إن
الحديث عن الوطن في أي سياق كان لابد أن يتمازج معه حديث عن المواطن الذي يرتبط به
ومعه في حياته اليومية ومشاغله من حيث هو الفاعل الرئيس في المجتمع والدولة،
وبالضرورة ينشأ مفهوم المواطنة، والذي يدل على إحساس الإنسان بالانتساب إلى
المجموعة وتقاسم شعورها؛ إنها تعني الحنين إلى الوطن الذي يذّكر الإنسان بعاداته
وتقاليده وسلوكيات مواطنيه، إذا فهي تحمل المواطن من حيث هو الفاعل على التفاعل في
أوسع معاني التفاعل مع الوطن ومع غيره من المواطنين.
إن
المواطنة والروح الوطنية هما المحركان الحقيقيان للحياة الاجتماعية والسياسية
والاقتصادية، تلك الروح الوطنية تتضمن مجموعة القيم التي تحدد علاقة الفرد
بالمجتمع وتصل به إلى الالتزام بالعقد الاجتماعي الذي يربط بين المواطنين
المتساوين في الحقوق والواجبات.
إذا
كان هذا هو المفهوم العام والتقليدي لمصطلح المواطنة، فإن ذات المفهوم قد أخذ صورة
جديدة عندما دخلت الثورة الرقمية والانفجار المعرفي الالكتروني على الخط، حيث أضحى
لهاتين الثورتين بصمات على كل مناحي الحياة الجديدة، بل أصبحا معيارا للتصنيف حيث
تصنف كل ظاهرة قبلهما في خانة التقليدي والقديم بينما تأخذ كل ظاهرة حدثت بعدهما
دلالة الجديد والحديث، وعليه فإن مصطلح المواطنة وما تقاطع معه من مفاهيم كالوطن
والمواطن قد أخذوا جميعهم صفة حديثة وصورة جديدة مقارنة بتلك الصورة التي كانوا
يوصفون بها قبل الثورة الرقمية وانتشار ثقافة التواصل الاجتماعي وطغيان الإعلام
الجديد بقيمه وتطبيقاته وصوره وأدواته وبيئة نشاطه.
إن
التغلغل الرهيب لشبكة الانترنت وارتباط كافة وجوه الحياة بها تقريبا وانخراط
المواطن في تطبيقاتها بالشكل الذي أصبحت بالنسبة إليه خيارا لا مناص منه، قد ساهمت
بشكل أو بآخر في إعادة رسم صورة جديدة لمفهوم المواطنة والوطن والمواطن، حتى أن
السلّط الحاكمة والأنظمة السياسية باتت تنوع من طرق تمظهرها باستخدامها لوسائل
وأدوات هذه الثورات الرقمية والتكنولوجية، فظهرت للعالم مفاهيم الحكومة
الالكترونية والديمقراطية الرقمية وغيرها من المصطلحات التي تعبر شكل من أشكال
العلاقة بين الدولة بأفرادها المواطنين ومؤسساتها السياسية بالتكنولوجيا الحديثة
وتطبيقات شبكة الانترنت والشبكات التواصلية الاجتماعية.
إن
موضوع هذه الدراسة يتناول بالتحليل الصورة الحديثة لمفهوم المواطنة في ظل الانغماس
المخيف في الفضاء السيبراني العام، وتحول المواطن من شكله العادي إلى مواطن رقمي
مرتبط بتكنولوجيا التواصل الحديثة، وبناءً عليه يصبح تشّكل صورة جديدة لمفهوم
المواطنة وبشكل مختلف عن الصورة التقليدية أمر ضروري ولابد منه.
في
ظل الانخراط الواسع والمستمر والمخيف للأفراد ومؤسسات النظام السياسي للدولة في
منظومة شبكة الانترنت وتطبيقاتها، وانتشار ثقافة التواصل الاجتماعي وتراجع دور
الإعلام التقليدي لصالح طغيان الإعلام الجديد، كيف تصبح الصورة الجديدة لمفهوم
المواطنة مقارنة بالصورة القديمة التي نشأ بها ذات المصطلح؟
المحور
الأول: المواطن والمواطنة في الفضاء السيبراني: لقد بدأ مفهومي المواطن والمواطنة
يأخذان أشكالا جديدة منذ ظهور ثقافة الانترنت وتطبيقاتها، واتجاه قطاع كبير من
الناس إلى ارتياد ساحات شبكات التواصل الاجتماعي حيث بدأ الحديث عما يسمى بالثورة
الرقمية أو الالكترونية، فهذه الأخيرة “ليست مجرد موقع ويب أو مجرد استخدام بعض
أدوات المواقع الاجتماعية أو البريد الالكتروني، بل تتضمن إتاحة استخدام إمكانيات
تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتغلب على الحجب والتعقب، واستخدام أدوات
اتصالات شبكة الهاتف ورسائل الجوال ومراكز الاتصال الفردي والجماعي والأدوات
اللاسلكية والنقالة ونظم الاتصال الأخرى وحشد القوى والتصرف
أولاـ
المواطنة وشبكات التواصل الاجتماعي: دراسة في المفاهيم:
تعددت
تعاريف المواطنة وماهية الشبكات الاجتماعية تبعا للزاوية التي ينظر كل باحث منها
إلى المفهوم.
1.
ماهية المواطنة:
أ.
