تطور
مفهوم الأمن الجماعي
إنّ
مفهوم الأمن الجماعي لم يظهر فجأة كنظام على صعيد العلاقات الدولية، انما هو سلسلة
لتطور فكرته منذ العصور القديمة. فكانت الشعوب المتجاورة التي تقوم بشن حروب على
بعضها البعض، تعمل على عقد تحالفات ومعاهدات لإنهاء الحروب فيما بينها. ولكن في
الوقت عينه بقيت تسيطر فكرة الحق للأقوى على علاقاتهم. حيث تطورت فيما بعد في
العصور الوسطى مع الديانة المسيحية والديانة الإسلامية من خلال المبادئ التي دعت
إليها كلتا الديانتين لوضع حد للحروب وشروط لقيامها. إذ أنّ بعد هذه الفترة ظهرت
فكرة الاصلاح الديني مما أدى إلى نشوب حروب أوروبية استمرت لمدة ثلاثين عام مما
نتج عنها معاهدة وستفاليا في العام 1648 التي أنهتها. إذ أنّ "وضعت هذه
المعاهدة القواعد والأسس لتحقيق الأمن للدول الأعضاء في المجتمع الدولي على أساس
جماعي، ومن ثم اتخذت العلاقات الدولية بعدها توجهاً نحو التعاون والمشاركة بدلاً
من السيطرة والإخضاع". وقامت معاهدة وستفاليا على أهم هذه القواعد التي تتمثل
باجتماع الدول للتشاور وحل مشاكلها على أساس المصلحة المشتركة وإقرار المساواة بين
الدول وإرساء العلاقات بين الدول على أساس ثابت بإقامة سفارات دائمة لديها واعتماد
فكرة التوازن الدولي كأساس للحفاظ على السلم وردع المعتدي. ثم في العصور الحديثة
قامت على التوالي مجموعة من المعاهدات مثل معاهدة أوتراخت في العام 1713 وبعدها
مؤتمر فيينا لعام 1815. إلاّ أنه تعمق مفهوم الأمن الجماعي بصورته الحالية بعد
مبادئ ويلسون الأربعة عشر وانتهاء الحرب العالمية الأولى وتشكيل عصبة الأمم ومن ثم
إحلال مكانها الأمم المتحدة، سيتم الحديث بالتفصيل عن الأخيرتين لاحقاً.
مبادئ
الأمن الجماعي
يقوم
نظام الأمن الجماعي على مجموعة من المبادئ للتمكن من ضمان فعاليته.
أولاً،
وجود منظمة توفر امكانية تحديد المعتدي في النزاعات المسلحة. وذلك من خلال
"اتفاق دولي فوري عبر المؤسسات التي ينظمها الامن الجماعي لتحديد المعتدي في
اي نزاع مسلح ، مع وضع خطة لإجراءات قابلة لتتحقق لإزالة اثار العدوان."
ثانياً،
توفير المساواة بين الدول التي يقع عليها العدوان وذلك خلال الاجراءات والقرارات
لمقاومة العدوان ومنعه من الاستمرار بتحقيق أهدافه.
ثالثاً،
يعمل الأمن الجماعي على مبدأ مواجهة العدوان بصرف النظر عن علاقات الدولة
المعتدية. وذلك من خلال "التهيئة الأكيدة للعمل الجماعي لإحباط العدوان، ولتزويد
الضحية المحتملة بطمأنينة المعرفة، وإحاطة خارق القانون المحتمل علماً باليقين
الرادع بأن موارد المجتمع وتعبأ ضد أي سوء استعمال القوة الوطنية."
رابعاً،
العمل على تشكيل جهاز أو قوة قادرة على أن تتدخل في الحالات التي تهدد السلم
والأمن الدوليين.
