المسؤولية الدولية عن الاضرار البيئية
فرع بنغازي

البيئة هي كل ما يحيط بالإنسان من حيوان ونبات ومظهر من المظاهر الأخرى المختلفة، ولأن القانون ظاهرة اجتماعية وليدة واقع الحياة الاجتماعية فهو بالضرورة يتأثر بالبيئة التي ينشأ من خلالها ويتعامل معها وهو يحاول تنظيم أنشطة الأفراد في علاقتهم بالبيئة سواء كانت أنشطة إيجابية تتعلق بالاستفادة من البيئة وما تقدمه من موارد طبيعية وإمكانات اقتصادية، أو أنشطة سلبية تتعلق بالعدوان على البيئة وبتدمير مواردها والإخلال بأنظمتها الأيكولوجية والتوازن الطبيعي بين عناصرها التكوينية.

ويعتبر التلوث البيئي من أهم المشكلات التي تواجه الإنسان في الآونة الأخيرة فهي تحتل قمة هرم مشكلات العالم بأسره المتقدم منه والمتخلف على حد سواء , وذلك راجع إلى التقدم الصناعي والتكنولوجي الذي تشهده المجتمعات المعاصرة مما يستدعي في الوقت الحالي إلى حماية الأشخاص وأموالهم والذي يستوجب ذلك تبني قواعد خاصة للمسؤولية المدنية الناشئة عن الأضرار البيئية والتعويض الكامل للمتضررين من هذه الأضرار ولهذا نطرح الإشكال التالي :

ما هو الأساس القانوني للمسؤولية التقصيرية التي تنجم عن التلوث البيئي ؟ وفيما تتمثل الآثار التي تترتب على هذه المسؤولية ؟

لا فرق بين أن يؤدي التلوث إلى الإضرار بالبيئة أو التأثير على عناصرها بشكل سلبي أو أن يؤدي إلى الإخلال بالتوازن البيئي أو يؤدي إلى التأثير على ممارسة الإنسان لحياته الطبيعية، فجميع هذه الأضرار ناتجة عن خطأ تُحدثه الدولة أو أحد أجهزتها العامة أو الخاصة أو الأشخاص الطبيعيين الذين يزاولون أنشطة قريبة من تلك التي تمارسها الدولة.

ويمتاز الخطأ البيئي المُضر للبيئة بجسامته، كالخطر التكنولوجي الذي يرتبط بالأخطار الصناعية والناتج عن التقدم الصناعي، فالأخطار التكنولوجية تبدو وكأنها مأساة

وتتحقق المسئولية سواء كان الخطأ مُتعمداً من جانب مُحدثه أو دون تعمد، وسواء كان الخطأ نتيجة إهمال أو عدم حيطة، ويستوي كذلك أن يكون الخطأ إيجابي يتمثل في قيام المسئول بالنشاط الضار بالبيئة أو سلبي يتمثل في النكول عن القيام بعمل كان ينبغي عليه القيام به ، مما يؤثر على البيئة ، كعدم إخطار شخص مسئول عن حماية البيئة عن ضرر بيئي يقع أمامه.

وقد وضعة الدول قوانين التزامات محددة على عاتق الأفراد والأشخاص المعنوية بشأن المحافظة على البيئة، وينطبق ذلك على كافة القوانين الأخرى التي تنص على مسائل متعلقة بالبيئة.

ويُعد من قُبيل ( الإضرار بالبيئة ) كلا من الأفعال الاتية :

–  إدخال النفايات الخطرة أو السامة أو الإشعاعية إلى الدولة ، ويشمل ذلك مياهها الإقليمية أو المنطقة الاقتصادية الخالصة.

–  عدم التزام القائمين على إنتاج أو نقل أو تخزين أو تدوير أو معالجة المواد السامة أو المواد الخطرة والإشعاعية أو التخلص النهائي بالإجراءات والضوابط التي تُحددها اللوائح التنفيذية.

–  إلقاء أو تصريف أي ملوثات ضارة أو أي نفايات سامة أو خطرة أو إشعاعية من قِبْل السفن أو غيرها في المياه الإقليمية أو المنطقة الاقتصادية الخالصة.