تعاريف مصطلح المواطنة: المواطنة في الفلسفة السياسية المعاصرة هي الانتماء إلى
الوطن، انتماءً يتمتع المواطن فيه بالعضوية كاملة الأهلية على نحو يتساوى فيه مع
الآخرين الذين يعيشون في الوطن نفسه مساواة كاملة في الحقوق والواجبات وأمام
القانون، فذلك يحتم زوال كل تمييز بينهم على أساس اللون أو العرق أو الدين أو
الفكر أو الانتماء السياسي، فهي ليست حقوقًا فحسب بل واجبات أيضاً يستفيد منها
الفرد، تتمثل في حقوق مدنية وسياسية واجتماعية وقانونية…الخ، وتضع على عاتقه
واجبات قانونية والتزامات معنوية، كما تفرض عليه الولاء التام للوطن وحماية
القانون والذود عن مصالح الجماعة.
يشير
مصطلح المواطنة (Citizenship) أو (La citoyenneté) إلى المساهمة في حكم دولة ما على نحو مباشر أو غير مباشر، كما
يستخدم أحياناً للدلالة على العملية أو الحالة التي يعد الفرد بمقتضاها مواطناً
لمجرد أنه يعيش في رحاب دولة معينة، أو ينتمي إليها ويخلص لها؛ ومن ثم يحظى
بالحماية وفي معجم “هاراب” مثلا: (المواطن هو (أ). وساكن المدينة (ب) شخص له كل
الحقوق كساكن في دولة، أما المواطنة فهي الاسم الذي يدل على حالة وجود المواطن.
المواطنة
“صلة اجتماعية وسياسية وقانونية عندما تحمل معنى الحق القانوني للجنسية، تكون
قائمة بين شخص ودولة وتجعله يمتلك حقوقا دينية واقتصادية وثقافية وممارسة حقه
السياسي شرط أن لا يكون محروما كليا أو جزئيا من ممارسة هذا الحق، بسبب الحرمان من
حقه القانوني الأساسي (الحرمان من الجنسية) أو بسبب إدانة جنائية (الحرمان من
الحقوق المدنية)
إن
مفهوم المواطنة في الفكر المعاصر فهو “انتماء الإنسان إلى دولة إقليمية معينة، فهو
يتطلب وجود دولة بالمعنى الحديث ووجود وطن ذي أنشطة وفعالية أو إقليم محدد وعلاقة
اجتماعية بين الفرد والدولة والتزام بالتعايش السلمي بين أفراد المجتمع، بالإضافة
إلى مشاركة في الحقوق والواجبات واحترام نظام الدولة وعلاقته بالحاكم على المستوى
الدستوري والقانوني والسياسي، فيعبر المواطن في الدولة عن رأيه ومصالحة بحرية في
مظلة ضمانات مقررة.
هذا
التعريف الواسع يمكن أن يرى مع اختلافات قليلة في أعمال مفكري القرن 18، وأيضا في
مادة (مواطن) في موسوعة (Diderot)
و(D’Alembert) التي تعرِّفه على أنه عضو في مجتمع حر
مكوَّن من عدة أُسر، تتشارك في حقوق هذا المجتمع وتتمتع بحصانته .
إن
البعض يعتقد أن المواطنة تعني أن يكون المواطن عضوا في مجتمع سياسي معين أو دولة
بعينها، وعادة ما تكون “رابطة الجنسية” معيارا أساسيا في تحديد من هو المواطن،
وبموجب ذلك ينال مختلف الحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية، مقابل واجبات
معينة يؤديها لصالح مجتمعه ودولته، ومن يراها مرتبطة بالانتماء الوطني، وهو يمس
قضية سيكولوجية مهمة هي الشعور بالانتماء للوطن وليس مجرد الإقامة فيه، ومن يربطها
بالجانب الاجتماعي الذي يشير إلى “حق كل مواطن في الحصول على فرص متساوية لتطوير
جودة الحياة التي يعيشها . وهذا تقريبا هو المفهوم السياسي للمصطلح، حيث “تجد
المواطنة السياسية تعبيرها من خلال مضمونها القانوني ومرجعتيه القطعية إلى
الجنسية، ويترتب عليها أن للمواطنين الحق، شخصيا أو من ينوب عنهم في سن القوانين
والحصول سواسية على الوظائف العمومية، وتضمن عدم مضايقتهم بسبب آرائهم حتى الدينية
مادامت لا تخل بالنظام العام الذي رسمه القانون، كما تضمن لهم أيضا حرية التحدث
والكتابة وطباعة الآراء ونشرها”
بناء
على ما سلف، يتضح أن مفهوم المواطنة لا يتعلق بالانتماء الرمزي إلى بقعة ترابية
معينة، يطلق عليها مجازا الوطن فحسب، بقدر ما يحيل على شتى المعاني القانونية
والسياسية والاجتماعية والتعليمية، التي تترجم في شكل حقوق وواجبات مقننة، تنظم
مختلف قطاعات المجتمع و أنساقه ورغم جهود المؤسسات أو الأفراد، قصد تنظيم مجال
المواطنة، تظل العديد من الأسئلة بخصوص هذه القضية مثار النقاش والجدل
ب.