أهداف
الأمن الجماعي
إنّ
الأمن كما ذُكر آنفاً هو الغاية والهدف الأساسي لهذا النظام والذي يتم من خلال
الجماعية. وفي نفس الوقت إن تحقيق الأمن الجماعي يرتبط ويتوجه نحو مجموعة من
الأهداف تتمثل في الحفاظ على العلاقات بين الدولة لوقاية المجتمع الدولي من
الأخطار التي بإمكانها أن تهدد النظام العالمي. اذ أن نظام الأمن الجماعي يساعد
على تشكيل التزامات جماعية ضد كل ما من يهدد استقلال وسيادة أي دولة. بالإضافة إلى
أنه يهدف إلى احترام مساواة السيادة بين الدول في الحقوق والواجبات لضمانة
الاستقرار العالمي والسلام بين أعضاء نظام الأمن الجماعي. فيساعد في الحد من
انتشار الحروب وانهائها اذ يتم اعتبار أي تهديد لأي دولة هو بمثابة تهديد لجميع
الأعضاء، فيقاوم العدوان. كما يساهم في ادارة الأزمات الدولية بالوسائل السلمية إن
أمكن أو بالوسائل العسكرية إذا اضطر الأمر. ولتحقيق هذه الأهداف من خلال نظام
الأمن الجماعي لا بدَّ أن تتوفر الارادة السياسية ووجود قوة جماعية مشتركة قادرة
على الردع لتطبيق الأمن الجماعي، وكذلك توفير الشرعية الدولية للتدخل عند وجود
مخاطر.
تجربة
عصبة الأمم في تحقيق الأمن الجماعي
بعد
انتهاء الحرب العالمية الثانية وتشكيل عصبة الأمم بعد مؤتمر فرساي، تم الاتفاق على
تشكيل عصبة الأمم في العام 1919 لتكون مهمتها الأساسية الحفاظ على السلام العالمي
بعد المآسي التي شهدها العالم ابان الحرب. وقد كانت عصبة الأمم أول جهاز أي تنظيم
دولي اتفق عليه من أجل مقتضيات الأمن الجماعي وتحقيقاً للسلام. فنصّ عهد عصبة
الأمم حول مبادئ تشجع على الأمن الجماعي. فمثلاً، إن المادة العاشرة نصت على أنه
"يتعهد أعضاء العصبة باحترام سلامة أقاليم جميع أعضاء العصبة واستقلالها
السياسي القائم والمحافظة عليه ضد أي عدوان خارجي. وفي حال وقوع عدوان من هذا
النوع، أو في حال وقوع تهديد أو حلول خطر هذا العدوان، يشير المجلس بالوسائل التي
يتم بها تنفيذ هذا الالتزام." وكذلك المادة الحادية عشرة منه أكدت على أن أي
حرب أو تهديد بها سواء كانت لها تأثير مباشر أم إن لم يكن على أي عضو، تعتبر مسألة
تهم العصبة جميعها. ويحق لأي عضو أن ينبه إلى أي ظرف من الممكن أن يمس بالسلام
الدولي. بالإضافة إلى تطرق المادة الثالثة عشرة إلى حل النزاعات من خلال التحكيم
والتسوية القضائية.
ولكن
على الرغم من نجاح عصبة الأمم باعتبارها أول تنظيم دولي ومحاولتها لتحقيق التعاون
بين الدول، إلاّ أنها فشلت في تحقيق الأمن الجماعي اذ أنها لم تتمكن من منع اندلاع
حرب عالمية ثانية. وذلك يعود إلى الأسباب التالية:
-
عجز عصبة الأمم عن حل الأزمات التي كانت احدى القوى أو أكثر طرفاً بها مثال
اليابان أو ايطاليا.
-
شعور الدول المهزومة في الغبن من قرارات عصبة الأمم، مثال العقوبات القاسية التي
فرضت على ألمانيا لهزيمتها.
-
عدم تصديق دولة كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية على ميثاق العصبة وبذلك لم
يكن عليها الالتزام بقراراتها.
-
لم يتم تحريم اللجوء إلى الحرب ولم تنص أي مادة على الزامية تنفيذ قرارات محكمة
العدل الدولية.
-
أعاق التصويت بالإجماع الوصول إلى حلول بسبب عدم توافق الدول.
-
لم تنجح عصبة الأمم في الحد من سباق التسلح.
