الذكرى الـ 51 لانتصارات أكتوبر المجيدة
فرع القاهرة

 

تحتفل مصر بالذكرى الـ 51 لانتصارات أكتوبر المجيدة عام 1973 ذلك النصر المبين الذي قاتل المصريون من أجله ودفعوا ثمناً غاليًا من دمائهم الطاهرة ليستردوا جزءًا عزيزًا من أرض الوطن هو أرض الفيروز "سيناء"

لم تكن حرب أكتوبر المجيدة مجرد معركةٍ عسكريةٍ خاضتها مصر وحققت فيها أعظم انتصاراتها وإنما كانت اختبارًا حقيقيًا لقدرة الشعب المصري على تحويل الحلم إلى حقيقة، فلقد تحدى الجيش المصري المستحيل ذاته، وقهرهُ، وانتصر عليه وأثبت تفوقه في أصعب اللحظات التي قد تمر على أي أمة.

حقق جيل أكتوبر العظيم ملحمة النصر واستطاعوا تحطيم أسطورة جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يقهر ورفع راية الوطن على ترابه المقدس وأعاد للعسكرية المصرية الكبرياء والشموخ حين عبر عشرات الآلاف من أبطال القوات المسلحة يوم 6 أكتوبر عام 1973، إلى الضفة الشرقية لقناة السويس لاستعادة أغلى بقعة في الوطن هي سيناء واستعاد المصريون معها كرامتهم واحترام العالم.

وتعد حرب أكتوبر المجيدة علامة مضيئة في تاريخ العسكرية المصرية العريقة فقد تبارت فيها جميع التشكيلات والقيادات في أن تكون مفتاحًا لنصر مبين إذ علمت العالم أن الأمة المصرية قادرة دومًا على الانتفاض من أجل حقوقها وفرض احترامها على الآخرين وأن الحق الذي يستند إلى القوة تعلو كلمته وينتصر في النهاية وأن الشعب المصري لا يفرط في أرضه حتى تفيض روحه وقادر على حمايتها والزود عنها.

حرب أكتوبر المجيدة لا تزال ملحمة وطنية مصرية متكاملة عادت فيها أرض سيناء الحبيبة إلى وطنها الأم تجمعت فيها كل المبادئ الوطنية والقيم السامية وأسس النجاح والتميز من إرادة حديدية وإيمان بالله وثقة في النصر والانتماء والولاء للوطن.

حرب أكتوبر هي إحدى جولات الصراع العربي الإسرائيلي، حيث خططت القيادة المصرية مع السورية لشن حرب في وقت واحد على إسرائيل بهدف استرداد شبه جزيرة سيناء والجولان التي سبق أن احتلتهما إسرائيل في حرب 1967، وقد كانت المحصلة النهائية للحرب هي تدمير خط بارليف في سيناء وخط آلون في الجولان، وكانت إسرائيل قد أمضت السنوات الست التي تلت حرب يونيو في تحصين مراكزها في الجولان وسيناء، وأنفقت مبالغ ضخمة لدعم سلسلة من التحصينات على مواقعها في مناطق مرتفعات الجولان وفي قناة السويس، فيما عرف بخط بارليف.

 أسباب حرب أكتوبر

في 29 أغسطس 1967 اجتمع قادة دول الجامعة العربية في مؤتمر الخرطوم بالعاصمة السودانية ونشروا بياناً تضمن ما يسمى ب"اللاءات الثلاثة": عدم الاعتراف بإسرائيل، عدم التفاوض معها ورفض العلاقات السلمية معها. في 22 نوفمبر 1967 أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرار 242 الذي يطالب الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي احتلتها في يونيو 1967 مع مطالبة الدول العربية المجاورة لإسرائيل بالاعتراف بها وبحدودها.