أسس المواطنة: للمواطنة كمفهوم نظري وتطبيقي مجموعة من الأسس، فمن الباحثين من
جعلها ملخصة في أساسين اثنين فقط، وهما:
الأساس
الأول: الحرية وعدم استبداد الحاكم: حيث يدل على تمتع قطاع المواطنين جميعهم على
أرض الدولة التي تمنحهم هذه الصفة بالحريات المتعلقة بالرأي والفكر والإقامة
والتنقل وغيرها، كما تحميهم في الآن نفسه من ممارسة تسلط واستبداد وديكتاتورية
الحكام (رؤساء، ملوك، حكام …)، فتجعل للأول (المواطن) حدودا في ممارسة المواطنة،
وتجعل للثاني (الحاكم) ضوابط في ممارسة السلطة واحتكار القوة وتطبيق القانون.
الأساس
الثاني: توافر المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات: وذلك بغض النظر عن
الدين أو المذهب أو العرف.
ولا
يتوافر هذان الأساسان إلا بوجود نظام سياسي لخدمة الديمقراطية التي هي حكم الشعب
بالشعب وللشعب، ونظام قانوني لمعرفة حقوق الإنسان المواطن وواجباته، ونظام اجتماعي
يعتمد على حب الوطن، ومعرفة حقوق الوطن، والسلوك العملي المعبِّر عن احترام حقوق
الوطن على أبنائه، كالدفاع عنه وعن المواطنين وحقوقهم وعن حقوق الدولة فالديمقراطية “تقوم على قيمتين أساسيتين لا غنى
عن أي واحدة منهما، الأولى: الحرية، والثانية: توفر المساواة بين المواطنين في
الحقوق والواجبات، ووفقا لهذا المنظور تتبلور فكرة المواطنة لترتبط بالتساوي في
الحقوق والواجبات لكل حاملي جنسية الدولة، لتجد في المشاركة السياسية بمفهومها
الواسع التعبير المباشر عن فكرة المواطنة في ظل مفهوم الدولة الديمقراطية الغربية
2.
مفهوم الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي: لم يعد العالم يتوقف عند أشكال تقليدية
من الإعلام، ففي ظل الانفجار المعرفي بات عليه أن يُجدّد من أدواته في التواصل
ونقل المعرفة، حيث بات للشبكة الدولية للمعلومات Internet المجال الأكبر والأوسع انتشاراً لتحقيق مثل هذه الغايات التي يطمح
العالم ومتساكنوه إلى بلوغها.
في
عالم اليوم، أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي الأكثر شعبية على مستوى العالم مثل (Facebook)، (Twitter)، (Youtube) ملاذا للكثير من الأفراد، وأضحى استخدامها وعدم استخدامها معيارا
لتصنيف المجتمعات إلى مجتمعات شبكية تواصلية تفاعلية وأخرى تقليدية ذات تواصل
مباشر وكتابي.
أ.
تعريف العولمة: كمفهوم تستخدم لوصف كل العمليات التي تكتسب بها العلاقات
الاجتماعية نوعًا من عدم الفصل (سقوط الحدود) وتلاشي المسافة، بحيث تجري الحياة في
العالم كمكان واحد (القرية الصغيرة)، فتصبح العلاقات الاجتماعية أكثر اتصالاً
وتنظيمًا على أساس تزايد سرعة ومعدل تفاعل البشر وتأثرهم ببعضهم البعض. ويرتكز
مفهومها على التقدم الهائل في التكنولوجيا والمعلوماتية، بالإضافة إلى الروابط
المتزايدة على كافة الأصعدة على الساحة الدولية المعاصرة.
للعولمة
أيضا مفهوم سلبي يتأسس على علاقتها بالتكنولوجيات الحديثة، فهي بمقدار ما استطاعت
أن تستخدم تكنولوجيا الاتصالات والمعلوماتية للتقريب بين الأفراد والشعوب، كذلك
فقد أدت إلى إقصاء وتهميش أفراد شعوب أخرى لا تمتلك القدرة على الإنفاق على ثمن أو
تكلفة التواصل، فضلا عن عدم قدرتها على امتلاك ثمن أو تكلفة معيشتها الإنسانية”.
ب.
تعريف الإنترنت: عبارة عن شبكة عالمية من الروابط بين الحواسيب، تسمح للناس
بالاتصال والتواصل بعضهم مع بعض واكتساب المعلومات من الشبكة الممتدة إلى جميع
أرجاء الأرض بوسائل بصرية وصوتية ونصية مكتوبة، وبصورة تتجاوز حدود الزمان والمكان
والكلفة وقيود المسافات، وتتحدي في الوقت نفسه سيطرة الرقابة الحكومية. وتعرف
بأنها “شبكة دولية للمعلومات تتفاهم باستخدام بروتوكولات تتعاون فيما بينها لصالح
جميع مستخدميها، وتحتوي على العديد من الإمكانات مثل البريد الإلكتروني، وإقامة
المؤتمرات بالفيديو، وقوائم البريد بالإضافة إلى الملايين من مجموعات الأخبار
والعديد من الملفات المتاحة لنقلها واستخدامها بطريقة شخصية وكذلك آلات البحث
المرجعي .
وهي
عبارة عن استغلال متقدم للحاسب الآلي مرتبط من خلال الاتصالات الدولية مع وجوب
توافر تقنية خاصة وهي شبكة ضخمة تتكون من عدد كبير من الشبكات ، وقد عرفت تطورات
مذهلة في بناها وخوادمها وتقنياتها التكنولوجية منذ سنة 1940 إلى يومنا هذا.
