هل دق ناقوس الحرب العالمية الثالثة؟
فرع القاهرة

 

   هل المناوشات الروسيّة الغربيّة والغربيّة الصينيّة الحاليّة يمكن النظر إليها كمقدمات الاستعداد لحرب غربيّة (عالميّة) ثالثة؟ تاريخيّا مضى ما يقرب من 81 عامًا منذ آخر مرة أعلنت فيها واشنطن وحلفاؤها الحرب رسميًا ضد دول أخرى في الحرب العالميّة الثانية، بعد ذلك، شاركت الولايات المتحدة ومن في ركابها في العديد من الحروب الصغيرة والمتوسطة تحت عناوين أخرى كما حصل في كوريا وفيتنام والعراق وأفغانستان ثم أوكرانيا حاليا.

   اليوم أحوال التحالفات الدوليّة والصراع في أوكرانيا أعاد إلى الأذهان أجواء ما قبل الحروب الكبرى وبات مصطلح «الحرب العالميّة الثالثة» يتردّد في تحليلات ودراسات بين من يرونها قريبة وآخرين يستبعدون حدوثها، وحينما علّق ألكسندر فينيديكتوف، نائب سكرتير مجلس الأمن الروسي (في 13 أكتوبر 2022) حول قبول أوكرانيا في حلف الناتو قائلا: «إن مثل هذه الخطوة ستعني تصعيدًا مضمونًا للحرب العالميّة الثالثة» عادت السخونة للدراسات والتقارير المتخصّصة مدعومة بقراءات متشائمة لتصريحات الرئيس بوتين حول الخيارات النوويّة.

   على المشهد الدولي يمكن القول إن أي حرب عالميّة كبرى قادمة ستكون أطرافها الرئيسة الأولى ثلاث دول كبرى فقط هي الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين وبطبيعة الحال ستظهر خارطة تحالفات سياسيّة وعسكريّة جديدة تبعاً لذلك. ويمكن القول وفق مجريات الأحداث الحاليّة إن تسارع جهود مضاعفة قدرات التسليح العسكري النوعي الجارية بخطى حثيثة اليوم في دول كانت تحت القيود الغربيّة مثل اليابان وألمانيا وكوريا الجنوبيّة تزيد من أعضاء فريق المتشائمين القائلين بأن العالم لا يتجه نحو التهدئة، وفي حال تزايد وضع الصراع الغربي الروسي فإن ملف الصين في تايوان سينشط بشكل أكبر، ولا يُستبعد أن تكون حالة الحدود الباكستانيّة الهنديّة وربما الحدود الصينيّة الهنديّة في عين العاصفة لأن تحريك هذه الصراعات (وهي مهارة غربيّة) سيعزّز من فرص تغيير التحالفات أو كسب الحياد.

   ووسط تصاعد التوترات في الشرق الأوسط واستمرار الحرب الروسية في أوكرانيا ومع تزايد التهديدات الصينية لتايوان والتهديدات الكورية الشمالية لليابان وكوريا الجنوبية، تبدو القوى العظمى كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وكأنها في طريقها إلى صدام دولي قد يشمل عدة نطاقات مفتوحة.

وتشير عدة مؤشرات إلى تلك الاحتمالية نستعرضها كالتالي:

-        استعدادات ونشر أسلحة نووية بريطانية:

   حذر وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس الأسبوع الماضي من انتقال بلاده "من عالم ما بعد الحرب إلى عالم ما قبل الحرب الجديدة"، وقال إنه في السنوات الخمس المقبلة، قد تكون هناك حروب تشمل الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران.

وسلط شابس الضوء على العديد من التهديدات للسلام، لكن القاسم المشترك وسط كل هذه التحذيرات هو روسيا.

   وردد تصريحاته وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس الذي قال لصحيفة ألمانية: "علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن فلاديمير بوتين قد يهاجم إحدى دول الناتو في يوم من الأيام".

وأضاف أنه على الرغم من أن مثل هذا الهجوم غير مرجح في الوقت الحالي، إلا أن هناك خطر لحدوثه في غضون خمس إلى ثماني سنوات.

   وقال خبير في الشؤون العالمية هذا الأسبوع لصحيفة "ذا ميرور" البريطانية، إن المملكة المتحدة بأكملها يجب أن تستعد للتجنيد الإجباري في غضون ست سنوات ما لم تتم هزيمة بوتين.