في سبتمبر 1968 تجدد القتال بشكل محدود على خطوط وقف إطلاق النار بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا بما يسمى حرب الاستنزاف، مما دفع الولايات المتحدة إلى اقتراح خطط لتسوية سلمية في الشرق الأوسط، وكان وزير الخارجية الأمريكي وليام روجرز قد إقترح ثلاث خطط على كلا الجانبين الخطة الأولى كانت في 9 ديسمبر 1969، ثم يونيو 1970، ثم 4 أكتوبر 1971. تم رفض المبادرة الأولى من جميع الجوانب، وأعلنت مصر عن موافقتها لخطة روجرز الثانية حتى تعطي نفسها وقتاً أكثر لتجهيز الجيش وتكملة حائط الصواريخ للمعركة المنتظرة، أدت هذه الموافقة إلى وقف القتال في منطقة قناة السويس، وإن لم تصل حكومة إسرائيل إلى قرار واضح بشأن هذه الخطة.

في 28 سبتمبر 1970 توفي الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وتم تعيين أنور السادات رئيساً للجمهورية. في فبراير 1971 قدم أنور السادات لمبعوث الأمم المتحدة غونار يارينغ، الذي أدار المفاوضات بين مصر وإسرائيل حسب خطة روجرز الثانية، شروطه للوصول إلى تسوية سلمية بين مصر وإسرائيل وأهمها انسحاب إسرائيلي إلى حدود 4 يونيو 1967. رفضت إسرائيل هذه الشروط مما أدى إلى تجمد المفاوضات. في 1973 قرر الرئيسان المصري أنور السادات والسوري حافظ الأسد اللجوء إلى الحرب لاسترداد الأرض التي خسرها العرب في حرب1967م. كانت الخطة ترمي الاعتماد على المخابرات العامة المصرية والمخابرات السورية في التخطيط للحرب وخداع أجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيليةوالأمريكية ومفاجأة إسرائيل بهجوم غير متوقع من كلا الجبهتين المصرية والسورية، وهذا ما حدث، حيث كانت المفاجأة صاعقة للإسرائليين.

حقق الجيشان المصري والسوري الأهداف الإستراتيجية المرجوة من وراء المباغتة العسكرية لإسرائيل، كانت هناك إنجازات ملموسة في الأيام الأولى بعد شن الحرب، حيث توغلت القوات المصرية 20 كم شرق قناة السويس، وتمكنت القوات السورية من الدخول في عمق هضبة الجولان.

أما في نهاية الحرب فانتعش الجيش الإسرائيلي فعلى الجبهة المصرية تمكن من فتح ثغرة الدفرسوار وعبر للضفة الغربية للقناة وضرب الحصار على الجيش الثالث الميداني وعلى الجبهة السورية تمكن من طرد السوريون من هضبة الجولان بل واستمر في دفع الحدود للخلف لتوسيع المستعمرة.

تدخلت الدولتان العظمى في ذلك الحين في سياق الحرب بشكل غير مباشر حيث زود الاتحاد السوفياتي بالأسلحة سوريا ومصر, وان كان الاتحاد السوفيتى قد رفض إعطاء مصر الأسلحة اللازمة بعد أزمة طرد خبرائها عن طريق السادات إلا أن الاتحاد السوفيتى رجع واعطى مصر جزءاً من الأسلحة ولكن تمويل مصر الرئيسى في الأسلحة جاء من التشيك بعد زيارة وزير الخارجية المصري إلى التشيك في زيارة سرية لم يعلم بها احد في ذلك الوقت بينما زودت الولايات المتحدة بالعتاد العسكري إسرائيل.

في نهاية الحرب عمل وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر وسيطاً بين الجانبين ووصل إلى اتفاقية هدنة لا تزال سارية المفعول بين سوريا وإسرائيل بدلت مصر وإسرائيل اتفاقية الهدنة باتفاقية سلام شاملة في "كامب ديفيد" 1979.

 

دقت ساعة الصفر

بدأت الحرب يوم السبت السادس من أكتوبر 1973 بهجوم مفاجئ من قبل الجيش المصري والجيش السوري على القوات الإسرائيلية التي كانت مرابطة في سيناء وهضبة الجولان.

توغلت القوات المصرية 20 كيلومترا شرق قناة السويس، وتمكنت القوات السورية من الدخول في عمق هضبة الجولان.