ج.
التواصل الاجتماعي: إن مفهوم “التواصل الاجتماعي” بات مثيرا للجدل، نظرا لتداخل
الآراء والاتجاهات في دراسته، لأن هذا المفهوم قد عكَس التطور التقني الذي طرأ على
استخدام التكنولوجيا، وأُطلق على كل ما يمكن استخدامه من قبل الأفراد والجماعات
على شبكة الإنترنت، أما “وسائل التواصل الاجتماعي فهي تركيبة اجتماعية إلكترونية
تُصنع من قبل أفراد وجماعات وكذلك مؤسسات، ويتم تسمية الجزء المكون الأساسي لها
مثل الفرد الواحد باسم العقدة (Node)
بحيث تقوم هذه العقد بأنواع مختلفة من العلاقات كالانتماء إلى ناد رياضي أو شركة
…، ومن الأمثلة عن تلك الشبكات:
–
(Facebook): وهو موقع يساعد على تكوين علاقات بين المستخدمين، يمكنهم من
تبادل المعلومات والملفات والصور الشخصية ومقاطع الفيديو والتعليقات، كل هذا يتم
في عالم افتراضي، يقطع حاجز الزمن والمكان. ويعد الموقع واحد من أشهر المواقع على
الشبكة العالمية، ورائد التواصل الاجتماعي، فهو اليوم منبر افتراضي للتعبير.
بدأ
الفيسبوك على يد أحد طلاب جامعة هارفارد، يدعى “مارك جوكر بيرج“، حيث بدأ بتصميم
موقع على الشبكة الإلكترونية يهدف من خلاله للتواصل مع زملاءه في الجامعة، ويمكنهم
من تبادل ملفاتهم وصورهم وآراءهم وأفكارهم.
–
(Twitter): موقع شبكات اجتماعية يقدم خدمة تدوين مصغر والتي تسمح بإرسال
تغريدات (Tweets) بحد أقصى 140 حرفا للرسالة الواحدة. وذلك
مباشرة عن طريق الموقع أو عن طريق إرسال رسالة نصية قصيرة (SMS)
أو برامج المحادثة الفورية أو التطبيقات التي يقدمها المطورون.
فهي
مواقع إلكترونية للتواصل الاجتماعي بين المستعملين عبر شبكة الإنترنت، وتهدف إلى
إقامة علاقات اجتماعية بين هؤلاء ، ترتكز فلسفتها الرئيسة على أن يرتبط كل منتسب
لواحدة من هذه الشبكات الاجتماعية بمجموعة من الأعضاء (الأصدقاء)، فيتبادلون كل
أنواع المعلومات أو الصور أو الملفات أو الأفكار فيما بينهم. فخدماتها على ذلك
تؤسسها وتبرمجها شركات كبرى لجمع المستخدمين والأصدقاء ولمشاركة الأنشطة
والاهتمامات، وللبحث عن تكوين صداقات والبحث عن اهتمامات وأنشطة لدى أشخاص آخرين .
معظم
الشبكات الاجتماعية الموجودة حالياً هي عبارة عن مواقع وتقدم مجموعة من الخدمات
للمستخدمين مثل المحادثة الفورية والرسائل الخاصة والبريد الإلكتروني والفيديو
والتدوين ومشاركة الملفات وغيرها من الخدمات ومن الواضح أن تلك الشبكات الاجتماعية
قد أحدثت تغيّر كبير في كيفية الاتصال والمشاركة بين الأشخاص والمجتمعات وتبادل
المعلومات وتلك الشبكات الاجتماعية تجمع الملايين من المستخدمين في الوقت الحالي
وتنقسم تلك الشبكات الاجتماعية حسب الأغراض فهناك شبكات تجمع أصدقاء الدراسة وأخرى
تجمع أصدقاء العمل بالإضافة لشبكات التدوينات المصغرة .
تاريخيا،
بدأت مجموعة من الشبكات الاجتماعية في الظهور في أواخر التسعينيات مثل: (Classmates.com) عام 1995 للربط بين زملاء الدراسة وموقع: (SixDegrees.com) عام 1997، وركز ذلك الموقع على الروابط المباشرة بين الأشخاص،
وظهرت في تلك المواقع الملفات الشخصية للمستخدمين وخدمة إرسال الرسائل الخاصة
لمجموعة من الأصدقاء وبالرغم من توفير تلك المواقع لخدمات مشابهة لما توجد في
الشبكات الاجتماعية الحالية إلا أن تلك المواقع لم تستطع أن تدر ربحاً لمالكيها
وتم إغلاقها. وبعد ذلك ظهرت مجموعة من الشبكات الاجتماعية التي لم تستطع أن تحقق النجاح
الكبير بين 1999 و2001، ومع بداية سنة 2005 ظهر موقع بلغ عدد مشاهدات صفحاته أكثر
من (google) وهو موقع (MySpace)
الأميركي الشهير ويعتبر من أوائل وأكبر الشبكات الاجتماعية على مستوى العالم ومعه
منافسه الشهير “فيسبوك” والذي بدأ أيضاً في الانتشار المتوازي مع “ماي سبيس” حتى قام الفيسبوك سنة 2007 بإتاحة
تكوين التطبيقات للمطورين وهذا ما أدى إلى زيادة أعداد مستخدميه بشكل كبير … حالياً يتجاوز 800 مليون مستخدم على مستوى
العالم.