وتُشكل الأفعال المخالفة السالفة مع غيرها، ركن الإضرار بالبيئة  كأساس للمسئولية المدنية عن الإضرار بالبيئة، فهذا الأخير يتحقق في جميع الحالات التي يؤدي فيها سلوك الشخص إلى تلوث البيئة وتدهورها بالمفهوم المُحدد في النظام العام للبيئة.

 الضرر البيئي:

يُعتبر الضرر الركن الأساسي الذي ينبعث منه التفكير في مُساءلة محدثه وتحريك دعوى التعويض في مواجهته , وقد استقر الرأي في النظرية العامة للمسؤولية المدنية على أن الضرر من الشروط الجوهرية لقبول دعوى المسؤولية  بنوعيها العقدي والتقصيري.

ويُعرف الضرر عموماً بأنه: أذىً يصيب الشخص في حق من حقوقه أو في مصلحة مشروعة له، سواء كان ذلك الحق أو تلك المصلحة  ذات قيمة مالية أم لم تكن كذلك

أو هو: التلوث العابر للحدود ذو اتجاه واحد والذي يجد مصدره في دولة وينتج آثاره في دولة أو أكثر ، أو التلوث ذو الاتجاهين والذي يجد مصدره في دولة وينتج آثاره في دولة أخرى، وتوجد في هذه الدولة الأخرى مصادر للتلوث تُنتج آثارها في الدولة الأولى.

وهو كما عرفته لجنة القانون الدولي: الضرر الذي يقع في إقليم غير الدولة المصدر أو في أماكن أخرى موضوعة تحت ولاية تلك الدولة أو تحت سيطرتها، سواء وُجدت حدود مشتركة بين الدولتين المعنيتين أم لم توجد.

إن الأهداف التي نرجو الوصول إليها من خلال هذا العمل يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

1-  البحث عن الأليات القانونية والسياسية الخاصة بموضوع حماية البيئة والمسؤولية الدولية في

قانون العلاقات الدولية بصفة عامة وخاصة بين أشخاص المجتمع الدولي.

2- البحث عن مكانة حماية البيئة والمسؤولية الدولية في المجتمع الدولي وبين أشخاصه من فرد

ودولة و منظمات دولية.

3- البحث عن العلاقة بين البيئة والتنمية الدولية خاصة بين دول العالم الثالث.

4- البحث في قانون العلاقات الدولية عن الآليات والطرق القانونية في تحديد المسؤولية الدولية

عن الأضرار التي تصيب البيئة ويكون تأثيرها مباشر على صحة وأمن الإنسان.

5- التعرف على المسؤولية الدولية تجاه بالبيئة.

6- معرف الجريمة البيئية والأسس التي يعتمد عليها في التصنيف.

7- التعرف على أشخاص المجتمع الدولي المعنيين بالجريمة البيئية.

9- معرفة نظرة المجتمع الدولي لهذه المواضيع الإنسانية.

10- كذلك الهدف الذي نريد الوصول إليه هو البحث عن آليات جديدة قانونية وسياسية تعمل على تحديد المسؤولية الدولية البيئية يبن أشخاص المجتمع الدولي وتفعيلها.

11- و ضع آليات دولية للرقابة المستمرة داخل الدول ومتابعة التنفيذ.

 ومن خلال التعرض لأهم القضايا الإنسانية التي ناقشتها أهم المؤتمرات الدولية المتعلقة بالبيئة،

فإن أغلب التقارير العلمية المرتبطة بها ابتداء من مؤتمر ستوكهولم إلى غاية مؤتمر باريس حول تغيير المناخ عام 2015م  , تدفعنا إلى ملاحظة الخلاف البارز و الواضح بين أطروحات الدول المصنعة، و الذي تكمن مشكلاته البيئية في التلوث البيئي وسيطرة الآلة على الإنسان، والدول الفقيرة التي تعاني التخلف والمشكلات البيئية المختلفة التي أثرت على اقتصادها وتنميتها.

واشكالية هذا الموضوع  تتمحور حول موضوع المسؤولية الدولية عن حماية البيئة ومكانتها في

قانون العلاقات الدولية الراهنة في ظل التغيرات والحروب التي شهدها العالم وعلاقتها بحقوق الإنسان، في ظل التطور الهائل في الصناعة والتكنولوجيا المختلفة خاصة صناعة الأسلحة.