فيقول
حسن نافعة في هذا الصدد: "فإنّ الممارسة أظهرت أن نظام الأمن الجماعي
والضمانات المتبادلة الذي صاغه ميثاق العصبة لم يكن فعالاً ولم يعمل بكفاءة حيث
حدث العدوان وانـتـهـكـت سـيـادة وأراضـي الدول الأعضاء كما أن آليات التسوية
السلمية، السياسية منها والقضائية، التي بلورها ميثاق العصبة أو استحدثها لم تكن
بدورها فعالة ولم تنجح لا في الوقاية ولا في احتواء ولا في علاج العديد من الأزمات
وخصوصا تلك التي تصبح الدول الكبرى أطرافا فيـهـا."
دور
الأمم المتحدة في مجال الأمن الجماعي
بعد
اندلاع الحرب العالمية الثانية، بقيَ المجتمع الدولي يبحث عن منظمة دولية جديدة
للأمن الجماعي تحل مكان عصبة الأمم وتستفيد من تجربتها لكي يتم اصلاح الثغرات
والتمكن من لعب دوراً فعالاً في مجال الأمن الجماعي. وبذلك قد اتُفِق على أن تكون
الأمم المتحدة هي المنظمة الدولية التي يقع على عاتقها حفظ السلم والأمن الدوليين.
وقد تضمن "ميثاق الأمم المتحدة العديد من المبادئ العامة والقواعد التي تحدد،
صلاحيات المنظمة وسلطتها اتجاه الدول الأعضاء وتنظم سلوك هذه الدول فيما
بينها." فأهم المبادئ التي يستند عليها الميثاق تتجلى بالمساواة بين الدول
وفض النزاعات بالوسائل السلمية والامتناع عن اللجوء الى القوة أو حتى التهديد
باستخدامها في حل المنازعات الدولية، بالإضافة إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية
للدول الأعضاء. فقد ورد ضمن الفقرة الأولى من المادة الأولى من ميثاق الأمم
المتحدة أنه من أهداف الأمم المتحدة "حفظ السلم والأمن الدولي، وتحقيقاً لهذه
الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم
ولإزالتها؛ وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم، وتتذرع بالوسائل
السلمية، وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي لتسوية كل المنازعات الدولية التي
تؤدي إلى الإخلال بالسلم." لذا فإن الأمم المتحدة لم تسعى فقط لتحريم الحرب
إنما أيضاً منعت الأعضاء في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو
استخدامها، هذا ما أكدت عليه الفقرة الرابعة من المادة الثانية من الميثاق. وتلعب
أجهزة الأمم المتحدة دوراً كبيراً في نظام الأمن الجماعي لا سيما الجمعية العامة
ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية. فأعطى الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة
صلاحية حل النزاعات بالوسائل السلمية لمجلس الأمن. بالإضافة إلى الاتاحة له
باستخدام القوة العسكرية وفقاً للفصل السابع في حالات تهديد السلام والاخلال به
ووقوع العدوان أي في إطار نظام الأمن الجماعي.
أمثلة
على تطبيق إجراءات الأمن الجماعي
حاولت
الأمم المتحدة بمختلف أجهزتها وبالأخص من خلال مجلس الأمن إدارة الأزمات الدولية.
وسيتم عرض بعض الأمثلة لتبيان الوسائل التي تم اتباعها:
-
إدارة الازمة الكورية: بدأت الأزمة الكورية في 25 يونيو 1950، بعد محاولة غزو
كوريا الشمالية لكوريا الجنوبية. وقد كان بمثابة "اختبار حقيقي لنظام الأمن
الجماعي ومدى قابليته للتطبيق في ظل نظام الاستقطاب ومناطق النفوذ." وبذلك
عقد مجلس الأمن اجتماعات دون حضور الاتحاد السوفياتي بسبب توقفه عن الحضور لاحتجاجه
على مقعد الصين الشعبية في المجلس واحتلال حكومة تشاتغ كاي شك هذا المقعد. فاتخذ
المجلس قرار رقم 83 الصادر في 1950، حيث دان "خلاله غزو كوريا الشمالية
واعتبره انتهاكاً للسلام وطالب بوقف القتال فوراً وانسحاب قواتها إلى ما وراء خط