إن
التعريف الشامل لمصطلح “التواصل الاجتماعي”، يرتبط بمصطلحي: الإعلام الاجتماعي
والتفاعلية (Interactivité). فالإعلام الاجتماعي هو المحتوى الإعلامي
الذي يتميز بالطابع الشخصي، والمتناقَل بين طرفين أحدهما مرسِل والآخر مستقبِل،
وتشير أيضاً إلى: “الطرق الجديدة في الاتصال في البيئة الرقمية بما يسمح للمجموعات
الأصغر من الناس بإمكانية الالتقاء والتجمع على الإنترنت وتبادل المنافع
والمعلومات، وهي بيئة تسمح للإفراد والمجموعات بإسماع صوتهم وصوت مجتمعاتهم إلى
العالم اجمع ، أما التفاعلية فتعني مرور الرسالة الاتصالية في اتجاهين، بين المرسل
والمستقبل، فهي إذا “صفة طبيعية في الاتصال الشخصي، والمستخدم على الشبكة ليس مجرد
مستقبل للرسائل وإنما منتج لها في ذات الوقت”
، فوسائل الإعلام الجديد على عكس التقليدية، تتيح فرصة أكثر للمتلقي بإبداء
رأيه والتعليق على الرسالة بشكل أني ومتزامن.
ثانياـ
المواطنة الإلكترونية والمواطن الرقمي: لقد أصبح لثورة الاتصالات الرقمية الحديثة
الدور الأكبر في التسهيل والتسريع في عمليات الوصول إلى مصادر المعلومات والأخبار
والتواصل مع المسؤولين وصناع السياسات العامة، وعليه نصبح مدينين لهذه الثورة
التقنية والرقمية بما حملته لنا من نتائج ذات آثار إيجابية على الفرد والمجتمع،
فتحول الفرد في هذا الفضاء في ممارسته للمواطنة من شكل المواطن العادي إلى شكل
المواطن الرقمي.
1.
ماهية المواطنة الإلكترونية: إن بداية التعامل مع هذا المصطلح ولد أثناء محاولة
البحث عن سياسات ناجحة وناجعة ووقائية تحفيزية، ضد أخطار التكنولوجيا والثورة
الرقمية الجديدة، ذلك أن كثيرا من قيم المجتمعات وأنماط حياة أفرادها قد باتت في
حكم الخطر الشديد نتيجة تغلغل آليات الثورة الرقمية في أوصال المجتمعات فأخذت هذه
الأخيرة تدابير وقائية من أجل حماية ما يسمى بـ “الخصوصيات المجتمعية” والتي تكون
حمايتها حفظا لكثير من أساسيات هذه المجتمعات، ذلك أن القيم التي كانت تنطوي تحت
مصطلح المواطنة في شكلها التقليدي مثل حب الوطن والإحساس بالانتماء إليه والشعور
بالروح الوطنية بين أفراده قد بدأت هذه الثورة الرقمية تقوض فيها بعض الشيء، لأن
الجيل الجديد من الشباب والمراهقين قد انزووا في أركان بيوتهم وثنايا حجراتهم
يتفاعلون مع المحيط الخارجي (من الداخل)، فلم يصبح هذا الجيل مكترثا بالانفتاح على
محيطه خارج بيته مادامت أخبار الخارج تصله وهو في الداخل، فلم تعد تستهويه
التجمعات في الشوارع والساحات والأفكار المتداولة فيها مادامت كل تلك الأخبار
والحوادث والأحاديث تأتيه سيلا متدفقا إلى المكان الذي ينزوي به في الحجرة أو
البيت، فأصبحت بذلك المواطنة “الكترونية” والشعور بحب الوطن “رقمي” والتعبير عن
الولاء إلى المجموعة “إعجابات وتعليقات” والدفاع عن حمى الدولة ومصالح الوطن
“بالتنديد الإلكتروني والنشر عبر الفضاءات التفاعلية”.
وعليه
يمكن تعريف المواطنة الرقمية على أنها “مجموعة القواعد والضوابط والمعايير
والأعراف والأفكار والمبادئ المتبعة في الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا، والتي
يحتاجها المواطنون صغارا وكبارا من أجل المساهمة في رقي الوطن … فهي توجيه نحو
منافع التقنيات الحديثة، وحماية من أخطارها.
كما
يمكن أن تتشكل المواطنة في شكلها الرقمي أيضا من مجموعة قواعد السلوك المعتمدة في
استخدامات التكنولوجيا المتعددة، كالتبادل الإلكتروني للمعلومات والمشاركة
الإلكترونية للأفكار التي ترتقي بنظم المجتمع وأفراده، كما يمكن أن تشمل كل
التعاملات بين المواطنين عبر شبكة الإنترنت كالدعوة إلى المشاركة السياسية أو الحث
على التكافل المجتمعي أو غيرها، لذا فهي ترتبط أيضا بمصطلح الديمقراطية الرقمية
وهي “توظيف أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الرقمية في توليد وجمع وتصنيف
وتحليل وتداول كل المعلومات والبيانات والمعارف المتعلقة بممارسة قيم الديمقراطية
وآلياتها المختلفة، بغض النظر عن الديمقراطية وقالبها الفكري ومدى انتشارها
وملائمة مقصدها وفاعليتها في تحقيق أهدافها .