تدخلت الدولتان الأقوى في العالم آنذاك (أميركا والاتحاد السوفياتي) في الحرب بشكل غير مباشر، إذ زوّد الاتحاد السوفياتي وتشيكوسلوفاكيا سوريا ومصر بالأسلحة، بينما زودت الولايات المتحدة إسرائيل بالعتاد العسكري.

في 12 أكتوبر 1973، أي بعد 6 أيام من بدء الحرب، استغاثت رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير بأميركا التي أقامت جسرا جويا غير مسبوق في تاريخها لنقل أسلحة متطورة إلى إسرائيل، بينما كان القتال مستمرا لتجنب ما وصفه وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر بالكارثة.

ساعدت الولايات المتحدة بأقمارها الاصطناعية في إرشاد الإسرائيليين إلى وجهة الضربات المصرية الرئيسية، وخريطة انتشار دفاعات صواريخ سام (صواريخ سطح -جو)، وكذلك إلى نقطة الضعف في المسافة بين الجيشين الثاني والثالث، التي اخترقها الإسرائيليون في النهاية وعبروا القناة إلى الأراضي المصرية.

كما شنت إسرائيل هجوما معاكسا على الجبهة السورية في هضبة الجولان، وساعدها على ذلك هدوء الجبهة المصرية نتيجة الوقفة التعبوية.

سوريا طلبت من مصر تطوير الهجوم في الجبهة المصرية لتخفيف الضغط الإسرائيلي على الجبهة السورية، وهنا وقع الخلاف بين القادة المصريين في شكل خطة التطوير.

بمساعدة أميركية حصلت إسرائيل على معلومات كاملة عن القوات المصرية شرق القناة وغربها، وحجم قوات التطوير واتجاه المحور الرئيسي.

وفي صباح 14 أكتوبر 1973، قرر السادات تطوير الهجوم شرقا لدفع العدو غرب الممرات الجبلية لتقييد حركته، ولتخفيف الضغط على الجبهة السورية، رغم اعتراض قائد الأركان سعد الدين الشاذلي.

انطلقت قوات التطوير المصرية ووقعت في كمين إسرائيلي أدى إلى وقوع خسائر كبيرة بينها، ودارت أكبر معارك دبابات شاركت فيها نحو 2000 دبابة إسرائيلية ومعدات حديثة وصلت لإسرائيل من أميركا عبر الجسر الجوي.

نتائج حرب السادس من أكتوبر1973

في 31 مايو 1974 انتهت الحرب رسميا بالتوقيع على اتفاقية فك الاشتباك حيث وافقت إسرائيل على إعادة مدينة القنيطرة و جزءا من مرتفعات الجولان لسوريا

استرداد السيادة المصرية الكاملة على قناة السويس وعودة الملاحة في القناة بدءا من يونيو 1975.

استرداد مصر جميع أراضيها في شبه جزيرة سيناء.

استرداد سوريا جزءا من مرتفعات الجولان بما فيها مدينة القنيطرة.

مهدت الحرب الطريق لاتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل التي وُقّعت في سبتمبر 1978 إثر مبادرة أنور السادات في نوفمبر 1977 بزيارة للقدس.

عمل وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر وسيطا بين الجانبين ووصل إلى اتفاقية هدنة ووقع الطرفان في ما بعد اتفاقية سلام شاملة في "كامب ديفيد" عام 1979.

إرادة الشعب الذى لا يقهر تعبر عن إيمان الشعب بجيش بلده، وتأييده دائماً له وقدرته ، بل ويضع روحه على يديه فداء لوطنه، وهى من العبارات التى تردد مع كل ذكرى لحرب أكتوبر وتعبر أيضاً عن التحدي والتصميم على تحقيق المستحيل، والتى منها القضاء على أسطورة الجيش الذي لا يقهر.

استعادة سيناء الحبيبة كانت لها فرحة كبيرة في قلوب المصريين، الذي دفع ثمنها من دماء أولادهم البواسل، الذين فدوا بأرواحهم ودمائهم أراضيهم

 

 

 

المصدر: صحيفة اليوم السابع

الكاتب : سما سعيد

التاريخ : 2/10/2024

----------------------------------

المصدر: الجزيرة نت

التاريخ : 6/10/2023

--------------------------------

 

 

 

 

 

المقالات الأخيرة