العرض 38 وطالب الدول الأعضاء تقديم العون فوراً. ومن ثم اتخذ قرار آخر بعد يومين
حيث دعا فيه أعضاء جميع الدول الأعضاء إلى مساعدة كوريا الجنوبية بتقديم العون لها
لصد هجوم كوريا الشمالية العسكري بسب عدم تنفيذ كوريا الشمالية للقرار الأول. كما
أصدر قرار مفاده توصية الدول التي قررت تقديم العون العسكري أن تضع قواتها بتصرف
الولايات المتحدة الأمريكية وأن يتم استخدام علم الأمم المتحدة إلى جانب أعلام
بلادها. ولكن بعد هذه الفترة من اتخاذ القرارات، التفت الاتحاد السوفياتي إلى أنه
أخطأ بعدم مشاركته الجلسات، فعاد إلى المشاركة ولم تصدر قرارات جديدة من حينها. لذلك
عمدت الولايات المتحدة الامريكية على تقديم مشروع "الاتحاد من أجل
السلام"، ومن ثم صدر هذا القرار عن الجمعية العامة الذي ينص على أنه في
"أية حالة يخفق مجلس الامن، بسبب عدم توفر الاجماع بين اعضائه الخمسة دائمي
العضوية، في التصرف كما هو مطلوب للحفاظ على الامن والسلم الدوليين." وبعد
ذلك تدخلت الصين لمساندة كوريا الشمالية، فاحتدمت المواجهة مما أدى إلى الوصول
للتوقيع على هدنة في العام 1953 لإنهاء الأزمة.
-
إدارة أزمة الخليج الثانية: إنّ أزمة الخليج الثانية تطلق على الغزو العراقي
للكويت في 2 أغسطس 1990، حيث قام الجيش العراقي بالسيطرة على مدينة الكويت
واعتبارها المحافظة التاسعة عشرة للعراق. وفي تلك الفترة بدأت اجراءات الأمن
الجماعي وبدأ مجلس الأمن بالانعقاد بصورة متتالية واتخذ العديد من القرارات. ولعلّ
أبرز هذه القرارات هو "القرار رقم 660 اعتبر فيه الغزو العراقي للكويت
عدواناً سافراً يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة
وتهديداً للسلم والأمن الدوليين واخلالاً بهما. وطالبه بأن يسحب قواته على الفور
واعادتها إلى المواقع التي كانت عليه قبل 1 أغسطس 1990. ومن ثم أصدر قرارات تدين
العراق في العديد من أفعالها ضد أعضاء البعثات الدبلوماسية وتحميله مسؤولية
الخسائر والأضرار التي تنتج عن احتلاله. بالإضافة إلى ذلك تم اصدار قرارات من مجلس
الأمن تفرض عقوبات على النظام العراقي كرد على الغزو العراقي تتمثل بالمقاطعة
الشاملة له على مختلف الأصعدة؛ تجارياً ومالياً وعسكرياً وغرض حصاراً عليه والسماح
للدول الأعضاء المتعاونة مع حكومة الكويت أن تستخدم جميع الوسائل لدعم تنفيذ
القرارات إذا لم ينفذها العراق. ولكن السماح للدول الأعضاء أن تقوم بهذا الأمر
وفقاً لقرار رقم 678 "أدى إلى خروج الأزمة عن ادارة منظمة الأمن الجماعي وتسليمها
للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية."
تحديات
تواجه تطبيق الأمم المتحدة للأمن الجماعي
في
سياق ارتباط الأمم المتحددة بمسؤولية تعزيز الأمن الجماعي، فإنها تواجه مجموعة من
التحديات والعوائق سواء من داخلها أو خارجها. وتتجلى بعض هذه التحديات فيما يلي:
-
اعطاء حق النقض للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، مما يعني أن أي قرار يتعلق
بالإجراءات الدفاعية أو بالعقوبات أو تجاه أي عدوان يقوم به المعتدي، مرتهن بإجماع
الدول الخمس. مما يؤدي إلى عدم اصدار قرارات نتيجة عدم التوافق. فيقول اينيس ل.
كلود- Inis Claude في هذا الصدد "إنّ السلطة الواسعة
المخولة لمجلس الأمن في اتخاذ القرارات تتقلص بشكل شديد المفعول بواسطة سلطة تعطيل
القرارات الواسعة الممنوحة للدول الكبرى. وهذا الاجراء يتناقض كلياً مع مقتضيات
الأمن الجماعي." فهذا الحق في النقض يدفع الدول الدائمة العضوية باتخاذ
القرارات واستخدام هذا الحق تبعاً لمصالحها.