2.
مفهوم المواطن الرقمي: يمكن اعتبار الإنسان الرقمي ذلك الذي ولد خلال طفرة
التكنولوجيا أو بعدها وتفاعل مع التكنولوجيا الرقمية منذ سن مبكرة ولديه قدر كبير
من الإلمام بهذه المفاهيم. فهذا المصطلح يركز على الأشخاص الذين نشئوا مع
التكنولوجيا التي انتشرت في الجزء الأخير من القرن 20 واستمرت بالتطور حتى يومنا
هذا. فهو ذلك الشخص الذي يفهم قيمة التكنولوجيا الرقمية ويستخدمها للبحث والسعي
لإيجاد فرص ينفذها ويكون لها تأثير.
مصطلحات
الشخص الرقمي أو الإنسان الرقمي أصبحت ديكورا يميز الكتابات الحديثة التي تتناول
تعامل الأفراد في مجتمع الثورة الإلكترونية أو الرقمية أو ما يسمى أحيانا بالوطن
الرقمي، فإدا كان مصطلح المواطن الرقمي يشير إلى المستخدمين لتكنولوجيا المعلومات،
فإن الوطن الرقمي يشير إلى التأثير الكبير الذي أحدثته تكنولوجيا المعلومات على
الحياة البشرية، فهي لم تدع أي مجال إلا اقتحمته وبسطت نفوذها وسيطرتها عليه،
فأنتجت ما يسمى بـالإنسان الرقمي الذي تتمحور حياته كلها حول تكنولوجيا المعلومات
.
لقد
أصبح المواطن حاليا في سوق الثورة المعلوماتية والفضاء المفتوح لاعبا أساسيا في
مجال الإعلام وفي صنع المعلومة وإيصالها، حيث انتزع سلطة الإعلام الخامسة (والتي
تدل على الإعلام المنبث عن طريق الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام الجديد)، “فقلب
هذا المواطن الموازين لصالحه بفضل تكنولوجيا الاتصال الحديثة وتقنيات الانترنت،
التي مكنت من زيادة قوة وسلطة المواطن الافتراضي، وزادت من هيمنته على المادة
والرسالة الإعلامية المتداولة والمتناقلة، ليس فقط في وسائل الإعلام الجديدة بل
حتى في وسائل الإعلام التقليدية، التي رضخت للمضامين التي ينتجها المواطنون واضطرت
إلى بثها .
في
هذا المجال يذهب الكاتب “يوشاي بنكلر” (Yochai BENKLER):
“إن التغيير الحاصل في الإعلام الرقمي وتبني الأفراد لثقافة المشاركة، قد أثرا في
سلطة الإعلام وفي كيفية تقديم القضايا ومعالجتها، وهذا ما جعل هذه التطبيقات
الاتصالية الجديدة تكتسب تسمية (السلطة الخامسة)
يقوم
مصطلح الإعلام على “إيصال المعلومات أو التبليغ بها عبر وسائل الإعلام المتاحة،
وهو التعريف بقضية محددة أو بمجموعة قضايا يعيشها الإنسان المعني بذلك التبليغ
والإيصال .
يعد
قطاع الإعلام والاتصال من الرابحين الأساسيين من ثورة التكنولوجيا … الوطن الرقمي
يمكن وصفه بالمجتمع الإعلامي أو الاتصالي، ليس من حيث تعدد الوسائل الإعلامية
والاتصالية وقدرتها فحسب وليس من حيث أنه أتاح للجميع أن يصبح صحفيا بديلا يعبر عن
رأيه وفكره في الفضاء الإعلامي الرقمي البديل، وإنما أيضا حمل معه نوعية عالية من
الجمالية في الإرسال والفنية في الأداء مما جعل الجماهير أسرى الشاشات الإلكترونية
الساحرة من التليفزيون إلى الكمبيوتر
3.
المواطن الرقمي والمواطنة الإلكترونية: علاقات التأثير والتأثر: يمكن أن نلمس
تعامل المواطن بشكله الرقمي في الوطن بصيغته الرقمية من خلال عدة عناصر، أهما:
المشاركة
الإلكترونية في المجتمع: حيث يلتزم مستخدمو التكنولوجيا بتكافؤ الفرص أمام جميع
الأفراد فيما يتعلق بالتكنولوجيا. فنقطة الانطلاق في “المواطنة الرقمية” هي العمل
نحو توفير الحقوق الرقمية المتساوية ودعم الوصول الإلكتروني.
الاتصالات
الرقمية والتبادل الإلكتروني للمعلومات: من أبرز التغيرات الهامة التي استحدثتها
الثورة الرقمية هو قدرة الأفراد على الاتصال فيما بينهم مهما بعدت الأماكن وتباينت
الأوقات. وذلك باستخدام البريد الإلكتروني والهواتف النقالة والرسائل الفورية، حيث
غيرت خيارات الاتصالات الرقمية واسعة الانتشار كل شيء في حياة البشر لمقدرتهم على
إجراء اتصالات دائمة ومباشرة مع أي فرد آخر.
محو
الأمية الرقمية: لا بد أن يتعلم الدارسون كيف يتعلمون في ظل مجتمع رقمي، فيتعلمون
أي شيء في أي وقت وفي أي مكان.
