انشغلت الأوساط السياسية في ليبيا بنتائج
اجتماعات رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، مع قيادات ليبية، منتصف الأسبوع
الماضي، تطرقت في جوانب كبيرة منها إلى ملف «الهجرة غير المشروعة»، وتدفقات
المهاجرين إلى السواحل الأوروبية عن طريق ليبيا والدول المجاورة كتونس والمغرب.
فمن طرابلس إلى بنغازي، تعددت اللقاءات التي
أجرتها ميلوني، حيث اجتمعت أولاً في العاصمة طرابلس مع رئيس حكومة «الوحدة
الوطنية» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، قبل أن
تتوجه إلى شرق البلاد، لتلتقي قائد «الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر
وحول ما إذا كانت جهود المسؤولة الإيطالية ستحد
من تدفقات الهجرة إلى بلدها، رأى مراقبون أن ميلوني ركزت في زيارتها بدرجة كبيرة
على بحث سبل مواجهة تدفقات المهاجرين لشواطئ أوروبا، وأشاروا إلى أن لقاء ميلوني
بحفتر حظي بأهمية كبيرة مقارنة بلقاءاتها في العاصمة.
وأرجع المحلل في المعهد الملكي للخدمات
المتحدة، جلال حرشاوي، هذه الأهمية لـ«تحول المنطقة الشرقية، الواقعة تحت سيطرة
حفتر، إلى مركز وصول وتجمّع للمهاجرين من جنسيات عدة».
وقال حرشاوي لـ«الشرق الأوسط»، إن معدل الهجرة
من سواحل المنطقة الشرقية كان قد انخفض بعد زيارة سابقة أجراها حفتر إلى روما في
مايو (أيار) الماضي، لكن مؤخراً رصدت تقارير عودة انطلاق قوارب المهاجرين من سواحل
المنطقة الشرقية إلى أوروبا.
وتقول السلطات الأمنية في شرق ليبيا إنها تعمل
بشكل مكثف على التصدي لعمليات تهريب المهاجرين إلى الشواطئ الأوروبية، وإنها تضبط
من خلال الجهات المختصة مئات الأشخاص وترحلهم إلى دولهم.
من جهته، عدّ المحلل السياسي الليبي أحمد
المهدوي، حرص ميلوني على التباحث مع حفتر «لكونه الشخصية الأكثر تأهيلاً ليكون
شريكاً لبلادها في محاربة الهجرة». ورأى المهدوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن
«الجيش الوطني» يضم عناصر وقيادات مهنية ومدربة، خصوصاً في السلاح البحري، «مما
يؤهلها للتصدي لخطط مافيا تهريب البشر»، لافتاً إلى «تورط قادة تشكيلات مسلحة بغرب
ليبيا في الاتجار بالبشر»، وهو ما أشارت إليه عدة تقارير أممية سابقة. كما نوه
المهدوي بأن كل الإشكاليات المتعلقة بملف الهجرة ستناقش في المؤتمر «الأفريقي -
الأوروبي حول الهجرة»، الذي تحضر له حكومة أسامة حماد في بنغازي نهاية الشهر
الحالي.
بدوره، يرى الحقوقي الليبي طارق لملوم أن ما
تقدمه روما للمتنافسين على السلطة في شرق ليبيا وغربها مقابل كبح المهاجرين،
ومنعهم من عبور البحر الأبيض المتوسط، «لم يتغير منذ عهد النظام السابق»، مشيراً
إلى أن المساعدات تنحصر في دعم مجالات التعليم والصحة والتعليم، إلى جانب تقديم
مساعدات لبعض البلديات المتضررة من الهجرة، لافتاً إلى توقيع الوفد الإيطالي
المرافق لميلوني مذكرات تفاهم في هذه المجالات مع حكومة الدبيبة.
ومنذ بداية العام الحالي، أعلنت السلطات
الأمنية المعنية بالهجرة غير المشروعة بغرب ليبيا توقيف عدد من العصابات المتاجرة
بالبشر، كما تمكنت من «تحرير» مئات المهاجرين من قبضتها. وبهذا الخصوص، قال أستاذ
العلاقات الدولية، إبراهيم هيبة، إن روما حريصة على الانفتاح وتنويع علاقاتها مع
الأطراف والقوى المتناحرة كافة على السلطة في ليبيا، معرباً عن اعتقاده بأنه في
سياق علاقاتها مع القوى السياسية والعسكرية الليبية، ومفاوضاتها بشأن الهجرة، فإن
روما قد تسعى لزيادة ثقلها في الأزمة السياسية، بجانب الاهتمام بملف الطاقة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
القاهرة:
« صحيفة الشرق الأوسط»
تاريخ
النشر: 12 مايو 2024 م