يهدف
هذا المقال لفهم واقع المرأة في سوق العمل الليبي واستعراض أهم التحديات التي
تواجه المرأة فيه وكيف نظم قانون العمل ذلك ، كما يهدف إلى معرفة المعوقات التي
تمنع مساهمة المرأة بشكل فعال في سوق العمل والعوامل وراء مواجهتها للتمييز
بأشكاله المختلفة رغم خروج المرأة لسوق العمل لأسباب اقتصادية واجتماعية، فعلى
الرغم من الاهتمام والتشجيع لعمل المرأة والذي قدمته الدولة الليبية منذ استقلالها
في خمسينيات القرن الماضي من خلال سن التشريعات والسياسات المناصرة للمرأة، إلا أن كل هذه الجهود لم تساهم في تحسين وضعها
الفعلي في القوة العاملة، و لم يترجم التقدم الكبير الذي أحرزته المرأة في الإنجازات
التعليمية إلى تحسن مماثل في مكانتها في العمل، وفي أغلب الاحيان، تصبح المرأة
عاطلة عن العمل ، أو تضطر لقبول الوظائف الأقل جودة والتي لا تتلائم مع مهارتها
وتحصيلها العلمي من خلال شغلها للوظائف الادارية أو الخدمية البسيطة
إن
أهمية توفير البيئة والفرص الملائمة للنساء في العمل ليست رفاهية أو نظريات غير عملية
بل إنها ضرورة لتحقيق الرخاء الاقتصادي والتنمية المستدامة الشاملة، وعند الحديث
عن أوضاع وحقوق المرأة العاملة، لابد من توضيح أهمية مشاركة النساء في المجتمعات واقتصادياتها
وما له من آثار إيجابية مباشرة على عملية النمو الاقتصادي والحد من نسبة الفقر وتحسين
مستوى المعيشة بصفة عامة، فلا تقتصر أهمية تمكين المرأة اقتصاديا على كونها نصف
المجتمع، أو كادرًا يهدد ركوده الاقتصاد مالم يتم دعم استقراره ونهوضه فقط، بل
إنها نتاج طبيعي لدورها الأساسي عبر التاريخ كشريكة للرجل في كل معاملاته، فالمرأة
الليبية بحضورها البارز في ُ جميع المجالات، من نسج وصناعة وفلاحة كافحت لتمنح
حقوقها، التي مارستها، كما منحت لها بالقانون.
كان
الدستور الليبي، الذي صودق عليه عام
1951 قفزة نوعية في
تاريخ المرأة الليبي، ففرض إلزامية التعليم الأساسي َ مما منح الكثير من النساء
فرصا أكثر للتحصيل العلمي وبالتالي الانخراط في العمل في مجالات مختلفة، كما قدم
للمرأة المساواة في العمل. فتبعته نهضة نوعية في سوق العمل الليبي.
وكما
تجدر الاشارة إلى تأثير ألازمات الاقتصادية التي عصفت بالبلاد في الماضي على اشراك
المرأة في الحياة الاقتصادية، فعلى سبيل المثال خلال الأزمة الاقتصادية التي مرت
بها ليبيا في ثمانينات القرن الماضي، ازداد تقبل وحرص المجتمع على التحصيل العلمي
للمرأة وعلى عملها في الوظائف المختلفة للمساهمة في رفع بعض من الأعباء المالية
للبيت. وهكذا واكبت المرأة في ليبيا مراحل تطور البلاد، وشاركت فيها من خلال
التحصيل والبحث العلمي، والعمل الثقافي والمدني وفي سوق العمل جنبا لجنب كموظفة
ومنتجة وصاحبة مشاريع على الرغم من كل الظروف والعوامل التي كانت تحد من مشاركتها التامة
في عملية التنمية في البلاد.