واضطرت الحكومة البريطانية إلى نفي احتمالية استدعاءات عسكرية واسعة النطاق بعد أن قال رئيس الجيش الجنرال السير باتريك ساندرز، إن المدنيين البريطانيين سيحتاجون إلى الاستعداد لمحاربة روسيا في حرب مستقبلية.

   كما أُعلن هذا الأسبوع أيضا أن الولايات المتحدة تعتزم نشر أسلحة نووية في بريطانيا لأول مرة منذ 15 عاما مع تزايد المخاوف بشأن احتمال نشوب حرب عالمية ثالثة مع روسيا.

ووفقا لوثائق البنتاغون، فإن التصميمات دعت إلى أن يكون سلاح الجو الملكي البريطاني في لاكنهيث في سوفولك موطنا لرؤوس حربية أقوى بثلاث مرات من القنبلة التي دمرت هيروشيما. ووضعوا خططا لـ"مهمة نووية ستتم في القاعدة "قريبا".

ويعتقد أن هذا الإجراء هو جزء من مبادرة حلف شمال الأطلسي (ناتو) لتحديث وتطوير المواقع النووية رداً على الغزو الروسي لأوكرانيا.

-        جميع القوى تملك أسلحة نووية:

   ويحذرالدكتور ديفيد ويرنغ، المحاضر في العلاقات الدولية بجامعة "ساسكس" البريطانية، من أن الوضع الحالي أصبح "أكثر خطورة بكثير" مما كان عليه قبل الحرب العالمية الأولى في عام 1914 وقبل الحرب العالمية الثانية في عام 1939 قبل أن تمتلك القوى الكبرى الآن أسلحة نووية.

ويقول ويرينغ إن توفر الأسلحة النووية يعني، أن هناك خطر التصعيد إذا "قام أحد الأطراف بخطوة أساء تفسيرها طرف آخر، ثم بدأ تبادل نووي على الرغم من الحقيقة" وذلك وسط تصاعد التوترات الدولية في عدة مناطق بالعالم.

   أما عن الدور الاقتصادي في احتمال اندلاع حرب عالمية لا يقل أهمية عن الجوانب العسكرية الاقتصاد العالمي اليوم أكثر ترابطًا وتعقيدًا مما كان عليه خلال الحربين العالميتين السابقتين الأزمات الاقتصادية العالمية، مثل الركود أو التضخم الجامح، يمكن أن تؤدي إلى تصاعد التوترات بين الدول، حيث تسعى كل منها إلى حماية مصالحها الاقتصادية على حساب الآخرين. التنافس التجاري والاقتصادي بين القوى الكبرى، إذا ما تصاعد إلى مستويات خطيرة، قد يدفع الدول إلى اعتماد الخيارات العسكرية لحماية مصالحها الاقتصادية رغم هذه السيناريوهات، يبقى هناك احتمال لعدم نشوب حرب عالمية أو تأخر نشوبها على الأقل؟

    فالنظام الدولي الحديث يمتلك العديد من الآليات التي تهدف إلى منع تصاعد النزاعات وتحويلها إلى صراعات كبرى الأمم المتحدة، والمؤسسات الدولية الأخرى، ما زالت تلعب دورًا في التخفيف من التوترات ومحاولة التوصل إلى حلول سلمية. كما أن الدبلوماسية، رغم تحدياتها، لا تزال خيارًا معتمدًا من قبل العديد من الدول لتجنب الكارثة.

في النهاية - يبقى السؤال حول إمكانية نشوب حرب عالمية ثالثة شائكاً، وتتداخل فيه عوامل متعددة. فالعالم اليوم يقف على مفترق طرق خطير، والتوترات الجيوسياسية تتزايد، لكن الحرب ليست حتمية. القوى الكبرى تدرك أن الحرب العالمية الثالثة، إذا ما نشبت، ستكون كارثية بشكل لم يسبق له مثيل، وستغير وجه الأرض إلى الأبد قد نكون على حافة الهاوية.

 

 

 

 

المصدر: يورونيوز

التاريخ : 29/1/2024

-------------------------------

المصدر: العربية

الكاتب : فايز عبد الله الشهري

التاريخ : 16/1/2023

-----------------------------

المصدر: مقاربات للتنمية السياسية

الكاتب : عبد الله عبدون

 

المقالات الأخيرة