القوانين
الرقمية والمسؤولية الرقمية على الأعمال والأفعال: يعالج قطاع القوانين الرقمية
مسالة الأخلاقيات المتبعة داخل مجتمع التكنولوجيا، ويفضح الاستخدام غير الأخلاقي
نفسه في صورة السرقة أو الجريمة الرقمية. فالالتزام بقوانين المجتمع الرقمي توجب
تعريف المستخدمين بأن سرقة أو إهدار ممتلكات الآخرين، أو أعمالهم أو هويتهم عبر
الإنترنت يعد جريمة أمام القانون.
الحقوق
والمسؤوليات الرقمية: توجد حزمة من الحقوق التي يتمتع بها “المواطن الرقمي” مثل
حقوق الخصوصية وحرية التعبير وغيرها.
الأمن
الرقمي (الحماية الذاتية): هي إجراءات ضمان الوقاية والحماية الإلكترونية، إذا يجب
أن يتوفر لدينا برامج حماية من الفيروسات وإنشاء نسخ احتياطية من البيانات وتوفير
معدات وآليات التحكم الموجه، من أجل حماية ما لدينا من معلومات من أي قوة خارجية
من شأنها أن تقوم بالسطو على بياناتنا.
المحور
الثاني: المواطنة الإلكترونية في بيئة الديمقراطية الرقمية: عندما تغلغلت الثورة
الرقمية الجديدة في أوصال العالم وتلونت أغلب مناحي الحياة الحديثة بلونها، طال
التحول العديد من المفاهيم والمصطلحات التي كانت تصنف سابقا في خانة “التقليدية”
كمفهوم “الديمقراطية” و”المواطنة” و”المواطن”، حيث أخذت بعض ألوان التكنولوجيا
وطفرة الاتصالات الحديثة فبرزت توصيفات جديدة كالديمقراطية الرقمية والمواطنة
الالكترونية والمواطن الرقمي العالمي، ومن تسارع الحياة السياسية الراهنة تطورت
مفاهيم أخرى لارتباطها بالثورة الرقمية مثل مفاهيم الديمقراطية المحلية
الالكترونية والمواطنة الرقمية وغيرها.
أولا.
المواطن ووظائفه في ظل الحكومة الإلكترونية: تعتبر الحكومة الالكترونية صورة عن
الحكومة التقليدية، لكن مع وجود فارق هو استخدام التكنولوجيا الحديثة والتواصل
الرقمي عبر وحداتها وأجزائها بالإضافة إلى استخدام التواصل الرقمي والوثائق
الالكترونية، حيث تختلف الأولى عن الثانية في أهدافها وفلسفتها ونظم إداراتها
وهيكلها التنظيمي وطبيعة العلاقات التي تربطها بالمواطنين وأسلوب إدارة الموارد
البشرية فيها.
1.
مفهوم مصطلح الحكومة الالكترونية: يعتبر مفهوم الحكومة الالكترونية جديدا في
الأدبيات الأكاديمية، حيث يمكن تعريفها بأنها “عملية استخدام المؤسسات الحكومية
لتكنولوجيا المعلومات والتي لديها القدرة على تغيير وتحويل العلاقات مع المواطنين
ورجال الأعمال ومختلف المؤسسات الحكومية، وهذه التكنولوجيا يمكنها أن تخدم عددا كبيرا
من الأهداف مثل تقديم خدمات أفضل للمواطنين وتحسين التعامل والتفاعل مع رجال
الأعمال ومجتمع الصناعة، وتمكين المواطنين من الوصول إلى المعلومات ويوفر مزيدا من
الشفافية وإدارة أكثر كفاءة للمؤسسات الحكومية، كما أن نتائج هذه التطبيقات يمكن
أن تؤدي إلى تحجيم الفساد وزيادة الشفافية وتعظيم العائد ككل وتخفيض النفقات
وزيادة قناعة المواطن بدور المؤسسة الحكومية في حياته .
على
هذا يصبح تحول الحكومة من شكلها العادي إلى نسقها الالكتروني ضرورة ملحة تمليها
ظروف العالم الجديد وتسارع وتيرة الأداء فيه وتعاظم عدد سكانه مما يجعل عامل
الاستفادة من الوقت المهدر ضرورة لابد منها تسهيلا لأعمال المواطنين وتيسيرا
لتعاملاتهم مع الإدارة.
2.
وجوه تفاعل المواطن مع الحكومة الالكترونية: في دواليب الحكومة الالكترونية التي
تنشأ بالضرورة مع تطور الحياة المعاصرة المبنية على استعمال التكنولوجيا ووسائل
التواصل الحديثة، يصبح المواطن فيها وقد اصطبغ بلونها وساير أهدافها وفلسفتها
وتكيف مع نظمها وبناءها التنظيمي، وعليه يمكن أن تأخذ علاقات المواطن بهذا الشكل
الجديد من الحكومة عدة وجوه أبرزها:
أ.