-
النقص في استكمال العمل بالأجهزة المرتبطة بنظام الأمن الجماعي المنصوص عليها ضمن
المادة 43 من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على وضع الدول الأعضاء ما يلزم من
القوات المسلحة والمساعدات والتسهيلات تحت تصرف مجلس الأمن لحفظ السلم والأمن
الدولي. وكذلك المادة 47 التي تطرقت إلى تشكيل لجنة أركان الحرب. فيشير رواد سليقة
إلى هذا الأمر من خلال قوله: "توقفت لجنة أركان الحرب التي نص عليها الميثاق
في المادة 47 عن عملها وأعلنت بشكل صريح عدم قدرتها على التوصل إلى اتفاق واضح بين
أطرافها حول كيفية وضع الترتيبات التي نصت عليها المادة 43 موضع التنفيذ بسبب
الخلافات الحاصلة بين أعضائها على خلفية المناخ الدولي الجديد وانقسام العالم إلى
معسكرين شيوعي ورأسمالي ليبرالي."
-
انتشار النزاعات المسلحة في العديد من الدول واستمرار معاناة الشعوب، فإنّ الهدف
الأساسي للأمم المتحدة في أطار الأمن الجماعي هو تحقيق السلم والأمن، ولكن ما زال
هناك العديد من النزاعات حيث لم تتخذ الأمم المتحدة قرارات فعلية تجاهها (مثال
أفغانستان، اليمن، فلسطين المحتلة وغيرها). فتقول جيبيك حونسون- Jibecke H. JOENSSON في مجال قياس مدى نجاح الأمن الجماعي ما يلي: "يتم تقييم
الأمن الجماعي من خلال السلام - أي أنه كلما زاد السلام الموجود في العالم، فإن
الأمن الجماعي يكون أكثر نجاحاً. وحتى أن مجلس الأمن لم يستطع أن يمنع التدخلات في
أفغانستان والعراق وليبيا... وهذا بسبب هيمنة الدول الكبرى على الأمم المتحدة، حيث
عرض رعد صالح تساؤلات البعض عن "جدوى نظام الأمن الجماعي في ظل الأمم المتحدة
ما دام هذا النظام عاجزا عن الحيلولة دون قيام خطر الحرب بين الدول الكبرى، بل لقد
أثبتت التجربة عدم فعاليته في بعض حالات العدوان الذي تقوم به دول صغيرة بمساندة
إحدى الدول الكبرى."
-
ضعف الثقة من قبل الدول التي لا تملك حق النقض بحمايتها من قبل نظام الأمن الجماعي
للأمم المتحدة مما دفعها إلى البحث عن تحالفات تحميها، وهذا ما حدث خلال الحرب
الباردة من خلال انقسام العالم تبعاً لنظام النفوذ بين المعسكرين ومن ثم الانضمام
إلى حلف الشمال الأطلسي أو حلف وارسو أو غيرها من الأحلاف.
لذا فإنّ نظام الأمن الجماعي للأمم المتحدة بحاجة إلى إصلاح للتمكن من حماية جميع دول العالم، سواء من خلال إصلاح المشاكل التي تعاني منها الأمم المتحدة لتصبح قادرة على أن تعبر عن موازين القوى في النظام الدولي أو من خلال تعزيز الإرادة المشتركة للإيمان بهذه الغاية. لذا فإنّ جهود دولية يجب أن تبذل من أجل القيام بهذه الاصلاحات والوصول إلى السلم والأمن الدوليين. فإلى أي مدى يمكن الوصول إلى هذا الأمر في ظل النظام العالمي القائم؟ هذا وقد لجأت بعض الدول إلى المنظمات الإقليمية لحماية أمنها، فكيف تساهم هذه المنظمات بذلك وهل نجح أعضائها من خلالها من أن يحققوا الهدف المرجو من الانضمام إليها؟
المراجع:
(
ب ، ن ) ، 21.7.2021 ، الأمن الجماعي
، الموسوعة السياسية .
محمد عزيز شكري، (ب ، ت) ، الامن الجماعي ،
لموسوعة العربية.