مع تزايد الاهتمام الإقليمي والدولي بمستقبل سوريا،
برزت توقعات بعودة نحو مليون لاجئ سوري خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2025، وفقًا
لتصريحات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
يأتي هذا في ظل دعوات أممية للدول المضيفة بالامتناع
عن الإعادة القسرية للاجئين، وفي وقت تشهد فيه سوريا تطورات سياسية وإنسانية قد تفتح
الباب أمام عودة تدريجية للمواطنين الذين فروا خلال سنوات الصراع.
الآن، يواجه اللاجئون السوريون النازحون بسبب سنوات
من الصراع قرارا صعبا: ما إذا كانوا سيعودون إلى ديارهم في سوريا الجديدة ولكن المدمرة
أو البقاء في البلدان المضيفة.
يقيم ملايين اللاجئين السوريين في البلدان المجاورة
لسوريا - لبنان وتركيا والأردن - ويتحملون ظروفا محفوفة بالمخاطر في مخيمات اللاجئين
المزدحمة والمحرومة والبعض الآخر نازحون داخليا داخل سوريا.
وتم استيعاب أكثر من مليون آخرين في الدول الأوروبية
والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا، وقد يرغبون في الانتظار ورؤية ما سيحدث
بعد ذلك.
ولكن في الوقت نفسه، لا يزال السوريون في انتظار
إعادة بناء علاقاتهم مع عائلاتهم وأصدقائهم وربما يكونون حريصين على إعادة تأسيس العلاقات
مع الأهل والأصدقاء، ولكنهم مترددون في اقتلاع أسرهم بما في ذلك الأطفال الذين قد لا
يتذكرون الحياة في سوريا.
ولكن بعض البلدان لا تنتظر اللاجئين ليقرروا بأنفسهم،
أو أن تعيد سوريا بناء نفسها فقد أعلنت النمسا التي تؤوي نحو 100 ألف مهاجر سوري، بالفعل
عن خطط للترحيل.
كما علقت النمسا وبلجيكا وألمانيا واليونان وفنلندا
وأيرلندا والسويد والدنمرك والنرويج والمملكة المتحدة طلبات اللجوء من السوريين، وتدرس
فرنسا اتخاذ إجراءات مماثلة.
التحديات التي تواجه عودة اللاجئين
أما بالنسبة للعديد من اللاجئين يعتمد قرار العودة
إلى الوطن على المكان الذي يعيشون فيه الآن" مشيرًا إلى أن مستقبل سوريا لا يزال
بعيد كل البعد عن اليقين".
فالاقتصاد في البلاد في حالة يرثى لها، والتضخم
مرتفع، والبنية الأساسية العامة مدمرة ومن الصعب العثور على المرافق الأساسية مثل المياه
النظيفة والكهرباء والإسكان".
إلى أن تحالف فصائل المعارضة المتمردة التي أطاحت
بنظام الأسد، يقوده ما تسمى بهيئة تحرير الشام التي لها علاقات بتنظيمي القاعدة وداعش،
وهو أمر يبعث في نفوس اللاجئين القلق رغم ابتهاجهم بإسقاط النظام.
وتُعَد هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية من قبل الولايات
المتحدة والأمم المتحدة، ولكنها انفصلت أيضًا عن تنظيم القاعدة وحاولت ترسيخ نفسها
كجهة فاعلة شرعية في سوريا.
قال الخبير في شؤون الهجرة واللجوء أحمد السعدون
في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، إن هناك تحديات كبيرة تعرقل عودة اللاجئين
بشكل آمن ومستدام.
وأوضح أن العديد من الدول الأوروبية، بما في ذلك
بريطانيا، تعاني من صعوبات أمنية واقتصادية تجعلها غير قادرة على استيعاب المزيد من
طلبات اللجوء السوري، ما دفع بعض هذه الدول إلى تقديم حوافز مالية للاجئين للعودة إلى
وطنهم.
كما أن العودة الجماعية للاجئين قد تكون محفوفة
بالمخاطر، خاصة إذا لم تُوفَّر الظروف الملائمة في الداخل السوري النهج التدريجي هو
الحل الأمثل لضمان استقرار هؤلاء العائدين وحمايتهم.
هل سوريا مهيأة لاستقبال اللاجئين؟
بالنسبة لأكثر من ستة ملايين لاجئ سورى يعيشون فى
دول الجوار أو عبر القارات، شكل سقوط النظام نقطة تحول رمزية ونفسية كبيرة. فقد كان
استمرار الحرب والانقسام هو الحائل أمام العودة الآن ومع انهيار النظام، يجد السوريون
أنفسهم أمام تحديات لا تقل قسوة عن سنوات النزوح، تبدأ بالخوف من المستقبل وشكل الحياة
الجديد مع الجولانى أو غيره، ولا تنتهى بالتساؤلات حول كيفية بناء حياة جديدة فى وطن
دمرته الحرب.