رغم هذا التطور فالملاحظ أن وسائل الإعلام بشتى أنواعها تعرض أمراضا مختلفة يصعب علاجها

كأمراض الحساسية، وأمراضا متنقلة عبر المياه و الأغذية و انتهاكات خطيرة للبيئة وانتشارا للسموم الصناعية الخطيرة و المنتوجات المشبعة بالإشعاعات النووية، والظواهر الطبيعية منها الفيضانات والتصحر والجفاف ونقص الغذاء والجوع وتغير المناخ ولقد نظمت عدة مؤتمرات آخرها مؤتمر باريس 2015 ، وتوصل المجتمع الدولي عامة إلى اتفاق شامل يقلل من نسبة الغازات الدفيئة و ببدأ تنفيذه ، فهل تعتبر هذه بداية لتحقيق الأهداف والغايات التي رسمتها الاتفاقيات والمعاهدات بشتى أنواعها في مجال البيئة؟ أم أن مصيرها سيكون كمصير الاتفاقيات والمعاهدات السابقة ؟

من أجل حماية البيئة من التلوث والحفاظ على الأوساط المعيشة المختلفة برية و هوائية و مائية،

 وإعلانات وعدة قرارات، صدر عن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عدد هائل من الاتفاقيات والمعاهدات

وتنظيم عدد هائل من المؤتمرات كان هدفها والغاية منها هو حماية البيئة وتحديد المسؤولية و الحفاظ على البيئة ونشر ثقافة التنمية المستديمة بين أوساط المجتمع الدولي، و العمل على تطبيق كل المبادئ التي جاءت بها المعاهدات والاتفاقيات الدولية المختلفة، وحث الدول على الانضمام و المصادقة عليها والعمل بها من طرف اشخاص المجتمع الدولي، إلى جانب ذلك الانقسام بين أعضاء المجتمع الدولي إلى دول ضعيفة ودول قوية و دول فقيرة ودول غنية و دول نامية ودول مصنعة من جهة، وبروز فكرة من يلوث البيئة بين الدول من جهة أخرى، إلى جانب ذلك تطور فكرة المصلحة فيما بينهم، والمرونة تتميز بها قواعد القانون الدولي ومبدأ التحفظات التي تفرغ الاتفاقيات من اهدافها.

يقترح الخبراء بعض الحلول لتجنب التلوث البيئي ومخاطره. منها، تقليل الأنشطة الملوثة وتشجيع الإنتاج العضوي مع احترام الإدارة البيئية وحماية البيئة

في الوقت نفسه، يجب الحدّ من إنتاج النفايات وتجنب استنفاد الموارد بأن تعتمد جميع الدول إعادة تدوير النفايات ومعالجتها. فهذا يؤدي إلى استهلاك أقل للمواد، ويحد من النفايات وإطلاق الكربون في الغلاف الجوي.

بالإضافة إلى ذلك، يجب أيضاً تقييد تدمير الموائل الطبيعية أو الموطن الطبيعي، لحماية التنوع البيولوجي، وحظر الصيد المكثف للحيوانات المهددة بالانقراض، وما إلى ذلك.

كما يشدد الخبراء على وجوب استخدام الطاقة المتجددة، كالطاقة الشمسية وتوربينات الرياح وتوربينات المد والجزر والطاقة الكهروضوئية والكتلة الحيوية والطاقة الحرارية الأرضية وغيرها , قد يكون تركيبه مكلف للغاية، ولكن بفضل هذا النظام، من الممكن استهلاك طاقة أحفورية أقل، وبالتالي توفير في فاتورة الكهرباء والأهم توفير تلوث البيئة.




المراجع :

بن قردي امين , 2016-06-07  , التلوث البيئي والمسؤولية التقصيرية الناجمة عنه وكيفية التعويض عن هذا التلوث , موقع ASJP  الفرنسية

المحامية مروى ابو العلى , 14-4- 2020 , بحث ودراسة حول مبدأ المسؤولية الدولية عن الهواء الملوث العابر للحدود وفقاً للقانون .موقع  استشارات قانونية مجانية

علواني امبارك , 2016 2017 , المسؤولية الدولية عن حماية البيئة , أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه العلوم في الحقوق

المقالات الأخيرة