكن تركيا
زادت مؤخراً اتصالاتها مع سلطات بنغازي، وتسعى إلى إعادة تشغيل قنصليتها المغلقة هناك.
ويتوقع الدكتور
صقر الجيباني أستاذ الاقتصاد في جامعة درنة، أن ينعكس التقارب المصري - التركي «إيجابياً»
على الأوضاع السياسية والاقتصادية بليبيا، «في ظل ما نسمع به من صفقات» في مجال النفط،
ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن هذه التفاهمات «سيكون لها مردود على العلاقات الداخلية الإقليمية،
على عكس التوتر الذي كان سائداً بينهما.
وكان الاتفاق البحري
السابق الموقع بين طرابلس وأنقرة أكد حقوق الأخيرة في مناطق واسعة بشرق البحر المتوسط،
الأمر الذي أثار حينها استياء اليونان والاتحاد الأوروبي أيضاً.
وتطرق الأسود إلى
«التعاقدات المباشرة» في مجال النفط، وذهب إلى أنها «سياسة انتهجتها المؤسسة الوطنية
للنفط بضغوط من حكومة الدبيبة
ويرى أنه «إذا
كانت هناك حاجة للتطوير النفطي أو الغازي، فالأولى أن يكون بعطاء مفتوح وفق القوانين؛
ولو كانت هناك ضرورة لعطاء مباشرة في حالة محددة، فعلى المؤسسة مخاطبة مجلس النواب
لتوضيح الأمر لتحصل على استثناء من قرار المنع
وتسببت النزاعات
حول التنقيب عن الطاقة في توتر العلاقات بين أنقرة وأثينا والاتحاد الأوروبي، لكن العلاقات
تحسنت في السنوات القليلة الماضية مع انحسار التوتر.
وانتهى عضو لجنة
الطاقة إلى أن مجلسه «لن يكون ضد مصلحة ليبيا، شرط أن تكون العقود مدروسة وعادلة وتحقق
مصلحة ليبيا.
حكومة طرابلس
تقدم عرضا لتركيا للتنقيب البحري عن الطاقة
قال وزير الطاقة
التركي ألب أرسلان بيرقدار إن بلاده مهتمة بعرض من طرابلس للتنقيب عن الطاقة قبالة
سواحل ليبيا.
وأضاف في تصريح
لوكالة الأناضول الرسمية للأنباء "عرضت ليبيا علينا العمل بسفننا الخاصة بالمسح
الزلزالي قبالة سواحلها. بصراحة، نحن متحمسون لهذا. لذا يمكننا أن نذهب إلى قبالة السواحل
الليبية لإجراء أعمال المسح الزلزالي".
في عام 2020، أرسلت
تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي عسكريين إلى ليبيا لتدريب ودعم الحكومة التي تتخذ
من طرابلس مقرا في مواجهة قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة خليفة حفتر.
وفي وقت لاحق من ذلك العام، أبرمت مع طرابلس اتفاقية لترسيم الحدود البحرية، والتي
أثارت خلافا مع مصر واليونان.
وفي عام 2022،
وقعت أنقرة وطرابلس اتفاقا مبدئيا بشأن استكشاف الطاقة، وعارضته مصر واليونان أيضا.
وقال بيرقدار إن
تركيا مهتمة أيضا بمشاريع أخرى في ليبيا وتبحث عن "المشروع والشريك المناسبين".
وتركيا على خلاف
مع اليونان، وهي أيضا عضو في حلف شمال الأطلسي، بشأن السيادة البحرية في شرق البحر
المتوسط وتسببت النزاعات حول التنقيب عن الطاقة في توتر العلاقات بين أنقرة وأثينا
والاتحاد الأوروبي، لكن العلاقات تحسنت في السنوات القليلة الماضية مع انحسار التوتر.
وقال بيرقدار أيضا
إن تركيا مهتمة بحقول الغاز قبالة سواحل مصر، التي بدأت أنقرة مؤخرا في إصلاح العلاقات
معها بعد عقد من العداء وأضاف أن البلدين يعملان على مشروع يتعلق بحصول القاهرة على
الغاز ويتضمن وحدات تركية عائمة للتخزين وإعادة التغويز.
وأضاف أيضا أن
أنقرة تسعى إلى إرسال سفينة الاستكشاف عروج ريس إلى الصومال بحلول أكتوبر لإجراء أعمال
مسح زلزالي هناك ضمن اتفاق تعاون في مجال الهيدروكربون بين البلدين.
ويشار إلى أن تركيا
ومصر تسعيان راهناً للضغط على حكومتي «الوحدة الوطنية» المؤقتة، والمكلفة من مجلس النواب،
للتوصل إلى اتفاق ينهي حصار تصدير النفط في ليبيا، وفق وكالة «بلومبرغ» الاقتصادية.
وأقدمت حكومة حمّاد
على وقف إنتاج وتصدير النفط الليبي، رداً على تعيين «المجلس الرئاسي» بقيادة محمد المنفي،
إدارة ومحافظ جديدين لـ«المصرف المركزي» خلفاً للصديق الكبير وإدارته.
المصدر: الشرق الأوسط
الكاتب : جمال جوهر
التاريخ : 16/9/2024
----------------------------------
المصدر: العربية
التاريخ : 11/9/2024