فكثير من السوريين الذين غادروا مدنهم وبلداتهم
منذ سنوات لا يملكون الآن مأوى أو عملا فى سوريا المنازل مدمرة أو محتلة، والبنية التحتية
متدهورة، والاقتصاد منهار. العودة إذن تعنى، فى نظر البعض بداية من الصفر، لكنها تبدو
أشبه بمغامرة محفوفة بالمخاطر، خاصة مع غياب الضمانات الأمنية والاجتماعية.
وكثيرون يتساءلون: إذا عدنا، من يضمن لنا ألا نواجه
مصيرا مجهولا فى ظل فوضى انتقالية تملأ الفراغ السياسى والاقتصادى؟.
ففي الداخل السوري، أشار مسؤول المساعدات الإنسانية
في الأمم المتحدة إلى وجود أساس لزيادة الدعم الإنساني الحيوي فاستقرارالأمن يعد العامل
الأهم لاستقبال اللاجئين، موضحًا أن بعض المناطق مثل جبلة واللاذقية وطرطوس بدأت تشهد
إحساسًا بالأمان، وهو مؤشر إيجابي قد يشجع اللاجئين على العودة.
و لابد تقديم الحكومة السورية إشارات إيجابية تعزز
الوحدة الوطنية وتنوع البلاد الطائفي مشيرًا إلى أن هذه الخطوات ستساعد على بناء الثقة
بين المواطنين والسلطات.
من المؤكد أن الطريق إلى عودة اللاجئين السوريين
ليس قصيرا أو سهلا، بل هى رحلة تتطلب استقرارا حقيقيا، وإعادة إعمار شامل، وضمانات
دولية تضمن حياة كريمة فى المستقبل، وقبل هذا وضع سياسى وأمنى آمن.
الدور الدولي في إعادة الإعمار
عودة اللاجئين تتطلب، دعمًا دوليًا هائلًا لإعادة
بناء البنية التحتية وترميم المجتمعات المتضررة كما أن لا يمكن الحديث عن عودة اللاجئين
دون تدخل دولي كبير يشمل دعمًا ماديًا ومشاريع لإعادة تأهيل البنية التحتية كما أن
إعادة بناء الثقة النفسية للمواطنين المتضررين من ممارسات النظام السابق تعد عنصرًا
حاسمًا في هذا الإطار.
و من الضروري تدريب كوادر وزارة الداخلية السورية
بالتعاون مع دول عربية ذات خبرة، لإعادة هيكلة الوزارة وضمان كفاءتها، كما يجب أن نتجنب
الأخطاء السابقة التي وقعت في العراق، مثل تعيين أشخاص غير مؤهلين في مواقع حساسة،
لضمان نجاح عملية إعادة الإعمار وإدارة المرحلة الانتقالية.
كما أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون
دير لاين استعداد دول الاتحاد للمساهمة في إعادة إعمار سوريا من خلال نهج "خطوة
بخطوة".
وتابعت: "بعض الخطوات الأولى التي اتخذتها
القيادة الجديدة مشجعة، وقضايا مثل تشكيل حكومة شاملة وحماية الأقليات ومواصلة القتال
ضد تنظيم داعش الإرهابي ستكون مهمة في المستقبل".
وتطرقت فون دير لاين إلى قضية عودة اللاجئين السوريين
لبلادهم، مشيرة إلى أن الظروف ليست ناضجة بما فيه الكفاية بعد.
كذللك أهمية دور الدول الإقليمية، مثل تركيا والعراق
والأردن ودول الخليج، في دعم جهود عودة اللاجئين وقال: "التعاون العربي والدولي
سيشكل ركيزة أساسية لإعادة سوريا إلى حضنها العربي، ودعم الجهود الإنسانية والتنموية
فيها".
على الرغم من التوقعات بعودة مليون لاجئ سوري، فإن
التحديات الأمنية والاقتصادية، سواء في الدول المضيفة أو داخل سوريا، تجعل هذه العملية
معقدة العودة التدريجية مع تقديم مساعدات دولية ودعم إعادة الإعمار قد تكون المفتاح
لضمان عودة مستدامة وآمنة للمواطنين السوريين إلى ديارهم.
المصدر:
سكاي نيوز عربية
التاريخ
: 18/12/2024
---------------------------------------
المصدر:
صحيفة الدستور
14/12/2024
--------------------------------------
المصدر:
صحيفة الغد
التاريخ
: 18/12/2024