وعلى
الرغم من هذا فإن مشاركة المرأة الليبية في سوق العمل كانت دون المستوى. فوفقًا
لتقرير البنك الدولي لعام 2006 حول ليبيا، كان في البلد 1.8 مليون يد عاملة فاعلة إلا أن معدل البطالة كان يقدر بنحو 25% و قد شكلت النساء ولازلن يشكلن تقريبا 50% من السكان في ليبيا، إلا أن معدل مشاركتهن في القوى العاملة لا
يتجاوز 30%حسب كتاب احصائيات ليبيا في ،2009 وكانت مشاركة النساء في القوة
العاملة تشكل الغالبية ( ما يزيد عن 50%( في صناعة واحدة فقط تتعلق بالمهن العلمية
مقارنة بنسبة تواجدها في المهن الأخرى بما في ذلك الادارة والزراعة والخدمات،
والصناعة والتجارة والتي لم تتجاوز فيه نسبة تمثيل المرأة في القوة العاملة ما بين
3.5% إلى 21%.
على
الرغم مرور البلاد بمرحلة انتقالية هامة فإن هذا لم يحدث أي تحسن في وضع المرأة
العاملة في السنوات التي تلت ،2011 وقد أثرت الانقسامات السياسية
والأزمة الاقتصادية وغياب الأمن والقانون على سوق العمل بالمجمل وعلى ارتفاع نسبة
البطالة مع شح الموارد وغياب الاستثمارات، وقد أثر هذا على عمل المرأة بصورة خاصة،
بسبب عوامل عدة منها الفساد والمحسوبية وغياب الأمن وصعوبة التنقل وغياب الرقابة
والمتابعة على شركات القطاع الخاص، مما أدى إلى عزوف المرأة عن العمل واجبارها في
أفضل الأحوال على العمل من البيت أو في شركات غير رسمية بدون أي حماية أو ضمانات
قانونية
لا
يجيز القانون الليبي تشغيل النساء في الأعمال التي لا تتناسب طبيعة المرأة ، كما
يمنع تمييز الرجال على النساء في المعاملة والاستخدام وفي المقابل عن العمل ذي
القيمة المتساوية ، ويمكن تخفيض ساعات العمل بالنسبة للنساء في بعض المهن والأعمال
التي تحددها رئاسة الوزراء وبمراعاة احتياجات العمل .
كما
يمنح القانون للمرأة الحق في إجازة أمومة بمقابل مدتها 14 أسبوعاً عند تقديمها
شهادة طبية تبين التاريخ المحتمل للولادة، وتتضمن هذه الإجازة فترة إلزامية بعد
الوضع لا تقل عن ستة اسابيع، وتمتد إجازة الأمومة إلى 16 أسبوعاً إذا أنجبت أكثر
من طفل.
ويمنع
القانون بشكل قاطع إنهاء عمل المرأة أثناء حملها أو أثناء تغيبها في إجازة أمومة
إلا لأسباب مبررة لا تمت بصلة إلى الحمل أو الولادة ومضاعفاتها أو الإرضاع.
كما
يكون للمرأة العاملة في خلال 18 شهراً التالية لتاريخ الوضع الحق في التمتع بفترة
أو فترات توقف عن العمل خلال ساعات العمل لا تقل في مجموعها عن ساعة عمل واحدة من
أجل أرضاع طفلها على أن تعتبر ساعات عمل مدفوعة المقابل.
ويلزم
قانون العمل الليبي ، والذي فيما يبدو انه ينصف المرأة ويراعي كل ظروفها، جهات
العمل التي تقوم بتشغيل الأمهات أن تخصص أماكن لحضانة أطفالهن، ويجوز أن تشترك
أكثر من جهة عمل واحدة في تخصيص أماكن لحضانة أطفالهن.
كما
أن قانون العمل في ليبيا لا يميّز بين الرجل والمرأة، ويتعامل مع الجميع على حد
سواء، ويدين كافة أشكال وممارسات العنف الوظيفي الذي يمارس بحق الفتيات والنساء في
سوق العمل الخاص والعام وهضم حقوقهن الوظيفية المكفولة بموجب القوانين والتشريعات
الوطنية النافذة.
المراجع:
القانون رقم 12 لسنة 2010 بشأن تنظيم العمل في
ليبيا
قانون رقم (9)
لسنة 1962 بشأن قانون العمل.
(ب ، ن ) ، 18.6.2022
، حقوقيات يتحدثن عن تهميش دور المرأة
الليبية في المناصب القيادية ، ليبيا المستقبل .