الديمقراطية الالكترونية: في معادلة الديمقراطية الالكترونية والتي هي أعلى درجات
النضج في تطبيق الحكومة الالكترونية، يعتبر المواطن هو العامل الأول فيها لأنه
يلعب دور الفاعل والمستفيد: فهو الفاعل لأنه محركها وعمودها البشري، والمستفيد لأن
نتاجها راجع إليه، فهي “استخدام كافة الوسائل التكنولوجية في إدارة مجموعة الأنشطة
التي تعزز وتزيد حجم مشاركة المواطنين في جميع القضايا والمسائل السياسية، حيث
تشمل عموما الاجتماعات الافتراضية على شبكة الانترنت والحملات الانتخابية وتسجيل
أصوات الناخبين ونتائج الانتخابات”32، كما تشمل أيضا استطلاع آراء المواطنين
وإتاحة الاطلاع على مختلف محاضر الفرز أو التصويت وغيرها.
من
أهم أهداف هذا الشكل من الديمقراطية هو تقديم المعلومات عن العمليات السياسية
والخدمات التي توفرها للمواطن عن طريق التكنولوجيا الرقمية والاتصالية والتواصلية
فتتحول بناء عليه إلى ديمقراطية افتراضية، كما تهدف هذه الديمقراطية إلى تشجيع
المشاركة النشطة للمواطن من خلال إعلامه وتمثيله واستشارته وتشجيعه على المشاركة
السياسية والتعاون في خدمة البلاد والصالح العام.
ومن
أبرز ملامح العلاقة المعلوماتية/السياسة هو ما يتعلق بالديمقراطية مفهوما وممارسة،
“حيث يزعم الكثيرون أن الانترنت سوف تقضي على إعادة النظر في مفهوم الديمقراطية من
أساسه، حيث وفرت الانترنت ساحة جديدة للرأي العام تسمح بظهور أشكال جديدة للممارسة
الديمقراطية سواء في عمليات اتخاذ القرارات أو متابعة ما ينجم عنها من نتائج
إيجابية أو سلبية.
ب.
الخدمات الالكترونية: باعتبار أن المواطن هو صانع الديمقراطية الالكترونية فإنه
سيكون أيضا أول المستفيدين من نتاجها من باب تسهيل معاشه وحياته اليومية، وعليه
فإنه سيستفيد من الخدمات الالكترونية التي تنتجها وتصدرها، فتكون بذلك جل نشاطاته
اليومية في كنفها ذات طابع رقمي وتكنولوجي، من طلب الوثائق إلى استخراجها إلى
التماس مقابلة المسؤولين ومحاورتهم وقد تكون في شكل مقابلات “على الخط” (On line) من دون أن يغادر أحد مكانه، وقد يعمد المواطن أيضا إلى إجراء
عمليات البيع والشراء وتسجيل المنتجات أو توريد سلع أو تصديرها بشكل الكتروني،
وتشمل الخدمات الالكترونية أيضا الحجز الجوي أو البحري وإلغاء الحجز أو تعديل
مواعيد الرحلات، وجلب العمالة للمشاريع وسحب الأموال وضخها ودفع الأجور وتحويل
رؤوس الأموال …
ج.
الإدارة الالكترونية: تعني الإدارة إجمالا ضمان حسن سير المرافق العمومية أو
الخاصة وتسيير الموارد البشرية والمادية لذات المرفق، وعند الكلام عن الإدارة
الالكترونية تـأخذ معنى تسيير المرافق ومواردها البشرية بأدوات تكنولوجية وآليات
رقمية ونظم اتصالية، حيث تعمد الإدارة إلى استخدام الحواسيب وشبكة الانترنت ووسائل
التواصل الحديثة في عمليات التواصل مع الإطار البشري العامل وفي عمليات الرصد
والمتابعة لأعمال الموظفين ونشاطات العمال، كما يتقلص التعامل بالأوراق والملصقات
الحائطية فيتم الانتقال بذلك من النظم الورقية إلى النظم الرقمية من خلال الاعتماد
على الأوامر الالكترونية والتعليمات الرقمية في حسابات الموظفين عبر البريد
الالكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي، فتكون دعوات الاجتماع في هذه البيئة
الكترونية ومحاضر الجلسات رقمية، ومنه تستفيد الإدارة من ربح هامش الزمن الذي كان
يضيع في رتابة العمل اليومي.
ثانياـ دور الشبكات الاجتماعية في ترقية فعل المواطنة:
إن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت واحدة من المناهل الفكرية التي باتت تغذي قطاعا
كبيرا من الشباب وحتى الكبار في الوقت الراهن، وذلك بفضل الكم الهائل من المعلومات
والأفكار التي يتداولها روادها عبرها ويتشاركونها فيما بينهم، ومنه أمكن القول أن
مثل هذه الشبكات الاجتماعية بما تحويه من عدد ضخم جدا من المنتسبين وبما تتمتع به
من سهولة في الاستخدام ويسر في التعامل قد أصبحت تؤدي دورا هاما في عملية ترقية
فعل المواطنة لدى أولئك الذين يتخذون منها زادا معرفيا أو منهلا تثقيفيا أو مأوى
للترويح وتبادل الأفكار والصداقات.
المراجع :
جيدور حاج بشير ،14،12،2019، أثر الاستخدام
المكثف لشبكات التواصل الاجتماعي علي مفهوم المواطنة، ملتقى الباحتين السياسيين
العرب
عبد الكافي، اسماعيل، (2001)، التعليم والهوية
في العالم المعاصر، دراسات استراتيجية، مركز الإمارات للدراسات والبحوث
الاستراتيجية.